أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 1st December,2000العدد:10291الطبعةالاولـيالجمعة 5 ,رمضان 1421

شرفات

من غرائب الطبيعة
تماسيح في الصحراء؟!
إننا في علم وليس في حلم
تماسيح في الصحراء؟ هذا هو الاكتشاف المذهل الذي ندين به لفريق علمي الماني قام بدراسة فالق صخري في الصحراء المغربية.
يقول وولفغانغ بوهيم وهو رئيس الفريق صاحب الاكتشاف: اصابتني الدهشة عندما اكتشفت أن الهضبة الصخرية ذات المظهر الجاف التي أدرسها والتي لا تزيد مساحتها عن كيلومتر مربع واحد تشكل واحة حقيقية تعج بالحياة قابعة في أعماق الصحراء المغربية وينصح وولفانج الأشخاص الذين يريدون التأكد من وجود الماء بعدم مد أيديهم الى حوض النافورة الطبيعي محذرا من أن تمساحا قد يخرج ليقرمها ويثبت لمن يريد التأكد أنه في علم وليس في حلم؟
ويتابع بوهيم الذي يعمل استاذا في جامعة بون الألمانية قائلا: ان غذاء التماسيح في هذه البيئة شديدة الانغزال يقتصر على الأسماك والضفادع الضخمة وعلى بعض الطيور التي تحط في الواحة من حين الى آخر، ونادرا جدا ما تحظى هذه التماسيح بوجبة دسمة مؤلفة من حمل تائه من قطيع يقوده أحد البدو الرحّل في المنطقة قصد الواحه ليشرب.
هدف بعثة البروفسور وولفغانج العلمية الأصلي كان المقارنة بين مختلف مجموعات الزواحف، ولاسيما بين السحالي والأفاعي باتباع معيار بيئي تغير تدريجي متناقص لتركيز خاصة بيولوجية يشمل الصحراء من جنوبها الى شمالها، ولكن الحيوانات التي صادفتها البعثة فاقت كل توقعاتها بل حتى آمالها, يقول وولفغانج في الشهر الماضي سمعنا حديثا عن وجود تماسيح في واحة ضمن الصحراء المغربية تناقله أعضاء في الجمعية الألمانية لتنشيط التنمية، وقد وصل هذا الخبر الى أعضاء الجمعية من سكان الصحراء المحليين، ويوضح وولفغانج ان دراسات فريقه بيّنت وجود أربعة تماسيح من نوع تمساح النيل كروكوديلوس نيلونيكوس مشيرا الى أنه يعتقد أن هناك العديد منها لأن مجموعة حيوانات عددها قليل بهذا الشكل لن تكون قادرة على الصمود في هذه البيئة أكثر من جيل واحد.
واذا أخذنا بعين الاعتبار متوسط طول عمر التمساح الذي يبلغ ثمانين سنة، وسن النضج الجنسي 10 سنوات نجد أن هذه الزواحف الضخمة صمدت نحو ألف جيل على الأقل على امتداد العشرة آلاف سنة التي شهدت انعزالها تدريجيا في هذه البقعة الصغيرة من الأرض, ويوضح وولفغانج أن العشرة آلاف سنة هذه هي الفترة التي تحولت الصحراء خلالها من الحالة المزدهرة والخضراء الى أرض قاحلة خالية من البشر، ويرى أن الصحراء المغربية صحراء حديثة جدا اذ ان أفراد كثيرة من الحيوانات المدارية كالأسود والزرافات والتماسيح التي هي أهمها كانت في فترة اخضرارها متركزة أكثر في الشمال أكثر مما هي عليه اليوم وكانت جموعها تصل حتى ساحل البحر الأبيض المتوسط لكن خللا مناخيا عجل في جفاف هذه الأرض وتحويلها لى صحراء في خلال الثمانية آلاف سنة الأخيرة وبسبب امتداد التصحر فصلت المناطق المتصحرة جماعات الحيوانات عن بعضها البعض مخلفة وراءها بقعا صغيرة من الأرض الخضراء المعزولة مبعثرة هنا وهناك والتماسيح التي كانت قديما تتمتع بالقوة والغذاء الوفير وجدت نفسها حبيسة في بقعة أرض صغيرة ومجبرة على الصمود والتأقلم مع بيئة فقيرة وقاسية.
وظاهرة التصحر لم تتوقف بل هي مستمرة خلال اليوم ومع ذلك ما يزال الملجأ الذي تقدمه للتماسيح قادر على البقاء وتقديم الغذاء لها على الرغم من أنه لا يبدو كذلك للناظر اليه من بعيد.
ويجب على من يريد التأكد الاقتراب منه والنظر من خلال الشقوق التي تحزز الهضبة الصخرية حزوزا عميقة، ويمكنه عندها أن يرى على عمق خمسة أمتار شبكة ضخمة من قنوات المياه تعيش فيها التماسيح.
وقد تم اكتشاف مستعمرة تماسيح أخرى في منطقة إيندي في تشاد إلا أن علماء الأحياء يرجحون أن عدد مثل هذه الأماكن التي تؤمن البقاء لحيوانات كبيرة مثل التماسيح قليل جدا بشكل عام موضحين أن بقاء التماسيح يتطلب شرطين أساسيين هما: وجود الماء بشكل دائم، ووجود فرائس بعدد كبير يكفي لحاجة التماسيح من الغذاء، ومع أن التمساح معروف بفهمه الشديد، اضطرت تماسيح الصحراء الموريتانية الى التقليل من شهيتها بسبب عدم توفر فرائس ضخمة كالجواميس والظباء التي تتوفر لأقرانها في أماكن أخرى وقد أدت هذه الحمية التي تخضع لها منذ عشرة آلاف سنة الى صغر حجمها حتى بلغ ثلث حجم التماسيح التقليدي، ويقول العلماء إن طول تماسيح الصحراء الموريتانية يبلغ بالكاد 2,20 متر في حين أن طول أقرانها تماسيح النيل يبلغ عادة ستة أمتار ولمعرفة المزيد عن هذه البقايا الاستوائية كما يحلو لوولفغانج تسميتها يجب اجراء دراسة معمقة لاسيما لذخيرتها الوراثية، وفي هذا السياق يقول وولفغانج إنه اذا تمكن وفريقه العلمي من جمع تمويل مناسب سيعود الى الواحة للبدء ببرنامج بحث مكثف حول الهوية الوراثية لهذه الحيوانات، ولاستخلاص عينات من أنسجتها والبحث في العلاقات غير المسبوقة التي صاغتها مع بيئتها الفريدة, وفي الواقع تتمتع تماسيح النيل بحس غيور على بقعة الأرض التي تسيطر عليها وهي لا تتردد في التهام بعضها البعض للاحتفاظ بالسيادة على أرضها لذلك كله.
يعد نجاح تماسيح المغرب في التلاؤم مع بيئتها والتعايش بسلام في مكان محصور اللغز الأكثر غرابة الذي يحيط ببقائها كل هذه المدة.
مترجمة عن البحث


أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved