أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 30th November,2000العدد:10290الطبعةالاولـيالخميس 4 ,رمضان 1421

الثقافية

هل أدلك على الارتجال في المسرح من بابه الصحيح؟
محمد العثيم
الارتجال موضوع لا أحسب اني اكف عن الكلام عنه لأنه يشؤثر كثيرا في حركتنا المسرحية وله اتجاه سلبي انتقل ليصير اعاقة في مسيرتنا الدرامية التي تبناها التلفزيون فصرنا نتلقى من الاميين ما نسميه نتاجا ثقافيا فاعلا وما هو إلا تصوير للقشرة الفنية التي لا تقدم ولا تؤخر وهي مسألة عربية عامة يسندها التلفزيون الذي يفضل المادة الخفيفة والسطحية على المادة القيمة.
أطرق باب الارتجال من زاوية محلية واتحدث عن الفرق التي تتبنى هذا المنهج بجهل بالاثارة التي يغلب عليها الهروب من امتحان الخبرة والنص الجيد والالتزام بحدود العمل ثم لفتح باب التهريج مع ان التهريج استجداء للمسرح من جماهير عامة وقلب مفهوم الضحك من الضحك من ليصير مرتدا إلى الضحك على وهو مفهوم مقلوب يقوم به الممثل المرتجل لاضحاك الجمهور في القضية إلى الضحك عليه هو بتفاصيله الشاذة.
وهنا وقبل الانسياق في التعميمات اجدني مضطرا لابداء سلبيات الارتجال التمثيلي غير المدروس وضرره البالغ على مستقبل الممثل اولا والمسرح والدراما المحلية ثانيا وعناصر وجذور الثقافة التي ينالها التسطيح وتتدهور تحت ادعاء قشور الشكل الفني.
أولى السلبيات: ان الممثل الذي يستسهل مركب الارتجال يعرف بعد وقت قصير ان الارتجال والتهريج عمره قصير وينهي صاحبه إلى الفراغ والعدم مثل الكذب لأن ثيمات المرتجل وادواته هي فقرات قشرية تقوم على نفس قصير في التفكير ومبادرة ردود أفعال آنية لا مصدر او مشروعية لها ولا يمكن ترتيبها في سياق مما يجعل الممثل في ورطة نهايته وتكرار نفسه ومن ثم انحدار مستواه الفني وعدم القدرة على التثبيت الفني للعمل لأن الجمهور ليس في يد الممثل.
ثانيها: ان الارتجال غير المنهجي يورث الممثل تشوهات نمطية وقد يلتصق به أحد الأنماط الكاركترات التي يصعب عليه الخروج منها وتصير للجمهور منبه شرطي في ادائه وعمله تعوقه عن تبني غيرها من العناصر الشخصية وتمنع الممثل من الاتساع افقيا في التمثيل الكامل للشخصية مما يجعل الشخصيات او الشخصية التي يتبناها المرتجل هي في الغالب شخصيات كرتونية لا سمك لها.
ثالثها: ان الارتجال غير المدروس يؤدي إلى استمراء الممثل غير المتعلم إلى تكرار حركات وافكار يقدمها دائما حتى يملها الجمهور وعندما يملها الجمهور يكون قد استنفد بهجتها الأولى وللتمثيل على ذلك اضرب المثل بما يفعله مقلدو الأصوات والفنانين إذ سرعان ما يتحولون إلى مسخ وتهبط اعمالهم فيضطرون للارتجال حول اغان واصوات جديدة وما يلبثون ان يقعوا في التكرار والاستنزاف الذي ذكرناه لأنه في هذا النوع من الارتجال يكون الكاتب والمفكر معدوما تحت وطأة المركزية الذاتية للممثل وضيق الوقت أمامه وتعجله لكسب الجمهور.
رابعها: ان الارتجال يورث الممثل صعوبة في تبني النص في الأعمال المسرحية الكبيرة التي تستلزم تطوير القيم الفنية في الشخصيات وبناءها وحفظها لأن الممثل الارتجالي المهرج يفقد القدرة على الحفظ وممارسة توليد النص والابداع عليه مما يجعل الممثل يقف في مكانه عن التقدم فيتقادم عمله إلى ان ينتهي للصفوف الأخيرة التي يحتلها الأنماط مثل الفراشين والبوابين والمجانين لقول او فعل النكت في العرض بينما تذهب الأدوار القيمة والأولى إلى ممثلين يملكون القدرة على تطويرها.
ثم ان الارتجال يقف بالممثل عن حدود الابداع كما انه يفقد التركيز المسرحي لأن عمله ليس مربوطا بخطة بل هو مربوط بانفعالات الجمهور في أدائه وردود فعله على هذا الأداء فإذا ما عجز عن اشعال تفاعل الجمهور في الموضوع المطروح في كثير من الأحيان يخرج من العرض في حال لا يحسد عليها.
لعلك الآن تسأل: وما هو الارتجال المباح الذي نسمع عنه ويمارسه اساتذة المسرح باقتدار وينسب لأتباع الرواد من أمثال ستنسلافسكي وتلاميذهم وبعض اساتذة الكلاسيكية الذين تزعموا التجريب في العصر الحديث.
الجواب: ان الارتجال الجاد غير التهريج المباشر في العرض أمام الجمهور والمسألتان لا يختلف عليهما المنظرون لأن الارتجال التجريبي يقوم به ممثلون محترفون خلف الكواليس حول قضية قائمة ثم يجمعون ما وصلوا إليه مكتوبا ليعاد إنتاجه وهي طريقة جيدة لاثراء المسرح بأعمال فنية أما الارتجال المباشر أمام الجمهور فذكرنا الكثير من سلبياته وبإمكان المرتجلين تبني الأساليب الحديثة وخطواتها في الوصول لنص مرتجل لكن مع تثبيت ما يتوصل له الفريق من إنجاز في نص وسيناريو مكتوب يمكن عرضه واعادة عرضه دون التأثر بتغير العرض كما يحصل في عروض التهريج.
وخطوات الارتجال المدروس:
أولا: اختيار قضية وحكاية تكون الحكاية قادرة على استلهام وإفهام الفكرة الرئيسية للعرض مع اتساع مجال التأويل وتدارسها وكتابتها بشكلها الحكائي.
تكرار هذه الحكاية وإعادة كتابتها بفكر مشترك من كل الممثلين مع التكرار يجد الفريق المسرحي نفسه قادرا على تنمية الحكاية بأقاصيص مساندة.
ثانيا: البحث في عمق الحكاية عن طقس احتفالي مثير لجعله بؤرة الحدث والانطلاق منه واحيانا يكون هناك أكثر من طقس احتفالي قادر على ان يكون نقطة انطلاق الارتجال.
ثالثا: تنمية هذا الطقس ليكون مدخلا مثل الزواج او الاحتفال بمناسبة عامة او ما شابه ذلك وتكثيفه بنفسه او بحكايات أخرى.
رابعا: تحديد الاحداث المحيطة التي يكون الحدث الطقس بؤرتها ومركزها وترتيبها بشكل مشاهد كل واحد منها قائم بذاته.
خامسا: توزيع الحدث إلى فصول ثم مشاهد بحسب وحدات الحدث المساند مع الاحتفاظ ببداية ووسط ونهاية يحكمها التوازن في العرض ويلقي الطقس المسرحي عليها بظلاله.
سادسا: بعد ترتيب الكتابة النهائية للمشروع يصار إلى إفهام جميع الممثلين الأدوار وتاريخ شخصياتهم وفعلها بالحدث ومن هنا نقوم بالطلب من الممثلين ارتجال الحركة والكلام من واقع حالهم ويكون تقدم العمل محكوماً بالنقاش بحسب تسلسل المشاهد بمعنى اننا نسجل الفصل والمشهد والدخول والخروج والحوار والفعل ويتم تثبيته او تغييره بحسب طريقة الابداع ونوع قيادة العمل فردية أو جماعية.
Othaimm@hotmail.com

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved