أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 28th December,2000العدد:10318الطبعةالاولـيالخميس 2 ,شوال 1421

عزيزتـي الجزيرة

نفسية الطالب أمانة في أيدينا
لنفسح مجالاً للاختصاصيين في مدارسنا
عزيزتي الجزيرة، تحية اعزاز مفعمة بحب الجزيرة
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد أصبح من الضروري وجود الاخصائية النفسية في مدارسنا أو بالأحرى إمكانية وجودها في الوحدات الصحية التابعة للرئاسة العامة لتعليم البنات بات أمراً ملحا ويحتاج الى نظر وذلك لكثير من المشكلات التربوية التي تصدر من الطلاب والطالبات واسمحوا لي ان استخدم صيغة المذكر في الخطاب لان المضمون والمعني بالخطاب هو الطالب نفسه للجنسين, فلو فتشنا عن عمق المشكلة لوجدنا أنها تتلخص في الحالة النفسية والاجتماعية العامة والظروف المعقدة المحيطة ببيئة الطالب والذي قد لا يجد المكان الآمن الذي يذهب إليه او الذراع القوي الذي يستند عليه أو القلب الكبير والعقل الواعي الذي يستوعبه ويتفهم مشكلاته وسلوكياته المرحلية,
فإذا كان البيت مثلا لا يستوعب معاناة هذا الطالب الذاتية ونوازعه ورغباته الملحة، وما يمكن ان يمر به من فترة مراهقة حرجة تدفعه لتحقيق الذات وإبراز شخصيته وتحقيق أحلامه وطموحاته، ومحاولة اخراجها للآخر، يجابه بالرفض والتشدد اللا واعي والقمع والتأنيب والتعجيز فيشعر بالكبت والألم العميق من مجتمعه المحيط به، فالطالب بلا شعور شخصي قد يتمرد مثلا على اللاشعور الجمعي في المجتمع الوسطي في محيطه الذي ينتمي اليه محاولاً ان يحقق ذاته، ان يعبر عن وجوده وفق تصوره ومنظوره الخاص، كونه مهضوماً وغير مفهوم، ومحروماً من أشياء وحاجات كثيرة، وفي هذه المرحلة مرحلة الشباب والمراهقة يكون الطالب فردا مليئاً بالطاقة والحيوية والقوة والاندفاع العاطفي غير الممنطق، يعتمد كثيراً في حوائجه على الآخرين، ولعلهم الأقربون مثلاً وإذا انعدم وجود هذا الأهم وهذه الثقة لجأ الى التعبير عن وجوده الأقوى إما بالانطواء او التمرد والعناد على أنظمة معينة تقف عائقاً أمامه, رغم انها أنظمة تهذيبية تعويدية على احترام الذات من خلال احترام الآخر ولعل أول من يصطدم به الطالب في المجتمع هي المدرسة كونها الدار التي تعتبر مؤسسة تربوية تعليمية تهذيبية هامة في حياة الطالب والتي قامت أساساً من أجل النهوض والارتقاء بالمستوى التعليمي والفكري والديني والثقافي لأبناء وبنات الأمة الذين هم عماد الأمة والقاعدة الأساس لحضارة ورقي الأمة والمجتمع,
فالمدرسة هي المحيط الذي يكتسب منه الطالب كل الخبرات والمعارف والمهارات الأساسية للنمو العقلي والنفسي والوجداني، فإذا شعر الطالب في لحظة يأس بقصور اسري تجاهه استعان بالبديل اللاشعوري في جذب الانتباه, وإذا ما اصطدمت المدرسة مثلا بطالب متمرد فهي تحاول دائماً استيعابه وتفهم مشكلاته النفسية والاجتماعية وحلها وايجاد جو متوازن وصحي وحواري يجعل من الطالب يشعر بنوع من التعويض النفسي الذي يحاول ان يبديه,
أما العناد والتمرد فهما محصلة فسيولوجية لنوازع قصور كبتي نفسي يمر بها المراهق في محيطه الشخصي المباشر فينزع الى تفريغ شحنات من التمرد رافضة لكل الأوامر والنواهي والنظم التي يرى انها مكملة لسلسلة الكبت والقسوة الظاهرة في مفهومه الذاتي الخاص، وأفقه المحدود,
ولربما يكون واقعاً تحت تأثير ضغوطات أسرية واجتماعية سيئة لا يجد فيها او منها أماناً عاطفياً وشعورا انتمائياً فيلجأ الى هذا النوع من العناد والتمرد كرد فعل لا شعوري تنفيسي, فإذا تعرفنا على دوافع الطالب وحاجاته ورغباته الأساسية استطعنا ان نفسر سلوكه، وإذا استطعنا ان نفسر سلوكه استطعنا ان نتعرف على ما يجب حيال هذا السلوك وتوجيهه الوجهة الصحيحة والحسنة وبالتالي نستطيع ان نتغلب على كثير من المشكلات التي تواجه الطلاب سواء نفسية او اجتماعية او اسرية او تربوية ومن هذا الإطار يجب ان نتعامل مع الطالب المشكل ودراسة الحالة من كافة الجوانب, فلذلك ارى ان وجود الاخصائي النفسي والاخصائية النفسية المتخصص طبياً في مدارسنا بات أمرا ملحا في هذا الزمن الصعب الذي أصبحت فيه كل الأمور مختلطة وتشكل خطراً على مفاهيم بناتنا وابنائنا الطلبة بكل معطياته الحضارية والذي أصبح من الضروري تحصين بناتنا وأبنائنا ضد كل ماهو مخالف لديننا وعقيدتنا واخلاقنا ومعتقداتنا,
هنا يكمن دور المدرسة التربوي في تعميق الانتماء لوطننا وتراثنا وحضارتنا ومبادئنا، وفي تكثيف الجرعات التوعوية حول كافة الأمور الراهنة وإبرازها للطلبة والطالبات وتخصيص يوم حواري مفتوح لمناقشة أهم المشكلات والصعوبات التي تعترضهم، محاولة للدخول الى نفسيات بناتنا وابنائنا الطلبة، وفيما يفكرون ويطمحون ويتمنون ورصد هذه الاهتمامات واستيعابها ووضع الحلول المناسبة لها، ولأن الحالة النفسية للشخص إذا ما استقرت وشعرت بالأمان استطاعت ان تعطي وتبدع وتبني وتنتج، فإنها إذا شعرت بالخوف او بالتهميش او بعدم الرضا أو الارتياح النفسي فهي على حسب الحالة النفسية والمزاجية للشخص فإما ان ينطوي عن مجتمعه ومحيطه او يتمرد محاولا إظهار نفسه على حساب معطيات أخرى,
* والطالب الذكي هو الذي يفهم ذاته ويحاول ان يحقق شخصيته سوية خلاقة يفخر بها المجتمع ويستحق بالتالي شرف الثقة، فيحاول ان يحقق ذاته إما عن طريق التفوق الدراسي المنهجي او التفوق الحركي اللا منهجي, وهنا استطيع القول ان الطالب هذا استطاع ان يحقق ذاته بالابقاء على شخصيته وحضوره وذاته، لان الطالب إذا احس بالتقدير والتعزيز والفهم والاحترام استطاع ان ينمو باحساسه الشعوري والمعنوي والعقلي نحو الأرحب,
* إنني اتعاطف كثيراً مع الطالب الذي يحاول ان يحقق ذاته الشعوري بلا شعور ذاتي منه حدثت له حالة كبت في أعماق النفس التي مرت بظروف نفسية او اجتماعية صعبة وبالتالي لا يستطيع ان يفهمه احد او ان يستوعب احزانه او سلوكياته احد فيحاول ان يعبر عن نفسه بطريقته الخاصة والتي قد لا ترضي المدرسة او المجتمع,
وأنا هنا لا أغفل دور المرشد الطلابي او الاخصائي الاجتماعي ابداً بل انني ادعو الى تعزيز الدور وتدعيمه بالاخصائي النفسي لأنهما مكملان لبعضهما في جوانب تخصصية وانسانية وقيمية لا مجال لسردها الآن وأقول ان نفسية الطالب أمانة في أيدينا تستحق منا رعايتها واحتضانها وحل كل الاشكالات التي قد تعترض مستقبلها، وتنويرها بما هو واجب ومفروض بأسلوب نفسي صادق ينزل الى مستوى النفوس محاولاً فهمها ودعمها واعلاءها بالايمان ثم الايمان ثم الإيمان,
صالحة السفياني
الثانوية الثالثة بالخرج

أعلـىالصفحةرجوع















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved