أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 26th October,2000العدد:10255الطبعةالاولـيالخميس 29 ,رجب 1421

الاقتصادية

في الاقتصاد
عصر اضطرابات الأسواق المالية
د, سامي الغمري
تتميز سوق المال العالمية حاليا بسرعة تقلباتها وعدم استقرارها, وأضحى من الصعوبة التنبؤ بأحوالها حتى على مدار الساعة الواحدة, فلم يعد هناك ترابطات منطقية عقلانية يستعان بها في معرفة اتجاهاتها أو مساراتها المتتالية الاضطراب, فسلوكياتها المتغيرة المزاجية أدت الى فقدات كثير من المستثمرين في أسواق المال والبورصات لعقولهم قبل جيوبهم, وقد يرد سمة التقلبات فيها الى التنافس الواضح بين أقوى ثلاث عملات الدولار والين واليورو , فهذه العملات دائما مقرونة بتعارض المصالح الاقتصادية المتباينة لهم, وكل عملة من العملات الثلاث تسعر سعرا مسايرا ومرتبطا بالتأثير على التدفقات الرأسمالية الدولية لصالحها, وبناء على ذلك فقد أسندت مهمة تحديد أسعار الصرف للعملات الى البنوك المركزية نفسها, بالاضافة الى مهمة القيام بمراقبة عملتها على حدة سواء في الارتفاع أو الانخفاض, ونظرا الى صفة التغيرات الحادة في الأسواق المالية فقد حاولت بعض الدول الأعضاء في المنظمات المالية العالمية العودة الى نظام الصرف الثابت الأكثر استقرارا, إلا أن التنافس بين الدولار والعملات الأخرى أدى الى تفكك سوق الصرف بسهولة لحال ان امكانية تطبيق نظام الصرف الثابت أصبح أمراً لا يمكن تحقيقه, ومما زاد أيضا في تقلبات العملات عدم استطاعة الولايات المتحدة الوفاء بجميع التزاماتها المالية بالدولارات, فلم تعد قادرة على تلبية ومقارنة النصوص المبرمة في اتفاقيات دولية لارتباطاتها في كوريا في الخمسينات وفيتنام في السبعينيات الميلادية مما أثر على قيمة وقوة الدولار كثيرا, فظهرت الولايات المتحدة أضعف قوة في عملاتها آنذاك دافعة ادارة الرئيس نيكسون الى تخفيض سعر صرف الدولار حينه الى مرتين والغاء الربط بينه وبين سعر الذهب للأوقية ب35 دولارا معلنا بذلك انهاء العمل بأسعار الصرف الثابتة, وبموجب هذا التغير فقد أصبحت عملتها عائمة ترتفع وتنخفض حسب نظام الصرف الحر العالمي الجديد, ولحق بدوره تراجع مستمر لسعر الذهب الوقية وفي تأثيره العالمي كاحتياطي للعملات, كل هذه العوامل مجتمعة أدت الى تحول في عدم ربطه بالعملات الثلاث من ناحية والتحول الى ربطه إما بحقوق السحب الخاصة أو بسلة من مجموعة عملات اجنبية متعددة من ناحية أخرى, وبهذا الاجراء فقد أصبح نظام النقد ضعيفا متقلبا لكثرة التغيرات في أسعاره ومن تضخم وارتفاع أسعار السلع والخدمات, إلا أن ارتفاع الدولار الأمريكي حاليا يثير جدلا حول التوجهات النقدية وسعر العملة في العالم خاصة منطقة دول شرق آسيا, حيث تحاول بنوكها تفادي خطر الدولار القوي على عملاتها وتأثيره السلبي على تحقيق توازن بين حاجات النمو الاقتصادي وبين حاجات السوق ومن أجل تحقيق الاستقرار المالي الداخلي فيها, ومن المعايير التي تتبعها المنطقة لتفادي قوة الدولار تسديد ديونها المتراكمة مما قد يعزز عملاتها المحلية في المقابل, ويمكن أن نعرف عدد مناطق أو أقاليم نقدية عالمية هي:
1 منطقة الجنيه الاسترليني ممثلة في بريطانيا ودول مستعمراتها السابقة في عضوية الكمنولث.
2 منطقة الدولار وتحتوي على أمريكا وكندا ودول أمريكا الجنوبية وذلك للقربية الموقعية بينها.
3 منطقة الذهب وتضم كلا من فرنسا وسويسرا وهولندا وبلجيكا وايطاليا.
4 منطقة المارك الألماني وتشمل ألمانيا وأوروبا الشرقية.
5 منطقة الين الياباني متمثلة في اليابان المركز وجاراتها في الشرق الأقصى نمور آسيا التوابع .
6 منطقة اليورو لمجموعة دول السوق الأوروبية المشتركة منذ بداية عام 1999م والذي يعتبر الى حد كبير رد فعل لتقلبات الدولار, وقد يكون اليورو أكبر منافس للدولار الأمريكي, فالدول الأعضاء في السوق المشتركة 15 دولة لا تزال مستمرة في التحول التدريجي لتطبق استخدام العملة الجديدة واحلالها محل عملاتهم الوطنية والتي سوف يتم تقويمها وتقويتها ضمن نظام المقاصة عالميا ومع حلول عام 2002م, وهناك من يعتقد أن خطورة الدولار لم تقل حدتها عما كان سابقا, فعند مقارنته مثلا بحالة في الوقت الحاضر وعما كان في دول شرق اسيا في عام 1997م نجد الفرق ظاهرا, فقد انهارت أسواق شرق اسيا حينذاك لأن ديونها كانت مقيمة ومرتبطة بالدولار المرتفع جدا, والدولار لا يزال يكسب قوة ايضا أمام اليورو الأوروبي ومعظم عملات العالم مثل الين الياباني والون الكوري الجنوبي والبات التايلندي منذ عامين.
مما أدى الى اختلاف في آراء المحللين حول أسباب الأزمة الاقتصادية, إلا أنه بغض النظر عن الخيارات التي لجأت اليها البنوك في حلها هناك مؤشرات حيوية جيدة تؤكد ذلك, فالنمو الاقتصادي يتسم بالبطء في منظمة جنوب شرق آسيا, اضف الى أن ارتفاع الديون الخارجية والداخلية يزيدان احتمالات تجدد الأزمة, فهناك شبها لما جرى عام 1997م, فالعملات وأسعار الأصول فيها ضعيفة في المنطقة باستثناء الين الياباني، بل انخفضت معظم عملات المنطقة ما بين 6% الى 20% الروبية الأندونيسية .
وقد أعرب تجار العملة بناء على أوضاع أسواق العملات هناك عن مخاوفهم من الأزمات الاقتصادية الاجتماعية في حال حدوثها مرة أخرى, وعليه فإن الأسواق المالية تشابه الى حد معين أحوالها في صيف عام 1997م حينما كان الاعتقاد راسخا في أن جميع عملات المنطقة سوف تعمل بشكل متماثل طبقا للقوانين الاقتصادية العالمية, إلا أن ما يحدث كل يوم يعطي طابعا يصعب به التنبؤ بما يدور في الساحة العالمية, يصعب التنبؤ بيورو قوي أو ين ياباني ضعيف أو دولار أمريكي مبالغ في قيمته قابل للهبوط أو الارتفاع.
ومما يزيد في صعوبة أحوال الأسواق المالية ارتباطها بمؤشرات لها أهميتها مثل هبوط معدلات النمو الناتج المحلي الاجمالي الأمريكي أو تصاعد وانتعاش النمو الأوروبي أو استسلام النمو الأمريكي لعدوى وأزمات اقليمية أو بسبب آثار انخفاض العملة الروسية عام 1998م.
ان كل هذه التنبؤات تعتبر عوامل أساسية في تقلبات آلية الصرف العالمية وتعكس بوضوح تقلباتها, ومع ذلك فإن من المفترض لكل عملة أن تتصرف بشكل مماثل في ظل ظروف اقتصادية متشابهة وبخلاف حجم الناتج المحلي الاجمالي أو لون الأوراق المالية, فكل دولة لها آليات داخلية متطالقة تتفاعل مع بعضها البعض بطرق مباشرة وعندما تصبح عملة ما أقل من قيمتها الحقيقية فإن الطلب على صادراتها يزداد, وسيؤدي هذا الاندفاع الطلبي الى تعديل سعر صرفها تصاعديا, وهذا الاجراء العكسي سيسهم في اعادة الأمور الى التوازن لسوق الصرف, كما أن استخدام جزء من الاحتياطي النقدي للبنوك المركزية لزيادة المعروض من الدولار وضرورة للحد من الانخفاض المستمر في سعر العملات المحلية في منطقة جنوب شرق آسيا وحتى لا تحدث موجة ارتفاع الأسعار والتضخم والفوائد.

أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved