أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 4th January,2001 العدد:10325الطبعةالاولـي الخميس 9 ,شوال 1421

الثقافية

جذور الأدب العالمي,, الأدب الروسي
أ, د, كمال الدين عيد
* نشأة اللغة:
تكوّنت اللغة الروسية في الأدب في اعتماد كبير على اللغة السلافية SLAV والتي كانت تتحدثها شفاهة جماعات البدو السلافية في شرق القارة الأوروبية، حتى كوّن رجلا الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية القديمة سيريل و ميتود Cirill , Metod عام 863 ميلادية تقريبا الحروف الأولية الأولى للكتابة السلافية ALPHA, ثم سافرا معاً إلى ألمانيا وروما لنشرها في الكنائس وتركا عدة مخطوطات تحفظ أجرومية اللغة وأصولها، اتسمت كلها بالطابع الديني (إنجيليات وتبشيريات)، أما مستوى اللغة المكتوبة فكان قريباً من اللغة الشفاهية، إضافة إلى جرس الشعر الذي كانا يجيدان قرضه.
* بدايات الأدب الروسي:
من البدايات وحتى القرن 12 ميلادي عكس الأدب الروسي الصورة الإقطاعية التي تحمل الكثير من الأيديولوجية الدينية, وانتشر هذا الأدب السلافي القديم المكتوب في روسيا، أوكرانيا، بيلوروسيا مُنشئاً علاقة أدبية وفكرية بينها, في المراحل الأولى ظهرت كتابات أدبية بيزنطية ومسيحية قديمة عن تاريخ بيزنطة جاءت في قصص تاريخية وقصص المغامرات والبطولة، تُرجمت إلى اللغة السلافية لتعريف الجماهير بها، إلا أن النصف الثاني من القرن 11 ميلادي يُسجل استقلالية الأدب الروسي بعد ان وجهت الدولة جهودها للإسراع بالتنمية الشعبية والازدهار الأدبي للشعب، وهو ما سجله المؤرخون الإخباريون CHRONICLERS في مدينتي كييف، نوفجورود Kijev , Novgorod إضافة إلى ما قدمه تتار منغوليا من تراجع لتطوير الأدب آنذاك، في مواجهة كُتّاب روس وقفوا يدافعون عن التنمية وازدهار اللغة,
لكن لم تصل محاولات توحيد القوم (قومياً) إلا في القرن 15 ميلادي بفضل جهود الأدباء الروس خاصة المبدعين في العاصمة موسكو ومع ذلك، فقد حدث هذا النمو الأدبي سائراً جنباً إلى جنب مع قديم العصور الوسطى من أدب وقصص وروايات، حتى أدخل الكاتب جابي فانيي برامودري J.PREMUDRIJ لغة الخطابة في أدبياته لتُعبّر عن لغة النفس، صانعة الشخصية الأدبية وراسمة إياها عن طريق اللغة, الأمر الذي أدى إلى تغيّر الأشكال الأدبية التقليدية القديمة، وعلى صورة تقبلتها الجماهير في ولع وحماس.
في بداية القرن 17 ميلادي يمر وقت عصيب بروسيا إثر وفاة أحد أبطالها التاريخيين بوريس جودونوف B.GODUNOV، فتحدث نكسة للأدب تُعيده إلى عناصر الفولكلور الشعبي أملاً في إبراز يوميات الحياة العادية والتلامس مع الأحوال والظروف, ونتيجة لهذا التحول في تناول الآداب تولد أول الأعمال المساتيرية في تاريخ الأدب الروسي (1) .
* عهد الإصلاح للأدب والثقافة:
وهي مرحلة هامة في تاريخ الأدب الروسي أتت بها رياح القرن 18 ميلادي، على يد بيتر الأول I. PETER حين اعتبر الآداب موضوعاً استراتيجياً في النهضة الروسية يشرح المواطنة, وكان من أثر ذلك تقهقر الروح الدينية في الآداب, وأبرز كُتّاب هذه المرحلة الثقافية الإنسانية كانتيامير، لومونسوف A.D.KANTYEMIR, M.V.LOMONSOV, وحددت الاستراتيجية الأدبية الاتجاهات الرئيسية ذات الأولوية في العمل الأدبي وهي: التقدم العلمي والاقتصادي، النهوض بتعبير الشعبية، الابتعاد عن كل مايتعلق بالدعاية الدينية في الأدب، السماح بإبراز فكرة الإصلاح عند الكتّاب والأدباء، الاعتراف بحق البطل في العمل الأدبي في نشر أسس العدالة والحقوق واعتبارها من أقدس الواجبات, ومن المهم الإشارة إلى ان هذه الاستراتيجية قد فتحت المجال أمام آداب الساتير إلى تجديد أشكالها في الشعر والقصة والكوميديا لتتضمن هي الأخرى أهدافاً تربوية وأخلاقية، تتحمس لها أول مجلة ساتيرية تصدر عام 1769م وتستمر في إصداراتها حتى عام 1772، كما يتابع ظهور الدرامات الخفيفة، كتابات الرحلات وآدابها، روايات المشاعر الإنسانية (كما يظهر في أعمال كارامزين، راجيشف NY. M. KARAMZIN , A. NY. RAGYISCEV، وهي أعمال استهدفت إبراز مشكلات المجتمع على السطح، تعميق الفكر الأدبي في أحاسيس الجماهير، القضاء على فكرة عبودية الإنسان وسُخرته وتسخيره.
* عصر الشعراء:
احتلت قضايا الشعر وتياراته أعظم القضايا والمشكلات الأدبية في بدايات القرن 19 ميلادي، تياران شعريان يُناطحان بعضهما البعض,, الشعر الكلاسيكي والشعر العاطفي, أشعار تؤيد الاتجاه الوطني، وأخرى تدعو إلى استقلالية الذات INDIVIDUALISM وهو مذهب الفردانية الذي يقول بأن جميع القيم والحقوق والواجبات تنبثق من الأفراد, وأبرز شعراء التيارين جوكوفسلي، باتيوسكوف، جالفيج، يازيكوف، باراتينسكي (2) .
تتلخص المحاولات الشعرية في الأدب إلى الميل إلى جانب الأحوال والبيئة بعيداً عن أفكار الانسجام والتوافقية في الآراء أو المصالح, كذلك اجتهد الشعراء في قصائدهم إلى تجديد وسائلهم الشعرية، وفي اهتمامات بعلم دلالات الألفاظ وتطورها SEMANTICS، وبأشكال ألوان الإنجذاب، وإحلال ترتيب النظام الشعري HOMOTAXIS بهدف إثراء وإغناء الشكل في الشعر، حدد الشعر الوطني مساره وأهدافه في التقدمية كهدف أسمى في المسار، وباعتباره إعلاناً عن الأفكار الاجتماعية، ولما كان نشر العلاقات الاجتماعية واجباً أدبياً شعرياً وإيجابياً في الوقت ذاته، فقد اتجه شعراء الوطنية إلى إحياء موضوعات وطنية رومانتيكية تضمنت النثر والأغنيات، وقصائد عقلانية، وأخرى ترفيهية فكاهية (كما تُرى في أعمال كاريلوف I.A. KARILOV), وتبرز في تلك المرحلة أعمال أكبر شعراء الروس الكسندر سرجيافيتش بوشكين A.S. PUSKIN (1799/6/6 1837م/2/10م) الذي عانى في حياته من لحظة الميلاد في أسرة نبيلة، إلى النفي في جنوب روسيا بفعل من أشعاره وهو في ريعان الشباب (قصيدته الشعرية المعنونة القرية GYEREVNYA تطالب باعتاق العبيد، روسلان ولودوميلا RUSZLAN I LUDMILA تؤرخ لتاريخ الشعر الروسي، قصيدة الغجر CIGANI بطلها أليكو ALEKO يتوق إلى حياة بشرية طيبة كالآخرين عبر تقدم واقعي في المجتمع، في قصته التاريخية الشعرية POLRAVA يسجل تاريخ المعركة الحربية بين القيصر بيتر الأول وبين شارل السابع ملك السويد, روايته الشهيرة (بنت ورقة اللعب الكوتشينة Pikovaja DAMA) تفضح خسارة ضابط واستهتار الوقت، قصته المعنونة (حكاية بوجاتشفا ISZTORIJA PUGACSOVA) احدى ثمرات زيارته لريف الفولجا VOLGA هي الأصل الذي اقتبس منه القاص الانجليزي والتر سكوت W. SCOTT قصته الانجليزية الشهيرة ابنة الكابتن.
أدى عصر الانفتاح الشعري إلى صعوبات مستقبلية في تطور الآداب الدورية، تمثلت هذه الصعوبات في قرارات قيصر روسيا لتحجيم الفكر الأدبي من خلال الرقابة على المطبوعات والكلمة بوجه عام، لخنق كل ماهو معادٍ أو متجاوز أو تقدمي، وجاء هذا التحجيم بتحديد الفكر من ناحية، وبشراء ذمم كُتّاب مأجورين للسلطة القيصرية من ناحية أخرى، وإفساح المجال لهم لنشر دعاياتهم غير الصادقة (على غرار بولجارين F.V. BULGARIN).
وأدت هذه السياسة القيصرية إلى مصير تراجيدي لكُتّاب تقدميين من أمثال بوشكين، لارمنتوف M.GU. LERMONTOV، دستويفسكي F. M. Dosztojevszki, وتعطل بذلك ميلاد البطل الأدبي المجاهد في سبيل الغايات الكبرى في روسيا بعد أن أُغلقت مسارات الإبداع أمامه وأصبح انساناً بلا أهداف قومية أو وطنية.
لكن هل أفلحت قرارات حجب الفكر الأدبي طويلاً؟ يلاحظ مؤرخو الأدب الروسي أن عبقرية الكُتّاب قد تجاوزت هذه الأزمة بحُسن ذكائهم ولجوئهم إلى أساليب غير مباشرة لكتابة كل ما يحسون ويودون دون نقصان أو تراجع, ففي الأعمال النثرية غُلفت الموضوعات بالرومانتيكية التي تظهر الرجل الروسي الضائع وسط متاهات الحياة (أعمال بوشكين، هرزن A.I. HERZEN، كولتسوف A.V. KOLCOV، تورجينيف I.SZ. TURGENYEV) حتى أصبحت شخصية الرجل الضعيف هي المحور المركزي في الأدب الروسي وبالأخص في أعمال بالينسكي V.G. BELINSZKI وكان لهذه المدرسة الأدبية المسماة (المدرسة الطبيعية) الفضل في انتشار موجة الأدب الروسي الجديد.
* القصة الروسية:
هكذا بدأت القصة الروسية في الانتشار في منتصف القرن 19 ميلادي والازدهار قبل نهاية القرن ذاته بموضوعات التنمية الاقتصادية، وبناء الانسان الحامي لهذه التنمية، إنهاء عصر العبيد، تقوية الاتصال الاجتماعي، انبثاق النقد الاجتماعي,
ومع هذا العصر ظهرت الأعمال الكبرى في القصة الروسية (ليو تولستوي L. NY. TOLSZTOJ، دستويفسكي) في بحث عن المشكلات العويصة في حياة الرجل الروسي، وبحساب لايخطىء بين الممكنات وغير الممكنات، وفي وعي ثاقب بالمصير الحتمي, وكلها عناصر انسانية طبيعية لاتزال تمارس حتى اليوم في بقية الآداب العالمية.
تتضح خطوط تولستوي أدبياً في الواقعية الكلاسيكية، بينما تتضح أعمال زميله دستويفسكي في التغير الناتج في قصصه وخواتيمها التي صححت مسار القصة الروسية من جديد.
إلا انه يُعزى إلى الطبيب والكاتب الروسي انطون بافلوفيتش تشيكوف A.P. TSCEKOV (1860/1/29 1904م/7/15) ميلاد القصة الكبيرة رغم قصرها، وهو واحد من أحفاد عبد من العبيد.
( بعض قصصه: قصة لم تتم RASSKAZ BEZ KONCA ، الرجل المعروف ZNAKOMIJ MUZSCSINA، في المحكمة V. SZUGYE ، حكايات السيدة الراقية RASSKAZ GOSZPOZSI N.N ، أضواء OGNYI ، قصة غبية SZKUCSNAJA ISZTORIJA ، المبارزة DUEL ، الطالب SZTUGYENT).
* الشعر الرمزي:
مع دوران القرن العشرين يلمع الشعر حين يتأثر الشعراء الروس بالمذهب الرمزي في الأدب SYMBOLISM (وهو مذهب يهدف إلى التعبير عن الفكرات والعواطف والايحاء بها من طريق الرموز مصطنعين كلمات وأحياناً مُجرد حروف علة يُراد بها أداء معنى مُتشح بغلالة من الغموض) كما في أشعار وقصائد بالمونت K.D. BALMONT ، سولوجاب F.K. SZOLOGUB, وبفضل أعمال الرمزيين الروس اكتسب الشعر الجزالة والطواعية اللينة وأصبح ثري التكوين والتعبير، غنيّ الشكل وصحيح الإيقاع, بعدها انتقل الشعر إلى الكلاسيكية الجديدة وإلى الذروة البرناسية على يد الشعراء جومليوف NY. SZ. GUMILJOV، أهماتوفا A.A. AHMATOVA، ماندلشتوم O.E. MANDELSTAM، ثم تبرز جماعة التكعيبيون الذاتيون EGO - FUTURISTS الذين يؤكدون الشكل اللغوي الكبير للشعر عبر انسان العصر خارجين بكلمات وعبارات جديدة ومبرزين لعلاقات ابتكارية في عالم الشعر.
* الشعر الدعائي:
حسبما يذكر الكسندر بلوك A.A. BLOK الشاعر والدرامي الروسي (1880 1921م) فقد كتب أول قصيدة شعرية عن ثورة اكتوبر في يناير 1918, ظهر الشعر الدعائي في فترة الحرب الأهلية قرضه كتاب من العمال وبعض من الشباب المتحمسين للبروليتارية (أعمال ماياكوفسكي، فيشنيافسكي V.V. VISNYEVSZKI) شعر يؤجج المشاعر، كونيّ COSMIC يحمل عناصر السيطرة لدرجة كبيرة.
* القرن العشرون:
تؤثر الحرب الأهلية في عشرينيات القرن على الأدب والأدباء، فتتخذ القصص والروايات الحرب موضوعات لإبداعاتها، فتتغير الأساليب الأدبية لفترة قصيرة، تعود بعدها إلى الأسلوب الكلاسيكي الموروث، لكن بشكل أكثر جودة (أعمال فاجاييف A.A. FAGYEJEV ، شولوخوف M.A. SOLOHOV), كان همُّ أدباء تلك الفترة هو إيضاح العلاقة بين الثورة والتطور، لفهم العالم الجديد آنذاك.
وفي الشعر برزت القصائد ذات النفس الطويل إن صحَّ التعبير في اقتراب من طبيعة العصر.
* قرارات حماية الآداب:
اهتمت الحكومة الروسية برعاية الآداب عبر قرارات تؤكد على البناء والعمل لتكوين انسان جديد وتم تقييمٌ للآداب في الريف الروسي وتوجيه الكُتّاب لمشكلات القرية وتكونت لجان حكومية لمراجعة الانتاج الأدبي، وصدرت قرارات فكرية للآداب والفنون والعلوم.
ويبقى الشعر في النصف الثاني من القرن العشرين هو النوع الأدبي البارز تُسطره كلمات وأشعار اتفاردوفسكي، A.T. Tvardovszki ، لوجوفسكوي V.A. Lugovszkoh، حتى انبثاق (الموجة الجديدة) بقيادة الشعراء الشباب يافتشنكو JE.A. Jevtusenko ، فوزيتاسنسكي A.A. Voznyeszenszki.

*الهوامش:
(1) SATIRE (نقلا من كتاب أعلام ومصطلحات المسرح والموسيقى لكمال عيد) هو أحد أنواع التعبير الفني في الأدب الكوميدي خاصة، الذي يستعمل التهكم كعنصر هام من عناصر التكوين، والتي تحتوي على المبالغة، الانحراف، تضخيم الأشياء وتكبيرها.
ويذكر الفيلسوف الألماني ليسنج G.E. LESSING في هذا المقام لا يُوجد أقوى من الضحك وسيلة قوية مؤثرة وفعّالة لحماية الأخلاق والفكرة الاجتماعية ص 301.
وعلى ذلك تواجد الساتير في الأدب الروسي في الشعر والنثر والدراما وقصص الحيوانات وفي الخرافات والأساطير, وبرز في روسيا في آداب جوجول، ماياكوفسكي، بتروف
V. PETROV , V.V. MAYAKOVSKI , N.V. GOGOL
(2) أبرز الشعراء
V.A. ZSUKOVSKI , K.NY. BATYUSKOV , A.A. GYELVIG , NY.M. JAZIKOV , JE.A. BARATINSKI.



أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved