أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 8th December,2000العدد:10298الطبعةالاولـيالجمعة 12 ,رمضان 1421

أفاق اسلامية

رياض الفكر
الفضائيات والدعوة
سلمان بن محمد العُمري
تأتينا الحضارة كل يوم بجديد، ونحن دوماً نقول: إن لكل شيء وجهان: واحد ايجابي والآخر سلبي، وبالنهاية ينتظر الحق، وتظهر الإيجابية، وتزول السلبيات والوجوه السوداء، وهذا ما حصل مع الفضائيات، فعندما أطلت علينا تخوف العديد منا، وأشفق البعض الآخر وتحسر آخرون وندم بعضهم على استقدامها، وسنت القوانين لمنع الأطباق المستقبلة الدشات ، وتعددت الآراء وتنوعت، فالأمر خطير وخطير جداً، وحساس للغاية فكيف بك تأتي بما هب ودب لتراه وتسمعه وترقبه في بيتك وبين أهلك وأبنائك؟ وكيف يكون الأمر من ناحية المراقبة والإشراف والتوجيه؟
لقد ثبت بالتأكيد أن الأصل يعتمد على التربية والتثقيف، وبقدر الاهتمام برعاية من حولك فإنك تصونهم وتحفظهم بإذن الله ، وبقدر ما يكونون على قدر من الوعي والعلم والدراية بأمور دينهم ودنياهم بقدر ما تبعتد عنهم الشرور بإذن الله ، ومع ذلك فان الحرص واجب والحذر مطلوب والمراقبة والاستمرارية مطلوبان على الدوام.
لقد تبين ايضا للفضائيات مجالا آخر مشرقاً، ألا وهو حملها لقضية الدعوة والإسلام ونور الحق لكل ارجاء المعمورة، وهي بهذا تقوم بدور واسع كبير لم نكن نحلم به، إنها فرصة كبرى لان نحمل هذه الفضائيات بالخير العميم والنواحي الإيجابية لنوصلها لأبنائنا كما نوصلها لغيرنا، وفيها يتم إظهار الدين الإسلامي والمسلمين على الوجه الصحيح والصادق الذي يساهم برفع سمعة ومكان المسلمين بأنظار العالم أجمع.
إن الفضائيات تستطيع ان تمكن الداعية من ايصال فكره وعلمه لكل من يطلبه، ولكن هذا الأمر يحمل اشكاليات أخرى يجب دراستها ومواجهتها، فالداعية يجب ان يكون متمكناً عالماً ضليعاً على مستجدات العصر والحضارة، وخبيراً بعلوم الفضائيات والكبيوتر والإنترنت بحيث لا ينخدع بمن يواجههم، وخصوصاً ان هناك العديد من الافراد والهيئات والمنظمات والدول تستغل الفضائيات بشكل معاكس لنا وبشكل مدمر وتخريبي، وهم يرصدون الأموال الطائلة من أجل تحقيق أهدافهم الشريرة وغايتهم الخبيثة، ومواجهتهم لا تكون بالكلام العبثي او الإنفعال، إن استغلال الفضائيات من أجل خدمة أهداف معينة هو علم قائم بذاته وله دوائره وهيئاته، وهذا الأمر يجب أن تخوض به وتفهمه.
لقد أجريت ذات مرة محطة الMBC مقابلة مع معالي الشيخ الفاضل محمد بن جبير عندما كان في زيارة الى لندن، وقال آنذاك: إنه يدعو جميع المهتمين بالدعوة الإسلامية، ومن لهم قدرة على نشر هذا العلم ان يستغلوا وجود هذه الفضائيات، وان يوصلوا العلم الخير الى الناس ويدعوهم الى الله بالحكمة والموعظة الحسنة ويعرضوا مبادئ الإسلام ومساحة الإسلام، كما قال: إنه يخشى اننا لو قصرنا في استغلال هذه الوسائل ان نكون قد ارتكبنا إثماً، لأننا قد هيئت لنا هذه الفرصة، وهذه الوسائل لنقل الدعوة الى الله سبحانه وتعالى وايصالها الى البشرية جمعاء، ولكننا قصرنا في استغلالها الاستغلال الأمثل، لأننا إذ تركنا هذه الساحة، فسوق تملأ بالشيء الضار وبالشيء غير المفيد, إن معالي الشيخ الكبير ابن جبير رئيس مجلس الشورى وعضو هيئة كبار العلماء قد أصاب كبد الحقيقة، فهو يتحدث من خلال خبرة واسعة وثقافة عميقة، وهو لا يقول هذا الكلام إلا لإحساسه بجسامة القضية وخطورتها وأهميتها، وهذا ما يجب ان يعرفه كل مسلم ومسلمة وخصوصاً القادرين على خوض مجال الدعوة عبر الفضائيات وتقنيات العصر.
بالتأكيد هناك وسائل وطرق مشروعة ونافعة في جذب الناس الى الفضائيات الملتزمة، وكما ذكرت فهذا علم قائم بذاته له خبراؤه وأناسه، ويجب علينا ان نعلم ذلك، وان نكون طرفا ايجابيا وأساسياً في هذه المعادلة كي لايفوتنا القطار، والأهم من ذلك كي لا نأثم، وكي نحصل على رضا الله سبحانه وتعالى فهذه هي غايتنا وهدفنا الأول والأخير.
وهنا لابد أن نذكر أهمية الفرد المسلم في هذه المعادلة، فهو يستطيع ان يساهم بهذه القضية على الأقل بصفته مشاهداً ومتابعاً، وهذا له اثره على الفضائيات، فالجمهور هو الذي يقوي ويدعم فضائية ما، ورغم قوة الفضائيات، فالجمهور يبقى هو الحكم.
إننا ندعو كل الهيئات، وعلى الأخص المعنية بشؤون الدعوة، وهي كثيرة في بلادنا والحمد لله سواء كانت حكومية أم أهلية ان تدلي بدلوها في هذا المجال، وتساهم فيه على قدر استطاعتها، وهي فرصة لدعوة وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والارشاد، أو رابطة العالم الإسلامي أو هما معاً لأخذ زمام الأمور كي لا تصبح فوضوية وارتجالية، إننا نبتغي عملاً منظماً فاعلاً قوياً، يظهر وجهنا الحضاري وصورة الإسلام الناصعة لكل البشرية وللعالم أجمع.
أما مصادر التمويل فهي هامة في هذه القضية ومصادرها متوفرة ومتاحة بإذن الله، لا بل ان الفضائيات موجودة، وهي بحاجة لعملية تفعيل وتعاون وتنظيم وتأسيس لعملية استغلال تلك الفضائيات بالوجه الأمثل والشكل الأفضل.
إنها قضية تستحق الذكر وتستحق التأمل، وقبل كل شيء تستحق الشروع بالعمل من أجل اطلاقها لتعانق عنان السماء.
والله ولي التوفيق.
alomari@1420yahoo.com

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved