أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 24th December,2000العدد:10314الطبعةالاولـيالأحد 28 ,رمضان 1421

رمضانيات

العمل الصالح مطلوب في كل زمان ومكان
روحانية رمضان لماذا لا تستمر طوال شهور السنة؟!
تحقيق: سعيد آل عيد
رمضان شهر أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار شهر فيه تزكى النفوس بالعمل الصالح وشغف حب الخير والتسابق على البذل من زكاة وصدقة وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر في هذا الشهر وطيلة أيامه تقوى الروابط الأخوية بين أفراد المجتمع بما يعمق في نفوس غير المسلمين حب الإسلام والرغبة لدخوله وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من مولود يولد الا على الفطرة,,) وحيث ان رمضان به تسمو النفوس لمكارم الأخلاق فكان لنا هذا التحقيق حول أهمية المداومة على العمل الصالح حتى في غير رمضان فكم من شخص لقي رمضان العام الماضي ولم يلقه هذا العام.
الناس ورمضان
بداية الحديث يتعجب (الشيخ/ متعب بن عبدالله المتعب رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمحافظة السليل) من حال الناس في رمضان فيقول: ولله الحمد في هذا الشهر ينصرف الناس الى عبادة الله والتقرب إليه بشتى القربات من صلاة وصدقة وقراءة قرآن وصلة الأرحام والسعي لإفطار الصائمين فالنفس من طبيعتها مجبولة على حب الطاعة هناك مؤثرات تبعد النفس عن ذلك الإقبال والواجب على المسلم أن تكون حياته عبادة لله قال تعالى: (واعبد ربك حتى يأتيك اليقين) فرب رمضان هو رب سائر الشهور والأحسن للمسلم بالمداومة على العمل الصالح وعدم تركه فعن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ياعبدالله لاتكن مثل فلان كان يقوم الليل فترك قيام الليل).
لنجعل العام كله رمضان
ويصور (الشيخ/ عبدالله الدوسري إمام مسجد) حال الناس في رمضان فيقول: لعل من أروع الصور التي تعكس قوة الشخصية المسلمة ما نشاهده في رمضان حيث ينخرط الإنسان منذ أول أيام الشهر في عبادة الله والسعي لترويض النفس على فعل الخير من حيث الإنفاق ومساعدة الآخرين بل مايزيد روعة جمال الصورة هي قوة التكافل الاجتماعي من حيث تفطير الصائمين والسعي لقضاء حوائج المحتاجين وكل ذلك ابتغاء لمرضاة الله (كل عمل ابن آدم له الا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به) وبما أن النفس سلكت هذا الطريق على الإنسان أن يقوي عزائمه فعلى هذا الطريق قال الله تعالى: (وماخلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) فالصلاة وصلة الأرحام والعطف على المساكين والصيام وفعل الخير ليست لشهر عن غيره بل هي على مدار الحياة وعلى المسلم ان يتزود ليوم الرحيل ومن المعلوم أن الزاد قليل والسفر طويل.
آثار المداومة
وقد أورد مجموعة من طلبة العلم في كتاب المختار للحديث في شهر رمضان بعض آثار المداومة على الأعمال الصالحة وهي:
دوام اتصال القلب بخالقه مما يعطيه قوة وثباتاً وتعلقاً بالله عز وجل وتوكلاً عليه ومن ثم يكفيه الله همه قال تعالى: (ومن يتوكل على الله فهو حسبه).
تعهد النفس عن الغفلة وترويضها على لزوم الخيرات حتى تسهل عليها ومن ثم تصبح ديدناً لها لاتكاد تنفك عنها رغبة فيها وكما قيل: (نفسك ان لم تشغلها بالطاعة شغلتك بالمعصية).
انها سبب لمحبة الله تعالى للعبد وولاية العبد لله قال تعالى: (إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين) قال الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله عن هذه الآي: إن الله يحب التوابين من ذنوبهم على الدوام ويحب المتطهرين أي المتنزهين عن الآثام, وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله قال: من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا احببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته).
المداومة على الأعمال الصالحة سبب للنجاة من الشدائد فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (يا غلام ألا أعلمك كلمات ينفعك الله بهن؟) فقلت: بلى، فقال: (احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده أمامك، تعرف إليه في الرخاء يعرفك في الشدة).
ومنها أن المداومة على الأعمال الصالحة تنهى صاحبها عن الفواحش، قال تعالى: (اتل ما أوحي إليك من الكتاب وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر).
ومنها أيضاً أنها سبب لمحو الخطايا والذنوب فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أرأيتم لو أن نهراً بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات هل يبقى من درنه شيء؟ قالوا: لا، قال: فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا).
كما أن المداومة على الأعمال الصالحة سبب لحسن الختام ووجه ذلك أن المؤمن يصبر على أداء الطاعات كما يصبر عن المعاصي والسيئات محتسباً الأجر على الله عز وجل فيقوى قلبه على هذا وتشتد عزيمته على فعل الخيرات فلا يزال يجاهد نفسه فيها وفي الانكفاف عن السيئات فيوفقه الله عز وجل لحسن الخاتمة قال تعالى: (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين) وقال تعالى: (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله مايشاء).
ومنها ان المداومة على الأعمال الصالحة سبب للتيسير في الحساب وتجاوز الله تعالى عن العبد: فعن ربعي بن حراش قال اجتمع حذيفة وأبو مسعود فقال حذيفة: (رجل لقي ربه فقال ما عملت؟ قال: ماعملت من الخير إلا أني كنت رجلاً ذا مال فكنت أطالب به الناس فكنت أقبل الميسور وأتجاوز عن المعسور فقال: (تجاوزوا عن عبدي) قال أبو مسعود هكذا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول, فكانت مداومته على التجاوز سبباً لتجاوز الله عنه.
منها ان المداومة على العمل الصالح سبب في أن يستظل الإنسان في ظل عرش الله عز وجل يوم لا ظل إلا ظله أخرج البخاري بسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: الإمام العادل وشاب نشأ في عبادة ربه ورجل قلبه معلق في المساجد ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه ورجل طلبته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله ورجل تصدق أخفى حتى لاتعلم شماله ماتنفق يمينه ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه) ووجه ذلك ان عدل الإمام ونشوء الشاب في عبادة ربه وتعلق القلب في المساجد وتحابب الرجلين في الله لابد فيه من الاستمرار عليه حتى يحصل به هذا الفضل العظيم.
كذلك ان المداومة على العمل الصالح سبب لطهارة القلب من النفاق ونجاة صاحبه من النار فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من صلى لله أربعين يوماً في جماعة يدرك التكبيرة الأولى كتبت له براءتان براءة من النار وبراءة من النفاق).
ومنها أن المداومة على الأعمال الصالحة سبب لدخول الجنة فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أنفق زوجين من شيء من الأشياء في سبيل الله دعي من أبواب الجنة وللجنة أبواب فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان فقال أبوبكر: (ماعلى من دعي من تلك الأبواب من ضرورة فهل يدعى أحد من تلك الأبواب كلها؟) قال: (نعم وأرجو أن تكون منهم).
الأسباب المعينة
ويذكر مؤلفو ذلك الكتاب الأسباب المعينة على المداومة على الأعمال الصالحة حيث يرون أن تلك المداومة هي من صفات عباد الله المؤمنين (الذين هم على صلاتهم دائمون)، و(الذين هم على صلاتهم يحافظون), ويذكرون الأسباب بقولهم:
العزيمة الصادقة على لزوم العمل والمداومة عليه أياً كانت الظروف والأحوال وهذا يستلزم نبذ العجز والكسل.
القصد في الأعمال وعدم الإثقال والتشديد على النفس فإنه ادعى للمداومة وأضمن لها إذ ان النفس البشرية تركن إلى الراحة والدعة فمتى باغتها الإنسان بأعمال تثقلها ملت وانقطعت ولذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل)، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه فسددوا وقاربوا وابشروا واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة).

أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved