أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 9th January,2001 العدد:10330الطبعةالاولـي الثلاثاء 14 ,شوال 1421

مقـالات

وقفة مع النفس
د , عناد العجرفي العتيبي
جبل الانسان على حب الحياة وحب كل ما يدفعه الى المزيد من خيراتها, فالمال والبنون زينة الحياة الدنيا، وكذلك الجاه والسلطان والشهرة واشياء كثيرة اخرى,.
وفي خضم هذه الحياة وهذه الامنيات ولاسيما مع تعدد المشكلات وتشابك المسؤوليات على عاتق الانسان سواء المسؤولية الاسرية او العملية او التجارية وما الى ذلك,, في زحمة كل هذه المشاغل والمشاكل والضغوط يظل الانسان في امس الحاجة الى وقفات مستمرة متجددة مع النفس يحدد فيها طبيعة مساره ويدرك أين هو؟؟ ماذا حقق في امسه ويومه وعامه وما الذي ينشده في غده القريب او البعيد,, كل شيء في حياة الانسان اليومية في حاجة لمراجعة بل وحاجة ماسة جداً ودراسة وتقويم لاستخلاص النتائج الإيجابية والسلبية من كل خطوة يخطوها، واثر كل لحظة نحياها.
فعلاقة الانسان مع ربه سبحانه وتعالى تحظى بالاولوية في هذا المجال ليطمئن اولاً انه يخافه ويتقيه ويخشى عقابه ويكره الشرك به, وقد رسم الله تعالى للانسان كيفية العبادة وامره بعدد من الطاعات الاساسية التي اذا قام بها استطاع ان يقيم على الصراط المستقيم ويهتدي في دنياه واخراه.
وتعتبر الصلاة عماد الدين وهي في حقيقتها ليست مجرد عبادة عادية انها وقفات يومية خمس يجتهد الانسان المسلم خلالها ان ينسى الدنيا كلها ويرتاح من اعبائها لحظات يسعد فيها يطلب المدد النوراني العظيم من خالق الكون كله والعباد، فإذا هو يجد في نفسه الطاقة التي تدفعه وتلهمه الرشد والصواب في كل شؤون حياته,, وصدق الله العظيم اذ يقول (ولله جنود السموات والارض),, (ألا بذكر الله تطمئن القلوب) وهكذا يعيش الانسان وقفات في الصلاة يجدد فيها إيمانه ويستزيد فيها قوة على معرفة الحق ويلهمه الله نورا يفرق به بين الحلال والحرام وبين الطيب والفاسد وبين الصالح والطالح,, وما احوجه في كل حياته الى كل ذلك البيان والتبيان الواضح, حتى يصل الى النفس المطمئنة الراضية المرضية.
كذلك يحتاج الانسان,, كل انسان منا الى وقفات مع نفسه يراجع فيها علاقاته مع الناس,, كل من يتعامل معه,, هل يؤدي ما عليه من حقوق وواجبات لهم,, هل يوفيهم حقهم ام يبخسهم هذا الحق, ايا كان نوعه مادياً او معنويا او ادبياً وأول الناس واولاهم هنا الاقربون الآباء والابناء والاهل والجيران وجماعة المسلمين واذا كان قد بدأ بابيه وأمه وزوجته وبنيه فلابد ان يدرك مسؤوليته الكبرى في رعايتهم الكاملة والشاملة كحق من حقوقهم وليس على سبيل المنة او الهبة ووسائل الرعاية كثيرة وأساليب العناية متعددة ومتصلة.
يكاد لا ينفك المرء منها ليل نهار، إنها مسؤولية جسيمة ولابد من القيام بها على اكمل وجه بتوفير المودة والرحمة اولاً ثم بالوان الخير والإحسان عليهم وإليهم قدر المستطاع دون رياء, ولعل أهم الوقفات التي يحتاج الانسان اليها والتي تؤثر كثيرا على مسيرة حياته وقفاته مع العمل الذي يقوم به,, هل يخلص له باعتباره رسالة لابد من ادائها بمنتهى الدقة والامانة والاتقان ام ان العمل بالنسبة له امر اعتيادي يهدف فقط الى حصوله على المال وسبب للكسب ايا كان نوعه مشروعاً ام غير مشروع, ثم هل يجتهد في عمله الى حد التطوير والابداع فيه ام يؤديه اداء ميتاً ربما لا يؤتي ثماره المرجوة او قد يضر به الغير بدلا من ان ينفع الناس به وخاصة إن كان عمله هذا يتعلق بمصالح الناس هل يخفف عنهم!! ام يعذبهم,, هل يؤدي عمله بنفس راقية ووجه بشوش وابتسامة,, ام يؤديه بغير نفس وبوجه عابس وسوء معاملة للمراجعين.
ايضا ومن اهم الامور في حياة الانسان ان يفكر مليا في مشوار حياته الشخصية على المستوى الذاتي وان الله لم يخلقه عبثا انما لعبادته وطاعته واداء ما طلب منه على اكمل وجه في عبادته وعمله ومنزله,, في إنفاقه وإمساكه فيما يبذل من فكر وعطاء لنفسه وللآخرين ليومه وغده,, كيف يتفاعل مع الناس والمجتمع ليكون عضوا صالحاً نافعاً وكيف يتفاعل بتفاعل مع كل مجريات الامور من حوله ليكون حيا فاعلاً في استثمار عمره كله لحظة بلحظة كله الا لحظات,, ان الحياة دقائق وثوان.
جرب نفسك هذه الوقفات, راجع نفسك وحاسبها, لأن المحاسبة ضرورية انفاذا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم (حاسبوا انفسكم قبل ان تحاسبوا وزنوا اعمالكم قبل ان توزن عليكم) ولمحاسبة النفس فوائد عظيمة بحثها العلماء وكُتب فيها كتب كثيرة.
تأمل جيداً تلك الحياة من حولك وتأمل موقعك,, حاول واجتهد يوما,, وفي كل موافقك وتأكد أنك ستسير الى الافضل باذن الله تعالى لماذا؟ لان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم,.

أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved