أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 5th January,2001 العدد:10326الطبعةالاولـي الجمعة 10 ,شوال 1421

شرفات

الأقزام تغزو الأقمار الصناعية حجمها صغير وفعلها كبير
حجمها صغير لكن فعلها كبير ,, والجيل الجديد من الأقمار الاصطناعية التي سوف تطلق وكالة الفضاء الأمريكية ناسا الدفعة الأولى منها عام 2003، هي أشبه فعلا بلعب الأطفال,, لكنها ستتمكن، وللمرة الأولى في تاريخ التكنولوجيا الفضائية، من غزو الضاحية الفضائية البعيدة لكرتنا الأرضية، ومن مواجهة العواصف الشمسية العاتية.
ويصف المهندس جورج موليت، كبير مهندسي تنفيذ هذا المشروع، هذا القمر الاصطناعي، قائلا: إن طوله 40 سنتمترا وارتفاعه 20 سنتمترا، ووزنه عشرة كيلوغرامات، ولكنه قمر اصطناعي حقيقي وليس لعبة أطفال,, إن الجديد من الأقمار الاصطناعية لعالم الألفية الثالثة، والذي أنتجت وكالة الفضاء الأمريكية ناسا ثلاثة أنواع منه حتى الآن, أما مهمة هذا القمر الاصطناعي القزم فهي تتأطر بما يسمى بلغة الفيزياء الفضائية بمنطقة الجو المغناطيسي وهي المنطقة الواقعة بين ارتفاعي 600كلم و90 ألف كلم فوق كرتنا الأرضية الجميلة، وذلك كخطوة لاختبار عمليات الاستكشاف الفضائية التي يمكن أن يؤديها هذا القمر الجديد, وكانت ناسا قد أعلنت انه في حال نجاح القمر الاصطناعي القزم في المرحلة الأولية من مهامه تلك، فإن لديها برامج جاهزة لاطلاق وحدات عديدة منه لسبر أقاصي أعماق الفضاء الواقعة على مسافات أبعد بكثير من تلك التي تستطيع الأقمار الاصطناعية العادية الضخمة بلوغها.
ويضيف موليت: ان اطلاق الأقمار الاصطناعية الصغيرة سوف يتم خلال العام 2003، حسبما هو مقرر في برنامج ناسا ، حيث ستتوغل الى ارتفاع 90 ألف كيلومتر في الثانية,, أي إلى نهاية حدود منطقة الجو المغناطيسي للأرض, الأقمار الصغيرة الثلاثة سوف تنطلق في الفضاء في تشكيلة خاصة أطلقوا عليها في ناسا اسم نانوسات كونستلايشن ترايلبلايزر ,, وذلك لضمن برنامج سبايس تكنو5 الذي تلامس تكاليفه حدود 28 مليون دولار, وستكون المهمة الأولى لهذا البرنامج اثبات متانة الأقمار الاصطناعية المصغرة الثلاثة وخصوصا لدى قدرتها على الصمود في وجه الطاقة الشمسية والطاقة الكهربائية, وحسب مصادر وكالة ناسا فقد اختيرت منطقة الجو المغناطيسي عمدا كساحة اختبار لهذه الأقمار نظرا لكون المنطقة الأكثر عدائية على التكنولوجيا الفضائية من الأرض,, فهناك تعصف الرياح الشمسية بأقصى قوتها، وإذا صمدت الأقمار الجدية في وجهها فمعنى ذلك أنها قادرة على الصمود في مدارات لا حدود لها في المرتفعات الفضائية, وعلى ضوء نتائج رحلة الأقمار الثلاثة سوف تتضح لوكالة ناسا طبيعة التعديلات الواجب اتخاذها لبرنامجها القادم، المسمى مانيوتو سفريك كونستلايشن الذي سيركز على تشخيص مفاعيل التقاطع ما بين الرياح الشمسية ومنطقة الجو المغناطيسي الأرضي.
ورغم ذلك، يبقى صمود الأقمار الاصطناعية المصغرة هناك هو التحدي الرئيسي لبرنامج سبايس تكنو 5 وحسبما توضح وكالة ناسا فلا شك أن منطقة الضاحية الفضائية للكرة الأرضية مزدحمة منذ سنوات بأقمار الاتصالات الاصطناعية المرتبطة فيما بينها بشبكات تقنية,, انما ستكون المرة الأولى التي تنطلق فيها مجموعة أقمار اصطناعية اتصالاتية الى مسافات أبعد وباستقلالية تامة عن بعضها البعض, وعمليا سوف تتراوح المسافة ما بين الأقمار الصغيرة الثلاثة بين مائة وألف كيلومتر,, حيث أن كل واحد منها سوف يسلك مداره الخاص للقيام برحلته الخاصة باستكشاف المجاهل الفضائية وعلى غرار باخرة النينا التي قادها كريستوف كولومبس في مجاهل ما وراء البحار,, وبذلك، ومن خلال هذه الأقمار الصغيرة الثلاثة بالذات، تكون وكالة ناسا الفضائية قد استعادت فعلا دورها الريادي كمؤسسة عملاقة أنشئت أساسا بهدف استكشاف مجاهل الفضاء، حسبما يقول تيري لوفاز أحد كبار مسؤولي وكالة الفضاء الأوروبية,ولكن لماذا هذه الأقمار الاصطناعية القزمة الجديدة؟ مسؤولو الناسا يوضحون أن الهدف الأساسي منها هو احلالها مكان الأقمار الاصطناعية التقليدية، الضخمة، التي حان لها أن ترتاح كخردة في المتاحف التاريخية, فالميزة الأساسية في الأقمار الصغيرة ان صناعتها أرخص كلفة بكثير جدا من الأقمار الكبيرة، اضافة الى أنها أكثر سرعة في التحرك كما في التنفيذ للمهام الفضائية,, اضافة الى أن عمليات اطلاقها لا تتطلب ضخامة محطات أرضية أو صواريخ نقل، مع ما في ذلك من وفر هائل في التكاليف أيضا,, وهذا ما يدخل ضمن الفلسفة الجديدة لناسا التي تعمل عليها منذ سنوات، والقائمة على قاعدة أصغر أرخص أفعل والمنسجمة جوهريا مع تكنولوجيا التصغير التي ستسود عالم الألفية الثالثة، والمتوقع أن تغزو كافة ميادين الحياة اليومية لانسان القرن الجديد، والتي بدأنا نتلمس آثارها من خلال حاسوب الجيب وغيره من تكنولوجيا الجيب الأخرى, وبرنامج الألفية الجديدة هو الاطار العام، المستقبلي، الذي تتحرك وكالة ناسا ضمن اطاره، والذي ستكون الأقمار الاصطناعية الثلاثة الصغيرة الحلقة الأولى الابتدائية منه, وحسبما يوضح البروفيسور خوان سوبيرو أحد كبار مسؤولي ناسا فإن الهدف البعيد من تجربة الأقمار الصغيرة هو التوصل لاحقا الى بناء محطات مدارية غير مأهولة قادرة على تنفيذ المهام العلمية والتجارية تلقائيا,, ومعنى ذلك قدرتها على قيادة نفسها بنفسها وعلى اصلاح نفسها بنفسها،وكل ذلك في ظل استهلاك كمية محدودة جدا من الطاقة الكهربائية التي لا تتجاوز العشرين واطاً.
ومن الحسنات الأساسية الأخرى لهذه الأقمار الصغيرة، يضيف سوبيرو : انها تحقق خفضا في عدد الطاقم البشري العامل في المحطات الأرضية والمولج بعمليات المراقبة والتوجيه وغيرها, كما ان هذه الأقمار الصغيرة، الرخيصة، تسمح باطلاق عدد كبير منها في مهمة واحدة، بحيث لا تفشل العملية كلها في حال شرود أو تعطل واحد أو أكثر من تلك الأقمار الاصطناعية.
الى ذلك يوضح سوبيرو انه يفضل صغر الحجم وآلية التحكم الذاتي، يصبح بامكان ناسا تحويل كل واحد من الأقمار الصغيرة الى نوع من المسودة أو النموذج الاختباري الذي يجري استكمال وتطوير أدائه ونوعية عمله بواسطة قمر آخر مشارك في الرحلة نفسها وفي الاطار الزمني نفسه,, وكل ذلك طبعا على أساس المعلومات المجتمعة والتي يتم تحليلها وتحديد تحركات جديدة على ضوئها بواسطة عقول الأقمار الصغيرة وحدها,, عام 2003 إذن ينطلق أسطول الأقمار الاصطناعية الثلاثة الصغيرة في أول رحلة الى مجاهل فضائية بعيدة لم تطأها التكنولوجيا البشرية بعد,, وحتى ناسا نفسها لا تستطيع أن تتكهن الآن بالآفاق العلمية الهائلة التي ستنفتح بوجه البشرية عندئذ,, ولا بالتبعات الناجمة عن ازدحام السير في الأدغال الفضائية في المراحل اللاحقة التي سيصبح بالامكان فيها اطلاق أساطيل من مئات أو حتى آلاف الأقمار الاصطناعية الصغيرة الأشبه بدمى الأطفال,ولكن ماذا عن الجدولة الزمنية التي أعلنتها الشعبة الاعلامية في ناسا مؤخرا، والتي تشكل عملية اطلاق الأقمار الثلاثة مرحلة متقدمة منها:
المرحلة الأولى، تمت في 24 تشرين الأول/ اكتوبر 1998، حيث أطلق القمر الاصطناعي ديب سبايس 1 ، والذي كانت مهمته الأساسية دراسة الجسيمات التابعة للنظام الشمسي,, وكان ديب سبايس أول قمر يعمل بنظام الاطلاق الأيوني وبنظام الملاحة الفضائية الذاتية, وكان ذلك القمر الاستكشافي قد وصل في الثامن والعشرين من تموز/ يوليو 1998 الى ضواحي مجرة برايل .
المرحلة الثانية تمت في الثالث من كانون الأول/ ديسمبر 1998، وتمثلت باطلاق قمرين آخرين من ديب سبايس 2 ضمن برنامج مشروع استكشاف المريخ , وقد نجح القمران فعلا في الهبوط بسلام على أرض المريخ خلال الأيام الأخيرة من العام الماضي, وكانت مهمة القمرين دراسة وتحليل الخصائص الحرارية لمناطق الضاحية الفضائية للكرة الأرضية,, اضافة الى استكشاف امكانية وجود جليد في باطن أرض كوكب المريخ.
أما المرحلة الثالثة، وهي بعنوان عملية مراقبة الأرض فتتمثل مهامها في دراسة الحقل المرئي من الأرض ومنطقة الأشعة ما تحت الحمراء المحيطة بها,, ومن المنتظر اطلاق القمر الصناعي الذي سيتولى تنفيذها في الخامس عشر من كانون الأول/ ديسمبر المقبل، بحسب روزنامة ناسا , وسيكون من مهام هذا القمر أيضا اختبار أجهزة رؤية ومراقبة جديدة لاعتمادها، في حال نجاحها، في تجهيز الجيل القادم من أقمار لاندسات 7 الاصطناعية القزمة.
الأقمار الثلاثة الصغيرة سبايس تكنو 3 المزودة بتلسكوبات فائقة القوة رغم صغر حجمها، سوف يجري اطلاقها في العام 2003، وسيكون في طليعة مهامها استكشاف كواكب وحقول فضائية لم تصل إليها عيون التكنولوجيا الفضائية البشرية حتى الآن.
عن مجلة:يو, إس,إيه توريه

أعلـىالصفحةرجوع















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved