أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 9th January,2001 العدد:10330الطبعةالاولـي الثلاثاء 14 ,شوال 1421

مقـالات

شدو
العرب وثقافة (الصديق وقت الضيق!) (12)
د, فارس محمد الغزي
كما هو الحال في العديد من أوجه الحياة الاجتماعية، ثمة ازدواج قيمي في الثقافة العربية تجاه مفهوم الصداقة, إنه ازدواج ترعرع في رحم الصراع بين مثالية ما هو مفترض أن يكون وكينونة ما هو كائن ، مما عمق من الفجوة الثقافية القابعة برزخيا! بين معالم المثالي/ المأمول وعالم الواقع المعاش, إنه ازدواج له من تفاصيل التفاصيل ما يتجاوز الحيز الفكري المتاح ورقا هنا وواقعا هناك ومع ذلك فدعوني! أدعوكم الى أخذ نزهة استقرائية قصيرة الى عالمي المثالي والواقع شريطة ان تصطحبوا بمعيتكم ذهنيا! أمثال من قبيل: الصديق خير من ألف قريب ,, رب أخ لك لم تلده أمك ,, الصديق وقت الضيق ,, فأكثر ما استطعت من الصديق ,, احذر عدوك مرة واحذر صديقك ألف مرة ,, عدوك من صديقك مستفاد فلا تستكثرن من الصحاب ,!!
إن العرب لا يمتلكون القدرة الفكرية لأن يُفعِّلوا إيجابيا فيستثمروا، داخليا وخارجيا، ما لديهم من قيم ومعايير ثقافية كمعايير الصداقة مثلا بما يعود عليهم وعلى قضاياهم المصيرية بالنفع والفائدة، الأمر الذي لم يؤثر سلبا وضعفا وحربا على علاقات العرب مع العرب فحسب، بل أيضا أعاق العرب من أن يستدمجوا ما هنالك من قيم عالمية ضرورية للتعامل والتفاعل والتواصل والاستثمار البنَّاء في المحافل والأوساط الدولية، سياسة، واقتصادا، وعسكرية,, إلخ، وهذا ما يفكك لنا طلاسم وأسرار ما هنالك من قبول واعجاب عالمي بإسرائيل الاستعمارية المغتصبة، قياسا على ما يتلقاه العرب، ذوو الحقوق المغتصبة، من تجاهل وتحقير واستغلال, فقط أمعنوا النظر في مواقف العرب مع من وقف بصفهم من الأجانب تأييدا ومناصرة لقضاياهم وحقوقهم المشروعة، وحينها ستتضح لكم أبعاد ومعالم ما أعني آنفا, إنه من الثابت، تاريخيا، أن صراعنا مع الصهيونية العالمية قد شهد مبادرات ومبادرات من قبل أفراد شرفاء من الغرب والشرق على حد سواء دفاعا عن حقوقنا المغتصبة، ومع ذلك فحقائق الواقع تشهد بأننا لم نرد الجميل بأحسن منه، أو على الأقل بمثله، بل لم نقدم لهم ما يصل الى أدنى درجات قيم الوفاء الرائجة مثاليا في كل حدب وصوب من الثقافة العربية، خصوصا إذا علمنا ان منهم من سقط في براثن الصهيونية ودفع ثمن جريمة مناصرته للحقوق العربية الى حد الموت, إن تاريخنا المعاصر يشهد علينا بأننا وإن شمرنا عن سواعدنا، فسرعان ما تنكمش سواعدنا تخاذلا وتنصلا على الرغم من صراخ المثالي وهما وزهوا في أجواء وجنبات مستشفى الثقافة العربية! حيث يرقد الواقع مريضا بالقهر, لا غرو، إذن، ان تمتهن الظاهرة الصوتية! الاختباء خلف الصمت رغم ما يسطع في الأفق من شمس حقائق سقوط مناصريها ضحية لانتقام الأخطبوط الصهيوني الغادر, لعلكم تتذكرون تفاصيل تجربة عضو مجلس الشيوخ الأمريكي السابق باول فندلي: Pfendley ، مؤلف كتاب من يجرؤ على الكلام: They dare to spak out ؟ حسناً، ففي أوائل الثمانينات الميلادية، أصبح هذا الأمريكي النظيف هدفا لنيران إعلام بني صهيون لا لشيء سوى أنه أجرم بتأييده للحقوق العربية المغتصبة,, ليخوض ضدهم صراعا تلو آخر، وفي الأخير ينجح اليهود في تشويه سمعته، فالقضاء على مستقبله السياسي من خلال الحيلولة دون ترشيحه في الانتخابات,, لينزوي في النهاية ويلفه النسيان في دهاليز النسيان، لاعقا جراح جراءته على الصهيونية من جهة، ومتجرعا خيبة آماله في الوفاء العربي المجلجل في الآفاق مثاليا ، الواقع على أرض الواقع عدما!.
ختاما: من ذا الذي يملك القدرة ليفك ويفكك! لنا طلاسم التركيز التاريخي لكتبنا التراثية على قصة السموأل كرمز للوفاء العربي؟ أليس السموأل هذا يهودي ابن يهودي؟! ,, إذن من رشحه! رمزا لأنقى صيغ الوفاء في التاريخ العربي,, رمزا لا تفتأ المناهج الدراسية تلقنه تأصيلا في ضمائر أطفالنا الأبرياء!,, رمزا يؤكد لنا انتفاء الوفاء لدينا، وإلا ما هو السر وراء اختيارنا هذا,,؟ ألم نجد قصة وفاء عربية مؤهلة لتكون رمزا للوفاء العربي؟! ,.
في شدو يوم الخميس، نواصل إن شاء الله استعراضنا لأعراض وآثار داء الازدواج الثقافي المكتسب,,!
للتواصل: ص,ب454 رمز 11351 الرياض

أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved