أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 13th December,2000العدد:10303الطبعةالاولـيالاربعاء 17 ,رمضان 1421

عزيزتـي الجزيرة

دبلوماسية الأطفال,, عند بعض المديرين!!
يبدو أنه أصبح متعارفا عليه، الارتباط الوثيق بين الادارة والدبلوماسية كمصطلح عصري لدرجة أن الذي لا تكون صفة من صفاته لأي سبب كان,, محكوم عليه بالفشل أو بعدم تمام النجاح؛ لعدم اكمال الصفات الادارية فيه، بنقص أهمها.
وهذا كلام منطفي لا غبار عليه، إذ كان المقصود بها ما نمتلك منه إرثا عربيا، إسلاميا، عظيما؛ فهل قوله تعالى :(ولو كنت فظَّاً غليظ القلب,,) أو الرمز لشعرة معاوية أيضا إلا دليل على ذلك؟
وهل تباهي أصحاب هذا الإرث بعضهم على بعض بالحنكة والدهاء، إلا تجسيد لذلك ومعرفة بقدرها في الزعامة والقيادة وادارة الأمور.
وإلا,, فما الدبلوماسية، إن لم يكن الخبر المروي عن معاوية الخليفة وعمرو بن العاص القائد رضي الله عنهما,, أحد شواهدها؟! انظر الى معاوية إذ قال لعمرو بن العاص يسأله: ما بلغ بك عقلك؟ فقال عمرو: ما وقعت في أمر إلا احتلت للخروج منه ، فقال معاوية:أما أنا فلا أقع في أمر لا أعرف الخروج منه .
أوَليس مطلوبا إن لم يكن واجبا الزاميا ممن يواجهه شتى الطبائع ومختلف الأهواء متجسدة فيمن يواجههم,, أن يكون على قدر من الذكاء وحسن التصرف؟!
وهل يخرج المدير عن ذلك؟!
إنه بتلك الدبلوماسية يستطيع السير بمن يرأسهم، محتويا لاختلافهم وموفرا الجو المناسب لهم؛ حتى يعرف كل احد منهم ما له وما عليه، ويؤدي عمله، لينتج، إن كان مؤهلا للانتاج، بنجاح وبالتالي يقدم ذلك المدير شاهدا ماثلا للأعين على نجاحه، وإذا لم يستطع أن يجعل كل مرؤوس من مرؤوسيه ينتج وينسجم مع المجموعة التي تعمل معه، فما عمله إذن؟!
أمر طبيعي أن يعمل المدير وكل من يتولى أمور غيره ، تحت شعار:الادارة هي القدرة على تصريف الأمور، والتأثير في الناس ونجاحه في ذلك لا بد أن يسبق بنجاح من يدير أمورهم ويؤثر فيهم!
أوَيمكن أن يصل الى ذلك الهدف من لم يجعله هما يخلص في العمل بغية الوصول إليه، مسخرا لذلك الهدف السامي جميع مواهبه والإمكانات المتاحة؟!
وعلى هذا فالذكاء، أو الدهاء، أو القدرة على تصريف الأمور وقيادة الناس، أو الدبلوماسية؛ لا يمكن أن تصل بمن يملكها زعيما كان، أو قائدا، أو مديرا، أو معلما، أو غير ذلك في حدوده,, الى غايته التي يجب أن يسعى كل مسؤول عن غيره للوصول اليها، ولم يكن صادقا في الحسم ومخلصا في العمل إذن, فالدبلوماسية كمرادفة للصفات التي سبقتها كما ذكرت لا تكفي وحدها كمؤهل يتمكن به من يقوم بذلك العمل، من النجاح!, أما لماذا؟,.
فلأنه ليس شرطا في المدير أو,, إلخ، أن يكون الأذكى؛ فلو فرضنا أنه استخدم حنكة دبلوماسيته المجردة أفلا يمكن أن يوجد فيمن يرأسهم شخص يبادله تلك الطريقة؟!, وبالتالي فالقصة لا بد أن تبدأ بالتزعزع من تحت قدميه، ثم يتسع خرق الثقة شيئا فشيئا حتى لا يستطيع تسيير أمور المرؤوسين والتأثير فيهم بتلك الطريقة؛ فالأمر قد انكشف، والخرق قد اتسع، والكل يستطيع الغناء على ليلاه؛ فلم يعد هناك هم واحد أو هدف منشود يعمل الجميع بغية الوصول إليه إنه بدلوماسيته المجردة تلك، لو استطاع أن يسيِّر أمرا أو أمرين فترة,,، فلن يستطيع الاستمرار بذلك حتى تنسلخ الأنانية وسوء الظن والحسد,, عنها، فلا يبقى من دبلوماسيته إلا ألماستها وهو الذكاء الذي ضمن له الاسلام الطريقة المثلى للنجاح فهل تأكيد الدين الإسلامي العظيم الصالح لكل الأجيال في جميع الأمكنة,, على من يتولى أمر غيره، من خليفة المسلمين,, إلى الخادم في المنزل، إلا بناء على ذلك؟!
انظر، مثلا، الى قوله صلى الله عليه وسلم:كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته .
أفيمكن أن يوجد راع ممكن أن يُسمى راعيا لا يحمل هم من يرعاهم، ويخلص في العمل لأجلهم؟
أعلم أن الجميع موقن بذلك أشد الايقان، وربما قرؤوا ما هو أفضل من كليماتي تلك: ولكن ما دعاني إلى الكتابة عن ذلك!.
نفر من المديرين الذين ربما شاهد القارىء أو سمع روايات أكثر من طرائفهم,, أولئك الذين ما زالوا مستمرين على ما هم عليه من الاعتماد على الدهاء أو المكر أو الدبلوماسية فقط، بل ما زالوا حالمين في غيهم هذا، مفتخرين به؛ ولكنهم نسوا:أن من غشنا مهما كان ألمعيا لوذعيا ليس منا بعد أن انكشف لنا وهو يحاول اخفاء خيانته بغشه لنا، واظهار عكس ذلك، وهو بهذا يجسد التعريف المنطبق على المنافق!
وأمور الناس كمسلمين بخاصة ، لا تسير على هذا المبدأ الذي لا يؤدي إليه مثل الكذب! ولعمرو الله، إنهم,, إن استطاعوا بذلك تسيير بعض الناس، فلن يستطيعوا تسيير جميع الناس؛ فالحبل مهما امتد، قصير، ولا أقصر من حبل الكذب الذي مهما استطاع الكاذب بما أوتي من مواهب، مدَّه بافتعال الانسجامية الصادقة,, فإنه سيقصر ولن يستطيع قلب الحقيقة! وبالتالي فلن يكون هذا الكاذب المكشوف إلا متذاكيا ؟؟, ومصدر سخرية واستهزاء ممن يسمعونه ويأتمرون بأمره!.
والذي يزيد الأمر سوءا ليس استمراره في ذلك فحسب، بل في ايهامه نفسه أنه على مبدأ قويم وتصديقه نفسه بذلك، ثم تظاهره بأنه استطاع أن يمرر ذلك على من حوله افتخارا بذلك!.
ولعل هذا ما قد يستفز كل شخص سوي، فلا أثقل من الاحساس بأنك تستغفل وأنت تعلم ثم لا يأبه بك وبعلمك؛ لذلك أطلق بعضهم صفة الدكتاتورية على مثل هذا الكاذب الذي احتقر نفسه وهو لا يعلم وغيره، ابتداء من ايهامه لنفسه بالصدق وتصديقه ذلك، ومرورا باحساسه أنه استغفل الناس، وانتهاء بما أدى له هذان الأمران من عدم اكتراث بمن لا يطوف عليه مثل ذلك واحتقار لمن لا يرضى بذلك.
فهل يمكن لزارع الدكتاتورية أن يستمر؟! وإذا استمر أفيمكن أن يحصد ثمرة نجاح العمل؟!! قطعا، لا,, ما دامت الدكتاتوية لا تناسب المرؤوسين والرؤساء وكيف تناسبهم والكبر دعامتها وأسّها تلك الصفة التي تفرد بها الله ومقت من يتصف بها، وقال عنها الرسول صلى الله عليه وسلم كم ذي أُبهة قد جعلته حقيراً وقال عنها الأحنف:ما تكبّر أحد إلا من ذِلة يجدها في نفسه وقال بعضهم:الكبر والعجب فضل حمق لم يعلم صاحبه أين يذهب به فذهب به في ذلك أفننتظر فلاحا ونجاحا ممن مقته الله ورسوله والناس؟!.
فما بالكم إذا كان الدبلوماسي الكاذب لا يستطيع أن يكون دكتاتورا ؛ بنقص في المؤهلات؟!
ألا يذكركم بكذب الأطفال النابهين الذين قد يجبرهم خوفهم منا على اخفاء الحقيقة بالكذب؟!
وبالمناسبة فالطفولة كمعنى قد تجاوز مرحلة الصبا والشباب وتستمر ملازمة للمرء حتى في كبره، وأمر طبيعي انعكاس ذلك على عقله!!.
ناهيك عن أن الطفل، مهما كان فطنا نبيها، تظهر عليه الدبلوماسية في تعامله مع أقرانه,.
لا يمكن الوثوق به، وبأي حال من الأحوال، كرئيس أو مسؤول عن غيره!.
وغني عن الذكر الاختلاف الشاسع بين عمر الانسان وعمر عقله! والبروز بشكل واضح للبراءة التي تجعلنا نتجاوز عن عبث وشطنة كثير من الأطفال، بل وربما تجعلهم يجدون قبولا عندنا مهما ازدادوا شيطنة قد تكون مبعثا لغضب عليهم، ولعل السبب في ذلك هو اكبارنا لتلك الصفة صفة الذكاء التي يتمتع بها هؤلاء الأطفال الذين منّ الله بهم علينا، وانتظارنا مواكبة أعمار عقولهم الذكية لأعمارهم السنِّية.
وبهذا نكون محقين في اكبارنا لهم، وصادقين في انتظارنا ما نرجوه منهم، وهو الصدق في حمل الهم، والاخلاص في العمل الذين يصدق معهما ظن كل من يرجو حصاد ثمرة النجاح الصادق,لعن الله الكذب، وأهله؛ فأجدر به من تربة خصبة لكل فجور! وأجدر بهم لسقياها!!
وصدق سيدنا المصطفى صلى الله عليه وسلم حين قال:إياكم والكذب، فإن الكذب يهدي الى الفجور، والفجور يهدي إلى النار .
فواصل,, لا تفصل التواصل
قيل,,إنما يُعرف الخطأ بسوء عاقبته، فلست تتقيه حتى تعرفه، ولا تعرفه حتى تُخطىء؛ فلذلك كان بين الانسان وبين الصواب، خطأ كثير .
وقال الشاعر:


لا يكذب المرء إلا من مهانته
أو فعله السوء أو من قلة الأدب
لبعض جيفة كلب خير رائحة
من كذبة المرء في جد وفي لعب

وقال يحيى بن خالد: رأينا لصا صاحب فواحش رجع، ولم نر كذّابا صار صادقا ,وقيل لخلف الأحمر:أكان ابن معد يكرب يكذب؟ فقال: كان يكذب في المقال،ويصدق في الفعال! .
فاللهم،,,صدق الفعال إن زللنا في المقال، لا دبلوماسية الأطفال!! أنت الهادي إلى سواء السبيل وصلاح الأحوال.
مشهور الصامت
الحدود الشمالية رفحاء

أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved