أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 7th December,2000العدد:10297الطبعةالاولـيالخميس 11 ,رمضان 1421

مقـالات

نوافذ
خارج المكان
أميمة الخميس
من أجمل السير الذاتية التي قرأتها مؤخراً هي سيرة الكاتب والمفكر العربي البرفسور ادوارد سعيد والتي أصدرها عام 1997 باللغة الانجليزية، وترجمها فواز طرابلسي لتصدر عن دار الاداب عام 2000.
وأعتقد ان الترجمة ملمة بكثير من ملامح النص الأصلي بشهادة سعيد نفسه إلا ان المترجم باعتقادي لم يوفق في ترجمة العنوان الذي اختار له اسم خارج المكان وهو ترجمة حرفية لOut of Place والتي أعتقد انها تحمل ايحاءات الغربة وعدم الانتماء للمكان والاحساس بعدم الألفة فيه.
على كل حال يظل المترجم في حالة خيانة متصلة للنص وحتى لو حاول الترجمة الحرفية دون معرفة المراد من النصوص أو حاول التنصل من المسؤولية عبر الترجمة الحرفية.
ويستمد الكتاب قيمته الكبيرة ليس فقط من أسلوب الكاتب وثقافته وعمق تحليله للظواهر التاريخية والاجتماعية والنفسية ولكن أيضاً من المادة التاريخية الوافرة بين دفتي الكتاب والتي تصف وصفاً دقيقاً لمرحلة حرجة من مراحل النكبة الفلسطينية وتبعاتها!!
وبما أن الكتاب كتب أصلاً باللغة الانكليزية اذا فهو موجه لقارئ غربي، لذا أصبح الكاتب فيه بحل من جميع الالتزامات والقيود التي تحتمها عليه طبيعة الذهنية المتلقية في العالم العربي، لذا جاءت هذه السيرة متسلسلة منهمرة عبر تداعيات مخترقة لكثير من الحواجز والسدود واصفة عبر أكثر من منظور حياة ادوارد سعيد عبر منافيه المتعددة سواء في مصر أو لاحقاً في الولايات المتحدة.
ومن الحوادث المهمة التي يرويها عن فترة تعليمه التي أمضى بعضا منها في مدرسة ماونت هيرمون بالولايات المتحدة يقول ان استاذهم عين لهم بحثاً عن اشعال عود كبريت فقصد المكتبة وراح يبحث عن الموسوعات التاريخية وتواريخ الصناعة وأدلة المواد الكيماوية بحثاً عما تكونه اعواد الكبريت، وقدمه فخوراً بعد أن لخصه بانتظام شديد، قدمه إلى استاذه الذي استدعاه بعد ساعات الدوام وهنأه على بحثه وقال له هناك طريقة أكثر اثارة لدراسة ما يحصل عندما يشعل المرء عود كبريت؟ ماذا لو سعى لاشعال حريق في غابة، أو اضاءة شمعة في قبو، أو اصطلاحياً، اضاءة ظلمات لغز مثل لغز الجاذبية، كما فعل نيوتن؟! نلحظ هنا ببساطة ان هذا الأستاذ أعطى سر النار إلى برومثيوس أو ادوارد سعيد، الذي علق على هذه الحادثة وبحماس, فاستيقظ لدي كل ما كان سابقاً مقموعاً ومخنوقاً في الدراسة الاكاديمية مقموعاً بحيث تأتي الأجوبة الاكاديمية تلبية لبرنامج دراسي منمط وامتحان روتيني مصمم أصلاً لاستظهار قدرات الحفظ عند التلاميذ، لا مقدرتهم على النقد والتخيل، وإذ بمسار الاكتشاف الفكري المعقد واكتشاف الذات أيضاً لم يتوقف منذ ذلك الحين).
انتهى كلام ادوارد سعيد لكن لم تنته مأساة التعليم في عموم العالم العربي، تلك المأساة العاجزة عن تحرير العقول من نمطية التفكير القبلي المنمط والمحدود، والعاجزة عن كشف الأدمغة للضوء والشمس!!؟
E-mail:omaimaKhamis@yahoo.com

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved