أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 24th December,2000العدد:10314الطبعةالاولـيالأحد 28 ,رمضان 1421

عزيزتـي الجزيرة

تعقيباً على تكريم الرواد بالرس
هكذا كان ذاك المربي الفاضل
المكرم المشرف على تحرير عزيزتي الجزيرة المحترم.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
اطلعت على مقال بعنوان تكريم الرواد بالرس مسؤولية الجميع بقلم الأستاذ خالد بن محمد الخليفة، في صفحة عزيزتي الجزيرة العدد 10307 الاحد 21/9/1421ه بداية اشكر للأستاذ خالد بن محمد الخليفة هذا الشعور الطيب تجاه المربي الفاضل الأستاذ علي بن صالح الضلعان رحمه الله واسكنه فسيح جناته والذي توفي في هذا الشهر الكريم وقد ذكر الأستاذ خالد كثيرا من مناقبه وصفاته التي كان يتحلى بها طيلة عمله مديرا لأول مدرسة تفتح في محافظة الرس المدرسة السعودية حيث تولى ادارتها لعدة سنوات فكان مثالا للمدير الناجح والمربي الفاضل، وكنت يومئذ أحد طلابها وحصلت على الشهادة الابتدائية منها,.
والأستاذ علي الضلعان رحمه الله كان يتميز بقوة الشخصية وبالقدرة على الأداء وبشمولية التربية حيث ان أولياء الأمور من الآباء والأمهات كانوا يرجعون إليه في تربية أبنائهم ممن يحتاجون الى ذلك لتغير في سلوكهم فما أشبه مدير المدرسة آنذاك بمدير الشرطة حيث يتولى تربية وتأديب من يخطىء من خلال تصرف لا يليق به كطالب وكان يجب عليه طاعة والديه والبر بهما وكم شهدنا كطلاب مواقف من ذلك حيث يكون العقاب جماعيا ليكون أبلغ في التأثير في نفوس الناشئة وحقيقة كان لذلك الموقف المتكرر تأثيره العجيب في نفوسنا كطلاب جل اهتمامنا بالمدرسة وأدائها وتقدير منسوبيها جميعا واعتبارهم في منزلة أبائنا حيث كان الاحترام الطابع العام لكل الدارسين في كافة المستويات, فالمدير والوكيل والمدرس والفراش يحظون بمكانة مناسبة في نفوس الطلاب وأهاليهم لأن المدرسة آنذاك تشكل ثقلا في المجتمع فهي الوحيدة التي ينتقل اليها الطلاب مع اشراقة شمس كل يوم ثم يعودون ظهرا الى منازلهم وكلهم عزة وفخر وهم يحملون كتبهم وأقلامهم سلاحهم للنيل من المعارف والعلوم التي يجدونها في المدرسة,أعود للمربي الفاضل يرحمه الله الأستاذ علي بن صالح الضلعان حيث كانت المتابعة للطلاب وكانت متابعته من نوع خاص، فالطالب المتغيب لا يتصل به عن طريق الهاتف للسؤال عنه بل يذهب الفراش على وسيلة النقل السيكل الدراجة الهوائية ان وجد مع الفراش يذهب به الى منزل الطالب المتغيب ويسأل عنه بل يحضره,وأسوق قصة تدل على الاهتمام والمتابعة مع احترامي وتقديري للمتابعة التي تقوم بها المدارس في وقتنا الحاضر وفق التقنيات الحديثة حيث يتم الاتصال عن طريق الهاتف والرسالة وسوى ذلك.
القصة التي سأتحدث عنها تتمثل في ان شقيقي الصغير كان أحد طلاب المدرسة السعودية آنذاك في عهد المدير المربي الفاضل علي بن صالح الضلعان غفر الله له وتأخر عن الحضور في يوم من الأيام عن الدراسة فأرسل المدير علي الضلعان رحمه الله الفراش عبدالله المحمد الطريفي وهو حي يرزق ويتمتع بصحة جيدة أرسله للسؤال عن الطالب فهد بل احضاره معه فذهب الفراش الى منزلنا الواقع في حي شعبي بالمحافظة وكان يعرف بيوتهم واحدا تلو الآخر نظرا لقلة المساكن وصغر حجم المدينة آنذاك وصل الفراش عبدالله الطريفي، إلى منزلنا وطرق الباب فأجابته الوالدة غفر الله لها وقالت من؟ فقال: أنا عبدالله الطريفي وكانت تعرفه على رأي المثل الذي يقول عيال القرية كل يعرف أخاه قالت تريد فهد؟ قال: نعم, قالت: وقد فتحت الباب انه نائم ادخل خذه فدخل وكان نائما في فناء الدار حيث الجو صيفا فاستدعاه وقال ان المدير ارسلني لاحضارك الى المدرسة فاستجاب الطالب فهد وركب معه على الدراجة في الصندوق الخلفي وذهب به الى المدرسة.
هذه قصة واقعية تدل دلالة واضحة على الاهتمام والمتابعة وفق الأسلوب المناسب لكل زمان ومكان, وكان رحمه الله قوي الشخصية محبا للخير يحرص على اكتساب طلابه كل الصفات الحسنة والأخلاق العالية فقد جمعنا في يوم من الأيام لإنزال العقاب بطالب أغضب والدته حيث حضرت الوالدة الى المدرسة واشتكت له ابنها فكان تأديبه أمام الجميع قصدا منه رحمه الله لتكون التربية أشمل وليعطي كل احد منا درسا في احترام الوالدين وتقديرهما حيث تؤكد الشريعة الاسلامية على ذلك، هذا جانب من اهتماماته داخل محيط ادارته.
وكان له رحمه الله اهتمامات خارج نطاق ادارته حتى بعد تقاعده حيث انه ظل مرجعا في كثير من الأمور فيجد زائروه بغيتهم لديه لاسيما وهو رجل تعليم من الطراز الأول اذكر انه في يوم من الأيام زار المعهد العلمي في المحافظة برفقة سائقه الخاص وطلب مني ان أرافقه لمكان داخل المحافظة فاستجبت له وركبت معه بالسيارة فاذا به يوقفني امام احدى المصالح الحكومية التي وضعت لافتة ترحيب ولكن فيها خطأ نحوي أثاره لحرصه غفر الله له على اللغة العربية وقال بالحرف الواحد كيف تهان اللغة العربية في عقر دارها فهدأت من روعه ووعدته بأن اتصل بالزميل المسؤول عن المصلحة وان شاء الله سيتم اصلاح الخطأ وأجزم بأنه غير مقصود وإنما حصل سهوا من الخطاط الذي قد يجهل ذلك, ثم بعد وفاته التقيت بالمسؤول عن المصلحة تلك فحادثته عن الموضوع فقال -رحمه الله - اتصل بي ووضح لي وعرفني بالعبارة الصحيحة وفقا لقواعد اللغة العربية.
فهذا جانب من اهتمامه خارج ادارته بل بعد تقاعده حيث انه كان حريصا على العلم والمعرفة التي حمل مشعلهما لعدة سنوات مضت.
فتعقيبا على ما ذكره الأستاذ خالد الخليفة ذكرت هذه المواقف التي أعرفها بل عشتها وعايشتها مع الأستاذ الفاضل علي الضلعان رحمه الله ومهما كتب عنه فلن نوفيه حقه يكفيه انه من رواد التعليم الأوائل في محافظة الرس بل أحد رجالاتها المعتبرين حصافة في الرأي وحسن التصرف ومع ذلك فقد ضن عليه اخوانه في المحافظة بما يستحق من التكريم والاشادة ندعو الله ان يتغمده برحمته ويسكنه فسيح جناته ويقبل دعاء المحبين والعارفين له من أهالي المحافظة ومسؤوليها الذين حضروا الصلاة عليه وشيعوه الى مثواه الأخير وانني أحد تلاميذه الذين لن ينسوا توجيهاته وأسلوبه المتميز في التربية والتعليم بل اتخذ ذلك نبراسا استضيء به في مشوار عملي ومنه انطلق في معترك الحياة.
وفي الوقت الذي أشيد به بالأستاذ خالد الخليفة في سبقه بالكتابة عن المربي الفاضل علي بن صالح الضلعان وذكر بعضا من مناقبه وصفاته وما يتميز به منتسبا لوزارة المعارف ثم متقاعدا وفيا لوطنه أود أن أهمس في أذن الأستاذ خالد بأنه تعقيبا على مقاله الجميل بالحديث عني كأحد رواد العمل التطوعي في محافظة الرس قرابة عشرين عاما فأشكره على شعوره الطيب والنبيل والذي يدل على ما يتمتع به من اهتمامات بهذا الوطن وأبنائه الذين يبذلون جهدهم قدر استطاعتهم.
وأشير بأني لم أكن وحدي في ذلك العمل التطوعي الذي قصده إنما كنت ضمن مجموعة من الزملاء والاخوة الذين بذلوا جهودهم بل أعطوا أكثر مني في خدمة ذلك العمل التطوعي الذي تحدث عنه الأستاذ خالد بارك الله فيه فما عملناه وبذلناه من جهود متواضعة في خدمة ذلك العمل التطوعي انما جاء نتيجة لتشجيع ولاة الأمر في بلد الحرمين الشريفين فهم القدوة الحسنة في هذا المجال واعمالهم بحمد الله يعرفها الجميع داخل المملكة وخارجها اضافة الى حب أبناء الوطن الى عمل الخير وفعله قصدا لما عند الله من الأجر والمثوبة انطلاقا من قوله تعالى:( وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرا وأعظم أجرا واستغفروا الله إن الله غفور رحيم),فحب عمل الخير متأصل في أبناء هذا الوطن ومها بُذل من جهد في أي مجال من مجالات الخير المتنوعة انما هو جهد المقل ولن يرد الجميل لوطن الأمن والرخاء والعزة والكرامة المملكة العربية السعودية حفظها الله من كل مكروه ووفق ولاة أمرها لما يحبه ويرضاه وسدد الى الخير خطاهم.
محمد بن سكيت النويصر
مدير المعهد العلمي في محافظة الرس

أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved