أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 24th December,2000العدد:10314الطبعةالاولـيالأحد 28 ,رمضان 1421

مقـالات

هل العالم قرية صغيرة؟
الدكتور/ سليمان الرحيلي
بدأنا نقرأ هذا العبارة وتطرق مسامعنا كل يوم ويرددها من يدرك حقيقتها ومضامينها ومن لا يدرك وبعضهم يقف عند تصوره نحو العالم عند ثورة الاتصالات وعصر الحاسبات والمعلومات ومن ثم أصبح العالم بكل بساطة أطلس تحمله وتصنفه وتقوده هذه الثورة وغاب عن هؤلاء ان العالم هذا مر بعدة ثورات، فسقوط بعض امبراطورياته القديمة وقيام اخرى يعد ثورة وظهور النبوات يعد ثورة في عهود معاصريها، كذلك فان اكتشاف الكتابة يعد ثورة ومثل ذلك يقال عن البارود والطباعة والبخار والوقود، كلها ثورات اثرت في عصورها وغيّرت من عواملها ولكن كل تلك الثورات المهيبة في التاريخ لم تحول العالم الى قرية أو حتى قارة واحدة وكان نصيب آسيا وأوروبا كبيرا من تلك الثورات والفتوح العلمية وقادتا العلم وحاولتا السيطرة عليه ابتداءً من محاولة قيادة احداهما للأخرى وتبادل الأدوار في السيادة والغلبة السلمية والحربية ومع ذلك شهدت كل منهما من الخلاف والصراع والحروب الشيء الكثير وشهدت أوروبا وحدها خلال النصف الاول من القرن الماضي فقط حربين مدمرتين.
ان هذا المفهوم ينبغي فهمه والنظر إليه في ضوء نشأته والمغزى منه ومعرفة من هو صاحب المدينة والمدنية الذي يرى في العوالم الاخرى من أقصاها الى أدناها حضارة وثقافة، تاريخا وجغرافيا، قرية صغيرة يمكن السيطرة عليها او جعلها تدور في فلكه على الأقل مرة يجعل ثرواتها مددا له ومرة يجعل أسواقها سوقا استهلاكية للسلعة واخرى يجعلها هدفا ومرتعا لصواريخه بعيدة المدى في سبيل اخضاع ابعد القرى في عالمه الوحيد الذي يسعى الى تحقيقه.
وفي زمن الضعف يستطيع القوي اخضاع عدد من عوالم القرى وتحويلها الى مرحلة الانبهار والاستجابة وهي فرصته التي لا تتكرر في عصر فيه كل شيء يتغير ويتبدل ما بين بقاء وزوال او استمرار وتقديم لا سيما ان الجانب الآخر تعرض لأبشع محاولات الاخضاع والاستعمار وكلفت تلك المحاولات الجانبين الكثير بشريا وماديا كما هو معلوم وخرج منها الضعيف بالنصر والاستقلال وخرج منها القوي بالثروات وتغيير الخطط والاستراتيجيات في العلاقات معه وما لا يحقق بالحرب يحقق بالسلم طالما ان طرفي المعادلة غير متكافئين ماديا على الاقل.
ويبدو أنه في زمن الضعف يمكن للقوي ان يحول خصمه الى مستهلك حتى الى مصطلحاته، فالقرية الواحدة هي احد جوانب فكرة العولمة وشعاراتها البارزة واذا عرفنا ان العولمة غدت مفهوما مكشوفا في الدعوة الى مرحلة جديدة في العلاقات بين الولايات المتحدة والعالم لا تختلف في حقيقتها عن مراحل العلاقات السابقة بين الغرب والشرق القائمة على السيطرة والاستعمار ومشتقاتها ووسائلها وأدواتها، أدركنا مدى تحقيق المصطلحات الجديدة لذات الأهداف والغايات وما تجره من ويلات واحتواء للآخرين وذوبان لكل مظهر من مظاهر الاستقلالية لديهم خصوصاً في مجال الحضارة والثقافة والاقتصاد لكن تبقى لكل عصر وسائله في تحقيق اهداف الأقوياء في الضعفاء.
وفي عصر تحرر فيه الأخيرون وحققوا الحد الأدنى من مقومات وجودهم الحضارية والثقافية من ناحية وارتفعت الانسانية خارج محيط الأقوياء التقليديين من ناحية اخرى غدا فيه ايجاد وسائل تتسم بالمدنية والهدوء وامتطاء الفتوح العلمية التي تحققت وتتحقق الآن والسير في بريقها غدا ضرورة ملحة.
أما الآخرون فينبغي ان يعوا حقيقة واحدة، أن ثورة الاتصالات والمعلومات في مظاهرها ومجالاتها تعني جانبا واحدا وربما الوحيد وليس على إطلاقه أيضا الذي يمثل مفهوم القرية الواحدة لكن تحقيق مفهوم القرية الواحدة اكبر من ذلك بكثير، فهذا العالم يتألف من حقيقة واحدة أبدية هي أنه شعوب متعددة وحضارات مختلفة وثقافات متعددة وستبقى موجودة طالما بقي هذا الكون بل تمثل الشرعية الثقافية لأي مدنية او قرية واحدة في أي مجال من مجالات الحياة فيه وأهم من ذلك هو توظيفها وتفعيل معطياتها على الصعيد الداخلي والخارجي، لأن التحدي الحضاري هو الجمود وعدم القدرة على مواجهة الآخر بمعطيات الفتوح العلمية وثورة المعلومات احد مجالاتها المهمة.
***
البلديات والتعاميم المطلوبة
نظراً لاتساع بلادنا وكبر مساحتها وتباعد محافظاتها فإن الجهة الإدارية الواحدة يكون لها عدد من الفروع والإدارات بتعدد تلك المحافظات والمراكز التابعة لها أحيانا أو هكذا ينبغي ان يكون ولنا ان نتصور عدد هذه الفروع مضروبا في عدد الجهات والمصالح الحكومية لنتصور حجم تلك المصالح وعددها وتباينها وإمكاناتها وقواها البشرية والمادية ومستوى أدائها في كل منطقة أو محافظة أو مركز في دولة تعد قارة، ولنأخذ مثالا البلديات نموذجا واضحا لذلك التعدد نظرا لوضوحه وصلتها بحياة الناس وخدمة مناحي حياتهم المهمة كالنظافة والتخطيط والبناء والرخص والمراقبة الصحية وغير ذلك, ثم لنا ان نتصور مدى حاجة الناس في هذا المجتمع الواسع بشكل يومي إلى تلك الخدمات، ثم لنا بعد ذلك ان نتصور أيضا مدى نجاحها من عدمه فيها ويكاد يكون يوميا أو شهريا أو سنويا.
وهو ما يحتم ان يكون هذا الجهاز بمراكزه وفروعه المختلفة في منتهى الدعم وتوفير الإمكانات نوعية وكمية ورأسية وأفقية منتشرة لا تعرف الحد، فهو واحد من أهم الأجهزة التي تعكس حرص الدولة وخدماتها في الواقع المعاش والملموس كل يوم وبقدر ما تقدمه في أقرب موقع أكبر أمانة أو أبعد فرع أو أصغر مركز يكون ذلك الهدف قد تحقق وأدرك الناس هنا وهناك أثره وتفيأوا ظلاله وفوائده في مجالات تلك البلديات حيث يستوي الناس والمناطق في الحاجة لتلك الخدمات بنفس المستوى الأمثل في تحقيقها وتفعيله في حياتهم اليومية, ولما كان التفاوت في إمكانات الأمانات والبلديات في المناطق والمحافظات وبرامجها وآلياتها ومشاريعها بل وفي تنظيمها الإداري وحملاتها أمرا واردا ومشاهدا فإنه من الأهمية بمكان ان يكون في الجهاز المركزي للبلديات وما في حكمه جهاز تطويري ورقابي فاعل يتعهد بتطوير البلديات غير القادرة على تطوير نفسها وبمدها بجهود وبرامج البلديات الأخرى الناجحة، فأعمال ووظائف البلديات متشابهة تنظيميا وميدانيا، فمثلا أمانة الرياض قامت بتوزيع حاويات في الأحياء خاصة بجمع الأوراق والقرطاسيات حتى لا توضع في حاويات وبراميل المخلفات الأخرى وهو اجراء سليم وخطوة ناجحة وتعميم هذه الفكرة خطوة أخرى في رفع الوعي الحضاري يمكن ان يقوم بها المركز المشار إليه، أيضا في بعض الأمانات والبلديات تستغرق رخصة البناء العادية قرابة ثلاثة أشهر وفي بعضها شهر أو أقل فلماذا هذا التفاوت والجميع يقع تحت مظلة جهاز واحد ويفترض ان تحكمه لوائح وتعليمات واجراءات واحدة, والأمانات والبلديات تتفاوت مواقفها من الارتداد والارتفاعات والملاحق العلوية ونوافذها ونحو ذلك بل يصل التفاوت أحيانا في نطاق عمل الأمانة أو البلدية الواحدة فما هو تفسير هذا، ومن هنا يأتي دور الجهاز الرقابي في إلزام الجميع بالأنظمة واللوائح البلدية والعمرانية والتخطيطية والصحية في الأمانات الكبيرة أو البلديات الصغيرة من أقرب بلدية للجهة المركزية وهي الوزارة حتى أبعد بلدية أو مندوبية تابعة لها.
إن تنمية متفاوتة وان جهودا تهدر واموالا تنفق وأوقاتا تضيع وأناسا يعانون ومخالفات تحدث وقصورا مشهودا هنا وهناك نتيجة للتفاوت بين جهود أجهزة البلديات في المناطق والمحافظات المختلفة في وقت أصبحت المتابعة والإشراف وتوحيد الجهود وتطويرها بين الجهات المتباعدة والمتعددة في غاية السهولة أمام توفر العنصر البشري الباحث عن الوظيفة وأمام وسائل الاتصالات والتقنية الحديثة في هذا القطاع بل بينه وبين القطاعات الخدمية الأخرى.

أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved