أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 16th January,2001 العدد:10337الطبعةالاولـي الثلاثاء 21 ,شوال 1421

الاقتصادية

شيء من المنطق
سيكولوجية أسواق النفط العالمية
د, مفرج بن سعد الحقباني*
تتسابق الاحداث مرة اخرى في اسواق النفط العالمية لتثير موجة جديدة من التساؤلات حول مستقبل المتغيرات الرئيسة في اسواق النفط العالمية التي يأتي في مقدمتها من دون شك اسعار النفط العالمية.
فقد لعبت المملكة العربية السعودية بما لها من وزن اقتصادي في مجال انتاج وتصدير النفط دوراً كبيراً في تفعيل وتنسيق التحركات الدولية الشاملة التي استهدفت تحقيق اكبر قدر ممكن من التنسيق بين المنتجين للنفط من داخل وخارج منظمة الاوبك اثمرت عن اتفاق الدول الاعضاء في المنظمة ومعها دول اخرى من خارج المنظمة على تخفيض المعروض النفطي في الاسواق العالمية في بداية عام 1999م بحوالي 2,1 مليون برميل يومياً او مايعادل 2,6%من اجمالي الإنتاج الكلي, ولقد تجاوبت اسواق النفط العالمية وبشكل سريع مع هذا الإجراء حيث تجاوزت اسعارالنفط العالمية حاجز 15$ للبرميل الواحد متجاوزة الحد الشائع في عام 1998 والمتمثل في 10$ تقريباً للبرميل الواحد واستمرت الاسعارالنفطية في الارتفاع التدريجي حتى بلغت حداً غير مسبوق اذا استثنينا الفترة السابقة لعام 1981م, ويمكن في هذا الخصوص القول بان من ابرز العوامل التي ساعدت على ارتفاع الاسعار النفطية في الآونة الأخيرة الآتي:
1 التحسن الملحوظ في معدلات النمو العالمي وبشكل خاص تلك المسجلة في دول شرق اسيا وبخاصة في المرحلة الاولى التي اعقبت انقشاع الازمة الاقتصادية الخانقة التي تعرضت لها الدول الاسيوية مؤخراً.
2 التحسن الكبير في الموقف التفاوضي للدول المصدرة للنفط نتيجة للتحركات الدولية التي استهدفت تنسيق المواقف بين الدول المصدرة للنفط التي اثمرت في النهاية عن مواقف موحدة حول الإنتاج والاسعار المستهدفة في الاسواق النفطية.
3 ارتفاع درجة الالتزام بالاتفاقيات المبرمة بين الدول المصدرة مما ساهم في تحقيق الاهداف المباشرة والمحددة لهذه الاتفاقيات والاهداف غير المباشرة والمتمثلة في الانعكاسات النفسية على سلوكيات وتوقعات المستثمرين في الاسواق النفطية, ففي الفترة السابقة كانت التجاوزات العلنية وغير العلنية للحصص الإنتاجية المحددة للدول الاعضاء هي السمة البارزة مما ادى في كثير من الاحيان الى تعطيل الاتفاقيات المبرمة قبل انطلاقتها والى اضعاف القرار واثره العملي على الساحة النفطية, ولكن الصعوبات الاقتصادية التي واجهتها الدول المصدرة للنفط ساهمت وبشكل مؤثر في اقناع تلك الدول بضرورة الاتفاق فيما بينها والالتزام بما يتضمنه الاتفاق حتى تستطيع التغلب على الصعوبات الاقتصادية من خلال تعديل واعادة توجيه المتغيرات الرئيسة في الاسواق النفطية بما فيها الاسعار الجارية, ومما لاشك فيه فقد كان للتحسن في درجة الالتزام بالقرارات بين الدول المصدرة للنفط دوراً بارزاً في التأثير على سلوكيات جميع المتعاملين في الاسواق النفطية مما ساهم في الدفع بالاسعار الى مستوياتها العالية التي تجاوزت الثلاثين دولاراً للبرميل الواحد.
الا ان هذا الارتفاع الملحوظ في الاسعار النفطية لم يتوافق ورغبات الدول المستهلكة ذات النفوذ السياسي المؤثر التي سارعت الى استغلال الجانب السياسي للضغط على الدول المصدرة للنفط لاتخاذ اجراءات مضادة تستهدف خفض الاسعارالنفطية, وبالفعل فقد استجابت الدول المنتجة للنفط لتلك الضغوط وقامت بزيادة الكميات النفطية المنتجة بهدف زيادة المعروض في الاسواق النفطية والتأثير على السلوكيات النفسية للمتعاملين في الاسواق النفطية كوسيلة لخفض الاسعارالنفطية الى مستويات معقولة في نظر المستهلكين والمنتجين, ولقد ادى هذا الإجراء الى هبوط حاد ومتسارع في الاسعار النفطية نتيجة لتسارع الدول المصدرة والمستثمرين النفطيين الى البيع عند الاسعار المرتفعة نسبياً في الوقت الحاضر تلافياً للهبوط المستقبلي المتوقع, وهنا اعتقد ان من اخطر النتائج الملموسة لهذا الواقع الاخير الآتي:
1 تولد القناعة لدى المتعاملين في الاسواق النفطية باهمية العوامل السياسية المؤثرة في النفط كسلعة اقتصادية ذات بعد سياسي مما قد يؤدي الى تدعيم القناعة بعدم قدرة الدول المصدرة للنفط ذات النفود السياسي الاقل على الساحة الدولية على مواجهة الضغوط السياسية التي قد تلجأ لها الدول المستهلكة للنفط وفي مقدمتها بالطبع الولايات المتحدة الامريكية وفي اعتقادي ان مثل هذه القناعة ستكون سلاحاً قوياً ضد اي توجه مستقبلي قد تلجأ اليه الدول المصدرة للنفط خصوصاً في ظل تباين المواقف بين هذه الدول ودرجة استجابتها للضغوط السياسية.
2 استمرار عمل المتغيرات السيكولوجية لصالح الدول المستهلكة ولصالح الاسعار المنخفضة مما قد يجعل من الصعب على الدول المصدرة التأثير على هذه المتغيرات النفسية وتوجيهها في صالحها مرة اخرى وبخاصة بعد ان اثبتت التجربة الاخيرة عجز الدول المصدرة عن استغلال التغيير الملحوظ في هذه المتغيرات لصالحها.
وبالتالي فإن من المتوقع في ظل الواقع الجديد ان تتجه الاسعارالنفطية نحو الهبوط المتسارع خصوصاً في ظل التوقع بتسابق الدول المنتجة للنفط الى زيادة انتاجها بكميات كبيرة تفوق الحصص المحددة لها رغبة منها في استغلال الاسعار المرتفعة قبل انخفاضها وفي ظل الاحجام المتوقع من المتعاملين في الاسواق النفطية عن الشراء في الوقت الحاضر رغبة منهم في استغلال الاسعار المنخفضة في المستقبل.
وبالتالي فإن من المطلوب في الوقت الحاضر ان تقوم الدول المصدرة للنفط بتحركات دولية جديدة تشمل الدول المصدرة للنفط من خارج المنظمة بهدف تنسيق المواقف الإنتاجية والوصول الى اتفاق ملزم لجميع الاطراف يقضي بخفض الانتاج النفطي الى مستوى ماكان عليه قبل الزيادة الاخيرة على الاقل وذلك من اجل امتصاص الفائض في المعروض العالمي والتأثير على سلوكيات المتعاملين في الاسواق النفطية من خلال اثبات مقدرة الدول المصدرة على التأثير على الاسعار النفطية في الاتجاه الذي يخدم مصالحها المشتركة, كما ان من المفترض في هذا الوقت بالذات ان تسعى الدول المصدرة الى استغلال التباين في مواقف الدول المستهلكة تجاه السعر النفطي المعقول, وهنا اجد ان بالامكان الاستفادة من الدور المزدوج للولايات المتحدة الامريكية باعتبارها دولة منتجة للنفط وفي نفس الوقت مستهلكة له كوسيلة للاستفادة من النفوذ السياسي الامريكي في الدفاع عن الموقف المنطقي والمعقول للمنظمة, بعبارة اخرى يمكن للدول المصدرة للنفط الاستفادة من الدور القوي الذي يلعبه قطاع الإنتاج والاستثمار النفطي في الولايات المتحدة الامريكية لتدعيم موقفها المتزن الساعي الى تحقيق سعر معقول في الاسواق العالمية, كما يجب على الدول المصدرة للنفط الاستفادة من كافة وسائل الاتصال المباشر وغير المباشر لإبراز الاثر الكبير الذي يخلفه النظام الضريبي في الدول المستهلكة على الاسعار النفطية خصوصاً اذا علمنا ان مايفوق 70% من السعر الذي يدفعه المستهلك النهائي هو بسبب الضرائب المختلفة المفروضة على النفط ومشتقاته, باختصار يمكن القول إن الدول المصدرة للنفط تقف على اعتاب مرحلة جديدة تتطلب التوازن في المواقف والقدرة على استغلال العوامل الاخرى بما فيها العوامل السياسية لصالحها, فهل تستطيع ذلك؟ نتمنى ذلك.
أستاذ الاقتصاد المشارك بكلية الملك فهد الأمنية

أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved