أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 26th January,2001 العدد:10347الطبعةالاولـي الجمعة 1 ,ذو القعدة 1421

شرفات

العيون في شعر المتنبي
من المعروف علمياً، ان الاشعة الضوئية الصادرة من الجسم المرئي تسقط على قرينة العين وهي طبقة شفافة بمثابة زجاج النافذة فتمر منها الى سائل الغرفة الامامية وهي فراغ صغير يحوي سائلاً شفافاً كالماء .
ثم البؤبؤ إنسان العين ومنه الى العدسة البللورية (وهي محاطة بغلاف او محفظة رقيقة شفافة)، حيث تقوم بكسر الاشعة الضوئية على شبكية العين بعد ان تخترق السائل الزجاجي (وهو المادة الشفافة الهلامية التي تملأ فراغ المقلة)، وتظهر الصورة مقلوبة على شبكية العين, وتتأثر الصبغة الموجودة في الخلايا العصوية والمخروطية بالاشعة الضوئية.
ثم تنتقل الاشارات الحسية الى العصب البصري (الموجود اطرافه في الشبكية)، الذي يقوم بنقل الصورة الى المخ، الذي يبدل وضعية الصورة بحيث يشعر الانسان برؤية الجسم، ويوجد في النهاية الخلفية بقعة اذا سقطت عليها صور الاشياء لاتستطيع رؤيتها وتسمى هذه النقطة او البقعة، بالبقعة العمياء، حيث تتجمع الخيوط العصبية من اجزاء الشبكية وتغادر المقلة في هيئة عصب كبير هو العصب البصري وهي بقعة عمياء لخلوها من اطراف الاعصاب البصرية الحساسة.
قال ابو الطيب المتنبي في قصيدة يمدح بها ابا العشائر:


1 - والجود عين وأنت ناظرها
والباس باع وانت يمناه

يقول العكبري في شرح هذا البيت: الباع: قدر مد اليدين، وبعت الحبل ابوعه بوعاً، اذا مددت باعك به، وربما عبر بالباع عن الشرف والكرم، والمعنى يقول: انت من الجود بمنزلة الناظر من العين، ومن البأس بمنزلة اليمن من الباع.
وقال شاعرنا المتنبي في قصيدة يمدح بها عضو الدولة:


2 - شامية طالما خلوت بها
تبصر في ناظر محياها
3 - فقبلت ناظري تغالطني
وإنما قبلت به فاها
4 - فليتها لاتزال آوية
وليته لايزال مأواها

يقول العكبري في شرح البيت الثاني: شامية: نسبة الى الشام، والمحيا: الوجه والمعنى قال الواحدي: هذا يحتمل وجهين: احدهما يريد فرط قربه منها الشامية التي كان يتذكرها وهو في ارض فارس حتى انها منه، بحيث يرى وجهها في ناظره، وهذا عبارة عن غاية القرب، والآخر انه اراد لحبها اياه، فهي تنظر الى وجهه، وتدنو منه حتى ترى وجهها في ناظره, ويقول العكبري عن البيت الثالث: المعنى: قال ابو الفتح: معنى البيت ان الناظر، وهو موضع البصر من العين، كالمرآة اذا قابله شيء ادى صورته، اي اوهمتني انها قبلت عيني، وانما قبلت فاها الذي رأته في ناظري، الا تراه قال تبصر في ناظري محياها ويقول العكبري عن البيت الرابع: المعنى: يقول: ليت ناظري مأواها الذي يأويها ويضمها، وهو المسكن والمنزل، وقال الواحدي: يحتمل وجهين: احدهما انه تمنى القرب الذي ذكره, والآخر انه يرضى بأن يكون بصره مأواها من حبه لها, يقول: لو أوت الى ناظري فاتخذته مأوى لها، كان ذلك مناي.
وقال الشاعر في قصيدة يمدح بها علي بن ابراهيم التنوخي:


5 - متى لحظت بياض الشيب عين
فقد وجدته منها في السواد

يقول العكبري في شرح هذا البيت: المعنى: يريد انه اذا ابصر سواد شعر ابيض فكأنه وجده في سواد عينيه، واذا صار سواد عينه ابيض عمي، فكأنه يقول الشيب كالعمى, وقال ابو الفتح: كأن مافي وجهه من الشيب نابت في عينيه.
وقال الخطيب: اذا لحظت بياض الشيب، فكأنما لحظت به بياضاً في العين، ولا يمكنه ان يلحظ سواد عينيه الا في المرآة ولولا انه بين سواد العين لحمل على سواد القلب، لاحتماله ذلك.
ورد في لسان العرب لابن منظور: ناظر العين النقطة السوداء الصافية التي في وسط سواد العين وبها يرى الناظر مايرى، وقيل الناظر في العين كالمرآة اذا استقبلتها ابصرت فيها شخصك، والناظر في المقلة: السواد الاصغر الذي فيه انسان العين، ولايقال العين الناظرة,لقد اشار ابو الطيب في ابياته الخمسة السابقة الى الناظر والى سواد العين، وقد سبق لنا وان ذكرنا موقع بؤبؤ العين بالنسبة لقزحية العين، وذكرنا ايضاً كيفية الرؤية، ونعتقد بان شاعر العربية العملاق، قد اورد في ابياته من البيت الثاني وحتى البيت الرابع من ابياته السابقة ارهاصات علمية عن ماهية وكيفية رؤية الاشياء يقول في بيته الثاني: لما كانت تلك الشامية الجميلة بقربي كانت صورة محياها في ناظري، والمعروف علميا، ان صورة الشيء المرئي تقع مقلوبة على شبكية العين، فيعد لها المخ للناظر, وبين ابو الطيب في بيته الثالث ان صورة محبوبته الشامية كانت على ناظره، ولذا تمنى ان تظل صورتها في ناظره لاتزول عنه.
وقال ابو الطيب في قصيدة يمدح بها المغيث بن علي العجلي:


1 - كأنها الشمس يعيي كف قابضه
شعاعها ويراه الطرف مقتربا

يقول العكبري في شرح هذا البيت: المعنى: انها شبهها (الاعرابية التي هام بها الشاعر) بشعاع الشمس في القرب من الطرف، وبعده عن القبض.
وقال المتنبي في قصيدة يمدح بها سيف الدولة لما اوقع بالاعراب:


2 - كأن شعاع عين الشمس فيه
ففي ابصارنا عنه انكسار

يقول العكبري عن هذا البيت: المعنى: يقول لإجلالنا له، ولعظمه عندنا، لا نملأ ابصارنا منه.
وقال الشاعر في قصيدة يمدح بها سيف الدولة، ويذكر ايقاعه بقبائل العرب:


3 - سقتني بها القطربُّلىّ مليحة
على كاذب من وعدها ضوء صادق
4 - سهاد لأجفان وشمس لناظر
وسقم لأبدان ومسك لناشق

يقول العكبري في شرح البيت الثالث: القطربلى: شراب معروف، منسوب الى قطربل: ضيعة من اعمال بغداد، ينسب اليها الخمر، المعنى، يقول: سقتني المرأة التي يتغزل بها بتلك الارض شراباً في غاية الجودة، امرأة مليحة فتانة، ساحرة خداعة على كاذب من وعدها ضوء صادق، اي يستحسن كلامها، فيقبل كذبها قبول الصدق، ويقول العكبري عن البيت الرابع: المعنى: قال ابو الفتح: قد اجتمعت فيها هذه الاضداد، فعاشقها لاينام شوقاً اليها، واذا رآها فكأنه يرى الشمس بها، وهي سقم لبدنه، ومسك عند شمه، وجعل الوصف للمليحة.
وقال ابو الطيب في قصيدة يمدح بها سيف الدولة ويعتذر له:


5 - خذ ماتراه ودع شيئاً سمعت به
في طلقة الشمس مايغنيك عن زحل

يقول العكبري عن هذا البيت: المعنى: يخاطب نفسه ويقول: امدحه يقصد سيف الدولة بما تشاهده من فضله، وتراه من مجده، ودع عنك شيئاً سمعت به ولم تشهده، وأخبرت عنه ولم تبصره، ففضل سيف الدولة على الملوك كفضل الشمس على سائر النجوم، وفيه مايغني عنهم، وهو اكرم منهم، كما ان الشمس تغني عن زحل، وهذا من قول الحكيم: العيان شاهد لنفسه، والإخبار يدخل عليه الزيادة والنقصان، فأولى ما أخذ ماكان دليلاً على نفسه والمعنى: فيما قرب منك عوض عما بعد عنك، لاسيما اذا كان القرب افضل من البعد.
وقال المتنبي في قصيدة يمدح بها عضد الدولة:


6 - وكنت الشمس تبهر كل عين
فكيف وقد بدت معها اثنتان

يقول العكبري عن هذا البيت: بهره بهراً اي غلبه، والمعنى: بدت معك شمسان، يعني ولديه، فكنت شمساً تغلب كل عين ببهائك، فكيف الآن، وقد ظهر من ولديك شمسان آخريان.
لقد ربط الشاعر في ابياته الستة السابقة بين الضوء والعين فقد سبق وان ذكرنا ان عدسة العين تقوم بكسر الاشعة الضوئية على شبكية العين بعد ان تخترق المادة الهلامية الشفافة، لتظهر الصورة مقلوبة على شبكية العين,ولهذا نتبين ان الضوء مهم في عملية الرؤية وقد شبه الشاعر في بيته الاول محبوبته بشعاع الشمس الذي يحس به بطرفه ولايقدر على قبضه بيده، وفي البيت الرابع شبه الشاعر المرأة المليحة الفتانة عند رؤيتها بالشمس بالنسبة للناظر، اما في البيت الخامس فربط بين الرؤية والشمس.
وقال ابو الطيب في قصيدة قالها في صباه:


1 - بعد بعدت بياضاً لابياض له
لأنت اسود في عيني من الظلم

يقول العكبري في شرح هذا البيت: بعدت: هلكت, ومنه قوله تعالى ألا بعداً لمدين كما بعدت ثمود والمعنى: انه يخاطب الشيب: يقول له: اذهب واهلك، فلأنت وإن كنت ابيض لأسود في عيني من الظلم، فأنت بياض لابياض له، وأسود من كل أسود.
وقال المتنبي في قصيدة يمدح بها سيف الدولة:


2 - اما في النجوم السائرات وغيرها
لعيني على ضوء الصباح دليل
3 - الم ير هذا الليل عينيك رؤيتي
فتظهر فيه رقة ونحول
4 - لقيت بدرب القلة الفجر لقية
شفت كمدى والليل فيه قتيل
5 - ويوماً كأن الحسن فيه علامة
بعثت بها والشمس منها رسول

يقول العكبري في شرح البيت الثاني: الدليل: مايستدل به, والدليل: الدال, والمعنى: انه استطال ليله فقال مشتكياً لسهره، وماهو عليه من شدة كمده: اما في النجوم وغيرها مما يعرف به اوقات الليل، دليل يدلني على ضوء الصباح وتدانيه، وانصرام الليل وتقاضيه, ويقول العكبري عن البيت الثالث: المعنى: انه خاطب محبوبته فقال: الم ير هذا الليل الجليل خطبه، المتصل طوله عينيك كما رأيتهما، ويشهد ما شهدته من سحرهما، فيقل منه ماكثر، ويقصر منه ماطال، ويرق لمن سحرتاه، ويلقى من الضعف والنحول ما القاه، فينجلي عني، ويقول العكبري عن البيت الرابع: درب القلة: موضع ببلاد الروم, والكمد: الحزن، والمعنى: يقول: لقيت بدرب القلة، الفجر لقية، على حال من البهجة، وسبيل من الغبطة، شفت حزني بتطاول الليل، واظهرتني عليه بالخروج عنه، وهو كالقتيل الذي تقضت مدته، وسقطت عمن يحذره مؤنته، وقال ابو الفتح: سألته عن معناه؟ فقال: وافينا القلة وقت السحر، فكأني لقيت بها الفجر، ثم سرنا صبيحة ذلك اليوم الى العصر اربعين ميلاً، وشننا الغارات وغنمنا، وشفيت كمدي لانحسار الليل عني، والليل قتيل في ذلك الموضوع، فكأن النهار لما اشرف بضوئه على الليل قتله وظفر به، ويقول العكبري عن البيت الرابع: المعنى: يخاطب محبوبته، ويقول: لقيت بهذا الموضوع يوماً على هذه الليلة تناهت بهجته، وراق منظره حتى كأن حسنه علامة توجهينها، وكأن الشمس فيه رسول منك، وقال ابو الفتح، لما ثار الغبار ستر الشمس، فكأنها رسول من محبوبته مستخف، وهذا المعنى من احسن الكلام.
وقال الشاعر في قصيدة يمدح بها علي بن منصور الحاجب:


6 - هذا الذي ابصرت منه حاضراً
مثل الذي ابصرت منه غائباً
7 - كالبدر من حيث التفت رأيته
يهدي الى عينيك نوراً ثاقباً

يقول العكبري في شرح البيت السادس: ابصرت: يريد نفسه: وابصرت: يخاطب غيره والمعنى: يقول هذا ان حضر او غاب فامره في كثرة العطاء واحد, ويقول العكبري عن البيت السابع: المعنى: هو مثل البدر حيثما كان ترى نوره، وكذلك حيثما كنت من البلاد ترى عطاءه قد غمر الناس قريبهم وبعيدهم، والثاقب: المضيء وقال ابو الطيب المتنبي في قصيدة يمدح بها سعيد بن عبدالله الكلابي المنبجي:


8 - عقدت بالنجم طرفي في مفاوزه
وحر وجهي بحر السمش اذا افلا

يقول العكبري عن هذا البيت: المفاوز: جمع مفازة، وسميت بذلك تفاؤلاً بالفوز، وقيل: بل من قولهم: فوّز الرجل: اذا مات في مهلكة، وحر الوجه: اشرف شيء فيه، وأفل النجم: غاب, والمعنى: يريد: انه كان ينظر الى النجم نظراً متصلاً، خوفاً من الضلال فجعله لدوامه كالعقد لطرفه, يريد: انه لم يزل ينظر الى النجم حتى كأنه قد عقد طرفه به، واذا غاب النجم عقد حر وجهه بحر الشمس، وجانس بحر الشمس بحر الوجه.
وقال المتنبي في قصيدة يعاتب بها سيف الدولة:


9 - وما انتفاع اخي الدنيا بناظره
اذا استوت عنده الانوار والظلم

يقول العكبري عن هذا البيت: المعنى: يقول: وماينتفع اخو الدنيا بنظره، ولايعود عليه فائدة بصده: اذا استوت عنده الصحة والسقم، والانوار والظلم والمعنى:يجب ان تميز بيني وبين غيري ممن لم يبلغ درجتي يقول لسيف الدولة، كما تميز بين النور والظلمة، وهو منقول من قول الحكيم ارساطا طاليس: اعتدال الامزجة، وتساوي اركان الانسان، تفرق بين الاشياء واضدادها.
لقد ربط ابو الطيب في ابياته التسعة السابقة بين الرؤية النظر والضوء والظلام يقول الشاعر في بيته الاول لشيبه: ان كنت ابيض فانت اسود في عيني من الظلم، وهذا يبين لنا انعدام الرؤية في الظلام الحالك، ويتساءل شاعرنا المتنبي في بيته الثاني عن وجود شيء آخر عدا النجوم السائرات في ظلمة الليل وغيرها دليل لعينيه يدله على ضوء الصباح ونوره حتى يتبين به امره، وهنا يتضح لنا ان النجوم كانت برغم ضوئها لاتفي بالرؤية للشاعر، ودليل على سواد ليله، وتمنى شاعرنا في بيته الثالث ان ليله قدر رأى وشاهد حسن واشراق وجه محبوبته فيشفق عليه وينجلي عنه, وبين ابو الطيب في بيته الرابع انه لما لقي الفجر بدرب القلة، قتل الفجر بنوره وضيائه ليله وظلامه، وشبه الشاعر شمس ذلك اليوم الذي قتل فجره ليله وظلامه، وكأنها مبعوثة من محبوبته لنورها وضوئها، اما في بيته السابع فأشار المتنبي الى نور البدر وضوئه، وانه يهدي ويمنح للعين الناظرة، نوراً مضيئاً، ووضح ابو الطيب في بيته الثامن انه كان يستدل بضوء النجم ليلاً، واذا افل وغاب وجاء النهار عقد حر وجهه بحر الشمس!! اما في البيت التاسع فقد اعطانا الشاعر حكمة باقية مدى الدهر، وهي مافائدة الناظر النظر اذا استوت عند الإنسان الانوار والظلم, ونتبين من جميع الابيات السابقة ان الضوء ضروري لتحدث الرؤية.
وقال ابو الطيب في قصيدة يمدح بها سيف الدولة:


1 - وما لونه مما تحصل مقلة
ولا حده مما تجس الانامل
2 - اذا عاينتك الرسل هانت نفوسها
عليها وماجاءت به والمراسل

يقول العكبري في شرح البيت الاول: المعنى: يقول:
المقلة لاتحصل لونه، لأنها لاتستوفيه بالنظر هيبة له، ولاتحس الانامل حده تجس حد السيف، لانه ليس هو سيفاً في الحقيقة, ويقول العكبري عن البيت الثاني:
المعنى: يقول: اذا عاينت الرسل جلالتك وشاهدت مهابتك تصاغرت عندها انفسها، وهانت عليها رسائلها، واستقلت الملوك المرسلين لها، وعلمت ان السعادة في التسليم لامرك، وحقيقة التوفيق في التمسك بحبلك.
وقال المتنبي في قصيدة قالها وقد بنى كافور داراً فأمره ان يذكرها:


3 - من لبيض الملوك ان تبدل اللو
ن بلون الاستاذ والسحناء
4 - فتراها بنو الحروب بأعيان
تراه بها غداة اللقاء

يقول العكبري عن البيت الثالث: السحناء: الهيئة، يقال: رأيته وعليه سحناء السفر, والمعنى يقول: الملوك البيض الالوان يتمنون ان يبدلوا الوانهم بلونك، وان تكون هيئتهم كهيئتك, ثم قال: من يكفل لهم بهذه الامنية ويقول العكبري عن البيت الرابع: يقال:
عين وعيون واعين، هذا في اكثر الكلام, وقد جاء: اعيان، وهو قليل والمعنى:
يقول: تمنوا هذا البيت الثالث ليراهم اهل الحرب بالعيون التي يرونك بها، وذلك ان الاسود مهيب في الحرب، لايظهر عليه اثر الخوف، فيرتاع اعداؤه منه اذا لقيهم.
ويجوز ان يريد: ترتاع الاعداء اذا رأوه في صورته.
وقال الشاعر في قصيدة يمدح بها علي بن صالح الكاتب:


5 - كلما رمت لونه منع النا
ظر موج كأنه منك هازي

يقول العكبري عن هذا البيت: المعنى: يقول: اذا اردت ان تعرف لونه غلب ماؤه بياضه يقصد سيفه الذي يتردد فيه كالموج ينظره الناظر، فلايمكنه ان يعرف لونه، كأنه يهزأ به لأنه لايستقر حتى يحققه الناظر.
لقد ربط ابو الطيب في بيته الاول من ابياته الخمسة السابقة بين اللون ومقلة العين, واشار في بيته الثاني الى المعاينة والتي تعني المشاهدة، وتطرق الشاعر في بيته الثالث الى اللونين الابيض والاسود وربط الاسود بالعين في بيته الرابع، اما في البيت الخامس فاشار ابو الطيب الى تداخل الالوان بالنسبة للعين، ولقد سبق ان ذكرنا ان الإنسان عنده القدرة على تمييز الالوان المختلفة حيث ان بعض الخلايا المخروطية في العين حساسة للون معين واخرى للون آخر,, وهكذا.
يعتبر النوم فترة الراحة والتي يفقد اثناءها النائم الاهتمام بما يدور حوله، ولايشبه النوم مايسمى بالغيبوبة التي تنشأ عن مرض معين، فالنوم ينتهي بسهولة، ويمكن ايقاظ النائم بسرعة, والمعروف ان الإنسان قد يحلم في نومه يقول راجح 1972 م:
تعتبر الاحلام اثناء النوم نوعاً من التخيلات مبعثها رغبات محبطة، ومشكلات معلقة، غير محسوبة، وعندما يحلم الإنسان، فإن عينيه تتحرك بسرعة، وهي تشاهد الحلم، وعندما يوقظ النائم وهو في هذه الحالة، فإن عنده القدرة على تذكر حلمه مع تفاصيله,ويطلق على النوم اثناء هذه الفترات بنوم الحلم، او نوم حركة العين السريعة.
قال ابو الطيب في قصيدة يمدح بها المغيث بن علي العجلي:


1 - دار الملم لها طيف تهددني
ليلاً فما صدقت عيني ولا كذبا

يقول العكبري في شرح هذا البيت: المعنى: يقول: هذا الربع الذي ذكرته دار التي الم بها طيف: اي زار، وأوعدني ليلاً، فما صدقت عيني ما رأت، لأنها أرتني ماليس حقيقة، ولا أكذب الطيف في تهدده اياي، لأنه اوفى بما اوعد به من القطيعة والهجر والشر، وكل مالايريد.
وقال المتنبي في قصيدة يمدح بها عضد الدولة:


2 - لاتعرف العين فرق بينهما
كل خيال وصاله نافد

يقول العكبري عن هذا البيت: النافد: الفاني: ومنه: لنفد البحر والمعنى: قال ابو الفتح: لافرق بينها وبين خيالها محبوبة الشاعر لأن كل شيء الى نفاد ماخلا الله وحده، وقال ابن فورجه: هذه موعظة وتذكرة، وانما يقول: هذه المرأة لو واصلت لم يدم الوصال، كما ان خيالها اذا وصل لم يدم.
وقال الشاعر في قصيدة يمدح بها عضد الدولة:


3 - يحدث مقلتيه النوم عني
فليت النوم حدث عن نداكا
وقال الشاعر في نفس القصيدة:
4 - وما ارضى لمقلته بحلم
اذا انتبهت توهمه ابتشاكا

يقول العكبري عن البيت الثالث: المعنى: يقول:
هذا المغرم بحب قدومي يراني في المنام، فأنا اتمنى ان النوم حدثه بإحسانك اليَّ يقصد عضو الدولة وإكرامك لي، وبعطائك الجزير عندي، فكان في ذلك ابلغ السلوة، والسكون اليه اتم الانس اذا علم اني عندك جليل القدر، عظيم الخطر, ويقول العكبري عن البيت الرابع: التبشك والابتشاك:
الكذب والمعنى:
يقول ما ارضى ان يحدثه النوم بحلم، فيتوهمه كذباً عند الانتباه، فلست اطلب ذلك ولا ارضاه.
لقد تطرق ابو الطيب في ابياته الاربعة السابقة الى الرؤية في الحلم, يقول الشاعر في بيته الاول:
زارني طيف محبوبتي، وأوعدني ليلاً، فجاءني في نومي، فما صدقت عيني ما رأت لأنها ارتني طيفه,
وبين ابو الطيب في بيته الثاني ان محبوبته سواء زارته في اليقظة او في المنام فهما سيان لعدم الدوام.
اما في بيته الثالث فوضح ان محبوبته وهي في العراق تحلم به وتتمنى قدومه وهو بفارس عند عضد الدولة.
ولهذا وكما يقول في بيته الرابع تمنى لو ان نوم محبوبته لم يحدثها بحلم عنه، فتتوهمه كذباً عندما يستيقظ وهنا نتبين قدرة شاعرنا عن ذكر الرؤية حتى في الحلم!
يتبع
د, عبدالرحمن الهواوي

أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved