أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 5th February,2001 العدد:10357الطبعةالاولـي الأثنين 11 ,ذو القعدة 1421

عزيزتـي الجزيرة

أين نحن منه؟
معلِّمُ الأمس بين الحضور والغياب!
منذ أيام مضت، عدتُ إلى الرياض بعد أن أديت العمرة، ولا تزال صورة حلقات العلم التي شاهدتها في المسجد الحرام مشرقة في مخيلتي, ذكَّرتني بطالبيَّتي، رغم أنني لم أفرِّق يوما بين طالبيَّتي ومعلِّميتي,, تذكرتُ صور المعلمين المربين الذين كان الفضل لهم في تعليمي,, تذكرت رفاق المدرسة ومقاعد الدراسة,, كل تلك الصور قفزت إلى مخيلتي عندما رأيت احد المعلمين في بيت الله الحرام يشرح درسه بإخلاص وعيون الطلاب من حوله مشرئبة نحوه، يحفظون أناشيد الصمت في حسن إصغائهم له,, كان يحمل عصاه، ليعاقب المقصرين منهم بالدراسة، دون اعتراض من أي طالب فيهم، بل كنتُ ألمح الرضا في عيونهم، إذ بعد أن نال بعضهم العقاب عادوا لكتبهم وأخذوا يتابعون دروسهم مع معلمهم، وعيونهم تَعِدُ بالجدِّ والمثابرة,, قلتُ في نفسي (لله درُّك من معلمٍ! ولله درُّكم من طلاب علم!).
على الشاطئ الثاني من مخيلتي رست صورة لواقع طلابنا في المدارس,, وصورة بعض أولياء الامور الذين يأتون ويشكون من تقصير أبنائهم, وينالك العجب حين يحدِّثونك عن معلمي زمانهم، ويرددون عبارة كان يقولها آباؤهم لمعلميهم: اللحم لك والعظم لنا ثم يذكرون فضل اولئك المعلمين عليهم، وينسبون نجاحهم في حياتهم إليهم,,,وإذا ما أخطأت يا رعاك الله وعاقبت بعض ابنائهم على تقصيرهم، عادوا أنفسهم يحدِّثونك عن العقد النفسية التي قد تسببها العصا,, بل قد يذهب بعضهم إلى أكثر من ذلك، فيذكر لك من النظريات الغربية في التربية التي لا صلة لمجتمعنا الاسلامي بها,, حتى أصول التربية نريد استيرادها!!
في ظل هذا الواقع المؤلم نرى معلمنا ضعيفاً، محروماً من ممارسة دوره التربوي,, فكيف سينهض بأجيال أمتنا؟!
يبدو لي ان الفصل في هذه المسألة نجده في قول جابر بن حيَّان حين حَدّد العلاقة بين الاستاذ والتلميذ فقال: ,,, فأما ما يجب للأستاذ على التلميذ، فهو ان يكون التلميذ ليِّناً، قبولا لجميع أقواله,,, فإن ذخائر الاستاذ العالم ليس يظهرها للتلميذ إلا عند السكون إليه، وحمده غاية الحمد,, فإذا لم يكن التلميذ على هذا المقدار من الطاعة للأستاذ، أعطاه الاستاذ قشور العلم وظاهره,, أريدها طاعة في قبول العلم، والدرس، وسماع البرهان على أستاذه,, وحفظه، وترك التكاسل، والتشاغل عنه,, فليس في وسع الاستاذ إلا ان يعلِّم تلميذه أصول العلم، وعلى التلميذ بعد ذلك أن يروِّض نفسه على ما قد تعلَّم,,
,, وأما ما يجب للتلميذ على الأستاذ فهو ان يمتحن جوهر المتعلِّم الذي طُبع عليه,, فإذا وجده ذا ارض زكيَّة، أخذ يسقيه أوائل العلوم التي تتناسب مع قدرته، وسنه وخبرته,, وكلما احتمل الزيادة زاده,, مع امتحانه فيما كان قد تعلمه، فإن وجده جارياً على ديدن واحدٍ في النسيان هزَّه بالعتاب، وأوجعه بالتقريع، وبالغ في توبيخه,,,
,,, والأستاذ الذي يغفل عن تلميذه يكون خائناً,, والخائن لا يؤتمن,, ومن لا يؤتمن لا يؤخذ عنه علمٌ,, لأن العالم لا يكون إلا صادقاً,,
فأين نحن اليوم من قول جابر بن حيَّان؟
هل واقع طلابنا يطابقه؟
أم أن إرضاءهم يأتي في المقام الأول؟!.
قاسم عبدالله التركي
الرياض

أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved