أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 19th January,2001 العدد:10340الطبعةالاولـي الجمعة 24 ,شوال 1421

شرفات

حديث الديار
أبواب حلب التاريخية
في القديم كان لكل مدينة أسوار وأبواب وقلاع لحمايتها ولصد هجمات الأعداء عنها، وبإغلاق هذه الأبواب والأسوار يمكن لها أن تصبح آمنة مطمئنة، وحلب إحدى هذه المدن التي تزخر بكثير من المعالم الهامة وقد دلت هذه المعالم على معرفة تاريخها المليء بالمساهمات التاريخية والجغرافية وخاصة في فن البناء والتنظيم.
وأبواب مدينة حلب العريقة والمتميزة في طريقة بنائها وأحكاماتها وكتاباتها التي تدل على من بناها ومن جددها لاحقاً، حيث غدت مضرب المثل بحصانتها ومناعة أسوارها وأبراجها المبنية من الحجارة في أيام الروم ومن الآجر أيام الفرس وظلت هكذا منيعة حصينة إلى أن جاءها التتار وأصبحت تحت قبضة هولاكو عام 658 فخرب أسوارها وأبراجها وأبوابها بشكل وحشي لايوصف، ولايختلف هولاكو عن تيمور لنك الذي أحرقها وهدم ما تبقى منها، وفي كل مرة تهدم كان يعاد تشييدها من جديد نظراً لموقعها الهام وأهميتها الاستراتيجية، فقد كانت محطة قوافل العلماء ممن يقصدون الباب العالي أيام العثمانيين ونقطة الحل التي يرتاح فيها من يودع العاصمة العثمانية قاصداً الحجاز والعراق ومصر واليمن.
إلى ان جاء ملوك الاسلام بعد الفتوحات وعملوا على تجديدها وجعلها متألقة لأنها مركز الغزو والجهاد ومجمع الجيوش والأجناد.
وجاء من بعدهم سيف الدولة الحمداني والملك العادل نور الدين زنكي والملك الظاهر، والملك الناصر صلاح الدين يوسف وكثيرون غيرهم ممن أعادوا لها ألقها ونضارتها.
هذا النتاج التراثي والتاريخي لم يكتب له البقاء والحفاظ عليه بل أصبح مجرد اطلالة وآثار وقد زال القسم الأكبر منه نهائياً نظراً للظروف الموضوعية والتوسع العمراني الكبير الذي تشهده هذه المدينة مع نظيراتها من المدن السورية الأخرى.
ولعل ذكر هذه الأبواب والأسوار مفيد من الناحية التاريخية والآثارية ولو بقيت لكان لها أثر كبير في صياغة السياحة بسورية.
وهنا نتذكر قول الشاعر:


أتتلفها شلت يمينك خلها
لمعتبر أو زائر أومسائل

فماهي هذه الأبواب,,,؟
الباب الأول ويسمى باب قنسرين ويقع في جهة الجنوب وهو من أقدم الأبواب وقد نقلت حجارته من مكان بعيد بين حلب وبالس (مسكنة) اليوم وهذه الحجارة كانت بقايا قصر لمسلمة بن عبدالملك.
جدد هذا الباب أيام سيف الدولة ثم الملك الظاهر ابن الملك العزيز سنة 654ه وقد بنى عليه ابراجاً عظيمة ومرافق عامة كالطواحين والأفران وأمكنة الزيت والماء حتى أضحى كالقلعة المستقلة، حالياً لم يبق منه سوى السور واضحاً بابراجه وخندقه.
الباب الثاني باب المقام أو باب العراق لان من يخرج منه يتجه نحو العراق بناه الملك الظاهر وجدد في الأيام المرداسيين عام 420 ه ثم جدد في عهد نور الدين زنكي، وسمي باب المقام لأن من يخرج منه يتجه إلى المقام المنسوب لسيدنا الخليل (عليه السلام) وعرف مدة بباب نفيس.
الباب الثالث: ويسمى باب النيرب ومنه يتم الخروج إلى قرية النيرب وحالياً هي جزء من مدينة حلب وعرف بباب بانقوسا, بني في أيام الملك الظاهر وأكمله من بعده ولده الملك العزيز ووضعه الحالي مندثر.
الباب الرابع: ويسمى باب الفرج وكان يسمى بباب العبارة، جدده الملك الأشرف المنصور عام 873ه ثم هدم فيما بعد في عام 1301ه ونقلت حجارته إلى ثكنة هنانو الحالية وقد ظهرت بقايا من أساساته وأسواره عند تنفيذ مشروع باب الفرج مؤخراً ووصفه مندثر أيضاً.
الباب الخامس: ويسمى باب النصر أو باب الفراديس وهو قديم ويشكل على ثلاثة أبواب، خربه السلطان الملك الظاهر، ثم هدم ما تبقى منه في مطلع هذا القرن نظراً لوقوعه وسط شارع جادة الخندق الذي تم توسيعه حسب ظروف وطبيعة المدينة الجديدة.
الباب السادس: ويسمى باب الجنان لأن من يخرج منه يصل إلى البساتين التي تلي المدينة جدد في أيام قانصوه الغوري سنة 920م ثم هدم في عام 1310ه ولم يبق له أي أثر لوقوعه في قلب المدينة وضمن مشاريع توسيع وتنظيم المدينة.
الباب الأخير: باب انطاكية وسمي بذلك لأن من يخرج منه يتجه نحو إنطاكية خرب في ايام الملك الناصر سنة 653ه وبني عليه برجان عظيمان وقد رمم في أيام سيف الدولة الحمداني وهذا الباب لايزال قائماً حتى يومنا هذا.
هذه لمحة موجزة عن أبواب حلب التي لها تقليد خاص في البناء المتكيف مع الشروط الطبيعية واستخدام الأحجار الكلسية المتنوعة الألوان والقساوة ولابد من ذكر قلعة حلب الشهيرة وقد عوضتنا عن كل ماتهدم من الأبواب والأسوار والأبراج والتكايا وهي باقية تتحدى الزمن.

العيون في شعر المتنبي
العيون في شعر المتنبي
قال أبو الطيب المتنبي في قصيدة يمدح بها عمر بن سليمان الشرابي:
1 نَرَى عِظَماً بالبَين والصَّدُّ أعظمُ
وَنتَّهمُ الواشينَ والدَّمعُ منهمُ
2 ومن لُبُّهُ مع غيره كيفَ حالهُ؟
ومن يسرُّهُ في جفنيهِ كيفَ يُكتمُ
3 ولمَّا التقينا والنوى ورَقِيبُنا
غفولان عنَّا ظلتُ أبكى وتبسمُ
4 فلم أرَ بدراً ضاحكاً قبل وجهها
ولم ترَ قبلي ميّتاً يتكلمُ
يقول العكبري في شرح البيت الأول: البين: البعد والفراق, والواشون: جمع واش، وهو الذي يشي بأخبارك ويظهرها, والمعنى: يقول: نرى البين عظيماً، وليس كذلك، وربما قطعت مسافته فقرب، والصد لا تقطع له مسافة, وقال الشريف هبة الله بن الشجري في أماليه: نرى عظماً والبين أعظم, والمعنى: أن الحبيب إذا صد فالعين تنظره، وإذا فارق حال البعد به عن النظر إليه، وهو معنى حسن, وقوله: نتهم الوشاة في إذاعة أسرارنا، والدمع من من أعظمهم، لأنه لا يرقأ ويظهر مافي القلب من الوجد، فالأولى أن لا نتهم بإذاعة أسرارنا سوى الدمع, ويقول العكبري عن البيت الثاني: اللب: العقل, والمعنى: يقول: إذا كان عقلك مع غيرك كيف يكون حالك؟ وإذا كان سرك في جفنك كيف تقدر على كتمانه؟ يريد: ان الدمع يظهره، وهو تفسير العجز في البيت الأول, ويقول العكبري عن البيت الثالث: المعنى: يقول: لما التقينا، وكان الرقيب والفراق غافلين عنا، ظلت أبكى وهي تبسم، تعجباً من حالي، ودلالاً عليّ ويقول العكبري عن البيت الرابع: المعنى: يقول: لما التقينا وضحكت وبكيت، فلم أرَ قبلها بدراً ضاحكاً، ولم ترَ قبلي ميتاً متكلماً.
يقول أبو الطيب في بيته الأول من أبياته الاربعة السابقة: نرى البعد والفراق عظيماً، وليس كذلك فمن اليسير والممكن الوصول إلى المحبوب، ولكن الصد والهجر أقسى وأمر على المحب لأنه لا تقطع له مسافة ولا تشد إليه الركاب، وقد يكون المحبوب قريبا منك ولكنه صاد عنك فتتهم الوشاة في ذلك، ولكن دمع المحب العاشق الوله هو أعظم مذيع للسر بين المحبين، لأن وكما يقول الشاعر في بيته الثاني: إذا كان عقل المحب مع محبوبه وسره في جفنيه كيف يقدر على الكتمان؟, وبين أبو الطيب في بيته الثالث، أنه التقى بمحبوته، وليس هناك لا بعد ولا رقيب ظل هو يبكي وهي تضحك تعجباً من حاله ودلالا عليه، ودمعه كشف سره وبين ما في نفسه تجاهها، وهنا نتبين أن الدمع كان هو الفيصل في إفشاء السر، ومع هذا وكما يقول في بيته الرابع: لم يرَ بدراً ضاحكاً قبل وجهها لجماله وحسنه وإشراقه وهي لم ترَ قبله ميتاً باكياً يتكلم, ونتبين من أبيات شاعرنا هذه أن العين بدموعها ونظرها مقياس لما يجول في نفسية الإنسان.
وقال المتنبي في قصيدة يرثي بها جدته لأمه:
1 بكيت عليها خِيفةً في حياتها
وذاق كلانا ثُكلَ صاحبه قِدما
يقول العكبري في شرح هذا البيت: المعنى: يقول: كنت أبكي عليها في حياتها خوفاً من فقدها، فتغربت عنها، فطال تغربي، فثكلتها قبل الموت وثكلتني.
وقال الشاعر في قصيدة يمدح بها كافوراً:
2 رحلت فكم باكٍ بأجفان شادنٍ
عليَّ وكم باكٍ بأجفان ضيغم
يقول العكبري عن هذا البيت: الشادن: ولد الغزال، وهو فوق الطلا, والضيغم: من أسماء الأسد, والمعنى: كم رجال يبكون عليّ، ويجزعون لارتحالي عنهم، فالباكي بجفن الشادن المرأة المليحة، والباكي بأجفان الضيغم الرجل الشجاع الكريم.
وقال أبو الفتح: بأجفان ضيغم، يريد سيف الدولة، وهذا وفاء لما أوعد به من قوله: ليحدثنّ لمن فارقته ندم (هذا في القصيدة التي قالها أمام سيف الدولة يعاتبه فيها).
وقال أبو الطيب في قصيدة يهجو بها إسحاق بن ابراهيم بن كيغلغ:
3 لا يخدعنّك من عدوٍّ دمعه
وارحم شبابك من عدو ترحم
يقول العكبري عن هذا البيت : المعنى: يقول: لا تنخدع ببكاء العدو، واحذر نفسك من عدو ترحمه، فهو إذا ظفر بك لم يرحمك.
لقد تطرق أبو الطيب في أبياته الثلاثة السابقة إلى ضروب من الأسباب المسببة للبكاء وسيلان الدموع, ففي بيته الأول وضح أنه كان يبكي على جدته لأمه وهي حية بسبب خوفه من فقدها وتغربه عنها، وهنا نتبين أن بكاءه كان صادراً عن عاطفة جياشة لصلة القرابة بينهما وأن جدته كانت مثل أمه أو أكثر, وبين في بيته الثاني ان بعض النساء الجميلات بكن عند رحيله، وهذا البكاء نتيجة لمحبة وإعجاب وربما لشق، أما من بكى عليه بأجفان ضيغم فهو بكاء محبة وود وإخلاص.
أما في بيته الرابع فقد وضح عن بعض الدموع تسكب غدراً وحيلة وخداعا.
وقال أبو الطيب المتنبي في قصيدة يمدح بها هارون بن عبدالعزيز الأوارجي:
ولجُدتَ حتى كدت تبخل حائلاً
للمُنتهى ومن السرور بكاءُ
يقول العكبري في شرح هذا البيت: المعنى: يريد أنك قد بلغت في الجود أقصى غايته، وطلبت شيئاً آخر وراءه فلم تجد، فكدت تحول، أي ترجع عن آخره لما انتهيت فيه، إذ ليس من شأنك أن تقف في الكرم على غاية بعد بلوغك غايته, وقوله: للمنتهى ، أي من أجل المنتهى، وهو مصدر كالانتهاء، وأكد المعنى بقوله: ومن السرور بكاء , فهذا من أحسن الكلام، أي إذا تناهى الإنسان في الجود كاد أن يعود إلى البخل, وقوله: كاد يفيد أنه لم يطلق عليه البخل.
لقد سبق وأن ذكرنا أن الدموع تخرج من العين عندما يكون الإنسان في حالة سرور مصحوبة بضحك.
وقال المتنبي في قصيدة يعزي بها سيف الدولة عن عبده يماك:
1 فرُبَّ كئيب ليس تندى جفونهُ
ورُبَّ كثير الدمع غيرُ كئيب
يقول العكبري في شرح هذا البيت: المعنى: يريد أن الدمع ليس بعلم للحزن، فقد يحزن من لا يبكي، وقد يبكي من لا يحزن.
وقال الشاعر في قصيدة يمدح بها عضد الدولة:
2 إذا اشتبهت دموع في خدود
تبيَّن من بكى ممن تباكى
وقال أبو الطيب في قصيدة قالها في صباه:
3 حاشى الرقيب قخانته ضمائره
وغيّض الدمع فانهلّت بوادره
4 وكاتم الحب يوم البين منهتك
وصاحب الدمع لاتخفى سرائره
يقول العكبري عن البيت الثالث: حاشاه: توقاه وتجنبه, والضمائر: جمع ضمير، وهو ما يضمره الإنسان ويخفيه, وغيض الدمع: نقصه وحبسه، وانهلت: انصبت بوادره، وهي سوابقه, والمعنى: يقول: لما نظر إلى محبوبته، فتوقى الرقيب، وأراد أن يحبس دمعه، خانته الضمائر والدمع، أي ظهرت للرقيب من غير قصد وإرادة، ولم يقدر لشدة الحب أن يحبس دمعه, ويقول العكبري عن البيت الرابع: المعنى: انه يعتذر لما في البيت الثالث يقول: المحب إذا رأى الحبيب، لاسيما عند الفراق، لايقدر على إخفاء الوجد، وإنما هو مفتضح بالدمع، وستره منهتك لأنه يجزع ويبكي، فيستدل عليه بالبكاء والجزع.
وقال الشاعر في قصيدة يمدح بها عبدالواحد بن العباس بن أبي الأصبع:
5 قد كان يمنعني الحياء من البُكا
فاليوم يمنعه البُكا أن يمنعا
يقول العكبري عن هذا البيت: قد كان حيائي يغلب بكائي، فاليوم بكائي يغلب حيائي، فقد غلب البكاء الحياء.
وقال أبو الطيب في قصيدة يرثي بها فاتكاً:
6 الحزن يقلق والتجمل يُردَع
والدمع بينهما عصيٌّ طيِّعُ
7 يتنازعان دموع عين مسهّد
هذا يجيء بها وهذا يرجعُ
يقول العكبري عن البيت السادس: المعنى:يقول: الحزن لأجل هذه المصيبة يقلقني، والصبر يمنعني عن الجزع والتهالك، والدمع عاص للتجمل، مطيع للقلق.
ويقول العكبري عن البيت الثامن: المسهد: الكثير السهاد، وهو الممنوع النوم.
والمعنى: يقول: الصبر والحزن يتنازعان دموع عيني، فالحزن يجيء بها والصبر يردها.
وقال الشاعر المتنبي في قصيدة يرثي بها والدة سيف الدولة:
8 يمرُّ بقبرك العاني فيبكي
ويشغله البكاء عن السُّؤال
يقول العكبري في شرح هذا البيت: العافي: السائل, والبكا: يمد ويقصر, والمعنى: يقول: إذا مر السائل بقبر هذه الميتة، يذكر ما كان يشمله منها، أذهله البكاء والحزن عن الطلب، وشغله البكاء عن السؤال.
وقال أيضا في قصيدته في رثاء والدة سيف الدولة:
9 أتتهنّ المصيبة غافلات
فدمع الحزن في دمع الدلال
يقول العكبري عن هذا البيت: المعنى: يقول: أتتهن (جواري والدة سيف الدولة) المصيبة (موتها) علىغفلة، فبينما هن يبكين دلالاً، بكين حزناً، فاختلط الدمعان، فهن يبدين الدلال مع الحزن، والذلة مع الحسن, وهذا من أبدع المعاني، ولولم يكن له في ديوانه إلا هذا لكفاه.
وقال الشاعر في قصيدة يمدح بها كافوراً:
10 فإنّ دموع العين غُدرٌ بربِّها
إذا كنّ إثر الظاعنين جواريا
يقول العكبري في شرح هذا البيت: غدر: جمع غادر، وأراد بالظاعنين: الراحلين الذين فارقوه, والمعنى: يقول: إذا جرت الدموع في إثر فراق الغادر، فهي غادرة بصاحبها، لأنه ليس من حق الغادر أن يبكي عليه، فإذا جرت الدموع في إثر الغادر وفاء له، فذلك الوفاء غدر بصاحب الدموع, والمعنى: لا تف لغادر.
لقد تطرق شاعر العربية الفذ في أبياته العشرة السابقة إلى حالات معينة تنهمر فيها دموع الإنسان يقول في بيته الأول: قد يحزن الإنسان ولا يصاحب حزنه بكاء لقوة عزيمته وصبره وقدرته على التحكم بعواطفه، وقد يبكي من لا يحزن، وهذا دليل على تلاعبه بعواطفه لغرض معين يقصده, وبين أبوالطيب في بيته الثاني أن سيلان الدموع على الخدود لا تعني أنها صادرة عن عاطفة جياشة وحزن عميق فعلى المرء أن يفرق بين من يبكي بصدق ومن يتباكى, ووضح شاعرنا المتنبي في بيتيه الثالث والرابع أن بعض الناس ليس لديه القدرة على حبس ومنع انهمار دمعه مهما كانت الظروف المحيطة به، مثل المحب الوله إذا رأى محبوبه ساعة الفراق فدموعه تكشف سره لمن حوله, ويقول الشاعر في بيته الخامس: لقد كان الحياء يرد عني من البكاء، ولكنني اليوم في حالة نفسية غلب فيها بكائي حيائي, وبين أبو الطيب في بيتيه السادس والسابع أنه كان بسبب وفاة صاحبه فاتك الرومي كان في حالتين نفسيتين متناقضتين فحزنه من أجل تلك المصيبة يقلقه، وصبره يمنعه عن إظهار جزعه وتهالكه، ولكن دمعه عاص للتجمل، مطيع للقلق، ولهذا فصبره وحزنه يتنازعان (يتجاذبان) دموع عينيه، فحزنه يجيء بها وصبره يردها.
ووضح الشاعر في بيته الثامن أن من كان يسأل ويرجو نوال والدة سيف الدولة في حياتها صار يندبها في مماتها لا ندري هل الندب كان بسبب فقد العطاء، أم محبة وإجلالاً للمرأة؟,ويبين شاعرنا الفذ في بيته التاسع حالتين نفسيتين حدثتا في فترة واحدة فجواري والدة سيف الدولة كن يبكين دلالاً فلما علمن بموتها بكين حزناً فاختلط الدمعان,,!! وبين أبو الطيب في بيته العاشر أن الدموع إذا جرت حزناً على فراق غادر فهي غادرة بصاحبها,نتبين من أبيات شاعرنا العشرة السابقة أنه تطرق إلى ضروب من الحالات النفسية المصحوبة بالدموع، وهذه الحالات من صميم ما يسمى في وقتنا الحاضر بعلم النفس,,!وقال أبو الطيب في قصيدة يرثي بها جدته لأمه:
رَقَا دمعها الجاري وجفَّت جفونها
وفارق حبي قلبها بعد ما أدمى
يقول العكبري في شرح هذا البيت: رقأ الدم والدمع يرقأ رقوءاً: إذا انقطع, وأرقأ الله عينه: قطع دمعها, والمعنى: يقول: لما ماتت انقطع دمها الجاري على فراقي، ويبست جفونها عن الدمع، وسلت حتى بعدما أدمى قلبها.
لقد بيّن أبو الطيب في بيته هذا إلى توقف دوران الدم في جسم جدته، وانقطاع دموع عينيها وجفافها بعد موتها، وهنا فقد أشار شاعرنا إلى حقيقة علمية معروفة، وهي توقف جميع العمليات الحيوية في الجسم في حالة الوفاة,,!
يتبع
د, عبدالرحمن الهواوي


مسميات شعبية
مسميات شعبية
الكوكبا
الكوكبا لعبة من ألعاب الطفولة خاصة بالبنات وتعتبر من الألعاب الفردية، وقد شاهدتها في طفولتي وأرويها من الذاكرة.
طريقة أداء اللعبة:
قبل أن تبدأ البنت باللعبة تضم كفيها على بعض وتؤدي اللعبة وهي جالسة مع ثني الرجل اليمنى بحيث تكون موازية للصدر، ثم تبدأ بحيث تلامس راحتاها المضمومتان الركبة مروراً بالصدر حتى الأنف والجبهة وتكون الضربات بحركات جميلة ومنتظمة، ويُسمع للأيدي من جراء هذه الحركة صوت إيقاعي جميل.
وتختلف المهارة من بنت إلى أخرى حسب الخبرة والتمرين وتردد البنت الكلمات مع تكرار اللعبة وهذه اللعبة من ألعاب التسلية البريئة الفردية, كلمات اللعبة كغيرها من معظم ألعاب الطفولة مجهولة الشاعر والملحن واللحن والكلمات التراثية لهذه اللعبة الحركية كالتالي:
الكوكبا يا الكوكبا
أكلت أنا لحم الضبا
يا الكوكبا يا الكوكبا
لا خمد ولا استوى
طب أبوي من المدينة
ناقته حمراء سمينه
والقمر يوضي جبينه
والبنات مزينات مكملات
ما شراء لمي خويدم
باربعين محملات مجملات
* ص,ب 31187 الرياض 11497 .


محمد القويعي *

حديث الديار
حديث الديار
أبواب حلب التاريخية
في القديم كان لكل مدينة أسوار وأبواب وقلاع لحمايتها ولصد هجمات الأعداء عنها، وبإغلاق هذه الأبواب والأسوار يمكن لها أن تصبح آمنة مطمئنة، وحلب إحدى هذه المدن التي تزخر بكثير من المعالم الهامة وقد دلت هذه المعالم على معرفة تاريخها المليء بالمساهمات التاريخية والجغرافية وخاصة في فن البناء والتنظيم.
وأبواب مدينة حلب العريقة والمتميزة في طريقة بنائها وأحكاماتها وكتاباتها التي تدل على من بناها ومن جددها لاحقاً، حيث غدت مضرب المثل بحصانتها ومناعة أسوارها وأبراجها المبنية من الحجارة في أيام الروم ومن الآجر أيام الفرس وظلت هكذا منيعة حصينة إلى أن جاءها التتار وأصبحت تحت قبضة هولاكو عام 658 فخرب أسوارها وأبراجها وأبوابها بشكل وحشي لايوصف، ولايختلف هولاكو عن تيمور لنك الذي أحرقها وهدم ما تبقى منها، وفي كل مرة تهدم كان يعاد تشييدها من جديد نظراً لموقعها الهام وأهميتها الاستراتيجية، فقد كانت محطة قوافل العلماء ممن يقصدون الباب العالي أيام العثمانيين ونقطة الحل التي يرتاح فيها من يودع العاصمة العثمانية قاصداً الحجاز والعراق ومصر واليمن.
إلى ان جاء ملوك الاسلام بعد الفتوحات وعملوا على تجديدها وجعلها متألقة لأنها مركز الغزو والجهاد ومجمع الجيوش والأجناد.
وجاء من بعدهم سيف الدولة الحمداني والملك العادل نور الدين زنكي والملك الظاهر، والملك الناصر صلاح الدين يوسف وكثيرون غيرهم ممن أعادوا لها ألقها ونضارتها.
هذا النتاج التراثي والتاريخي لم يكتب له البقاء والحفاظ عليه بل أصبح مجرد اطلالة وآثار وقد زال القسم الأكبر منه نهائياً نظراً للظروف الموضوعية والتوسع العمراني الكبير الذي تشهده هذه المدينة مع نظيراتها من المدن السورية الأخرى.
ولعل ذكر هذه الأبواب والأسوار مفيد من الناحية التاريخية والآثارية ولو بقيت لكان لها أثر كبير في صياغة السياحة بسورية.
وهنا نتذكر قول الشاعر:
أتتلفها شلت يمينك خلها
لمعتبر أو زائر أومسائل
فماهي هذه الأبواب,,,؟
الباب الأول ويسمى باب قنسرين ويقع في جهة الجنوب وهو من أقدم الأبواب وقد نقلت حجارته من مكان بعيد بين حلب وبالس (مسكنة) اليوم وهذه الحجارة كانت بقايا قصر لمسلمة بن عبدالملك.
جدد هذا الباب أيام سيف الدولة ثم الملك الظاهر ابن الملك العزيز سنة 654ه وقد بنى عليه ابراجاً عظيمة ومرافق عامة كالطواحين والأفران وأمكنة الزيت والماء حتى أضحى كالقلعة المستقلة، حالياً لم يبق منه سوى السور واضحاً بابراجه وخندقه.
الباب الثاني باب المقام أو باب العراق لان من يخرج منه يتجه نحو العراق بناه الملك الظاهر وجدد في الأيام المرداسيين عام 420 ه ثم جدد في عهد نور الدين زنكي، وسمي باب المقام لأن من يخرج منه يتجه إلى المقام المنسوب لسيدنا الخليل (عليه السلام) وعرف مدة بباب نفيس.
الباب الثالث: ويسمى باب النيرب ومنه يتم الخروج إلى قرية النيرب وحالياً هي جزء من مدينة حلب وعرف بباب بانقوسا, بني في أيام الملك الظاهر وأكمله من بعده ولده الملك العزيز ووضعه الحالي مندثر.
الباب الرابع: ويسمى باب الفرج وكان يسمى بباب العبارة، جدده الملك الأشرف المنصور عام 873ه ثم هدم فيما بعد في عام 1301ه ونقلت حجارته إلى ثكنة هنانو الحالية وقد ظهرت بقايا من أساساته وأسواره عند تنفيذ مشروع باب الفرج مؤخراً ووصفه مندثر أيضاً.
الباب الخامس: ويسمى باب النصر أو باب الفراديس وهو قديم ويشكل على ثلاثة أبواب، خربه السلطان الملك الظاهر، ثم هدم ما تبقى منه في مطلع هذا القرن نظراً لوقوعه وسط شارع جادة الخندق الذي تم توسيعه حسب ظروف وطبيعة المدينة الجديدة.
الباب السادس: ويسمى باب الجنان لأن من يخرج منه يصل إلى البساتين التي تلي المدينة جدد في أيام قانصوه الغوري سنة 920م ثم هدم في عام 1310ه ولم يبق له أي أثر لوقوعه في قلب المدينة وضمن مشاريع توسيع وتنظيم المدينة.
الباب الأخير: باب انطاكية وسمي بذلك لأن من يخرج منه يتجه نحو إنطاكية خرب في ايام الملك الناصر سنة 653ه وبني عليه برجان عظيمان وقد رمم في أيام سيف الدولة الحمداني وهذا الباب لايزال قائماً حتى يومنا هذا.
هذه لمحة موجزة عن أبواب حلب التي لها تقليد خاص في البناء المتكيف مع الشروط الطبيعية واستخدام الأحجار الكلسية المتنوعة الألوان والقساوة ولابد من ذكر قلعة حلب الشهيرة وقد عوضتنا عن كل ماتهدم من الأبواب والأسوار والأبراج والتكايا وهي باقية تتحدى الزمن.

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved