أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 4th February,2001 العدد:10256الطبعةالاولـي الأحد 10 ,ذو القعدة 1421

مقـالات

هدية الحاج مشروع دعوي ناجح!!
إبراهيم بن عبدالله السماري
وزارة الشؤون الاسلامية والاوقاف والدعوة والارشاد ممثلة في ادارة التوزيع تقوم بجهد كبير في عملية التواصل العلمي والثقافي مع المجتمع عبر وشيجة التوعية المعينة على تبصير الفرد والمجتمع بضرورات دينه، وبركائز ثقافته ومصادرها الصحيحة.
وهي تقوم بتوزيع امهات الكتب على القضاة وطلبة العلم والمتخصصين في العلوم الشرعية ومن تلك الكتب: مسند الإمام احمد بن حنبل، وفتاوى شيخ الاسلام ابن تيمية، والمغني لابن قدامة، وغيرها كثير من امهات الكتب، وغالبها ان لم يكن كلها محققة تحقيقاً علمياً رصيناً.
وتكتظ ادارة التوزيع يومياً بعدد كبير من المراجعين الذين يرغبون في اقتناء الكتب التي توزعها، وتستجيب لطلبات الجميع،ولكنها عند الصرف تعطي كل طالب بحسب مؤهلاته وتخصصه، ولكثرة الطلبات الواردة لها فإن لديها قوائم مواعيد لتسليم الكتب، تتم بسلاسة تامة وفق الاوقات المحددة.
زرت فضيلة الشيخ عبدالعزيز بن محمد الشثري مدير عام ادارة التوزيع في مكتبه فاستمعت الى حديث شيق عن عناية الوزارة بالكتب العلمية ولاسيما كتب العقيدة ككتب شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم وكتب شيخ الاسلام محمد بن عبدالوهاب رحمهم الله جميعاً.
والشيخ الشثري له إلمام تام بموضوعات الكتب وعلومها، وحين يحدثك عن جهود وزارة الشؤون الاسلامية والاوقاف والدعوة والارشاد في تشجيع ونشر وتوزيع الكتب الدينية في داخل المملكة، او حين يحدثك عن جهود الوزارة في نشر الكتب الدينية في الخارج مع التركيز على كتب العقيدة ومتابعة إيصال الكتب لطالبيها عن طريق شحنها الى اماكنهم فقد يأخذك العجب لضخامة الجهود المبذولة من المسؤولين في الوزارة والعاملين في ادارة التوزيع وسوف تشعر بأثره في توعية المجتمع توعية دينية صحيحة.
وحين يحدثك عن فرح المسلمين في بقاع الارض بهذه الكتب وكثرة الطالبين لها ستدرك بلا ريب ماتبذله حكومتنا الرشيدة من جهود مباركة من اجل الدعوة الى الله بالحكمة والحسنى، وحماسة الرجال المخلصين في سبيل نشر العقيدة الصحيحة في صفوف المسلمين في شتى انحاء العالم، وحرصهم على افاضة الخير على الغير بما يبصرهم في امور دينهم.
وقد علمت من العاملين في الميدان في موسم الحج ان للوزارة ممثلة في ادارة التوزيع جهوداً مباركة في موسم الحج، بالاشتراك مع اللجنة الخيرية لتوزيع المطبوعات الدينية بجدة الذين يستقبلون كل حاج ليزودوه بالمصحف الشريف وبترجمة معانيه بلغة الحاج من انتاج مجمع الملك فهد بالمدينة المنورة ومعه بعض الكتب النافعة من اصدار الوزارة، فكان اكثر الحجاج يبرز ما معه من نقود لانه لا يصدق ان هذه الهدية بالمجان، وربما اعلن تأثره بالمعاني النبيلة التي ترمز اليها هذه الهدية النافعة.
فتأكدت انه لا يعرف اهمية هذه الجهود ولا يدرك عظيم اثرها إلا من عايشها، ولكن لك أخي القارئ ان تتصور ذلك الحاج الذي قدم عن طريق الطائرة او عن طريق الباخرة او عن طريق السيارة من بلاد بعيدة، وبعد معاناته في سفره، ثم معاناته من الزحام قبل انهاء اجراءات قدومه، وبعد ذلك كله يجد امامه نسخة من المصحف الشريف وبعض الكتب النافعة وابتسامة ترحيب من موظف التوزيع والمسؤول عنه، كيف تكون نفسيته؟ وكيف ستكون استجابته لما يلقى اليه من وعظ وإرشاد؟إن لهذا الاسلوب الحكيم في الدعوة اثراً عظيماً ومباركاً حدثني عنه من قابلته من العاملين في الميدان الدعوي، فلا بد من المحافظة عليه ودعمه بكل ما نستطيعه من جهد ومن مال يضمن له الاستمرار، ولابد من التعاون على ان يمتد اثر هذا المشروع الخير ليشمل كل قادم لهذه البلاد، ولابد من الاشادة باولئك الذين بذلوا وقتهم وجهدهم للقيام به.
هؤلاء الموظفون وفيهم متطوعون سهروا الليالي ليكونوا في استقبال الحجاج وقت قدومهم، مع ملاحظة الضغط الرهيب على موانئ القدوم في الموسم، تجدهم في المطارات وفي الموانئ وفي المداخل البرية يبذلون جهوداً يشكرون عليها، ويقدمون صورة باهرة لمواطني هذه البلاد ومحبتهم لاخوانهم المسلمين، ويبرزون جهود دولتهم في خدمة الاسلام والمسلمين.
ان مشروع هدية الحاج مشروع دعوي ممتاز، وله اثر كبير في تقديم صورة زاهية لهذه البلاد واهلها ومسؤوليها وحكومتها يناسب الخصوصية الدينية التي تميزها عن غيرها من بلاد المسلمين في قارات العالم، فالمطلوب هو تعاون أكبر من القطاع الخاص ومحبي الخير لدعم هذا المشروع المبارك والحرص على استمراره، لانه بدون الدعم والمؤازرة المادية والمعنوية فإنه لن يستمر اي مشروع ومنه هذا المشروع المبارك، مع عدم غمط اللجنة الخيرية لتوزيع المطبوعات الدينية بجدة حقها لما تبذله من جهود طيبة باشراف الوزارة.
ان اغتنام المناسبات في نشر الخير من المناهج الراشدة في الدعوة الحكيمة، وله شواهد ثرية من سيرة نبينا المصطفى صلى الله عليه وسلم وسيرة السلف الصالح الذين ضربوا اعظم الامثلة في البذل والعطاء.
والمملكة العربية السعودية بحكم مسؤوليتها الدينية عن الأماكن المقدسة تشهد مناسبات دينية متكررة فالحاجة ماسة جداً الى استثمار هذه المناسبات واغتنامها، لتنوير بصائر وتصحيح عقائد اولئك المسلمين الذين قدموا من بلاد اسلامية العلم الديني فيها ضعيف او يكاد ان يكون معدوما وتصحيح ما هم فيه من اخطاء ولا سيما في المجال العقدي الذي لايصح فيه الخطأ ولايصح سكوت المسلم عنه اذا علم به.
ان ما افاء الله به على هذه البلاد واهلها من وفرة الخير وكثرة العلماء السائرين على منهج السلف الصالح انما يضاعف المسؤولية ويجب ان يحث الخطى نحو العمل الجاد والمستمر في سبيل الدعوة الى الله عز وجل، ولا سيما في هذا العصر الذي اصبح الامر فيه ميسراً نتيجة الكشوفات العلمية والمخترعات الحديثة التي يسرها الله للبشر في هذا الزمان.
عندما نمعن النظر في عملية توزيع الكتب الدينية نجد انها عملية مهمة ولها اثر كبير في توعية افراد المجتمع بامور دينهم، واحاطتهم بما يحتاجون اليه من معرفة صحيحة بالاخطار التي تحيق بهم في معاشهم وكيفية التعامل الحكيم معها.
هناك عدد من طلبة العلم يشترون الكتب الدينية لانهم يدركون اهميتها ولديهم شغف بها وربما احتاجوا للرجوع اليها في دراستهم او بحوثهم ولديهم من المال ما يحقق رغبتهم, ولكن هناك قطاع كبير من الناس ان لم توزع عليهم هذه الكتب مجاناً فلن يدفعوا مبالغ للحصول عليها، إما لضعف قدراتهم المادية، وإما لتزاحم هذه الضرورة مع ضرورات أهم فإيصال الكتب اليهم من الإحسان الذي يلامس حاجة ماسة.
نعم قد يكون هناك بعض الناس الذين لا يدركون الإدراك الصحيح لما في الكتب من الفوائد والآثار النافعة فالواحد منهم لا يفكر مجرد تفكير في شراء الكتب ولكن المؤكد ان هؤلاء من اصناف المدعوين الذين يلزم الداعي بحسب قدرته الوصول الى أفكارهم وقلوبهم بالعدل والحق، وعملية توزيع الكتب جزء من رسالة الداعي، سواء أكان فرداً من المحسنين القادرين ام كان جهة رسمية ذات صبغة دعوية.
بخصوص توزيع الكتب في وزارة الشؤون الاسلامية والاوقاف والدعوة والإرشاد لي بعض الملاحظات، اوجزها على النحو التالي:
اولاً: لابد من التنسيق بين الوزارة ورئاسة البحوث العلمية والإفتاء وبعض الجهات الاخرى التي لها جهود بارزة في توزيع الكتب الدينية مثل جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وجهاز الإرشاد والتوجيه بالحرس الوطني وكاتب الدعوة وتوعية الجاليات وغيرها، لضمان عدم تكرار توزيع كتب معينة، فالملاحظ ان هناك كتباً مكررة توزعها الوزارة وتلك الجهات، فلابد من التنسيق لتعم الفائدة قطاع المستفيدين من حركة النشر والتوزيع.
وللتوضيح فقط فإن بعض الكتب يتكرر نشرها في اكثر من جهة حتى تزيد عن الحاجة في حين أن كتابا مثل الجواب الصحيح لشيخ الاسلام ابن تيمية وهو من أعظم كتبه لم ينشر محققاً من جهات التوزيع، ناهيك ان تنشر ترجماته نظراً للحاجة الى مثل هذا الكتاب في هذا العصر بالذات.
ثانيا: من المستحسن أن تنشئ الوزارة مكتبات في جميع الجوامع تحت اشراف ومسؤولية الإمام والمؤذن او تحت اشراف طلبة العلم في ادارتها والاشراف عليها بمقابل او بالاحتساب، وهذه المكتبات موجودة في بعض الجوامع النشيطة كمكتبة ابن القيم بجامع شيخ الاسلام ابن تيمية، فالمأمول تعميمها في جوامع مختارة تحقق استفادة جميع الاحياء، ولاسيما ان الوزارة تملك من امهات الكتب مايكفي لإنشاء تلك المكتبات.
وإنشاء المكتبات في الجوامع يحقق جزءاً من رسالة المسجد في المجتمع، فمنذ ان نشأ المسجد في الاسلام وهو منارة علم وتعليم ومصباح هداية وارشاد، وهذه المكتبات دون ادنى ريب ستنمي العلاقة بين المسجد والساكنين.
ثالثا: ظهر لي من الوقوف على الطبيعة ان مبنى ادارة التوزيع في العريجا التابع لوزارة الشؤون الاسلامية والاوقاف والدعوة والارشاد ليس مناسباً للاعمال التي تقوم بها، ولا يعطي صورة حقيقية لما تبذله الوزارة من جهود دعوية وتثقيفية جبارة في المجتمع المحلي والخارجي.
ان المأمول ان تقوم الوزارة بإنشاء مبنى افضل، وهذا الاقتراح ممكن التنفيذ، لان الوزارة تؤجر على الافراد والمؤسسات بعض الاوقاف بعقود طويلة الاجل وبأسعار تكاد تكون رمزية، فلماذا لاتتم الاستفادة من بعض اراضي الاوقاف في المواقع المناسبة لإقامة المبنى المقترح؟
رابعاً: تقوم الوزارة بإعداد قوائم باعداد ما وزعته من كتب ونشرات سنويا وعدد مجلداتها، ولكن من المهم في نظري ان تشمل هذه البيانات محتوى هذه الكتب ونوعها، وما يبرز حرص الوزارة على نشر الكتب المتعلقة بالعقيدة والحرص على اعطائها الاولية المطلقة في النشر والتوزيع، وهذه الاهمية لمستها من تأملي في اختيار معالي الوزير موضوعات محاضراته ودروسه التي تركز على هذا الجانب المهم تركيزاً واضحاً.
اعود فأؤكد على ان جهود وزارة الشؤون الاسلامية والاوقاف والدعوة والارشاد ممثلة في ادارة التوزيع هي جهود مشكورة ملموسة تستحق الحمد والعرفان للمسؤولين في الوزارة وعلى رأسهم معالي وزيرها، الذي اولى عناية كبيرة بالوسائل السمعية وتوزيعها مما يدل على بعد نظره وحسن تخطيطه لأعمال وزارته.
ولعلي اهمس في أذن معاليه بان يلتفت الى ادارة العلاقات العامة بالوزارة فأداؤها دون المستوى المطلوب، وتشجيع ودعم معاليه لها له اثر في تفعيل مناشطها، ولاسيما ان العلاقات العامة في هذا العصر اصبحت من التخصصات العلمية المهمة في كل منشأة حكومية او خاصة.
واشير الى ان استيراد الآراء النافعة ومخضها والإفادة مما ينفع الناس فيها امر محمود، وهو من التعاون على البر والتقوى، متمنياً ان تستفيد وزارة الشؤون الاسلامية من اصحاب الخبرات وذوي الافكار في مجال تخصصها، بما يحقق تسخير كل الطاقات الممكنة لمصلحة الدين الذي نتشرف بحمله والوطن الذي نفخر بالانتساب اليه, هذا وبالله التوفيق,,.
alsmariibrahim@hotmail.com

أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved