أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 4th January,2001 العدد:10325الطبعةالاولـي الخميس 9 ,شوال 1421

عزيزتـي الجزيرة

العشماوي وخيمة الحب
في خيمة الحب التقينا مثلما
تلقى منابعَ ضوئها العينان

هنا تشمخ القصيدة، وهنا يصبح الشعر راقياً، والصورة الشعرية راقية، والعاطفة الشعرية صادقة، هنا يبرز الشاعر القدير عبدالرحمن بن صالح العشماوي نجماً شعرياً متألقاً في سماء المملكة العربية السعودية، وبالتالي في سماء العالم الاسلامي، فالمملكة قلب العالم الاسلامي النابض بالخيرات، وجدير بهذا القلب أن ينبض بهذا الشعر الراقي.
الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رمز إسلامي كبير، عالم شرعي جليل، رجل أمة، واحد من أهم علماء العصر الذي نعيش فيه، رجل قدير بعلمه، عظيم بتواضعه، كبير بزهده، سامق بإخلاصه، فهو رمز إسلامي وهو عند رمزنا الشعري (العشماوي) رمز شعري إسلامي، فكانت قصيدة ( في خيمة الحب) التي أتحفت بها جريدة الجزيرة القراء في يوم الاحد 14 رمضان 1421ه، كانت هذه القصيدة رمزاً شعرياً راقياً، وكانت رسالة عشماوية متميزة الى كل قلب مسلم يحب ابن عثيمين (الرمز الاسلامي) وإلى كل قلب له شعور إنساني يحب الخير ويقدر الكلمة الراقية.
(في خيمة الحب) استضافنا العشماوي أحسن ضيافة، أسعدنا، وحلّق بأنفسنا إلى سماء الشعر، وحرّك مشاعرنا بالإيقاع الشعري البديع، وأرضى أذواقنا بالصور الشعرية التي يصدق أن يقال لها (السهل الممتنع) نعم السهل الممتنع، فكثيرون هم الشعراء الذين تأثروا بالعشماوي واستقوا من نبعه، وكتبوا قصائد متأثرين بمدرسته الشعرية الاسلامية ولكن قصائد العشماوي تظل هناك عند النجوم، وهذه موهبة من الله، وفضل منه يعطيه من يشاء, أقول: ما شاء الله، تبارك الله أيها العشماوي الشاعر:


شعري وحبي فيك يلتقيان
وعلى المسير إليك يتفقان
فتحا لي الباب الكبير وعندما
فتحا رأيت خمائل البستان

هكذا يكون المطلع الأخَّاذ، إيقاع، سلاسة، كلمات جميلة رقيقة, شعر وحب يلتقيان وعلى المسير الى الشاعر يتفقان، وباب كبير يفتح، وعندما يفتح هذا الباب يرى الشاعر خمائل البستان, ما هذه الهندسة الشعرية العشماوية رفقا بنا يا أبا أسامة فمشاعرنا لا تقوى على مواجهة هذا الابداع.
عندما ذكر الاستاذ سعد الدوسري في زاويته في جريدة الرياض تميُّز هذه القصيدة بإيقاعها وصورها وعباراتها كان صادقاً وكان ناقداً عارفاً بقيمة هذا السحر العشماوي.
خمائل البستان,, بستان من يا ترى؟ يقول الشاعر لنا اصبروا قليلاً حتى أكمل لكم هذه الصورة الرائعة.


ورأيت نبعاً صافياً وحديقة
محفوفة بالشيح والريحان
ورأيت فيها للخزامى قصة
تروى موثقة الى الحوذان
ودخلت عالمك الجميل فما رأت
عيناي الا دوحة القرآن

هنا بدأنا نصل إلى ما يريد الشاعر منذ مطلع القصيدة ونحن نظن أن الشاعر سينقلنا إلى روضة خريم، أو التنهات لنرى خمائل البستان والخزامى والشيح والريحان والحوذان، ولكن الشاعر يؤكد لنا أنه يدعونا معه إلى دوحة القرآن، وما هذه الدوحة أيها المهندس الشعري القدير:
يقول:
تمتد فوق السالكين ظلالها
فيرون حسن تشابك الأغصان
ظلال ممتدة فوق السالكين وأغصان متشابكة يرى السالكون حسنها، ما هذا يا أبا اسامة، ما هذا الفن الشعري البديع ما شاء الله مرة أخرى وثالثة وعاشرة إلى أين تذهب بنا,, فيقول:


ورأيت بستان الحديث، ثماره
تجنى لطالب علمه المتفاني
ورأيت واحات القصيم فما رأت
عيناي إلا منزلي ومكاني
لما دخلت رأيت وجه عنيزةٍ
كالبدر ليل تمامه يلقاني
ورأيت مسجدها الكبير وإنما
أبصرت صرحاً ثابت الأركان
ورأيت محراباً تزين بالتقى
وبصدق موعظةٍ وحسن بيان
وسمعت تكبير المؤذن إنني
لأحبُّ صوت مؤذنٍ وأذان,.

الله، الله، الله,, أرأيتم هذا التدفق الشعري الأخاذ، أرأيتم هذا الفن الشعري الاسلامي الراقي، أرأيتم هذا العمل الشعري الكبير (السهل الممتنع).
بساتين وخمائل، وغصون متشابكة ورياحين وخزامى وثمار تجنى,, كل ذلك يحملنا إليه الشاعر لا لينقلنا إلى مواقع الخضرة الربيعية في تمير أو الزلفي، ولكن لينقلنا إلى دوحة القرآن وبستان الحديث، ومسجد عنيزة الكبير الذي يتزين محرابه بالتقوى وصدق الموعظة وحسن البيان.
أي أن الشاعر يأخذنا معه طائعين مختارين مسرورين بلا تردد منا إلى الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين حفظه الله ورعاه وعافاه وأبقاه.


يا شيخ قد ركضت إليك قصيدتي
بحروفها الخضراء والأوزان
في ركضها صور من الحب الذي
يرقى بأنفسنا عن الأضغان
في خيمة الحب التقينا مثلما
تلقى منابع ضوئها العينان

ما هذه الغزالة العشماوية التي تركض هذا الركض الجميل، وإلى أين تتجه هذه الغزالة الرائعة, إنها القدرة الشعرية التي نقف أمامها وقفة الإعجاب القصيدة، نعم هي القصيدة تركض إلى الشيخ ابن عثيمين بحروفها الخضراء، وأوزانها، وفي هذا الركض صور من الحب الذي يرقى بالنفوس وإلى أين يصل الركض، إلى خيمة الحب التي يلتقي فيها شاعرنا بشيخنا لقاءً رائعاً مشرقاً يشبه لقاء العينين بمنابع الضوء.
الله، الله ما شاء الله للمرة المائة مثلما تلقى منابع ضوئها العينان، هنا يوفق العشماوي كل التوفيق في تصوير أهمية لقائه بالشيخ, إنه يلتقي برمز إسلامي، عالم جليل، وما دام العلماء كالنجوم، فاللقاء يشبه تماماً لقاء العينين بمنابع الضوء.
هذه القصيدة غير عادية لمن يعرف قيمة الشعر الراقي، وفق فيها الشاعر كل التوفيق وفيها صدق لا يخفى على القارىء.
ما زلنا في الأنهار والبساتين والعطر والينابيع والخصب، وكل ذلك في خيمة الحب وكله من أجل شيخنا الجليل ابن عثيمين.


يا شيخ هذا نهر حبي لم يزل
يجري إليك معطر الجريان
ينساب من نبع المودة والرضى
ويزف روح الخصب للكثبان
حبٌّ يميزه الشعور بأننا
نرقى برتبته إلى الإحسان
والحب يسمو بالنفوس إذا غدا
نبراسها في طاعة الرحمن

تخيلوا معي هذا النبع (نبع المودة والرضا) الذي ينساب منه نهر الحب (حب الشاعر للشيخ ابن عثيمين) وهو نهر معطر الجريان، ليزف روح الخصب للكثبان، أي كثبان يريدها الشاعر، أنا متأكد أنها ليست كثبان رمال النفود ولا الدهناء ولكنها كثبان العاطفة المتدفقة والمشاعر التي تستقبل روح الخصب الذي يزفه نهر الحب.
شيء غير عادي يجري في هذه القصيدة، مدرسة شعرية عشماوية متميزة، وهذا التميز فضل من الله يؤتيه من يشاء وليس من السهل تحقيقه وتقليده.
لقد ظل شاعرنا غائباً عن الساحة الشعرية عدداً من السنوات، ومع ذلك لم يستطع أحد من الشعراء الذين تخرجوا من مدرسته أو غيرهم أن يسدّوا مسدّه أبداً، وهذا لا يتأتى بهذه السهولة، لأن الله يهب لمن يشاء من عباده مزايا لا تتوفر في غيرهم.
بعد هذه الجولة الرائعة ينقلنا الشاعر إلى عالم فتاوى الشيخ محمد بن عثيمين وعلمه وفقهه بصورة شعرية متدفقة تحمل معها الأجواء الربيعية التي بدأت مع مطلع القصيدة، بل إن فتاوى الشيخ تصبح كائناً حيّاً يرفل في ثياب الأمانة والإخلاص ويرحل عبر الأثير إلى كل مكان في هذا العالم.


فتواك ترفل في ثياب أمانةٍ
وتواضعٍ للخالق الديّان
فتواك ترحل من ربوع بلادنا
عبر الأثير مضيئة العنوان
سارت بها الركبان من يَمَنٍ إلى
شامٍ إلى هندٍ إلى إيران
وصلت إلى افريقيا بجنوبها
وشمالها ومضت إلى البلقان
ومن الولايات البعيدة أبحرت
من بعد أوروبا إلى الشيشان
فتواك نورٌ في زمان ألبست
فيه الفتاوى صبغة الهذيان

عجباً لهذا الشعر البديع الذي يرسم لنا هذه الصورة المتحركة الحية النابضة لفتاوى الشيخ محمد بن عثيمين حفظه الله, وهي صورة شعرية حقيقية لأن موجات الأثير تنقل هذه الفتوى إلى كل مكان والحمد لله,وحتى نرى أن جو الواحات والربيع والبساتين مستمر مع القصيدة إلى آخرها، وهذا دليل على تماسك الموهبة الشعرية عند شاعرنا القدير، نقرأ هذه الابيات:


يا شيخ ما أنتم لأمّتنا سوى
نبعٍ يزيل غشاوة الظمآن
يا شيخنا أبشر فعلمك واحةٌ
فيها ثمارٌ للعلوم دَوانِ
يا شيخ لا والله ما اضطربت على
ثغري حروف أو لويت لساني
هو حُبّنا في الله أثمر غصنه
شعراً يبث كوامن الوجدان

وأقول لله درُّ هذا الحب الذي اثمر هذا الشعر.
يا عبدالرحمن العشماوي، أنت شاعر الأمة الذي يعرف كيف يوظف الكلمة بكل ما فيها من الإبداع لتوصيل الهدف الاسلامي الأسمى.
يا شيخنا الفاضل القدير الكبير محمد بن عثيمين، أنت رمز من رموز العلم في أمة الاسلام، حفظك الله ورزقك العافية والصحة وأبقاك لنا يا شيخنا الجليل.
يا عشاق الكلمة الشعرية الراقية، أهنئكم بهذا المنهل الشعري الذي يسقينا من منابعه الصافية هذه القصائد وأقول لكم، إن شعر العشماوي كنز كبير وهو بحاجة إلى دراسات نقدية عادلة تبرز ما فيه من جوانب الابداع الشعري في عصر يدّعي فيه المدّعون,, ويتحامل فيه بعض المتحاملين (الحاسدين) على شاعرنا بدون وجه حق.
يا جريدة الجزيرة الغراء,, نشكرك ونشكرك على هذا الإتحاف الذي تجودين به علينا بما تنشرين لنا من شعر شاعرنا العشماوي وفقه الله تعالى.
محمد بن سعد النودل
حفر الباطن

أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved