أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 24th November,2000العدد:10284الطبعةالاولـيالجمعة 28 ,شعبان 1421

عزيزتـي الجزيرة

نزار معقباً على قصيدة الشريِّف
أما التفكير فهو دأبي,, وأما التريث ففيه نظر!
عزيزتي الجزيرة:
تحية طيبة وبعد:
فإن جريدتنا الجزيرة العظيمة الكريمة نشرت قصيدة: خفيفة لطيفة، نزيهة نظيفة، قوية عنيفة، آمنة مخيفة، نبيلة عفيفة، قالها الاستاذ الشاعر الزميل المبدع سليمان بن عبدالعزيز الشريِّف في شخصي، وما كنت أرجو ان يكون اسمي وشخصي موضوع القصيدة لكن الكلام والتعليق الذي اكتبه هو ما أود ان يكون الموضوع ماعلينا وهذه قراءة سريعة على قصيدة شاعرنا الكريم: وقبل البدء أشكره على التحية وأهديه تحيتين، قال تعالى: وإذا حييتم بتحية فحيُّوا بأحسن منها أو ردُّوها وان كانت تحيته ذكرتني بتحويل المعاملات الرسمية من مسؤول لآخر مع التحية.


1 تريث وفكر يانزار فإنه
يكون شموخ في الفتى وتواضعُ
2 ومن قال إن الأمر فيه تناقص
فلاشك هذا القول فيه تواضعُ

قلت: أما التفكير فهو إن شاء الله دأبي وديدني وأما التريث: ففيه نظر: فقد يكون التريث مطلوبا,, قال الشاعر:


قد يدرك المتمني بعض حاجته
وقد يكون مع المستعجل الزللُ

وقد تكون السرعة أفضل:


اغتنم الفرصة ان الفرصة
تصير ان لم تنتهزها غصة

وأما النقيضان فلايجتمعان في الأمور المادية فلايكون طويل وقصير معاً ولامالح وحلومعاً، وأما الشموخ عن الدنايا والتواضع للأقربين مثلا فلا مانع.
والتواضع في البيت الأول هو ضد الكبر والتواضع في البيت الثاني بمعنى الوضاعة، وان اختلف التواضعان في المعنى إلا ان اللفظين لايجوز ان يكررا في بيتين متواليين في قصيدة واحدة لأن الكلمة بحروفها هي هي وقد تأتي الكلمتان بلفظ واحد من الجناس لكن لاتكون الكلمة في آخر البيت الاول والثانية في آخر البيت الثاني، وقد أجازوا تكرار الكلمة الاخيرة بعد سبعة أبيات على الأقل من القصيدة.


3 فمالي أراك اليوم تبدو معارضاً
لكل كلام قلته وتمانعُ
4 أتحسب أني قد ضعفت وانني
لما قلت عني يانزار مطاوع

أولاً: أنا لا أعارض للمعارضة فقط وإنما أتناول الكلام والشعر ولا علاقة لي بالمتكلم والشاعر شخصياً، واتعامل مع ظاهر النص ولايعنيني ان يقال: الشاعر يقصد كذا أو كذا.
هذا عن قولك تبدو معارضاً وأما وتمانع فأنا ليس لي صلاحية ان أمنع أحداً أن يقول مايقول.
ثم أنا ما قلت ما قلت استضعافاً لك، فبالعكس فقد وصفتك في تعقيبي على قصيدتك في مدح الدكتور عبدالله الغذامي سابقا بالقوة ووصفت نفسي بالضعف, وأما مطاوعتك أو عصيانك فأنت وماتريد.


5 فإني بحمد الله مازلت يافعاً
وهل يتوارى خشية الشيخ يافعُ؟

أما أنك يافع فاسمع: اليافع: من شارف الاحتلام، وهو دون المراهق (المعجم الوسيط) فإذا رضيت هذا لنفسك فافعل ماشئت, وأما هل يتوارى اليافع خشية الشيخ؟ فنعم بل الشيخ يضربه بعصاه، ويهرب اليافع من الشيخ؟ ان رآه مقبلاً وعلى ذلك فاليافع لم يبلغ سن الرشد ويحتاج إلى توجيه.


6 فإن لم توافقني فهيا لحلبةٍ
أمام الغواني ليلةً نتصارعُ

أما المصارعة الأدبية والشعرية فسوف أفوز بالتزكية وذلك بعد أن أُسمع القوارير ثنائي العاطر عليهن وسيحكمن لي قال شوقي:


خدعوها بقولهم حسناءُ
والغواني يغرُّهن الثناءُ

ولكن أين هذه الحلبة؟ هلا احتكمت إلى النابغة الذبياني أو إلى ابن قتيبة أو صاحبك الناقد الطيب الدكتور الغذامي.
وأما المصارعة الحرة أو المصارعة الإسبانية فلا علم لي بهذه ولابتلك إلا بالمشاهدة والاستمتاع بالأولى دون الثانية,


7 وان كنتَ مزهُوّاً بما قد كتبتَه
وتحسب أني للذي قلت سامعُ
8 فلاتبتئس ان لم أطعك فإنني
بحق عن الرأي الصحيح أدافعُ
9 فهلا سلكت الدرب قصداً وان تحِد
تُوجَّه بإحكامٍ إليك المَدافعُ

أولاً: أنا لست مزهواً بل بالعكس بعد الكتابة دائماً أشعر بخوف وندم وأتمنى ان لم أكتب، ولكن شيئاً يدفعني للكتابة.
ثانياً: أنا لا أريد منك أن تسمع فاجعل لك أذناً من طين وأخرى من عجين.
ثالثاً: أنت تدافع عن الرأي الصحيح فهلا دافعت عن رأيي فهو صحيح.
رابعاً: أنا إن شاء الله في قصد وتوسط، وأما بالنسبة للمَدافع فيكفينا مافينا واحنا مش ناقصين على رأي اخواننا المصريين.


10 ولما تلاقولي صديق مقرب
تبسم خبثا قال: هل اترافعُ
11 فقلت: أجبني هل هناك علاقةٌ
وهل أوجبت هذا الدفاعَ دوافعُ
12 فقال: قرأت النقد والأمر واضحٌ
ففيه دعابات لطاف لواذعُ
13 فقلت: أليس النقد يؤلم يافتى
فقال: بلى لكن تليه منافعُ
14 وإن نزاراً قبل هذا وبعده
له عندنا من خفة الظل شافعُ

وباختصار شديد وايجاز مخلٍّ أقول:
1 تبسم صاحبك بخبث يعني انه بك شامت على أنني لم أقل مايستحق الشماتة أو أنه يبتسم لخفة ظل ماقلت كما في البيت
2 شاكراً له دفاعه عني وترافعه لبيان البراءة هذا على أنني لست متهما .
3 تتهم صاحبك بأن دفاعه ليس لاحقاق الحق وإنما لعلاقة بيني وبينه نعم في هذا الزمان (الأغبر) لامكان للمعنويات ولاينفع إلا الماديات Cash Money او مصلحة مشتركة على أنني لا أعرف صاحبك هذا بيض الله وجهه وما بيني وبينه شيء إلا أن يكون إياك.
4 الكلام عن النقد هل هو نافع أم ضار؟ رأي مختلَف فيه، وما أكتبه هو تعليقات وشروح لا تصل إلى ما يسمونه النقد الحديث، ومن طبعي المداعبة والتلاعب بالألفاظ.
5 وشكراً على وصفه لي بخفة الظل، فبعض الناس ثقلاء: قال شاعر يصف صاحبه:


وصاحبٍ كالدُّمَّل المُمدِّ
حملته في رقعة من جلدي

وقال آخر:


وثقيل مابرحنا
نتمنى البعد عنهُ
غاب عنا ففرحنا
جاءنا أثقل منهُ

أمَا وقد شفعت لي خفة الظل فأنا أضيف اليها مني: نظافة القلب حقا وصدقاً فلا أحملُ حقداً ولا ضغينة على أحد، وإذا غضبتُ رضيتُ في دقائق، وان اخطأتُ اعتذرتُ وان أسأت طلبت العفو: قال المقنَّع الكِندي:


وإن الذي بيني وبين بني أبي
وبين بني عمي لمختلفٌ جداً
فان اكلوا لحمي وَفَرتُ لحومهم
وان هدموا مجدي بنيت لهم مجدا
ولا أحمل الحقد القديم عليهمُ
وليس كبيرَ القوم من يحمل الحقدا
15 فقلت له ياصاحبي قد غلبتني
وجئت بشيء ليس فيه تُصانع

وياصاحبي على ماذا يصانعني؟ يا حسرة ورحم الله أبا الطيب أحمد بن الحسين المتنبي حيث قال:


لاخيل عندك تهديها ولا مالُ
فليسعد النطق ان لم تسعف الحالُ
16 وعندي على ما قد ذكرت زيادة
فان نزاراً للفضائل جامعُ
17 زميل وفيّ ذو اطّلاع مثقفٌ
لطيف ظريف شامخ متواضعٌ

وشكراً على ما مدحتني به وأرجو ان اكون كذلك, أما الفضائل فان شاء الله موجودة فان لم تكن فعندي البعد عن الدنايا وأما الوفاء فأنا وأبو الطيب صنوان:


خُلقتُ أَلوفاً لو رجعتُ إلى الصِّبا
لفارقتُ شَيبي موجعَ القلبِ باكيا

وأما الشموخ فان شاء الله العفة وبدون كبر.
وأما التواضع فأرجو الا يتكبر عليّ أحد، وأما الاطلاع فان شاء الله وتعليقي هذا يذكرني بعبدالملك بن مروان لما مدحه جرير بقوله:


ألستم خير من ركب المطايا
واندى العالمين بطونَ راحِ

فقال عبدالملك: بلى,, نحن كذلك.
أما أنا فأرجو,.


18 وكم مرة حاولته لزيارتي
ولكنه للأصدقاء مقاطعُ
19 فان لم يزرني في القريب هجوته
وأعذره ان كان ثَمَّةَ مانعُ
20 كخوف عقاب من ذوي الشأن عنده
بحرمانه ان رام يوماً يطالع
21 واغلاق باب البيت والحر لافحٌ
إذا جاء ظهراً وهو ظمآن جائعُ
22 فان كان هذا مايخاف فإنهُ
مُحِقٌ وهذا في اعتقاديَ واقعُ

وأقول:
1 لي الشرف ان أزورك.
2 بوُدِّي ان يعتب أصدقائي ألا أزورهم وألا يعتبوا أو يزهقوا ويملوا من كثرة زيارتي.
3 ان شاء الله أنا لا أقاطع احداً وإذا قابلت أحد أحبائي أَشعرتُه أننا لم نفترق إلا أمس:


لم تزل ليلى بعيني طفلةً
لم تزد عن أمس إلا أصبعا

على أنه لا مانع ان نذكر طُرفةً عن الزيارة والزوار:
قالوا ان طفيليا ذهب إلى عرس عجم (غير عرب) فقالوا له: من دعاك؟ فقال:


أزوركم لا أبالي بعد زورتكم
ان المحبَّ إذا مالم يُزَر زارا

فقالوا له: دعاك زرزارا؟ نحن لا نعرفه وطردوه.
وأما الهجاء لعدم الزيارة فإن الأمر لايستحق والعتاب أولى على أن الهجاء لقلة الزيارة خير منه لكثرتها.
وأما المانع الذي ادعيتَه فأعلمك أنني إذا دخلت البيت وقف الماشي وجلس الواقف وسكت المتكلم وعبس المتبسم وأصبح الجميع كأن على رؤوسهم الطير ثم ان شرحك الطويل يدل على معرفتك بالتفاصيل التي عانيتَ أنت وماتزالُ تعاني منها.
ويا أخي: الأمر أيسر من هذا والرحمة مطلوبة والتعاون خير من الأمر والنهي، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة فقد كان عليه الصلاة والسلام يرقع ثوبه ويخصف نعله ويقوم في خدمة أهله، وكان نساؤه يختلفن معه عليه الصلاة والسلام حتى كاد يطلقهن وحتى أنهن كنّ يطلبنه ما ليس عنده, (صلى الله عليه وعلىآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً).


23 ولكنني مازلت أدعوه جازماً
وليس بعيب ان يتم التراجعُ

قلت لي الشرف ان أزورك وتزورني وأما جازما فحروف الجزم معروفة وأما التراجع فأنا ماقرّرت امراً لأتراجع عنه.


24 فان كان محتاجا إلى وضع خطة
لتدريبه في البيت كيف يقارعُ
25 فاني بهذا الأمر أعرض خطتي
وأعطيه درساً كيف يرضى الممانعُ
26 ويفتح أبواب السماح وينتهي
خصام ولايبقى لخُلفٍ مواضعُ
27 وترفع أعلام وتقضى حوائجٌ
ويُخلص في تنفيذها ويُسارَعُ
28 ومن شاور الاخوان فيما ينوبه
أفادوه في رأي به الحل ناجعُ

أولاً: أنت وضعت مقدمات خاطئة وخلصت بنتائج أشد خطأً كما قال المنطقيون مثلا في الأغاليط: كل خروف بطيخة، وكل بطيخة حجر، إذن كل خروف حجر: اخطاء بعضها فوق بعض.
فأنا ان شاء الله بعيد كل البعد عن كل ما ادعيتَه عليّ
ثانياً ينطبق عليك المثل القائل: رمتني بدائها وانسلّت
ثالثاً: وعرض الخدمة يدل على المدة الطويلة التي قضيتها فيما ادعيت لطول خدمتك فيها.
رابعاً: ومن شاور الاخوان,, ليس أي اخوان,.
قال الشاعر الجاهلي:


وان بابُ أمر عليك التوى
فشاور لبيباً ولاتعصِهِ

وقال بشار:


إذا بلغ الرأي المشورة فاستعن
برأي نصيح أو نصيحة حازِمِ
ولاتجعل الشورى عليك غضاضةً
فريش الخوافي قوة للقوادم
فما خير كفٍّ قيّد الغلُّ اختها
ولاخيرُ سيف لم يُؤيَّد بقائمِ

فقد تُشاور جاهلاً يرديك ولو كان أخاً مخلصاً ولذلك قالوا: عدو عاقل خير من صديق جاهل .
ويكفي هذا.


29 ولاخير في الأصحاب ان يتكاثروا
إذا لم يكن فيهم إلى النفع دافعُ

نظرة مادية بحتة


30 وُربُّةَ رأي من صديق مجربٍ
تحدث عنه بالسداد الوقائعُ
31 أفاد أخاه في أمور كثيرة
وفي صدقه في رأيه لايُنازَعُ

وهذا ماسبق ان قلناه وقاله طرفة بن العبد وبشار بن برد فيما سبق ولم تأت بجديد.


32 فهلا أتتني من نزار اشارةٌ
فيأتيَه رأي سديد وقاطع

وأنا لست بحاجة لذلك الرأي السديد القاطع منك فأنا أدرى بنفسي وأهل مكة أدرى بشعابها .


33 ليدعو لي بالخير ثم يزورني
ونفرح ان زالت لديه الموانعُ

وياصاحبي إني أدعو لك بالخير فليحفظك الله صديقا صدوقا وفياً ودوداً، وأما الزيارة فيرتب لها ان شاء الله وأما الموانع فعلى طريقة المعاملات الرسمية: لامانع.
أما بعد فهذه المعلَّقة المذهَّبة من الأخ الكريم أشكر له مايستحق الشكر منها وأغبطه على طول نَفَسه ومتانة بنيان قصيدته على أنها أقرب للنظم منها للشعر فأين الخيال وأين العاطفة إلا قليلا وأين الانشاء دون الخبر والوصف والتقرير واين من يستطيع مجاراة شاعرنا الكبير؟ شاكراً للجزيرة الجريدة الصافية وصفحة أو صفحتي عزيزتي الجزيرة الشافية والقراء الكرام والسلام ختام.
نزار رفيق بشير
الرياض

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved