أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 9th January,2001 العدد:10330الطبعةالاولـي الثلاثاء 14 ,شوال 1421

مقـالات

مركاز
اكتئاب العرب!
حسين علي حسين
ما هو السر في إصابة أكثر من (25) مليون عربي بالاكتئات؟ كما صرح الدكتور احمد عكاشة طبيب الامراض النفسية بمناسبة انعقاد دورة للبرنامج العربي للوقاية وعلاج الاكتئاب,, عدت بعد هذا التصريح الذي لم أعد أدهش له، الى سنوات مضت عندما لم يكن في أي بلد عربي، اكثر من مستشفى واحد للأمراض النفسية والعصبية، وكانت مثل هذه المستشفيات مثار سخرية وتندر الجميع، وكان العرب في ذلك الوقت من الأصحاء والاستثناء قلة، وهذه القلة كان يتم ادخالها الى القلعة التي يطلق عليها في المملكة شهار وفي مصر العباسية وفي الشام العصفورية حيث الداخل الى هذه القلاع مفقود، والخارج منها مولود، واما في طريقه الى دار البقاء!!
خارج هذه القلاع لم يكن يوجد، كما هو الآن، عيادات ومستوصفات خاصة للأمراض النفسية والعصبية، وحتى الذي يعاني من هذه الامراض، كان يعرض أولاً على بعض مدعي التطبيب في هذا المجال، ليغرق اياما وسنوات، في وصفات لا اول لها ولا آخر، وبعض المعالجين الذين يتميزون بميول عدوانية، لا يلجأون الى الأدوية والأدعية، فمثل هذه الامراض الشيطانية من وجهة نظرهم، لا علاج لها، إلا بالدخول على الشيطان نفسه، باللين اولاً ثم بالعنف، حيث تنزل العصي والكرابيج على المرضى، واذا لم تفلح يتم اللجوء الى السلاسل، حيث يكتف المرضى ويتم التخلص منهم برميهم في الأقبية لأيام او سنوات لعدم رغبة بعض الاهل في ان يعرف أحد من الناس أو المعارف، بأن لهم ابناً أوبنتاً في مستشفى المجانين,,!!
وفي السنوات الأخيرة حصلت طفرة في المستشفيات والمستوصفات والمراكز الصحية والعيادات الخاصة بعلاج الامراض النفسية والعصبية، وثبت ان هذا النوع من التخصص الطبي، مثل مناجم الذهب، فهو يدر دخلاً لا يستهان به، بل إن حب المال جعل العديد من اصحاب اماكن العلاج والاطباء، يضاهون اللصوص في تعاملهم مع من قضى حظهم العاثر، ان يصابوا بهكذا امراض، فالمريض قد يدخل الى هؤلاء بمحض ارادته، وبروح حضارية، معتبراً ان مرض النفس لا يختلف عن مرض الجسد، عكس الفكرة الاجتماعية التقليدية، التي تنظر الى كل من يدخل عيادة طبيب نفسي، بأنه مجنون أو في طريقه لان يصبح مجنوناً، هذا المريض الحضاري، قد يتحول في بعض العيادات او المستشفيات الى مريض رسمي غارق في الوهم والادوية، وربما فقد رشده تماماً، بعد ان يكون قد فقد مدخراته ومدخرات اهله وعمله، فلا رحمة ولا وعي، في التعامل مع هذه الفئة من المرضى,, والسبب ضمان وجوده في العيادة او المستشفى، في استغلال بشع لمرضه!!
وأصبح عاديا الآن ان يبحث اهل كل مريض عن الطبيب الثقة لزيارته، وطرح آلام مريضهم عليه، بعد ان اصبح هذا النوع من العلاج مكلفاً ومصاريفه تخضع لمنطق الطبيب,, وحرصه على زيادة غلة مستشفاه من هذا المريض!! والمرضى في ازدياد ومعهم الاطباء والمستشفيات والمستوصفات والمراكز الصحية، فالذين يتحدثون مع انفسهم في الشوارع كثر، والذين تنتابهم حالة هياج في العمل والمنزل والشارع لا حصر لهم، وكلهم ضحية ظروف، قد تكون طارئة وقد تكون موروثة,, ولأن لا احد يبحث ويدرس ويحلل، اصبح كل هؤلاء يدخلون في فك السباع، حيث هناك من يقبل على فريسته حباً في مالها، وحيث من ينفسون عن عقدهم وآلامهم الخاصة في هؤلاء التعساء، وأدواتهم الضرب والشتم والحبس والتجويع، وهم في مأمن، فالمدعي مجنون!!

أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved