أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 12th January,2001 العدد:10333الطبعةالاولـي الجمعة 17 ,شوال 1421

مقـالات

من نوادر الكتب: الفريد في تقييد الشّريد
د, محمد بن سعد الشويعر
هذا كتاب في الصقور والقنص، لقد لفت نظري إليه وتقديمه للقراء، لمادته وموضوعه، أمران,, أما الأول: فهو ما وجدته في مجلة الهداية العدد 3 السنة 25 لعام 1421ه، وجاء فيه عن وفاة الشيخ مصطفى كمال التّارزيّ، الذي كنت التقي به دائماً في مكة، وهو من خيرة من عرفنا من علماء تونس، وهو مؤسس مجلة الهداية التي صدر أول عدد منها في رمضان عام 1395ه، حيث توفي يوم 22 جمادى الأولى سنة 1421ه,, رحمه الله.
فقد بحثت عما كان يمدّني به رحمه الله من الكتب، علاوة على المجلة: الهداية التي تصلني بانتظام,, فوجدت منها هذا الكتاب: الفريد في تقييد الشّريد، وتوصيد الوبيد تأليف أبي القاسم بن محمد بن عبدالجبار الفجيجيّ الذي جاء بتقديم وتحقيق الدكتور: عبدالهادي التّازيّ، عضو أكاديميّة المملكة المغربية، ونشره المعهد الجامعيّ للبحث العلمي بالمغرب عام 1983م، ومنه يبرز أن التارزيّ عائلة تونسية، أما التازيّ، بدون راء فهي عائلة مغربية,.
كما بان لي أن الشيخ مصطفى التارزيّ رحمه الله، كانت اهتماماته وكتاباته دينية، حيث كان يشرف على دار الشعائر الدينية بالوزارة الأولى، وكان له جهود فيها، وفي بحوثه ومقالاته المتتابعة في مجلة الهداية,.
أما الدكتور عبدالهادي التازيّ، فاهتماماته وكتاباته في البحث العلمي والتحقيق، التاريخ السياسي، حيث قاده عمله السياسي في تمثيل بلاده في الخارج، إلى تأليف كتاب جيّد في موضوعه طبع عام 1406ه يقع في عشرة مجلدات وسماه: التاريخ الدبلوماسي للمغرب، من أقدم العصور إلى اليوم,, ولعله يتاح التعريف به وعرضه.
أما الثاني: فهو أن في المملكة اهتماماً منذ القديم بالقنص، ومعرفة أنواع الصقور وتدريبها,, وهذا هو موسمها ولعل هذا العرض مما يؤدي لتأصيل هذه الرياضة، ورصد تاريخها وفوائدها وجوانبها، وما قيل فيها ليخرج في مؤلف يثبت للأجيال المقبلة كجزء من تاريخ هذه الرياضة، وما فيها من فوائد، جُعل بعض منها في هذا الكتاب.
الكتاب الذي جاء في 254 صفحة من القطع المتوسط، هو تقديم وتعريف، ثم شرح لقصيدة سمّاها الشاعر إبراهيم الفجيجيّ: روضة السلوان تبلغ 214 بيتاً في الصيد والقناص، وما يجب على القانص، قد وزّعت أبياتها على العناوين التالية: منافع الصيد، القانص، الصقر، الحبارى، تمنّى عودة أيام الصّفر، العاذل الحسود، التأسف على الماضي، معاشرة القنّاص، الاهتمام بالخيل، اخوان الصّدق، عتاب النفس والتضرع إلى الله، وصف الطرد، فقه الصيد، وواجبات القانص، الشاعر في حال اصطياده، مناجاة القارئ.
ويبدو أن هذه العناوين من وضع الشارح: أبي القاسم بن محمد بن عبدالجبار الفجيجيّ لهذه القصيدة العينيّة، التي فرغ من شرحها عشيّة الاثنين سادس عشر 16 ذي الحجة عام 986ه أي منذ 335 سنة,, لكن لم يتضح لنا متى قالها الشاعر,.
والمحقق الدكتور عبدالهادي يذكر في تقديمه أن: هواية الاصطياد بواسطة ما يسمّى إلى اليوم الطير الحرّ أو: الصقر كما يعرف في الاستعمال المشرفي، من الهوايات التي اخذت بلب المغاربة على مرّ العصور، وتعتبر من أبرز المظاهر الحضارية، وعلاوة على أن الصقر أو الطير الحرّ كان له دلالة سياسية في منتهى اللطف والظرف، إلى جانب قيمته كأداة صيد رفيعة، فهو يقدّم هدية عندما يتم تبادل السفارات بين الأمم قديماً,, ففي عام 738ه أهدى السلطان أبو الحسن المريني لملك مصر الناصر تشكيلة من البزاة والصقور بلغت 34 طيراً.
وفي القرن الحادي عشر اهتم عهد السّعديين بالحديث المسهب عن هواية القنص بالصقر، سواء على الصعيد الوطني، أو على الصعيد الدولي، فقد كان مما رصد: ان تهادي الصقور بين المغرب وعدد من الدول الأوروبية كان سائداً ومنها: فرنسا وهولاندا، وإسبانيا والبرتغال وانجلترا.
والسلطان سيدي محمد بن عبدالله العلوي المتوفى عام 1204ه كانت بينه وبين عظيم الدانمارك: كرستيان مراسلات في موضوع الطيور الجوارح، التي كان العاهلان يتبادلان التّهادي بها والتّباهي,, وهكذا بقية ملوك المغرب، والشمال الأفريقي كانوا يهتمون بالصقور وباستجلابها، وبالصيد، حيث السلطان مولاي الحسن الأول، قد وجدت مراسلات منه طلب فيها بتاريخ 2 ذي القعدة من عام 1203ه من أحد البيّازين: أن يبعث إليه على عجل بالبزاة المدرّبة على الصيد.
كما أنه بعض القواسم وهم ورثة هذه الهواية في منطقة دكّالة من تكاليف الدولة ، مقابلة إطعامهم للجوارح والعناية بها.
بل ذكر ان المصادر الأوروبية تحدّثت عن وزير خارجية المغرب: عيسى بن عمرو، بأنه وحده كان عنده زهاء التسعين صقراً، علاوة على مائتي كلب سلوقي، وأربعمائة فرس، مما يدل على الاهتمام الكبير بالقنص والخروج إليه وتوفير أسبابه,, أما عن اهتمام ملوك المغرب بهذا الطائر فانه:
يذكر أن الملوك كانوا يهتمّون بأمر الصقر الجارح، كما ذكر ابن حيان في كتابه المقتبس، فيبذلون العطاءات السخيّة لاقتنائه وتربيته، ومن ثمّت، يوجد رسمة على الرايات والأعلام، في قصور قرطبة، وهي تستقبل بني ادريس.
أما المنصور المتوحديّ المتوفى عام 595ه فقد جاء في عهده، عن ترجمة القائد محمد بن عبدالملك بن سعيد الغرناطي انه كان يخرج للصيد فيسمع لركبه دويّ جلاجل البزاة، ومناداة الصيادين، ونباح الكلاب.
كما تميّز عهد الوطّاسيين بالمملكة المغربية بظهور هذه القصيدة التي يمثلها الكتاب التي راجت منذ القرن العاشر.
وفي القرن الحادي عشر امتاز عهد السّعديين بالحديث المسهب عن هواية القنص بالصقر، ثم مع ظهور الدولة العلوية أخذت ممارسة الصيد بالباز مكانها على أنها وظيفة من وظائف الدولة، وبرز لقب البيّاز، على نحو ما يسمع عن شيوخ الرماية ورؤساء البحر، ويظهر ان بروز الاهتمام بالصيد وطيورها الجارحة، قد برزت في المشرق الإسلامي، قبل المغرب، فقد جاء في مقدمة ابن خلدون: عن ميزانية بغداد قبل ألف ومائة سنة: أن البزاة والصقور، ضمن موارد الميزانية التي تجبيها الدولة، من الجزيرة وما يليها من أعمال الفرات، ومن نفقات بيت المال أيضاً، ما يصرف يومياً على أصحاب الصيد من الصّقّارين والبازياريين، وعلى طعام وعلاج الجوارح.
وفي شرح هذه القصيدة المطوّل، نرى الشارح أبا القاسم بن محمد الفجيجيّ، تعرّض في استطراده الى كيفية تربية الطير الحرّ على الاصطياد، وأبان أن مهنة الصقّار، أو البيّاز في منتهى الدّقة، لأنه يحتاج إلى معرفة جيدة بأخلاق طيوره الصقور وطبائعها، ودرجتها في الادراك، والتّنبّه واليقظة، وأن على الصّقّار ان يدرّب صقوره على صوت خاص، يطلقه عندما يريد إرسالها، وعلى صوت خاص عندما يريد استدعاءها.
وعلى هذا الصّقّار أن يقدّم لصقره الطعام، حتى يعرف انه هو وليّه، وصاحب النعمة عليه عندما يحتاج إلى القوت، وهذا من ذكاء وفطنة الصقر، وحنكة ومعرفة صاحبه في تدريبه وتعليمه، مما يجعل من هذا الطير الجارح الذي كان متوحّشاً وفاتكاً، أداة طيعة مهذبة، بين يدي مدربه على مرّ الأيام، حيث يرسله في عنان السماء على الحبارى، ليطاردها حتى يمسك بها، وينزلها من السماء إلى الأرض، ليتغذى عليها هواة الصيد، لأنهم يتلذذون بذلك، والشاعر عندما يتحدث عن الصقر، ثم بما يسهب فيه توضيحاً الشارح، يشعر القارئ معه بان الشاعر يؤدّي وصفاً دقيقاً لهذا الطير الصقر مبيّناً المثالية التي ينشدها الصّقّارون الماهرون, ليصف ما كانوا يهتمون به من التجهيزات، المقترنة به مثل: الجلاجل والخلاخيل فضيّة وذهبية، التي ينقش عليها اسم المالكين له، والبراقع والسّيور، والقفّاز الذي يكون على اليد اليسرى للصّقّار، فيحمله عليها، والبرقع عليه، ثم اذا أراد اطلاقه خلف الفريسة، نزعه عنه، وعندما يعود من رحلة الصيد يقع على القفاز، ليلبسه الصّقّار برقعه، أو يضعه على المركاز.
فالخلاخيل فضيّة من باب المغالاة في مكانة هذا الطائر الحرّ، المميّز بين الطّيور، والجلاجل ذهبيّة ولها مهمتان: الأولى: إخافة الحبارى وهي في السماء بصوتها، حيث لم تألف مثل هذا الصوت وهي في الجوّ، والثانية: هداية الصيّادين إلى وجهة الصقر ومكانه في السماء، أو عندما ينحطّ إلى الأرض.
وعندما تتهادى الملوك، أو الوجهاء الطيور الحرّة، فإنه لا يراد بذلك تقديم طيور مجردة، كما يهدى الحمام أو الدجاج أو غيرها، ولكن لا يهدى إلا طيور مدربة، وتصاحبها تجهيزاتها المتعددة، والمبالغ فيها من ناحية الجمال والقيمة، لأن ذلك ما هو إلا تعبير عن مكانة المهدي والمهدى إليه، إن الهدايا على مقدار مهديها ,.
مثلما ان الخيول عندما تهدى يصاحبها من يعرّف بها وبسلالاتها وأصولها، مع تجهيزاتها المتمثلة في السرج واللجم والركاب وما إلى ذلك,, ولا يزال في كثير من الحواضر العربية والإسلامية، أسواق تهتم بتجهيزات الصقور والخيول وما تحتاجه من آليات، وتسمى تلك الأسواق: سوق السّروجيّين.
وشارح القصيدة في هذا الكتاب: ينسب للشاعر: كيفية تربية الطير الحرّ على الاصطياد، فهي مهمة شاقّة لا يدركها إلا شخص مجرّب ومتمرّن، إذ ليس كل متولّع بالصقور، يصبح صقّاراً: فمهمة الصقّار في منتهى الدّقة، لأنه يحتاج إلى صبر وسعة صدر، وتمرين متكرر، قد يصل إلى أربعين يوماً، حسب قابلية الصقر، وحسب طريقة الصقّار في تعويده على الأمور، وعلى معرفة صوته، عند الذهاب، والصوت الذي يريده الرجوع بموجبه، ويلعب البرقع دوراً مهماً عندما تغطى عين الصقر، على طاعة صاحبه والائتمار بأمره، ألا ترى أنه وهو على وكره مبرقعاً، عندما يسمع صوت مدرّبه، يتلفّت يميناً وشمالاً، مع أن عينيه مغطّاتان لانه يريد تلقّي الأمر,.
وبعد أن يتدرّب الصقر على الصوت والصورة، يبدأ التمرين على المسافات القصيرة، بحيث يربط الصقر بخيط طويل من قدمه، ويخرج به الصقّار للبرّ، بصحبة شخص آخر يمسك بالطائر، بينما يذهب صاحب الصقر بعيداً عن الشخص الآخر، ويبدأ في النداء لصقره، بصوت عال، وعندما يلاحظ صاحبه أن الصقر يتلفت نحو الصوت يزيح البرقع عن عينيه، ويطلقه من على يده، حيث يندفع نحو صاحبه، الذي عليه أن يبادر باعطائه اللحم, ويتكرر هذا التدريب عدة أيام، حتى تأتي مرحلة التدريب على المسافات البعيدة، وبعد النجاح في المسافات البعيدة، يأتي الانتقال إلى المرحلة النهائية في هذا التدريب، التي يأخذها الصقر باتقان من صاحبه في الأعمّ الأغلب، لأن الصقر لا يحب الكذب ولا القسوة عليه أو اهانته، ولذا سمي حرّاً، حيث تأتي الثقة به لاطلاقه على الحبارى في الجوّ وهي محلّقة,, فسبحان من أعطى كل شيء خلقه وهداه إلى ذلك,.
فمثل أن للفرس صفات وطبائعها يدركها ساستها ومروّضوها، فكذلك الصقور يعرف طبائعها الصقّارون المدرّبون وللأسود مروّضون وهكذا,, يمثل ذلك الشاعر بقوله في الصقر وصفاته مادحاً:


طويل ثلاث، لا كطول بغاثها
جناح وعنق ثم طالت أصابع
قصير ثلاث من: زمكيِّ وريشها
وساق تقوّي الرّسغ إذ هو راصع
رحيب ثلاث وهي ما هي: كفّه
وما بين منكبيه والصدر واسع
عظيم ثلاث: رأسه ثم فخذه
ومنسره لجزر ما هو صارع
عليه سمات الفتك اما نظرته
أطلّت حواجب وغارت مدامع
طموح كثير الالتفات، مسلّط
لأمّ السُّلاح، الدهر منه فجائع
ثقيل متى يحمل، خفيف طلوعه
كأسرع ما في السهم ان هو واقع
ظلوم غشوم من صقور شمارخ
لخزّانها والطير منه توادع
له عدّة من نفسه في مخالب
شديد، سوادها مداد لواسع
يفزّ إلى اليحبور ميلين بكرة
وأكثر بالأصيل، إن هو جائع
بيمناه بارق محيط بزنده
من الفضة البيضاء كالسيف لامع
كذلك في يسراه ثان، وجلجل
تلوّن بالابريز أصفر فاقع
اذا انقضّ خِلت البرق والرّيح عاصفاً
ورعد به رجز على الصيد واقع
دويُّ جلاجل، ولمع خلاخل
وخفق جناح، كل ذلك فاجع
إلى قهر غالب، وصولة سالب
وهتك مخاليب إذا هو سادع

وكان مطلع هذه القصيدة التي قد بدأها بمنافع الصيد حيث أورد في عشرين بيتاً أكثر من أربعين فائدة، كلها تتطلّع إليها النفوس، بدأها بقوله:


يلومونني في الصيد والصيد جامع
لأشياء للإنسان فيها منافع
فأولها كسب الحلال به أتت
نصوص كتاب الله وهي قواطع
فصحِّة جسم ثم صحّة ناظر
وإحكام إجراء السوابق رابع
وبعد عن الأرذال مع صون همّة
وإغلاق باب القيل والقال سابع

والقصيدة مع شرحها مفيدة مع طولها لذوي الاختصاص، المهتمّين بمعرفة فوائد هذه الهواية وما فيها من متعة وطبائع الصقور، وحيلة الحبارى، التي تدرك بما فطرها الله عليه ان الصقر هو عدوها فتسلح عليه اذا امسك بها، لأن سلاحها هو قذرها التي تطلقه من دبرها عليه، كما قال الجاحظ في كتابه الحيوان، وما أودع الله في كل صنف من أمور يدافع بها عن نفسه، أو لاستعمالها في هجومه، وقد أورد المحقق القصيدة نصاً، ثم شرحاً وتحشية، اضافة إلى الفهارس التي بلغت 46 صفحة.
* مصر ونيلها:
أورد بهاء الدين محمد بن حسين العاملي، المتوفى عام 1031ه في كتابه المخلاة عجائب وغرائب، منها قوله: ومما تواتر نقله لما فتحت مصر في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، على يد عمرو بن العاص رضي الله عنه، أتى إليه أهلها وقالوا له: أيها الأمير لنيلنا هذا سنة لا يجري إلا بها، فقال لهم: وما ذاك؟ قالوا: إذا كان اثنتا عشرة ليلة من شهر بئونة من اشهر القبط، عمدنا الى جارية بكر من ابويها، فأرضيناهما وألبسناها من الحلي والثياب افضل ما يكون، ثم القيناها في النيل: فقال لهم عمرو بن العاص: هذا لا يكون في الاسلام، وان الاسلام يهدم ما قبله، واقاموا بئونة وابيب ومسرى، وهي اسماء ثلاثة اشهر للقبط، لا يجري النيل فيها لا قليلاً ولا كثيراً,, حتى انهم هموا ان يخلوها ويرحلوا عنها.
فلما رأى ذلك عمرو بن العاص رضي الله عنه كتب بذلك الى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فكتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه بطاقة، وكتب الى عمرو بن العاص، بما يفعل بالبطاقة فاذا في البطاقة: من عبدالله امير المؤمنين الى نيل مصر، اما بعد فان كنت انما تجري من قبلك فلا تجر، وان كان الله الواحد القهار هو الذي يجريك فنسأل الله ان يجريك، والقى البطاقة في النيل قبل يوم الصليب بيوم واحد وقد تهيأ الناس من مصر للخلو فلما القى البطاقة، اصبحوا يوم الصليب، وقد اجراه الله تعالى ستة عشر ذراعاً في ليلة واحدة فقطع الله تلك السنة السوء من اهل مصر.
واورد عن وهب بن منبّه قال دخل موسى على فرعون فقال آمن ولك الجنة، ولك ملكك قال حتى اشاور هامان فشاوره في ذلك فقال له بينما انت إله تعبد اذ صرت تَعبد، فآنف واستكبر، وكان بداية ولايته ان ملك بالعدل والانصاف، وانما اهلكه حيث اتّخذ بطانة سوء فاسقين، مثل هامان وقارون ومن ضارعهما، ومعلوم ان الله اذا اراد بملك سوءاً قيض له قرناء سوء ولله در القائل:


عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه
فكل قرين بالمقارن يقتدي
إذا كنت في قوم فصاحب خيارهم
ولا تصحب الاردى فتردى مع الرّدي

قال ابن جبير: وكانت مدة مُلك فرعون اربع مائة سنة، وعاش ستمائة وعشرين سنة لم ير فيها مكروهاً، ولو كان في تلك المدة جاع يوماً، او حصل له حمى ليلة، او وجع ساعة لما ادّعى الربوبية، ولم يزل مخولاً في النعمة حتى اخذه الله نكال الآخرة والاولى.
وفي القصة: ان نيل مصر امسك عن الجري في زمن فرعون، فقالت القبط لفرعون: إن كنت رباً فأجر لنا الماء، فركب وامر بجنوده قائداً قائداً، وجعلوا يقفون على درجاتهم، وتقدّم هو بحيث لا يرونه، فنزل عن فرسه، ولبس ثياباً وسخة، وتضرع الى الله فأجرى الله سبحانه الماء، فأتاه جبريل وهو وحده بفتيا وهي ما يقول الامير في عبد لرجل نشأ في نعمته، لا سيد له غيره، فكفر نعمته وادّعى السيادة، فكتب فرعون يقول: أبو العباس الوليد بن مصعب الريان: جزاؤه ان يغرّق في البحر، فأخذها جبريل ومرّ، فلما ألجمه الغرق ناوله خطه واغرقه الله وذلك في بحر القلزم في بحار مصر.
(المخلاة للعاملي ص 263 267)

أعلـىالصفحةرجوع















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved