أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 4th January,2001 العدد:10325الطبعةالاولـي الخميس 9 ,شوال 1421

الاقتصادية

في الاقتصاد
عائد رأس المال الفكري
د, سامي الغمري
قديما كان الموظف أقل أهمية من الآلة التي يعمل عليها, ولم يكن لوجوده مبرر سوى أن يراقب الآلة أو يغذيها بالوقود أو المواد الخام التي كان عليها الآلة أن تقوم بانتاج السلع, في ذلك العصر البعيد تغلبت الآلة على الموظف أمام المستثمرين فكان الاعتماد عليها واضحا مما نتج عنه تقليل أهمية رأس المال الفكري, أما اليوم فقد تحولت تلك السلوكيات الى الاهتمام بالقوى العاملة والتي أصبحت قوى عالمة مفكرة , فهي حاليا تستطيع ان تشارك وتدخل في كثير من التعديلات الضرورية ليس فقط على الآلات ولكن أيضا على المراقبة والانتاج والتسويق مضيفة بذلك ابتكارات جديدة للمستثمرين, وبالرغم من التحول الحديث إلا أنه بالمقابل أفرزت الآلات من جانبها قوة عمالة تتميز بالمعرفة والابداع المتواصل, بمعنى انه كلما تطورت الآلات وازدادت تقنية وتحديثا كلما ازدادت الحاجة إلى عمالة متخصصة مثقفة تستطيع تشغيلها بالصورة المطلوبة, فلو تأملت مثلا بامعان منتجات شركات السيارات الأجنبية مرسيدس الألمانية أو جنرال موتور الأمريكية أو تويوتا اليابانية وتساءلت كم يعمل بها من مهندسين وخبراء وفنيين وكم يعمل بها من محاسبين واداريين وما هي أهمية كل فئة منهم للمصنع وما هي نسبة كل فئة الى الأخرى لوجدت مدى استثماراتهم في رأس المال الفكري ولظهرت لك مدى أهمية العنصر البشري ودوره الفعال في كيان تلك الشركات ولك أيضا ان تتخيل كيف يمكنك ان تحافظ على عناصر رأس المال الفكري في شركتك هنا محليا في المملكة المباركة , لذلك فإن رأس المال الفكري يعتبر رأس المال الحقيقي الذي يتوقف عليه نجاح أية شركة محلية كانت أو أجنبية بل ويعتمد به على قدرتها في تكوين المزيج الأكفأ من رؤوس الأموال بأنواعها المتعددة الموجودة لديها, فرأس المال الفكري هنا يشمل المعرفة المفيدة والمهارة والتي يمكن توظيفها واستخدامها لصالح الشركة, فلا تصبح أي فكرة أو معرفة ذات قيمة وفائدة مرجوة مالم يتم تطبيقها ووضعها موضع التنفيذ مباشرة, ومع ذلك فنجد ان بعض المديرين يتجاهلون أهم ممتلكاتهم الثمينة عنوة, فهم يعرفون كل الأصول المالية والمادية تماما والتي لديهم سواء الأموال التي تحتفظ بها في البنوك وفي قيمة الأراضي والمباني, أما رأس المال الفكري للشركة والذي له قيمته التي لا تقل عن سابقتيها فغالبا ما ينال النصيب الأدنى من الاهتمام والرعاية منهم, فكان على رأس المال الفكري في شركتهم أن يثبت وجوده بأي شكل دون أي دعم يذكر, والحقيقة التي لا تقبل الشك أن قيمة رأس المال الفكري استثمار له عائد مجز على المدى الطويل, ولكي يتحقق هذا العائد يجب أن تكون هناك تكاليف مالية تتحملها الشركات نظير حصولها على هذا العائد لاحقا, فيفترض منها ان تضع في اعتبارها بأن رأس المال الفكري انما هو استثمار تبذل من أجله كل الطاقات في سبيل الحصول عليه, ولكن يبدو ان واقع الأعمال مختلف تماما لمثالية التطبيق, فبعض الشركات ما تزال تعتقد بأن تنمية مواردها البشرية تدريبها انما هو عبء ومضيعة للمال والجهد, الأمر الذي جعل الكثير منها لا تنظر الى التدريب نظرة ايجابية استثمارية, وهذا بدوره انعكس سلبيا عليها حيث ان عدم توفر التدريب لكافة موظيفها يؤدي تلقائيا في صورته النهائية الى عدم رفع كفاءتهم أو تطوير مهاراتهم والشكل الذي يتماشى مع عولمة القرن الحادي والعشرين, ويمكن علاج هذا القصور بأن ينمي المديرون رأس المال الفكري باستغلال المعلومات المتوفرة لدى الموظفين أنفسهم وبالعمل على منحهم موقعا آمنا يمكنهم خلاله من المشاركة بأفكارهم ومرئياتهم في الاجتماعات الدورية, كما تأتي أهمية تنمية الموارد البشرية من حيث انها ذات تأثير مباشر في زيادة انتاجية السلع, فهناك علاقة طردية بين مستوى أداء وكفاءة الموظف وبين انتاجيته, فكلما كانت هناك عمالة متعلمة ماهرة قادرة على استخدام وتشغيل التقنية المتطورة كلما كانت أفضل في أدائها من غيرها غير المؤهلة, ومن واجب كل شركة تفعيل دور التدريب لمقابلة احتياجاتها الضرورية في العملية الانتاجية والارتقاء بها, فلا تزال بعض الشركات تفتقر الى التدريب وتتصف بصفة محدودية التنسيق والتطوير له بل بعضها يغيب عنها ثقافة التشجيع والحماس لاتخاذ التدريب كأداة أولية تستخدمها في تطويع التقنية الانتاجية وأصبح من الملحوظ وجود فجوة تأهيلية تزداد اتساعا بين معرفة الموظف وبين مستوى التقنية في منشآتها, فكان لزاما على قسم التدريب لكثير من الشركات أن يركز على احتياجات السوق والالمام به حتى تتمكن من تطوير منتجات وسلع مواكبة للتغيرات المستجدة في عالم المنافسة العالمية, وقد أظهرت الابحاث ان رأس المال الفكري يمكن ان يزيد من اصول الشركة بطرق منها أولا توفير واختيار أهم البرامج المناسبة لها مما يتناسب مع مستويات انتاجها مع مساعدة المتدرب الموظف في اختيار الملائم من برامجها تبعا لميولاتهم وقدراتهم الشخصية, وثانيا تبني فكرة المجموعات الممارسة فيها يتم التعليم والتدريب بشكل أفضل في مجموعات أو فرق عمل, فيجتمعون حول اهتمام واحد مشترك ولحل مشكلة تقنية أو ادارية فيعمل الجميع على تبادل المعرفة والمعلومات, يدرب كل منهم الآخر بما اكتسبه من معرفة خلال لقاءاتهم المتعددة ومما يساعدهم على القيام بصورة منتظمة في دراسة تشخيصية للمشكلات التي تعاني منها الشركة والتي ينفذها لهم البرنامج التدريبي في ضوء ما أسفرت عنه عملية التشخيص وبحيث تكون النتائج عبارة عن حلول عملية يمكن تطبيقها بسهولة, كما انه يتعين على المتدربين ان يأخذوا مشاركتهم مأخذ الجد وذلك في عدم الانسياق خلف الأساليب البراقة التي يتعجل بعض المدربين في استخدامها لجذب الانتباه, كما ينصح ببذل الجهد لتطبيق ما تلقوه في البرامج التدريبية, وأخيرا فان التوصيف الوظيفي لكثير من الموظفين غير واضح لبعض الشركات هذا ان لم يكن أساسا ضعف توصيفي يحدد لهم الواجبات والمهام التي يفترض أداءها على الوجه المطلوب, فاستمارات تقييم أداء الموظف غير مصممة كما يجب بل ان معاييرها ضعيفة ذات مستوى غير مقبول مما يؤثر سلبا على عملية تحديد الاحتياجات التدريبية والتأهيلية للشركات المستقبلية.

أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved