أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 1st February,2001 العدد:10353الطبعةالاولـي الخميس 7 ,ذو القعدة 1421

الاخيــرة

مواضيع مؤجلة
أظنه الشاعر التونسي المزغني هو الذي قال ان صحف الأمس تبدو يابسة كخبز بائت في العراء ولابد لمن يعود إلى قراءتها ان يتمتع بجوع عدواني فتي يقطع الأمعاء ليمكنه ابتلاع ولو قليلاً من الحبر أو الطحين المجفف.
ومع انني أعرف ان عددا من القراء يجمعون صحف أسبوع كامل ليعودوا إليها آخر الأسبوع لضيق البرنامج اليومي احياناً وتعاطفاً مع أولئك الذين لا يجدون ما يتوجبون به غير الخبز اليابس أحياناً أخرى، فإنه لا مقارنة حالية تذكر بين خبز خارج للتو من التنور تخفى عيوبه كتسوس الطحين أو عدم نظافة العجين حرارة الفرن وتوهج الأرغفة وبين خبز ينزع اليابس عنه وسائل التحسين التي قد تكون استخدمت في اعداده.
أما بالنسبة للكاتب الأسبوعي فمسألة الخبز أو الحبر اليابس أقسى على مفاصل أصابعه اذ انه قد يكون هناك موضوع أو عدة مواضيع من مواضيع الساعة يريد الكتابة فيها ولكن بحكم التوقيت الأسبوعي فإنه يختار أو نختار موضوعاً ما ونؤجل المواضيع الأخرى وعندما يعود الاسبوع التالي في الموعد المحدد للكتابة الأسبوعية إلى قائمة المواضيع التي كان يجد في نفسه إلحاحاً للكتابة عنها يجد أنها أصبحت خبزاً يابساً تذروه رياح الوقت أو هكذا يخيل إليه اذا كان من ذوي الذائقة الطازجة التي تتمسك برومانسية، انه لا يمكن الشرب من نفس النهر مرتين لان مياه النهر كبصمات البشر لا تتشابه وكالصور الفوتغرافية لا تنكر وان اعيد أخذ نفس اللقطة مئات المرات.
غير انني سأكسر هذه القاعدة الرومانسية عن عمد وسابق اصرار لأكتب أو بالأحرى لأذكر على عجل قليلاً من قائمة المواضيع التي كانت تحتل الشباك من أخبار الأسبوع الماضي وما قبله ثم ازاحتها مواضيع أخرى إلا انها لم تستطع ازاحة إلحاح الكتابة فيها عن نفسي وليس في نكئ هذه المواضيع إلا محاولة التخلص من إلحاحها على عقلي كما يحاول الانسان التخلص من احلام الليلة الماضية بقصها والحديث عنها للآخرين أو حتى لنفسه وإليكم بعض مواضيع قائمة المواضيع المؤجلة وأجركم في قراءتها لمن يجد في نفسه فضولاً إلى ذلك على رب الصبر.
الموضوع الأول
التصريح بحمل السلاح:
لقد قرأت مع آلاف القراء تصريح معالي وزير الداخلية سمو الأمير نايف بن عبدالعزيز بالنسبة للشروع في قرار التصريح بحمل السلاح للمواطنين والمواطنات، وهذا في رأيي المتواضع قرار على درجة من الخطورة والحساسية السياسية والاجتماعية بما يجب قبل تحويله إلى واقع ملموس من تدارس جميع جوانبه وتأثيراته على مدنية المجتمع المدني ومع انني لا أشك ان التفكير في القرار قد جاء بعد دراسات أمنية مستفيضة ومتأنية إلا أنني وأمامنا مثالان مرعبان في كل من أمريكا واليمن عن تجربة التصريح بحمل السلاح من قبل المواطنين المدنيين، تجعلني أتوجه برجاء للأمير نايف بإعادة النظر في الموضوع، وذلك أولاً لأن لدينا مجالات اجتماعية وسياسية أهم لتأسيس الحريات فيها, وثانياً: لأن التصريح بحمل السلام للمدنيين موضوع سجالي في تاريخ المجتمعات المدنية وفي الدراسات الاجتماعية والأمنية بهذا الصدد, واذا كان لابد فلابد قبل تعميم القرار من طرحه للحوار لنرى ماله وما عليه, ليس الهدف من التحفظ على موضوع التصريح بحمل السلاح للمواطنين خلق مجتمع اعزل، ولابد أيضاً ان الصحيح في حمل سلاح مصرح اجدى من حمله في الخفاء، إلا أن هذا لا يمنع من فتح باب السجال وتعود الآراء المختصة أمنياً وسياسياً واجتماعياً بل وتربوياً في موضوع تتم إعادة النظر فيه اليوم في كثير من المجتمعات التي اكتوت بناره، بل ان هناك اتجاها لمراجعة مدى صحة أن يحمل رجال الأمن أنفسهم السلاح مزوداً بالذخيرة الحية في مجال التجمعات المدنية والخدمات الأمنية في القطاع المدني وبناء عليه فحبذا لو تمت إعادة النظر في الموضوع وطرحه للتدارس والتشاور من جديد عبر مجلس الشورى وغيره من الهيئات المعنية بالأمر, وبعدها يمكن البت النهائي في الموضوع بما يحفظ أمن المجتمع ولا يكرر عندنا لا سمح الله مآسي الجوار الأمريكي البعيد أو الجوار اليمني القريب,, والله أعلم.
الموضوع الثاني
البطانة:
كنت كلما رفعت رأسي تصطدم جمجمتي باسمنت السقوف الواطئة للصحافة العربية عموماً إلا أنه بين الحين والآخر تطل صحيفة أو أخرى كاطلالة المطر فيتنفس القراء والكتاب الصعداء ولو قليلاً, أتذكر هذا الكلام بشجن واستشراف كلما قرأت كتابة نظيفة لم تلوثها عوادم الطاعة العمياء للأهواء وكذلك كلما تجرأ مسؤول أو وزير على توجيه نقد ذاتي بناء لدائرة عمله يعادي به عاهات النفاق الاجتماعي والتستر السياسي ولا أظن مسؤولاً يسعده ان يسمع كله على ما يرام طال عمرك ويفاجأ بنتائج القصور تزكم الأنوف وهذا ما يشدد على مقاومته الدعاء الذي نسمعه بالبطانة الصالحة، والبطانة الصالحة في هذا العصر ليسوا المحيطين بالمسؤول فقط بل المؤسسات الاجتماعية الفاعلة وقنوات الرأي التي يجب أن توصل صوت المواطن وطموحاته وحاجاته بأمانة وصدق إلى من في عنقه المسؤولية.
الموضوع الثالث
فضيلة الصمت:
فيما تدافع أمريكا عن حرية الرأي والرأي الآخر وفيما لا تدع صحافتهم ساعة تمر دون التعريض بالعرب والمسلمين بشهادة صحفهم وصحافييهم ومن ذلك ما كتبه مؤخراً الصحفي البريطاني روبرت فيسك في صدر التحيز الغربي لمقولة حرية الرأي، وفيما يؤكدون ان حتى صوت المعارضة العربية والاسلامية لا يمكن سماعه لولا حرية الرأي في صحفهم فيما كل ذلك القى الرئيس الأمريكي الأسبق في خطابه الوداعي خطبة قسية في كلامه الموجه للمنطقة العربية لا يجرؤ ان يوجه مثلها في تقريعها ووعظيتها ونقديتها إلى تلاميذ مدرسة ابتدائية بأمريكا، فيما لم يجرؤ أي كان ان ينبث ببنت شفة في حضرة الرئيس الراحل.
وفي هذا نتذكر انه عندما قال أحدهم اذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب، فقد رد عليه بعض الرعاع العليمين بطبيعة المعادن يا لك من مزيف عملة, هذا ولله الأمر من قبل ومن بعد.
فوزية أبو خالد

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved