أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 25th January,2001 العدد:10346الطبعةالاولـي الخميس 30 ,شوال 1421

متابعة

العين تدمع والقلب يحزن,, ولكن؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه ومن دعا بدعوته واهتدى بهداه الى يوم الدين.
اما بعد فيقول الحق تبارك وتعالى في كتابه: (ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين الذين إذا اصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون).
لقد فجعنا كما فجع المسلمون داخل المملكة وخارجها بوفاة عالم جليل وهب حياته لخدمة الاسلام ونصرة قضايا المسلمين بما تحمله هذه الكلمة من معان، إنه علامة الأمة سماحة والد الجميع العلامة الشيخ محمد العثيمين عضو هيئة كبار العلماء، والأستاذ بكلية الشريعة بفرع جامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية في القصيم، وإمام وخطيب الجامع الكبير في عنيزة رحمه الله رحمة واسعة، وأسكنه فسيح جناته فقد فقدت الأمة الاسلامية عالماً من اجل علمائها وجهبذاً من خيرة جهابذتها، وذلك يعد خسارة كبيرة ليس على المملكة العربية السعودية فحسب، بل على الأمة الإسلامية جمعاء، فإن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من صدور الناس ولكن يقبضه بقبض العلماء,, الخ.
لقد عرفت سماحة الوالد الشيخ محمد بن صالح العثيمين عن قرب، حينما كنت مسؤولا عن شؤونه في الحج عدة سنوات فهو شرف عظيم لي أولاني إياه معالي وزير الشؤون الاسلامية والاوقاف والدعوة والارشاد الشيخ صالح بن عبدالعزيز بن محمد آل الشيخ حفظه الله ومتعه بالصحة والعافية، وأبقاه ذخرا للاسلام والمسلمين,.
فهي فرصة ذهبية انتهزتها لخدمة سماحته منذ ان تطأ قدماه أرض الحجاز، وحتى يغادرها الى القصيم، فقد عرفت سماحة الوالد رحمه الله في مكة المكرمة وفي المشاعر المقدسة وفي منزله حينما كنت أزوره في عنيزة وفي منزله في الرياض، وفي عدد من المناسبات الطيبة التي تجمعني بسماحته، عرفته طيب الله ثراه بالتواضع والبساطة والفطنة والذكاء وسرعة البديهة، وحسن تعامله مع الصغير والكبير وحبه الشديد لجمع الكلمة وائتلاف القلوب، وربط الناس بكبار علمائها وولاة أمرهم، والدعوة الى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، ونصحه المؤثر لعامة الناس وخاصتهم تحقيقاً لقوله صلى الله عليه وسلم: (الدين النصيحة قالها ثلاثاً) قالوا لمن يارسول الله قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم)، وكانت الفتاوى التي تصدر عنه تدل على عمق التفكير وسعة الاطلاع وصفاء العقيدة,, الخ.
عرفته بغزارة العلم والثبات في المنهج، وحقيقة مهما تكلم الإنسان عن هذا العالم الجليل فلن يوفيه حقه، فرحمه الله رحمة واسعة وجزاه الله عن الاسلام والمسلمين خير الجزاء، لقد وهب الله شيخنا علماً غزيرا وحباه خلقا جما رفيعاً ونفساً مؤمنة كريمة فاجتمع له من الخصال والصفات الحميدة ما جعل الناس يذهلون عند خبر وفاته، فكانت وفاته اشد وقعاً من الصواعق لما أصابهم من ذهول وما بدا عليهم من حزن شديد راضين بقضاء الله وقدره مستسلمين لأمر الله وإرادته فما شهده المسجد الحرام اثناء الصلاة عليه عصر يوم الخميس 16/10/1421ه من اكتظاظ الساحات، وامتلاء الأروقة بالمصلين الذين توافدوا على مكة المكرمة من داخلها وخارجها للصلاة عليه وتشييع جنازته وما أعقبها من تزاحم شديد في الشوارع والطرقات المؤدية الى مقبرة العدل، وما ذلك الا تأكيد لمحبة هذا الشيخ وما يحظاه من مكانة مرموقة في نفوس المسلمين عموماً في حياته وامتداد له بعد وفاته، وستبقى على مر الدهور وكل العصور إن شاء الله كما بقيت لأمثاله من سلف الأمة وعلمائها رحمهم الله كما يجب ان لا ننسى ان كتب سماحة الشيخ ومؤلفاته وفتاواه وما سجل من حلقات دروسه ومحاضراته ستخلد ذكراه إن شاء الله تعالى وستبقى إن شاء الله مرجعاً للعلم وطلابه الذين سيجدون فيها استمرارا لتواجده رحمه الله بينهم بعد وفاته، فرحم الله تعالى هذا العالم الجليل وأسكنه فسيح جناته وألهمنا وذويه وطلابه والمسلمين جميعا الصبر والسلوان، وحسن العزاء وعظيم الأجر والثواب.
فالعين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنا على فراقك يا ابا عبدالله لمحزونون وإنا لله وإنا إليه راجعون .
وبهذه المناسبة الأليمة ارفع خالص العزاء والمواساة الى قيادتنا الرشيدة أيدها الله وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود وسمو ولي عهده الأمين، وسمو النائب الثاني حفظهم الله والى اصحاب السمو الملكي الامراء والمعالي الوزراء، وأصحاب الفضيلة العلماء، والى ذوي سماحة شيخنا وأبنائه وجميع افراد اسرته، سائلاً الله أن يتغمده بواسع رحمته وغفرانه، وأن يسكنه الفردوس الأعلى من الجنة، وأن يلهمهم وجميع المسلمين الصبر والسلوان، وجزاه الله عن الاسلام والمسلمين خير ما يجزي به عباده الصالحين وجعل البركة في عقبه الى يوم الدين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
سعود بن سعد بن محمد آل رشود

أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved