أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Saturday 25th November,2000العدد:10285الطبعةالاولـيالسبت 28 ,شعبان 1421

عزيزتـي الجزيرة

الواسطة المظلومة
هكذا أصبحت مدعاة للحساسية
سعادة رئيس تحرير صحيفة الجزيرة الأستاذ خالد بن حمد المالك .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
يحوَّل يااللي ماله واسطة ,, أو اللي ماله واسطة مثل النخلة الماصطة ,, هذا من الأمثلة الشعبية والمقولات التي تتحدث عن الواسطة,, ولكن دعوني أخالف جميع المفاهيم المترسبة في الأذهان حول الواسطة وأقول لكم إنها مظهر صحي لأنها هي ما يجب أن يكون اساسا في عمل أي موظف أو مسؤول حكومي أو غيره وهي القاعدة الصحيحة ولكنها أصبحت هي الاستثناء عندما طغى الروتين والبيروقراطية عليها وفي زماننا هذا يجب أن يكون رفض الواسطة هو الاستثناء,, وقد يذهل البعض من هذا التفسير,, ولكن الواسطة بمفهومنا الشعبي هي قيام شخص تعرفه أو لك به صلة قرابة أو مصلحة بعمل لك فيه مصلحة,, فأصبحت القاعدة هي ضرورة المعرفة أو القرابة أو المصلحة لأي عمل مهما كان ولو كان من أوجب واجبات الموظف الحكومية,, أما إذا ترتب على هذه الواسطة إضرار بمصالح الآخرين فعند ذلك لا تسمى واسطة والواسطة منها براء وإنما تسمى ظلماً صريحاً وتعديا على حقوق الآخرين بغير وجه حق, الواسطة في وقتنا الحالي مظلومة وأصبح لدى البعض حساسية منها,, وأصبح البعض يتجنب القيام بعمله على الوجه الأكمل لشخص مستحق خشية اتهامه بالواسطة,, صار تطبيق اللوائح والأنظمة لدى البعض هو الذريعة وذبحت على هذا المذبح جميع قيم العدالة الاجتماعية والمساواة و الفزعة فتجد بعض الذين يفجرون آذاننا بالحديث عن اللوائح والأنظمة وضرورة احترامها,, يدوسون هذه الأنظمة باسم الحفاظ على النظام واللوائح عندما يصبح في الأمر مصلحة خاصة لهم,, ويفسرون أي رفض لأي طلب بأنه حفاظ على النظام, نعم إن الواسطة بشكلها العام والحالي يجب أن تكون هي القاعدة وما عداها استثناء لأنها لا يجب أن تكون وهي من أوجب واجبات الموظف,, فنحن لا نجد أي موظف مهما كان صغيراً أو كبيراً لا ينجز عملاً مطلوباً منه وأساسياً إلا لشخص يعرفه فقط وما عداه فلا,, وقد يكون للبيروقراطية والروتين دور في خلق هذه الصورة القاتمة والسيئة عن الواسطة حتى انك تجد أي شخص له معاملة نظامية لا تتعدى التصديق أو التوقيع يظل يسأل ما تعرف أحد,, في الجهة الفلانية مع أنه ليس هناك أي عوائق أمامه وعمله بسيط لا يستحق ولا حتى السؤال عن أحد يعرفه, إذن فالمجتمع هو الذي خلق الواسطة وأوجد لها المبررات والقواعد بصورتها السيئة التي تعني التعدي على حقوق الآخرين,, والإ فما معنى أن يرفض طلب لشخص مستحق عن غيره إلا بواسطة.
هذا ما جنيناه على أنفسنا,.
نعيب زماننا والعيب فينا
وما لزماننا عيب سوانا,.
الوساطة بصورتها السيئة,, هل هي التي تسعى إلينا,, أم نحن الذون نسعى إليها الواقع ان المجتمع هو الذي يسعى إليها,, سأسوق لكم موقفين من المواقف التي تثبت أننا نسعى إلى خرق اللوائح والأنظمة متى نشاء وان ندوسها متى نشاء,, وألا نجد غضاضة في ظلم الآخرين واصطياد أخطائهم لتطبيق (اللوائح والأنظمة),, عليهم,.
1 في إحدى المرات كان لي معاملة لدى جهة من الجهات تتطلب إحضار بعض الوثائق والصور الشخصية,, وعندما وصلت إلى الموظف المختص بإنجاز المعاملة قال لي في اليوم الأول احضر كذا,, إحدى الوثائق المطلوبة فقط دون الأخرى.
والكل يفهم من ذلك ان هذا هو كل المطلوب,, في اليوم الثاني قال لماذا لم تحضر كذا وسكت على مضض وقمت بإحضاره,, في اليوم الثالث قال لماذا لم تحضر صورة شخصية,, ورجعت يومين لإحضارها,, وكأن هذا الشخص لا يعنيه الأمر من قبيل أو دبير,, وكأن تصرفه هذا للتشفي من المراجع ما الذي يضير هذا الموظف لو طلب جميع الأوراق مرة واحدة,, هل يريد مني أن أبحث عن واسطة له ليخبرني فقط عن المطلوب من وهو لا يتكلم إلا وهو ينظر إلى الأسفل بتعال وكبر ظاهر لا أعرف له سببا,, ترى هل تعود هؤلاء على الواسطة,, وألا يقوموا بواجبهم إلا بواسطة,, أم هو الفراغ وعدم وجود عمل لديهم فأرادوا تجزئة العمل وإرهاق المراجع أم هو سوء التربية وسوء الإدارة, أم هي مجتمعة,, لوعاتبت مثل هذا الموظف ولو بكلمة واحدة لثارث ثائرته ولألقى عليك محاضرة طويلة في ضرورة الحفاظ على النظام,, تريد أن تضحك فلا تستطيع أن تضحك أو تبكي فلا تستطيع أن تبكي ومالك إلا أن تكظم غيظك وتسكت على مضض.
2 في إحدى طرقنا كنت أسير مع السيارات بسيارتي وفجأة وفي منخفض من الأرض فوجئت بجنود المرور أو أمن الطرق يقفون في هذا المنخفض وبالكاد توقفت سيارتي مع العلم انني أسير بسرعة عادية وحال وقوفي قال الجندي: أنت ما تشوف (النقطة).
قلت: ليتني أمتلك أشعة ليزر لأرى هذه (النقطة) في هذا المكان المنخفض ولأراها قبل المرتفع,, حيث اننا لا يمكن أن نرى حتى السيارات الكبيرة فكيف بمشاهدة أو (رؤية نقطة),, والمتعارف عليه أن (النقطة) هي شيء صغير جداً على الورقة,, (ملاحظة: النقطة تعني مركز التفتيش), قال: الرخصة والاستمارة.
قلت: تفضل وأعطيتهما له.
قال: الاستمارة مطوفة (وفعلاً كان تاريخها منتهيا منذ يومين أو ثلاثة) نظرت إلى الاستمارة,, وقلت معك حق (وعلى عيني ورأسي) وسأجددها فوراً مع العلم أن يومين لا يعتبران مخالفة أبداً وليس كمن (طوفت) استمارته سنوات قال: حاول مع هذا,, ويبدو أنه مديره وذهبت إلى المشار إليه وما إن شرحت له الموضوع حتى ألقى عليَّ محاضرة طويلة عريضة في احترام النظام والأوامر واللوائح,, وكأنني من أشد المستهترين بالنظام,, وكأنني قد ارتكبت أفظع المخالفات,, وما إن انتهى من محاضرته القيّمة حتى قال ياولد اكتب له مخالفة وفي أثناء كتابته المخالفة,, حضر شاب صغير على سيارة نقل يقود سيارته بدون أن يحسن القيادة,, وما إن نزل من سيارته حتى اتضح انه لا يملك رخصة قيادة,, وسألوه عن اسمه فقال فلان بن فلان,, وما ان قال ذلك حتى ابتسم الجندي وقال لمديره هذا ابن فلان (وسأطلق سراحه) وفعلاً ذهب وهو يبتسم مع أحر التحيات لأبيه,, وأكمل كتابة (المخالفة) لي ويبدو أنه أراد اكمال المحاضرة علي ولكن أُسقِط في يده من هذا الموقف غير المحسوب, هذا الموقف يبين لنا بجلاء كيف أن البعض يردد كلاما كالببغاوات ولا يعرف مضمونه وهو أول المخالفين له,, واننا نسعى إلى الصورة السيئة من الواسطة, (في هذا الموقف قيادة الصغير للسيارة مع وجود الخطر على الآخرين قبله) واننا نحن سبب عيوبنا واننا أصحاب هوى نطبق النظام على من أردنا ونمنعه متى أردنا الواسطة بهذه الصورة عمل ممقوت وخرق للنظام مع العلم أنه لم يحرجنا أحد بها وإنما سعينا لها طائعين.
م, عبدالعزيز بن محمد السحيباني
البدائع

أعلـىالصفحةرجوع














[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved