أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Saturday 25th November,2000العدد:10285الطبعةالاولـيالسبت 28 ,شعبان 1421

عزيزتـي الجزيرة

التسول المقنع
تحدثت في مقال سابق عن التسول تطرقت فيه لبعض اسبابه وطرق علاجه لكن حديثي هنا وان كان عن التسول يختلف اذ هو تسول عصري لا يكتفي فيه المتسول ببضع ريالات ينصرف بعدها شاكراً كحال المتسولين التقليديين.
ولا يبدو على متسولي هذا النوع اي علامة للفقر او الفاقة انما وسيلتهم في ذلك في احيان كثيرة سيارة فخمة وملابس نظيفة انيقة لتصدق الكذب وتأكل الطعم فتدخل يدك في جيبك لتخرج لهذا السارق المهذب الفئات الكبيرة اذ لا يتعامل مع الفئات الصغيرة حيث تركها للفقراء الضعفاء الذين لا يستطيعون حبك اكاذيبه وصياغة حيله وقد يوهمك بأنه على سفر فهو ابن سبيل قد انقطعت به السبل ودليل صدقه هذا الثوب المعلق في المقاعد الخلفية للسيارة.
فالكذب هو سلم هؤلاء للوصول الى اهدافهم وهم يتعرفون على ضحاياهم جيداً قبل بدء العملية ويسعون للانعزال بصيدهم بعيداً عن الناس حتى يتعاطف معهم ويسمع همسهم له بأسرارهم الخاصة التي لم يطلع عليها سواه!!! لانهم عرفوا حب الخير من خلال نظرهم في وجهه.
وهؤلاء يعملون بعيداً عن اعين رجال مكافحة التسول فلا يوصل اليهم، وهم الذين يجب ان تتوافر الجهود لكشفهم والقاء القبض عليهم ومحاكمتهم بتهمة الكذب والسطو على اموال الناس.
وما من شخص الا وله تجربة شخصية مع هؤلاء واذكر من ذلك اني كنت جالساً ذات يوم في الحرم فجاءني شخص ادعى انه من اهل جدة وانه يحتاج فقط الى مبلغ خمسين ريالاً لدفعها غرامة للمرور عن سحب سيارته وهذه الحجة ربما عرضها على العشرات قبلي اذ يتنقل في الحرم من جهة الى اخرى,ثم جاءني بعد اسابيع في نفس المكان وهو لا يعلم بالطبع انه واجهني قبل ذلك وقال لي: انه من اهل المدينة وانه قد فقد محفظته بما فيها من مال واوراق ويطلب المساعدة فقلت له: انك قد اخبرتني قبل ذلك انك من اهل جدة فكيف انتقلت الى المدينة فهرب مني سريعاً بعد ان سمع هذا الكلام خشية ان اكشف امره.
وحدثني مدير احد مكاتب مكافحة التسول عن هذه الظاهرة فقال: كنت ذات يوم اسير بسيارتي متجهاً الى المكتب فاذا احد اصحاب السيارات خلفي يطلب مني الوقوف فوقفت بجانب الطريق ونزل الي مسرعاً وعرفني باسمه الوهمي وقال انه من المنطقة الفلانية وقد تعرضت سيارته لحادث فأدخلها الورشة لاصلاحها ويطلبون منه الان الفا وخمسمائة ريال ثمناً لهذا الاصلاح وليس لديه الآن هذا المبلغ ويطلب مني ان اقرضه هذا المبلغ وحال عودته, الى بلده سيعيده ويطلب مني رقم الحساب بالبنك لاعادته, يقول صاحبي: فعرفت في وجهه الكذب فقلت له: الامر هين فاتبعني للمكتب وستحصل على مرادك، وما ظن ان هذا المكتب هو مكتب مكافحة التسول والا لولى مدبراً ولم يعقب!! سار خلفي حتى وصلنا المكتب فأوقف سيارته وترجل ولم ير لوحة المكتب اللافتة الا بعد نزوله حيث لم يستطع التراجع وبعد ان جلسنا بالمكتب طلبت احد السائقين واعطيته المبلغ وطلبت منه ان يذهب لاخراج سيارة هذا الضيف من الورشة ثم التفت اليه وقلت له: سيارتك في اي ورشة فقال وقد ظهر عليه الارتباك: اعطني المبلغ وانا اذهب لاخراجها فامتنعت من ذلك بحجة اكرامه وقلت له: ان هؤلاء ليس لديهم عمل ونحن جميعاً في خدمتك فأنت ضيفنا ونأمل ان تكرمنا اذا حللنا ضيوفاً عندك، فرأى انه وقع في الفخ فطلب ان اخرج من في المكتب ليحدثني على انفراد ثم اخبرني انه كاذب في دعواه فهو من اهل هذا البلد وليس لديه سيارة في الورشة انما هذه حيلة للحصول على المال, انتهى الشاهد من القصة.
فالحديث عن حيل هؤلاء وكذبهم امر جربه الكثير فلا يحتاج الى اطالة لكن من آثار هذا الكذب ان فقدت عند كثير منا المروءة فاغاثة الملهوف وكشف كربة المسلم التي قد تواترت النصوص في الحث عليها والامر بها قد زالت او كادت بسبب كذب هؤلاء وانتشار امرهم فلنتعاون جميعاً في فضح هؤلاء واظهار امرهم حتى لا تفقد المروءة او ينسى الاحسان.
والله من وراء القصد
د, عبدالله بن محمد الرميان
جامعة ام القرى

أعلـىالصفحةرجوع














[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved