أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 8th December,2000العدد:10298الطبعةالاولـيالجمعة 12 ,رمضان 1421

أفاق اسلامية

انقلبت الأوضاع وانفلت الزمام وصار الليل نهاراً
ليل رمضان يشكو سهاده
* استطلاع: فهد راشد الغميجان
ما إن يأتي شه
ر رمضان المبارك حتى ينقلب حال الاسواق والبيوت، ويتغير حالهم رأسا على عقب، فتجد نهارهم ليلا، وليلهم نهاراً، وانك لتجد بعضاً من الشباب يشكو لك إرهاقه من الصيام وسهر الليل، وقلة النوم وإن كان صامتاً تجد ملامح السهر عليه متثائباً,, دامع العين من قلة النوم حتى ربط كثيرون السهر وشهر رمضان المبارك، وصار نهار رمضان عند البعض للنوم والركون والكسل,, لكم هذا الانفلات في حياة هذا الشهر الكريم له اسبابه وله دوافعه التي غالباً ماكان البعد عن منهج السلف الصالح في هذا الشهر الكريم هو السبب فيها,, ولو اننا اسهبنا في الآثار السلبية للسهر لاحتجنا لأضعاف هذه المساحة.
في هذا التحقيق نسلط الضوء على سلبيات السهر في العموم وعواقبها الوخيمة على حياة الشباب خاصة وبقية افراد المجتمع عامة.
حالف السلف الصالح
في بداية الموضوع يتحدث مدير إدارة القضايا والتحقيق بالرئاسة العامة لهيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر الشيخ سليمان التويجري عن موقف السلف الصالح والصحابة الكرام من شهر رمضان المبارك فيقول:
إن مما لاشك فيه ان رمضان تاج الشهور حيث ان الله عز وجل تفضل على عباده المسلمين بفرض صيامه عليهم لزيادة حسناتهم ورفعة درجاتهم وتكفير سيئاتهم، وقد أدرك اولئك الصالحون والمشمرون قيمة هذا الشهر فشمروا عن ساعد الجد في طلب رضا الرب بصيامه وتطهير هذا الصيام من اللغو والرفث والفسوق وذلك بالالتزام بأوامر الله تعالى بالصيام والمحافظة على الصلاة المفروضة جماعة وكثرة النوافل من قراءة القرآن ومدارسته وكثرة البذل والعطاء مما افترضه الله تعالى من الزكاة، وتعويد النفس على البذل للفقراء والمساكين والأيتام والارامل وتلمس حاجات المحتاجين فالكل يفرح في قدوم هذا الشهر، فالصالحون يفرحون بتزودهم بالعمل الصالح والفقراء والمساكين يفرحون لما يجدونه من مواساة وتلمس لحاجاتهم من جانب الأغنياء، ويضيف فضيلته: ان السلف الصالح عرفوا قيمة هذا الشهر وقدوتهم في ذلك النبي صلى الله عليه وسلم الذي تصف زوجته عائشة رضي الله عنها حالة في رمضان انه كان يعتزل اهله ويشد المئزر وخاصة في العشر الأواخر، وكان جبريل يدارسه القرآن، ويضيف التويجري قائلاً: ان للسلف احوالاً عجيبة في التفرغ لهذا الشهر والمبادرة في الاعمال الصالحة، فالعالم يترك درسه ويتفرغ لعبادة ربه والتاجر يترك تجارته ويتفرغ للعبادة.
نظرة طبية وصحية تجاه السهر
ويتعرض الدكتور حرب الهرفي استشاري امراض الحساسية والربو بمستشفى التخصصي ومركز الابحاث ومدير مركز الوطني لامراض الحساسية والربو والمناعة لبعض جوانب الموضوع من زاوية اخرى فيقول: اذا امعنا النظر في انفسنا وتعمقنا في تركيب اجسامنا من الناحية الفسيولوجية، اي وظائف الاعضاء المتخصصة نجد توازناً عجيباً في مختلف الوظائف ويذهلنا هذا التناسق والانسجام في دقته المتوازنة إذا نظرنا الى اقصى منه وهي وظائف الخلية وهي وحدة بناء الجسم الصغرى فهو عالم قائم بذاته معقد كتعقيد الكون ولكنه يعمل بتوازن دقيق وتناسق لايضاهيه تناسق وصدق الله الخالق حين طلب منا التفكير في انفسنا حتى يترسخ إيماننا بالنظر الى قدرة الخالق فقال وفي انفسكم افلا تبصرون .
ويضيف قائلاً: ان هذه الوظائف المتناسقة المتزنة تحفظ الجسم في حالة صحية ممتازة اذا حافظنا على هذه الوظائف وذلك بعدة وسائل منها:
النظافة والغذاء المتوازن دون إرهاق زائد وعدم تعرض الجسم للمواد الضارة التي قد تعيق هذه الوظائف المنسجمة او إرهاق الجسم وعدم إعطائه الوقت المناسب من الراحة وبالتالي يؤدي الى ضعف تلك الوظائف واضطرابها، فالجسم يحتاج الى النشاط والراحة والى الصحو والسباب بحدود تبقي هذه الوظائف في حالة صحية متناسقة.
ويقول الدكتور الهرفي: ومن الوسائل المحافظة على الصحة النوم في اوقات محددة بقدر الإمكان وعدم إرهاق الجسم بالسهر الزائد ذاكراً ان هناك بعض الاضرار الناجمة عن السهر الزائد التي يحددها في النقاط التالية:
اولاً: الإرهاق وعدم القدرة على التركيز فالملاحظ ان السهر يستنزف قدرات الجسم على القيام بوظائفه بشكل طبيعي، فالطالب لايستطيع ان يركز في الدروس، والموظف والعامل لايستطعيان ان ينتجا بشكل جيد ولربما يرتكبان اخطاء تؤدي الى اخطاء غير محمودة.
ثانياً: السهر وعدم النوم في اوقات منظمة يؤدي الى اضطراب في الهرمونات التي تنظم وظائف الجسم وعند الصغار تؤثر على هرمون النمو ويتأثر هرمون الكرتوزن والهرمون المنظم له من الغدة النخامية موضحاً ان هرمون الكورتزون مهم جداً لوظائف الخلايا وبالتالي الجسم بشكل كلي.
ثالثاً: إرهاق الجهاز العصبي وعدم اخذ قسط كاف من النوم بسبب السهر الزائد يؤدي الى ضعف المناعة, كما يؤدي الى ضعف المقاومة للامراض وبذلك تكثر الامراض ويصبح الإنسان عرضة للعدوى، وأوضح من هذه التأثيرات الجسدية التأثير النفسي على الإنسان، فالسهر يؤدي الى الارهاق الجسمي وبالتالي يؤدي الى ارهاق نفسي حيث يؤدي الى اضطراب الهرمونات وعدم تحمل الضجيج في مكان العمل او البيت مما يؤدي الى اساءة العلاقات مع الآخرين ومن ساء خلقه ساءت معيشته وهذا يؤدي الى تعقيد الامر اكثر مشيراً الى ان الملاحظ ان كثرة السهر في غير العمل المستمر او العبادة في رمضان يؤدي الى تقهقر انتاجية الاشخاص الساهرين سواء في الحقل العلمي او العملي.
سلبيات وإيجابيات
ومن جهة ظاهرة السهر التي تنتشر عند كثير من الشباب وآثاره على صحتهم وأدائهم الدراسي والوظيفي والعلمي عموماً يتطرق لذلك رئيس هيئة حي الملك فهد الشيخ صلاح السعيد ويقول: ان الله جعل الليل سكناً والنهار معاشاً وعلى ذلك فللسهر آثار سلبية على صحة الإنسان منها:
1 اضعاف البدن عن طاعة الله تعالى حيث يضعف الجسم عن الطاعة ويتكاسل عنها وعن قراءة القرآن وكثرة الذكر الذي هو زاد المؤمن في هذا الشهر المبارك.
2 ما يصحب السهر عادة من اللغو وقول الزور والغيبة والنميمة والاجتماع على مشاهدة القنوات الفضائية او شاشات الانترنت التي يستغلها فئة من الشباب لتصفح المواقع الإباحية.
3 خسران التقوى التي هي حصيلة الصيام بسبب اقتراف المنكرات التي تضعف الإيمان.
4 ضياع صلاة الفجر التي هي قرآن الفجر الذي يشهده ملائكة الليل والنهار حيث يسهر كثير من الشباب ثم ينام قبل الفجر ولايستيقظ عادة إلا للمدرسة او العمل بعد خروج وقتها.
5 فقدان وعدم استغلال نهار رمضان المبارك في قراءة القرآن والذكر، حيث يمضي الساهر نهاره في النوم ولايشعر بلذة الصيام ولايستفيد من فضله في الغالب, ويذكر السعيد حالات معاكسة إيجابية عندما يحرص المسلم على النوم مبكراً مما ينتج عنه آثار وتبعات إيجابية وصحية منها:
1 امتثال سنة النبي صلى الله عليه وسلم حيث كان يكره النوم قبل صلاة العشاء والحديث بعدها.
2 منح الجسم الراحة الكافية التي لا تعوض بنوم النهار وفي ذلك إعانة عظيمة على الصيام والذكر وتلاوة القرآن الكريم.
3 أداء الصلوات المكتوبة في المساجد مع جماعة المسلمين والظفر بذلك.
علماء وقادة وفتوحات
ويعود مدير إدارة القضايا بالرئاسة الشيخ سليمان التويجري فيؤكد على ان من السلف الصالح رجالاً عرفوا قيمة هذا الشهر فأحيوا ليله بالقيام وكثرة التهجد وقراءة القرآن فتجد مساجدهم وبيوتهم مضاءة وكأنها خلية بما تسمع من قراءة وبكاء ومناجاة لربهم فأفراد البيت كلهم قد تهيؤوا للعمل الصالح وعلى ذلك خرج منهم العلماء والقادة والأمراء الذي هم أعزة على المؤمنين أذلة على الكافرين اولئك رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فكان ليلهم عبادة ونهارهم جهادا واموالهم مبذولة في سبيل الله، وان ذلك دلالة على بركة هذا الشهر فكم من نفوس تهذبت وكم امراض للقلوب انجلت وكم ذلة زالت وكم فقراً انقشع وكم غمة وهم زال إنه بصدق اللجوء الى الله والإخبات له تنزل رحمة الله في هذا الشهر الكريم.
ويضيف الشيخ التويجري قائلاً: على ذلك ندرك ونعي قيمة هذا الشهر الكريم وما فيه من الفضائل والخيرات التي يمن الله بها على عباده وهل ندرك ما أدركه صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلفنا الصالح السائرين على منهج الحبيب صلى الله عليه وسلم في التشمير وشد المئزر والمسارعة في استغلال الاوقات واغتنام الفرص، إنها والله فرصة عظيمة وغنيمة كبرى لمن ادرك هذا الشهر وهو في كامل عافيته.
ويقول الشيخ سليمان التويجري: ان السلف الصالح رضي الله عنهم من ادراكهم لقيمة هذا الشهر وما فيه من الفضائل يستعدون لهذا الشهر فتجدهم من قبل رمضان بستة أشهر يدعون الله ان يبلّغهم رمضان، واذا صاموا وقاموا وانتهى رمضان دعوا الله الستة الاشهر الاخرى ان يتقبل منهم.
إن لبدنك عليك حقا
ومن زاوية اخرى يؤكد الدكتور حرب الهرفي على اهمية اعطاء البدن او الجسم قسطاً من الراحة فيقول: ان لبدنك عليك حقاً ومن هذا المنطلق هو الراحة والنوم المناسب ومشيراً الى ان مدة النوم المريحة تختلف بحسب عمر الإنسان فالطفل الصغير يحتاج 10 18 ساعة نوم والشاب اليافع في سن المراهقة يحتاج الى 8 10 ساعات واما الكهل فيحتاج مابين 68 ساعات واما من في مرحلة الشيخوخة فلا يحتاج كثيراً علماً بأن الوقت المناسب للنوم هو بعد صلاة العشاء بساعة إلا إذا كان الإنسان مرتبطاً بعمل يضطره الى السهر.
ويشير الدكتور حرب الى اهمية الصحو المبكر وعدم النوم بعد صلاة الفجر قدر الإمكان، لان وظائف الجسم تكون في قمة نشاطها في ساعات الصباح الباكر، وفي هذه الساعات يكون الجسم والفكر اقدر ما يمكن على التركيز والإنتاجية، وهذا يؤدي الى التفوق والنجاح بالإضافة الى الصحة، وقد قال احد الحكماء: قم مبكراً واصح مبكراً، تكن صحيحاً وثرياً وناجحاً, ويسترسل الدكتور حديثه قائلاً: في الغالب ان السهر الزائد مرتبط بالقلق والمرض إلا ان هناك سهرا ذا فائدة وصحة للعقل والجسم او فائدة من جانب تحقيق نجاح وانجاز للشخص الذي يسهر لهدف سام وباهر او نجاح علمي معين وهو السهر في طلب العلم او لمصلحة عامة تفيد الناس، فقد قيل: من طلب العلا سهر الليالي، وهذا بعكس السهر العبثي الذي لاينتج عنه ثمار بل هو مضيعة للوقت وإرهاق للصحة ويؤدي بالتالي الى ضعف مقاومة الجسم.
واقع ومعاناة
ويشارك في الموضوع احد الشباب الذي عايش قضية السهر ويعبر عن واقع كثير من الشباب ولامس آثار السهر وأضفى على الموضوع صبغة تملؤها بعض الحقائق والمشاعر فيقول فهد السعود: ان اسباب انتشار السهر عند بعض الشباب هو اعتياد ذلك بشكل تقليدي ومسايرة الآخرين والتأثر ببعض الشباب من اصدقاء واصحاب والميل للجلوس معهم والاستئناس معهم باللعب وتبادل الأحاديث، اضافة الى عدم وجود الوظيفة لبعض الشباب وتفرغه صباحاً اي بمعنى البطالة التي يشتكي منها بعض الشباب، بالإضافة ايضاً الى اصابة البعض بالأرق ويشير الاخ فهد الى ان اغلب الشباب يمارس اللعب في الاستراحات والملاعب كلعب البلوت او التسكع في الشوارع او الذهاب الى المقاهي ومن ثم اضاعة الوقت فيما لافائدة منه والعبث والغفلة بمشاهدة ومتابعة القنوات الفضائية وتصفح برامج الإنترنت التي لا تخلو من المشاهد والصور الإباحية وجميع تلك الممارسات والاهتمامات تنعكس على أداء وانتاجية الشباب في دراسته وعمله الوظيفي فيبدو عليه الكسل والخمول والتثاقل في عمله والميل الى النوم والركون وعدم القيام بقدرة على اعماله الوظيفية والمدرسية.

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved