أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 28th December,2000العدد:10318الطبعةالاولـيالخميس 2 ,شوال 1421

عزيزتـي الجزيرة

ولئن غبت عنَّا غضاً,,,, فقد أشرقتَ فينا مثلاً
نعى الناعي أن شبلاً قد رحل,,,,, فإذا الدمع يسكن كل المقل,,,,,,,,,,,,, من هول كارثة ورزء جلل,,,,,,, عيون دامعة وقلوب خاشعة,,,, نفوس ركن فيها الكدر,,,,,,,,, عقول تجمدت فيها الفكر,,, هكذا كان واقع الحال في صبيحة يوم السبت 20/9/1421ه عندما رنّ الهاتف مولولاً لينقل ذلك الخبر المروع والخطب الجلل,, وحقاً كان خبراً أحال وداعة الصباح ونداوته إلى لحظات انتظار وقلق وترقب,,,,, كان خبراً كغيمة مثقلة بأشجان الدهور وهي تتهادى فوق ضحى النخيل لتجعل الصباح معتكراً والأنداء مرة المذاق وهي تتسرب إلى الحلوق وتغوص كالنصل في صدور الآمنين فيستحيل بها الوقت غصات وحشرجات, وتلك هي آثار الحزن عندما يتغلب على إرادة الإنسان فإنه يقف مشدوهاً لا يتمكن من التعبير عما يمور في أعماقه الشجية,,, وتلك هي الحالة التي تضع المرء في حالة اللاتوازن وإلى فترة من الزمان إن لم نقل إنها تدوم كل العمر فإنها تطول إلى أمد غير محدد,
وبما أن الحزن أكبر من تحمل الإنسان فإن تأثيره النفسي يبقى دائم الحضور رغم الأيام والأسابيع وكل السنوات فهو كالبصمة التي ترتسم على قسمات الوجوه الحزينة أو كالأثر الذي يتراءى على وجه الأرض أو كالصدى الذي يظل يتردد في الأودية السحيقة والبراري التي تعايش الرياح ولا تهداً,
ولأن الحزن كذلك فإن الأيام تمر وتبقى معالم الحضور وسماته عالقة بذاكرة الإنسان خصوصاً إذا كان الأمر يتعلق بامرىء كان نجمة لألاءة بين أترابه,
فالمصاب بفقد )ياسر الفهد( فتى الخمسة عشر ربيعاً أكبر من أن يتحمله شعورٌ أو يدركه فكرٌ أو يصوره بيان,,,,, هو مصاب يقف اليراع عاجزاً عن تصوير أثره وتأثيره في النفوس,لقد كان ياسر ذا مكانة رفيعة وخاصة في أعماق والديه وجده وأعمامه,,, كان يتصف بحسن المعشر وطلاوة اللسان وحصافة الرأي رغم سنينه الربيعية الغضة,
كان شاباً يحمل نبل الصفات وحميدها,,, تقياً براً بوالديه يخفض لهما جناح الذل من الرحمة ويطبع على جبينهما قبلات التقدير والمحبة كلما ابتعد عنهما للحظة,,, كان ريحانة أقرانه وأنداده,,, يأنسوه ولا يملوه,,, يفرش مشاعره لكل من يلوذ بحماه رغم غضارة عوده,,, فهو ربيع لم يكتمل ورحلة قصيرة لعمر فتى في ريعان الصبا وفجر السنين,
ابني ياسر,, لقد غادرت بيت الأبوة في رحلة بلا عودة,,, وتركت في المآقي عبرات صبيبها لا كالصبيب أمام عظمة والدتك التي سمت عن الصراخ والندب والعويل فكانت من المؤمنات القانتات الصابرات,,, كظمت فجيعتها وتقبلتها بروح مؤمنة واثقة بأن لله ما أعطى ولله ما أخذ,ابني ياسر,, رحلت بصمت يفوق كل ضجيج الحياة وهمس الطبيعة,, لن أبكيك فالبكاء أصغر من الأحاسيس,,, والدموع أتفه من الخطب الجلل,,, وستبقى )أيها الابن البار( في نفوسنا شمساً لا تغيب وبدراً لا يأفل,,, بك نستضيء نهاراً وبك نهتدي ليلاً,,, وكما العلم لا يطوى أبداً فأنت فينا لن تتوارى,,, ولئن غبت عنا غضاً طرياً فقد أشرقت فينا مثلاً,
أبا باسل,,لقد اعتصرنا الألم بفجيعتك في ابنك الراحل )ياسر( وزاد غمنا وعمّ كدرنا، ولكن ما حيلة المرء وسنة الحياة عيش يليه زوال وعقد يتبعه انحلال,,, فالموت سبيل كل حي، وقد خلقنا في دار الفناء دائبين إلى دار البقاء,, والحياة ثوب مستعار ليس لأحد فيها قرار,
أبا باسل,, المصاب لعمري كبير,,, ولكنك أنت أكبر,,, أنت والله بالحزن جدير,,, لكن بالصبر أجدر,,,, ورجل مثلك أقدر على أن يسمو على جراحه ويبلسم كلومه ويمسح الدموع عن المآقي ويتجاوز المحن,,,, فاصبر صبراً جميلاً واستقبل هذا المصاب بحسن العزاء فإنه من دواعي الرضا,ألهمكم الله جميل الصبر والسلوان,,, وعوّضكم الأجر والثواب,,, وأفاض على الفقيد سحائب الرحمة والرضوان و)إنا لله وإنا إليه راجعون(,


)يارب أنت الخالق المعطاء
وإليك سوف نعود حيث تشاء(
الموت حق والحياة وديعة
سترُدُّ مهما طالت الأهواء
)يا رب ما كان احتجاجاً حزننا
ودموعنا مهما جرت خرساء(
ولياسر فينا وجودٌ دائمٌ
ما دامت الذكرى ودام وفاء
فأنزله منزلة الكرام إلهنا
وألزمنا صبراً لا يليه شقاء

محمد بن عبدالعزيز الفهد
مدير الإشراف التربوي بإدارة التعليم بمحافظة المجمعة
أعلـىالصفحةرجوع















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved