أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 1st February,2001 العدد:10353الطبعةالاولـي الخميس 7 ,ذو القعدة 1421

الثقافية

هكذا
بين الكتابة والتمثيل,.
فهد العتيق
* النقد الكبير الذي واجهه العمل الدرامي التلفزيوني الديرة نت ، من قبل المشاهدين والقراء والنقاد، يكشف لنا بوضوح ان الكتابة الأدبية المتقدمة ليست سهلة على الاطلاق، كما أن عملية تحويل هذه الكتابة الى دراما تمثيلية يعتبر أكثر صعوبة، فالمواقف الساخرة أو الكوميدية في ذلك المسلسل كانت مفصولة عن البنية الأساسية للنص، هذه البنية التي تفتقر في الأساس للقوة التي تأتي أساسا من تجربة الكاتب على كل المستويات الاجتماعية والسياسية والثقافية بشكل عام وعلى مستوى الكتابة الأدبية بشكل خاص، أيضا النقد المستمر الذي يواجه كثيرا من حلقات طاش ما طاش هو لنفس السبب، بمعنى ان المشكلة التي تواجه طاش ما طاش هي المشكلة التي تواجه الديرة نت وهي المشكلة التي تواجه وسوف تواجه كل عمل تمثيلي محلي، وهي الأوراق ، كما يقول كبار مخرجي السينما في العالم وفي مصر بالذات، إذا كان هناك أوراق ، أو نص أدبي قوي ومبدع وسيناريو خبير وموهوب فإنك لن تجد صعوبة في تمثيل هذا الورق أمام الكاميرا ، لهذا فإن المنتج وهو التلفزيون مطالب بتقديم حوافز مادية ومعنوية للكتاب لتشجيعهم على الاقتراب من هذا المجال.
** الكتابة الأدبية الساخرة وهذا مهم لا يفترض أن تتحول الى تسالٍ للمتعة فقط بلا فكر جاد ينظر بوعي الى واقعة وظروفه المختلفة والمتغيرة على الدوام، فالصور الابداعية الأدبية الساخرة داخل النص الأدبي ليست صعبة على الاطلاق، لكنها بحاجة الى المعرفة بضرورة أن تكون ضمن سياق النص وليست مقحمة عليه، أي أن تكون بنتاً شرعية للفكرة وليست مجرد صورة خارجية ومصنوعة من أجل السخرية فقط، هنا ربما تكمن صعوبتها، بمعنى أن روح الكاتب يفترض أن تكون كذلك وقادرة على منح هذا الموقف أو الحوار الجاد أو الدرامي صورة ساخرة بعفوية الطرح ولمحته الذكية التي تحاول كشف تناقضات وهموم الواقع بصدق واخلاص ورغبة في مكاشفة الذات بحرية وجرأة تكون في سياق نص متكامل من كل الجوانب الفنية والموضوعية, وكل هذا ليس بعيدا عن القول الشائع: شر البلية ما يضحك الذي يعبر مباشرة عن وجهة النظر هذه، ولكن في النص الأدبي تختلف الأمور كثيرا، لأننا أمام لغة يفترض ان تكون أدبية وبأدوات فنية عالية وأفكار بعيدة العمق وقادرة على التعامل مع الصور الاجتماعية بكل أشكالها بروح أدبية جادة تحتاج الى السخرية في بعض الأحيان، وهذا الاحتياج يحدده الكاتب وفق نظرته لشكل ومضمون وطريقة نصه الأدبي، ونجاحها مرهون بمستوى وعيه وتجربته وثقافته.
مثلا على مستوى الكتابة أظن ان الكاتب الأديب الذي تخلو نظرته للواقع حوله وللحياة بشكل عام من روح الفكاهة والسخرية لا يستطيع أن يردم أية فجوة بينه وبين المتلقي بسهولة، هذا الكاتب الرسمي والجاد جدا حتى في حياته الخاصة، تقل فرص قدرته على الابداع الأدبي الحقيقي المليء بالحب والعفوية والنظرة ذات الدلالات الواسعة للحياة وللواقع المحيط به، بالتالي غير قادر على اضفاء جو حياتي حقيقي على وقته الخاص به وعلى وقته الخاص بالكتابة، وكما نرى فإن شخصية الكاتب تنعكس على كتاباته دائما فالكاتب الجاف والرسمي لا يمكن أن يقدم سوى أدب جاف لا طراوة فيه، تتضح فيه الصنعة وتغيب عنه صور الأدب العفوية التي يمكن بسهولة تحويلها الى عمل فني تمثيلي تلفزيوني أو سينمائي قادر على جذب المشاهدين بكافة ميولهم وأفكارهم ومستوياتهم الثقافية والاجتماعية.
** والتلفزيون الآن مطالب بأن يفتح الباب للأدباء والكتّاب لكي يشاركوا في مشروعه الجديد لانتاج دراما محلية متقدمة، عليه ان يفتح الباب ويقدم امكاناته المادية لتشجيع القلم الخبير بأن يقدم أيضا ما لديه، ومثل هذا التشجيع المادي والمعنوي، مع امكانية تفريغ مثل هؤلاء الكتاب القادرين والراغبين، سوف يوفر نصوصا يمكن اختيار الأفضل منها، ولدينا كتّاب وكاتبات يرغبون فعلا الدخول الى هذا المجال عندما يجدون فرصا مثل التفرغ والمقابل المادي الموازي للجهد المبذول، خصوصا إذا علمنا ان كتّاب النصوص والسيناريو للأعمال الدرامية المصرية مثلا هم كتّاب مفرغون من قبل وزارة الثقافة ويناقشون مشاكل المجتمع المصري بكل جرأة وقوة وجمال أيضا.
* من أجل انطلاقة قوية وجادة للأدب والفنون الأخرى في بلادنا فإن الرئاسة العامة لرعاية الشباب الشؤون الثقافية ووزارة الاعلام التلفزيون مطالبتان بالتفكير جديا في هذه القضية الهامة ودراستها وتقديم الامكانات المادية والمعنوية للكتاب والكاتبات وقبل ذلك الضوء الأخضر لحرية التعبير مع الرقابة على كل كتابة تمس الدين أو تخدش الأخلاق، وهذا هو المتّبع في كل أنحاء العالم,, فهل نفعل؟.
للتواصل ص,ب: 7823 الرياض 11472

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved