أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Saturday 27th January,2001 العدد:10348الطبعةالاولـي السبت 2 ,ذو القعدة 1421

الثقافية

عبدالكريم الجهيمان وحصاده الشعري
عبدالله بن إدريس
عرف عن الأستاذ عبدالكريم الجهيمان أنه كاتب اجتماعي, وكان نشاطه الكتابي في سنوات عمره الأولى من مزاولته الكتابة متوحدا في المقالات الاجتماعية التي كان ينشرها في الصحف المحلية ثم عمد الى تجميعها ونشرها في كتب جمعت شتاتها مثل دخان ولهب وآراء فرد من الشعب ,, ثم قلّت كتاباته الصحفية، واستعاض عنها بتجميع الأمثال العامية أو كما سماها في مجلداته العشرة الأمثال الشعبية وألف الأساطير الشعبية وعاود الكتابة بين الفينة والفينة في الصحافة المحلية، وأصدر عددا من قصص الأطفال.
عرف عنه هذا التوجه الصارم للأدب الشعبي والذي أنجز فيه ما استحق عليه الشكر والتقدير,, ولكن الجيل الحاضر لا يعرف عنه إلا هذا التوجه أو التخصص في الأدب الشعبي.
ولم يعرف عنه أنه الى جانب ذلك شاعر كبير.
صحيح أنه لم يصدر له ديوان شعر حتى الآن,, وربما لقلة قصائده التي يرشحها للنشر هو الذي حال بينه وبين جمع أشعاره واصدارها في ديوان يضم شتاتها مع أنه قد جمع بضع عشرة قصيدة في آخر كتابه ذكريات باريس الذي نشره له النادي الأدبي بالرياض عام 1400ه وهي القصائد التي رضي عن نشرها.
وأنا قد ترجمت للأستاذ عبدالكريم الجهيمان في كتابي شعراء نجد المعاصرون الذي صدرت طبعته الأولى عام 1380ه 1960م وأوردت نماذج من شعره الى جانب ترجمة حياته.
وقد حاولنا في النادي الأدبي منذ 5 سنوات أن نكرم الأستاذ الجهيمان ضمن كوكبة من المثقفين كعزيز ضياء ويحيى ساعاتي وأن نقيم له احتفالا تكريميا كبيرا,, واستكتبنا عددا من الكتاب لكتابة دراسات عنه كل في اختصاصه ووصلتنا كتابات بعضهم مشكورين وبدأنا في طباعة الكتاب عنه كمبيوتريا ولم يبقى إلا أيام قليلة على اقامة الاحتفال,, واذا بأمر يأتينا لتأجيله الى أجل غير مسمى، فلله الأمر من قبل ومن بعد.
حديثي عن شعر الأستاذ عبدالكريم الجهيمان سيكون مرجعي فيه بالدرجة الأولى,, هو كتابه ذكريات باريس الذي طبعه النادي الأدبي له عام 1400ه, حيث يضم في قسمه الثاني اثنتي عشرة قصيدة خمس منها لقحت وولدت في باريس وعواصم أوروبية أخرى عام 1371ه وواحدة لقحت في ايطاليا وولدت في الرياض عام 1372ه أما السبع القصائد الأخرى فيبدو أنها نبتت هنا في موطنها الأصلي.
بعض الظواهر في شعره
1 ظاهرة الانبهار بالحضارة الأوروبية:
في العام 1371ه الذي سافر فيه الى باريس بصحبة أحد الأمراء، ومنها الى تجواله في عواصم أوروبية أخرى أي منذ 50 سنة ولم تكن المملكة العربية السعودية في ذلك الوقت قد وصلت الى مرحلة متقدمة من نهضتها الحضارية كما اليوم فوجد الفروق شاسعة بين ماديات الحضارة الأوروبية وبلاده,, ففي قصيدته الدوحة الفينانة وهو يقصد بها باريس ما يدل على الانبهار الذي لم يستطع أن يقاومه ولم يستطع كذلك أن يصوره التصوير الفني الأخاذ، بل جاءت القصيدة غير فينانة ولافنية، ربما لأن انفعاله بما شاهد لم يختمر في مخيلته فينضج ويتفاعل، فجاء ابتسارا يقول في قصيدته أو منظومته هذه:


هاتيك باريس فيها كل ما طلبت
نفس من العلم والآثار والصور
فيهامسف وفيها سامق ورع
وكل شخص له منحى من الفكر
ترى بها الضد تلو الضد قد جمعا
فيها، وتلقى اندماج الصفو بالكدر.

هذه القصيدة ليست من جيد شعره، وانما أردت الاشارة اليها كأول ردة فعل انبهارية واجهته في زيارته لباريس من المظاهر السطحية,, غير المظاهر ذات العمق الحضاري الأهم والأجمل,, كذلك يدعو غيره لشد الرحال الى باريس بعد أن أخذت عليه لبه.
فاشدد رحالك واعجل فالدنا فرص
وما سماعك بالآثار كالنظر
ألم أقل لكم انه انبهر انبهاراً سطحيا لم يتغلغل في أعماقه,, ولم يتفاعل مع ما هو مبهر ومدهش من حضارة أعرق وأبهر من أنواع الشوارع وسطحيات حياتها.
إن الشعر الحافل بالصدق الفني هو الذي يؤثر على قارئه أو سامعه بما يحدث لديه من هزة تفاعلية، إيجابية كانت أم سلبية وعلى حد قول صدقي الزهاوي:


اذا الشعر لم يهززك عند سماعه
فليس خليقا أن يقال له شعر

ولكننا اذا عدمنا الصدق الفني في هذه القصيدة فلن نعدمه في قصائده الأخرى,, والكثير من قصائد الشاعر الجهيمان غنية بالتجارب الشعورية وتجانس المبنى بالمعنى أي الشكل والمضمون.
2 الغربة أو الاغتراب:
لعل ما نقص من قوة القصيدة الباريسية يعوضه ما في القصائد الأخرى التي هي أقوى بناء وصياغة وتصويرا ومن ذلك قصيدته أنة غريب .
والغربة قد تكون حسية كالبعد عن الأهل أو الوطن، وقد تكون معنوية كشعور الشخص بأنه مكروه في مجتمعه أو مقطوع الصلة بمن حوله لسبب ما.
قصيدة أنة غريب قدم لها الشاعر بقوله هذه القصيدة قالها المؤلف كذا في ظرف دقيق عصيب، ولذلك فهي تنم عن روح تشاؤمية تفيض بالسخط الغزير والتبرم المرير، كما أنها من ناحية أخرى تعبر عن أشواق جارفة وعيون ذارفة انتهى كلامه.
ولي على هذه المقدمة الملاحظات التالية:
أ أن القصائد اذا قدمت بمقدمات نثرية فإنها قد تسلب منها سخونة الانتظار وتحفز القارىء أو السامع لتلقيها.
ب وأسوأ من ذلك إذا جاء التقديم للقصيدة حال القائها على المنبر فهو ممل وثقيل.
ج ان كلمة مؤلف لا تنطبق على الشعر,, حيث هو تعبير خاص، بأسلوب خاص، وصياغة خاصة، والتأليف هو تجميع المتناثر والمتنافر من القول غير المموسق ولعل الشاعر عبر بهذه الكلمة من باب التواضع حيث لم يرغب أن يصف نفسه بالشاعرية.


ذاب من فرط شوقه وجداني
وأتاني من الهوى ما براني
وتذكرت في البعاد بلادي
وتذكرت في النوى اخواني
وتصورت بلدتي وضحاها
وهواها وطيب تلك المغاني
وتجولت بالخيال مليا
في رباها بمدمع هتان
ان مرأى القيصوم والشيح والحوذان
أشهى من زخرفات المباني

بعد هذه اللوعة من الحب والشوق الملح إلى بلده يعود مباشرة إلى هجائه والتشكي فيه في نفس القصيدة.


إن دهراً قد سرني فيك قد عاد
فأورى الزناد في أركاني
هو أعطاني السعادة قدما
ولقد عادفي الذي أعطاني
طالما سرني واضحك سنّي
وأراه مؤخرا أبكاني

ثم يعود الشاعر ثانية وثالثة يسترضي بلاده ويعتذر إليها عما كان من استهتاره بقدرها جهلا,, وهذا كلامه هو لم أزد عليه أو أنقص يقول:


يا بلادي عرفت ما كنت انكرت
زمانا من فضلك المتداني
كنت مستهترا بقدرك جهلا
ثم إن الاله بعد هداني
قد تعلمت من حياتي دروسا
هي أغلى من الثرى والجمان
وقلبت الحياة ظهرا لبطن
وعلوت السماك ثم علاني
وتجاريت في الهوى والتصابي
فوجدت الهوى وليد الهوان

وهذا الجناس بين الهوى والهوان جميل في موضعه الذي ما كان ممكنا أن يكون فيه ما هو أجمل منه.
ان هذه اللمحات الجمالية كثيرة في شعر الجهيمان حتى ولو لم ينتظمها خيط فني واحد يسلكها في وحدة موضوعية متآلفة متناسقة.
وآخر ما في كنانته الاغترابية قوله:


يا بلادي أقسمت أن ألزم البيت
وأن لا أريم من ذا المكان
زهدت نفسي الطموح ازدلافا
لفلان ومن لقاء فلان
سلوتي دفتري وخدني كتابي
فيه من كل فكرة زوجان

تلك تجربة الجهيمان مع الغربة الحسية والاغتراب النفسي فيما اجتواه من بعض الأصدقاء غير الصادقين,, وعدم وجود المثالية التي ينشدها في الحياة,, سواء كان مغتربا أم مقيما في داره.
3 الحياة مسرح:
للأستاذ عبدالكريم قصيدة بهذا العنوان تقترب تجربته فيها من تجربته في أنة غريب التي ألقينا عليها بصيصا من الضوء في السطور السالفة,, إلا أن هذه جاءت حافلة برؤيا أكثر نضوجا وأعمق تجربة معاشة، وجاءت مليئة بالحكم المستخلصة من واقع الحياة، التي أراد أن يعظ بها نفسه ومن يقرؤها من الناس, وهي تدخل في عداد القصائد الحكمية, والتي كان أبرز فرسانها شاعر العرب أبو الطيب المتنبي,, يقول فيها,, أبو سهيل معبرا بصدق عن رؤيته للحياة والأحياء:


وما تلك الحياة سوى صراع
يفوز به على الهزلي فتاها
فكل دوره فيها يؤدي
ويمضي قاصدا دارا سواها
ويخلفه على التمثيل قوم
يعيدون الذي منه تناها
فمنهم من يمثل دور أفعى
بها لين ويحوى الشر فاها

وكلمة فاها هناواجبها الرفع لأنها فاعل والشر مفعول به مقدم، ولابد أن هذه زلة لسان أو غفلة قلم, ويمضي فيها مصورا أخلاق الناس المتباينة:


ومنهم من يمثل دور قرد
يقلد كل بادرة يراها
ومنهم من تشبه بالثعالي
لدى روغانها أو في دهاها
ومنهم من يمثل دور ليث
قوي البطش خواضا وغاها
فيا نفس الشريف البر مرحى
لك الأنوار في ظلما صواها
ويا نفس المسف هوى وجهلا
ستلقين المرارة في لهاها
ويلقى الصالحون علا وأجرا
وأما الظالمون ففي لظاها

والملف للنظر في هذه القصيدة أن صاحبها كتبها وهو يقيم بفندق بلس في بروكسل وهذا يطرح تساؤلا من القارىء: اذا كانت ولدت في بروكسل وهي إحدى مدن التحرر الأخلاقي المطلق,, فهل هذا الورع أو التورع الجهيماني جاء ردة فعل وصدمة فكرية نشأت من خلال مشاهداته لما يجري في تلك المجتمعات الغارقة في لذائذها المادية؟, الله أعلم.
4 ظاهر الأحلام والرؤى:
في قصيدته دنيا الأحلام تصوير جيد للروح الانسانية أثناء النوم متسائلا: كيف تذهب؟ وأين؟ وماذا ترى من العجائب والغرائب؟ وما تلتقي من الأحياء والأموات؟
وقدم لهذه القصيدة بكلمة نثرية قال في آخرها فما هذه القدرة العجيبة للأرواح في طي هاتيك المفاوز الطوال في لمح البصر,, ثم العودة منها حينما يدعوها داعي اليقظة كالبرق الخاطف؟ انها قدرة الباري جل وعلا(ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا وقد استيقظ المؤلف كذا ذات صباح وكأنه منذ لحظات بين أهله وأولاده هذا مع بعد الشقة بينهما فأنشأ هذه الأبيات .


أرى في النوم أحلام الشباب
وأسبح في فسيحات الرحاب
يروح المرء في نوم عميق
فتبدو النفس تخفق كالشهاب
تدور الكون مثل البرق عجلى
وتأتي بالحقائق والكذاب
وترجع ليس يدركها لغوب
على طي المهامه والشعاب
وكم في النفس من سر خفي
يجول على الدوام بلا جواب
وسر النفس مخبوء علينا
وممتنع بمستور الحجاب

5 صور من عواطفه الأبوية:
له قصيدة بعنوان إلى ولدّي ويبدو من واقع الحال ان هذه القصيدة من أقدم قصائده لأننا نعرف أنه رزق بأكثر من ولديه الأولين.
لم يؤرخ ميلاد قصيدته هذه, ومن سماتها العاطفية أنها لم تحمل من تجارب الحياة ما حملته قصائده الأخرى, يخاطب ولديه بصيغة الجمع:


أحدث في سواد الليل نفسي
لعلي أن أراكم في المنام
فتبطل ما أدبره الليالي
ويخفق في مقاصده مرامي
أيا ولدي ما بكما كما بي
ولا تدرون ما طعم الأوام
نهاركما ألاعيب ولهو
ومزح ليس يخلو من عُرام
وتنغمسان في نوم عميق
إذا التحف الضيا ثوب الظلام

ولكن لو لم يكن في القصيدة إلا هذه الصورة الجميلة اذا التحف الضيا ثوب الظلام لكفى وعن نفسه يتحدث بتخاذل ما كنت اعتقد أن ابا سهيل ضعيف أمام عاطفته الأبوية الى هذا الحد حيث يقول:
ووالدكم يقلب مقلتيه
ويسعى مد نفا بين الأنام
ولا أدري كيف يوفق الشاعر بين السعي وهو المشي السريع الذي لا يستطيعه الا صحيح الجسم بينما هو يصف نفسه، وبصيغة الحال، بالمدنف، ونعلم أن المدنف هو من اشتد به المرض أو الحب الذي أنهكه عشقا وهياما.
على كل حال لا يؤاخذ الشعراء بتناقضاتهم أحيانا فالشعر حالة شاذة تتلبس الشاعر أثناء مخاض تجربته الشعرية.
وصدق الله القاتل عن طبيعة الشعراء: (وأنهم يقولون مالا يفعلون).
إعجاب وهفوة
هذا عنوان قصيدة تحكي قصة ظريفة تذكرني بقصيدة الحطيئة من حيث صياغتها الأسلوبية مع اختلافهما مضمونا.
وطاوي ثلاث عاصب البطن مرسل
ببيداء لم يعرف بها ساكن رسما
لذلك سأورد معظم أبياتها للاستمتاع بها وادراك ما عليه شاعرية الأستاذ الجهيمان من قدرة فنية في كثير من قصائده التي يؤطرها بأسلوبه السهل الممتنع لاسيما اذا ما صاغها في قالب قصصي يمور بالفتنة الراقصة التي تقيمه طربا وتقعده يأساً:


فتنته بدلها ورؤاها
وسبت لبه فهام وتاها
ملأ الحب قلبه ورؤاه
فتدلى وما درى في هواها
طفلة لدنة القوام خلي
خصرها يملأ الصبا طرفاها
صورتها يد الإله فأضحت
تبعث السحر والهوى مقلتاها
قال أنت الملاك شكلا ومعنى
وأرى الشمس من سناك سناها
فأصاخت وما درت كيف يعني
بعباراته لها حين فاها
فأشارت يداه في شكل طير
كامل الريش سابحا في فضاها
قرأته بعينها وهي حيرى
وتمادت في جهلها وغباها
فأراد المشوق رسم ملاك
فائق الحسن مشبها لبهاها
غير ان الأقدار قد عاكسته
ورمته في هوة ما دراها
فأراها في الرسم شكل ذباب
قذر الخلق,, لاملاكا أراها
فاكفهرت وزمجرت وهي غضبي
وتناءت بنفسها عن فتاها
ولقد كاد يفقد العطف منها
ويلاقى جحيمه من قلاها
غير أن الإله قيض شهما
كشف اللبس واستعاد صفاها
فاستجابت لقوله وأثابت
وارعوت بعد عاصف من جفاها

هذه القصيدة القصة الظريفة تكشف عن نفس الجهيمان الخضراء ايام اخضرار الشباب,, متعه الله بالصحة والعافية.
وصف صورة
وشاعرنا لا ينظر الى صورته المعلقة في جدار مكتبته أو مجلسه نظرة جامدة لرسم جامد,, لذلك فهو يتألم ان يرى هذا الرسم قد أبرز الشكل الخارجي، دون أن يتغلغل الى الجوهر الانساني الذي فيه كل مزايا الانسان,, من عقل، وفكر، ومخازن معلومات لا يعلمها إلا الله سبحانه:


رسم يمثل جسمي في مباذله
وفيه من شبهى ما كان قد ظهرا
قد أغفل العقل لم يظهر له سمة
وأغفل الروح لم يذكر لها خبرا
لم يحو في طيه علما ومعرفة
ولا ترى فيه آمالا ولا فكرا
فليت ما كان مستورا بدا علنا
وليت ما كان يبدو عاد مستترا
فزينة المرء لا في جسمه طبعت
لكنها في سمات عنده أُخرا

ويسلك في قصيدته هذه مسالك شتى للتوعية والتنوير الاجتماعي حتى يصل في نهايتها الى شيء من الأسلوب الوعظي الذي سار عليه عدد من الشعراء من أبي العتاهية حتى عبدالكريم الجهيمان ونظرائه من أصحاب النظرية التعليمية في الشعر في بعض قصائده وليست ظاهرة مهيمنة على كل شعره.
يقول في نهاية القصيدة عن صورته:


يا نفس إن الليالي في تقلبها
تبلي الجديد وتحني الفاتك الأشرا
وسوف تدركني في الدهر غائلتي
وانطوي برفاتي في الثرى عمرا
وسوف يصمد رسمي في بساطته
على مدى الدهر مزهوا ومنتصرا
يحدث الخلف الباقين عن سلف
أضحوا رفاتا وكانوا مثلهم بشرا
فالجسم يفنى وروح المرء خالدة
تلقى النعيم بما أسدته أوسقرا
فازرع جميلا اذا ما كنت مقتدرا
فالمرء يحصد في أخراه ما بذرا

لو كنا نؤمن بتناسخ الأرواح أعاذنا الله وإياكم من هذه العقيدة لقلنا إن روح أبي العتاهية حلت فترات أو خطفات في عبدالكريم الجهيمان، إلا أن الكثير من شعره ينم عن فكر اسلامي صاف، وعقل مفكر في اصلاح المجتمع على ضوء العقيدة والشريعة الاسلامية,, دون افراط أو تفريط.
نظرة أخرى إلى الأستاذ الجهيمان
تمهيدا لتكريمنا الأستاذ عبدالكريم الجهيمان الذي كنا رتبنا له وهيأنا متطلباته في النادي الأدبي حسبما أشرت في أول هذا الحديث استضفناه في ورشة النادي الأثنينية مساء الاثنين 21 رجب من عام 1417ه ودارت بينه وبيننا نحن الحاضرين هناك مناقشات وتساؤلات,, وأخذ وعطاء أخوي,, بحيث عوضتنا تلك الأمسية الجميلة مع أبي سهيل بعض ما فقدناه من تأجيل تكريمه وتكريم عزيز ضياء ويحيى محمود بن جنيد الساعاتي وغيرهم ممن خططنا لتكريمهم أقول أن تلك الأمسية عوضتنا بعض الشيء,, والأهم فيها أنني حاولت ثنيه عن الاصرار على تعنيس بناته الفكرية، ومنعهن من التزواج بنور الشمس، فلان جانبه قليلا,, واعترف بعدم أحقيته في هذا الوأد أو التعنيس لقصائده الأخرى والمحبوسة لديه.
وأقر بأن لديه عشرات القصائد التي تكون ما بين 200 الى 250 صفحة فيما لو جمعت في ديوان واحد, ولكنه يقول في خطاب بعثه إلي عند استضافتنا اياه في أثنينية النادي ان هذا قدر لم أرضه لنفسي حتى الآن وشكرا لكم نظراتكم الطيبة نحوي .
فانظروا أيها الأخوة المثقفون بين جيل الاصالة والمعاصرة معا كالشاعر عبدالكريم الجهيمان الذي يستحي أن يصدر ديوانا يتجاوز المائتي صفحة وجيل من ينشرون دواوينهم في حجم الكف طولا وعرضا وبصفحات محدودة,, المهم أن يقال عن الواحد منهم له كذا من الدواوين.
وبعد: فإن الأستاذ عبدالكريم الجهيمان كان شاعرا قبل أن يكون كاتبا.
وقبل أن يكون مؤلفا وباحثا في الأساطير الشعبية والأمثال العامية أو الشعبية وقبل أن يسخر قلمه لخدمة مجتمعه بكل تفان وإخلاص, وشعره الذي اسمعتكم نماذج منه يدل على شاعر متمكن لم يكتب الشعر كمراهقة شعرية,, بل كتبه كرسالة يؤمن بها هو والأجيال السابقة واللاحقة من حيث ان للشعر رسالة هامة جدا في حفز الدول والشعوب والأفراد الى مرامي المجد والمنعة والتقدم الانساني, إن الشعر رسالة الفن الأعلى للحياة.

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved