أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 25th January,2001 العدد:10346الطبعةالاولـي الخميس 30 ,شوال 1421

الاقتصادية

ثمار شجرة النيم لمكافحة الحشرات
المهندس/ نادر جلال محمود
من المعلوم ان الحشرات تسبب اضرارا بالغة بالمحاصيل الزراعية مما يستوجب مكافحتها للقضاء عليها، ويعتبر استخدام المبيدات الكيميائية الطريقة السريعة لذلك رغم مساوئها الكثيرة حيث ان العديد من هذه المبيدات سامة بدرجة عالية مما يؤثر على صحة الانسان والحيوان والبيئة,, كما تقضي هذه المبيدات على الاعداد الحيوية للحشرات والآفات, لقد ادى الانتشار الواسع للمبيدات وارتفاع الاضرار التي تنجم عنها سواء على الصحة العامة او البيئة والحياة البرية الا ان اتجاه العالم اليوم الى استخدام المبيدات الطبيعية غير الضارة بالبيئة سواء المستخرجة من اصل نباتي او مواد منظمات النمو للحشرات مثل مانعات الانسلاخ او مانعات التغذية او الجاذبات الجنسية الفورمونات والتي ليس لها أي آثار ضارة على الصحة والبيئة,, ورغم ان هذه المبيدات الطبيعية قد لا تقتل الآفة مباشرة بعد الاستخدام ولكنها حتما ستقضي على الآفة مباشرة ولكنها حتما ستقضي على الآفة او ستقللها الى الحد الاقتصادي الذي بموجبه لا يمكنها ان تسبب اضراراً اقتصادية.
مشكلة المبيدات الطبيعية في طريقة تطبيقها، فلو استوعبنا طريقة عملها والآلية التي بموجبها تتم بواسطتها القضاء على الآفات, حقيقة الامر فهي مركبات المستقبل,, ولنعلم ان دول العالم الاول جميعها تعتمد على المبيدات الطبيعية فهم حريصون على غذائهم وحياتهم.
إن كثيراً من المبيدات الكيميائية التي كانت تستخدم سابقا تبين انها تسبب أمراضاً قاتلة مثل السرطانات والعقم والتشوهات الخلقية وغيرها من الامراض الخبيثة ولا ندري ماذا يخبئ لنا القدر من استخدامنا للمبيدات الكيميائية التي نستخدمها اليوم, ويبيعها لنا الغرب ويصنعها الغرب ولا تستخدم في الغرب بل تباع الى دول العالم الثالث المتخلف دائما عن ركب الحضارة.
إن السلبيات الناتجة عن استخدام هذه المبيدات الكيميائية يمكن تجنبها باستخدام المبيدات الطبيعية, حيث اثبتت الدراسات ان بعض النباتات تنتج مواد طاردة او سامة طبيعية لمقاومة الحشرات الضارة يمكن استخراجها وتحويلها الى مبيدات طبيعية ويمكن استخدامها على المزروعات ومن هذه النباتات شجرة النيم.
تعتبر شجرة النيم احد اهم اشجار الزينة وتسمى علميا AZADIRACHTA INDICA وهي شجرة معمرة موطنها الهند وتعرف بأنها شجرة طيبة هامة تتحمل الجفاف بشكل كبير حيث تستطيع ان تنمو تحت ظروف الحرارة والجفاف وهي تتحمل الملوحة بشكل جيد, يصل ارتفاع شجرة النيم 20 30 متراً كما يصل طول جذرها الى ضعف طول جذور الشجرة العادية, لذا فهي تزرع منذ زمن طويل في المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية في آسيا وافريقيا ووسط امريكا كمصدر للاخشاب وفي المملكة العربية السعودية.
تعتبر شجرة النيم شجرة ناجحة جدا وخاصة في مناطق مكة المكرمة والمدينة المنورة وجيزان,, حيث يتم زراعتها كأشجار ظل وزينة بالشوارع نظرا لخضرتها وسرعة نموها بالاضافة الى الرائحة العطرية لازهارها كما تزرع هذه الشجرة كمصدات رياح وتثبيت التربة في المناطق الرملية.
تحتوي اوراق وثمار شجرة النيم على مواد كيميائية سامة للحشرات وتتركز هذه المواد بشكل رئيسي في الثمار واهم هذه المركبات هي مادة الازاداراكتين AZADIRCHTIN والتي تصل نسبها في الثمار 1,5 4,8% وتعتبر هذه المادة فعالة جدا في مقاومة الحشرات لذا يتم استخلاصها ورشها على المحاصيل لمقاومة الحشرات الضارة.
لقد وجد ان الحشرات التي تتغذى على النباتات المعاملة بهذا المستخلص تتأثر بنسب متفاوتة فبعض الحشرات تموت بعد التهامها الاوراق او اجزاء النبات المعاملة بمستخلص النيم,, وبعض الحشرات يتغير سلوكها وتقل قدرتها في وضع البيض او خفض نسبة فقسه او احداث خلل في الجهاز العصبي في بعض الحشرات كما ان اليرقات التي تلتهم هذه المادة يتغير نموها وتصبح غير قادرة على النمو الى المراحل اللاحقة وتموت وهنالك بعض الآفات تتأثر بنسب ضئيلة او قد لا تتأثر على الاطلاق لاسباب بيولوجية غير معروفة.
ولكن بشكل عام فان معظم الحشرات تتجنب النباتات المعالجة بالمواد الناتجة من شجرة النيم وذلك عند اكتشافها طعم ورائحة هذه المواد غير المستحلبة,, ان لهذه الثمار اضافة الى فوائدها الوقائية والعلاجية ضد الحشرات فوائد طبية واقتصادية اخرى حيث تستخدم الزيوت المستخرجة من ثمارها في صناعة الصابون حيث تصل نسبة الزيوت في الثمار الى 40% من وزنها كما يستخدم زيت النيم في علاج كثير من الامراض البشرية منها علاج مرض السكر والامراض الجلدية مثل الاكزيما والجرب وسرطان الجلد,, كما تستخدم هذه الزيوت في تحضير مستحضرات التجميل وتركيب معجون الاسنان.
كذلك ان اخشاب النيم من الاخشاب القاسية والتي لا يمكن لحشرات الاخشاب اصابتها ولذلك يعتمد عليها في صناعة الاثاث الفاخر,
وتؤكد التجارب والبحوث العلمية بأن مستخرج شجرة النيم ليس ساما على الانسان عند استخدامه المتكرر في محاصيل الخضر وذلك نظرا لتدني درجة سميته, حيث تصل درجة سمية المركب الى ثلث سمية مبيد المالثيون المعروف بسميته المنخفضة.
وبالتالي ليس من الضروري الانتظار لفترة طويلة بين الرشة والاخرى وجني المحصول مما يدل على التحلل السريع لهذه المخلفات كما انه لا يضر مطلقا بالحشرات النافعة وانه من غير المحتمل ظهور اي مناعة لدى الحشرات ضد مستخرج شجرة النيم على المدى القصير.
عمليات تحضير المبيد واستخدامه:
لقد تم استخدام بذور شجرة النيم في اكثر من مكان في العالم في مكافحة الحشرات الضارة,, ولقد قامت بعض المصانع بانتاج بذور النيم بشكل تجاري كمبيد طبيعي للحشرات وذلك نظرا لامكانية هذا المستخلص في قتل الحشرات طبيعيا.
تبدأ شجرة النيم بانتاج الثمار عندما يصل عمر الشجرة ثلاث سنوات حيث تتكون الازهار في شهر مايو ويونيو وتنتج الثمار في شهر يوليو واغسطس وتتساقط الثمار طبيعيا عند نضجها حيث يمكن جمعها من تحت الاشجار وتعطي الشجرة البالغة 20 40 كجم من الثمار سنويا.
يتم استخدام هذه الثمار الجافة في صنع المبيد وذلك بوسائل بسيطة ومتاحة:
1 مرحلة الجمع:
يتم جمع الثمار المتساقطة تحت اشجار النيم خلال موسم انتاج الثمار ونقلها الى موقع العمل حيث يتم تنظيفها من الاوساخ.
2 مرحلة التجفيف والتخزين:
يتم تجفيف الثمار تحت اشعة الشمس في احواض اسمنتية مخصصة للتجفيف مع تقليبها بين فترة واخرى بواسطة جهاز التجفيف الحراري على درجة 60 درجة مئوية ثم يتم تخزين الثمار الجافة في أوعية مناسبة وتحفظ في مخزن بارد وجاف.
3 مرحلة طحن الثمار:
يتم طحن الثمار بواسطة مطحنة معدة لذلك ويعبأ المسحوق الناتج في عبوات بلاستيكية محكمة الاغلاق وتخزن لاستخدامها عند الطلب ولا يتم خلطها بالماء إلا عند استخدامها، وعند خلطها بالماء يجب استخدامها في غضون 48 ساعة بحد اقصى نظراً لسرعة تحلل المبيد.
4 مرحلة استخلاص المبيد المادة الفعالة :
يتم نقع مسحوق النيم في الماء بمعدل 1 1,5 كجم لكل مائة ليتر ماء في خزان لمدة تتراوح بين 24 48 ساعة مع اضافة مادة مذيبة او قطرات من الصابون السائل مع تحريك المستخلص بين فترة واخرى ثم يرشح المحلول باستخدام مصفى مناسبة ثم بعد ذلك يكون المبيد جاهزاً للاستخدام, ويمكن استخدام المسحوق المترسب من المحلول الكسبة في علاج النيماتودا وكمادة محسنة للتربة يرش المحلول الذي تم تحضيره مباشرة كمبيد حشري بمعدلات من 200 مل 800 مل/ 100 لتر ماء او كحد اقصى لترين للهكتار.
ويؤدي تكرار الرش بشكل منتظم الى تقلص عدد الحشرات الى حد كبير.
ولقد قامت عدة جهات باستخدام مبيدات النيم لمكافحة حشرة المن الذباب الابيض وزيت النيم في مكافحة البياض الدقيقي والبياض الزغبي والعناكب والغبيرة على النخيل ولقد تم الاعتماد كلياً في بلدية دبي بدولة الامارات العربية المتحدة على مركبات النيم منذ عام 1995 1996 على الدودة الخضراء على المسطحات والذبابات البيضاء والعناكب الحمراء والتربس والديدان القارضة.
ولقد حققت مادة النيم نتائج ممتازة في مكافحة كل الآفات.
إن التأثير الفعال لهذه المادة في مكافحة وطرد العديد من انواع الحشرات وعلى يرقات الحشرات والبعوض وتجارب بعض الدول من حولنا لهي شاهد على ذلك, ان في ذلك لدافع قوي لاي مهتم بالزراعة والبيئة للاتجاه لاستخدام هذه المركبات الطبيعية وتجربتها في مكافحة الحشرات,, وخصوصا ان توجيهات المسئولين بالمملكة تشجع استخدام المركبات الطبيعية في مكافحة الآفات ودعوة صريحة لادارة الارشاد الزراعي بوزارة الزراعة لتجربتها ونشرها وسط المزارعين على جميع المحاصيل ايضا بوزارة البلديات ليقوموا بتجربتها على المستنقعات بجيزان وجميع البلديات ايضا ودعوة لوزارة الصحة لتقوم بتجربتها, لعلها تحل بدل المبيدات الكيماوية التي لا يخفى ما لأثرها على الانسان والبيئة.
التجربة هي خير دليل وبرهان والعلماء الذين سبقونا في هذا المجال كانت اعمالهم نتيجة تجارب وابحاث علمية.
دعوة ايضا الى المسئولين والقائمين على العمل الزراعي من مهندسين الى التوجه الى المبيدات الطبيعية واقتفاء هذا العالم.
ولا شك أن تجربة الشركة الوطنية الزراعية احدى شركات الشيخ سليمان الراجحي لهي خير برهان على ذلك فلقد انتهجت هذه الشركة تحت اشراف الدكتور خالد سليمان الملاحي النهج العلمي السليم في انتاج محاصيل خالية من المواد الكيميائية, وبدأت الاعتماد الكلي على المواد الطبيعية 100% وبالتالي فتحت اسواق تصدير عالمية، ولاشك انها ستكون نقلة نوعية كبيرة تتحول الى فلسفة انتاج جديدة بالزراعة في المملكة تهدف في البداية الى حماية انسان هذا البلد.
آمل ان تحذو جميع الشركات حذو الوطنية الزراعية.


أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved