أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 6th February,2001 العدد:10358الطبعةالاولـي الثلاثاء 12 ,ذو القعدة 1421

الاقتصادية

نحو منهج الوسطية في الزراعة والسياسة المائية في المملكة العربية السعودية
*إعداد: د, صالح بن عبدالله المالك
سوف تتبنى هذه الورقة منهج الوسطية بين الأمن المائي والأمن الغذائي على ضوء ما ورد من أرقام تقديرية من الجهات الرسمية.
وسوف يكون التركيز هنا على أربعة محاور رئيسة على النحو الآتي:
1 المياه الموجودة والسياسة المائية في المملكة.
2 الأراضي الزراعية التي تم توزيعها والقابلة للاستصلاح الزراعي.
3 محصولات القمح والشعير والاعلاف.
4 ضرورة دراسة الهياكل الإدارية المسؤولة عن المياه والتحلية والصرف الصحي للنظر في جدوى دمجها او التنسيق الكامل بينها.
وطالما أن الموضوع يتعلق بالأمن المائي، وهو موضوع ذو حساسية بالغة، ولأن الماء هو أكسير الحياة لكل شيء، بما في ذلك القمح والشعير والأعلاف، فقد يكون من المفيد ان نتطرق لبعض الاحصاءات التقريبية المتعلقة بموضوع الأمن المائي محل الدراسة وما يرتبط به من زراعة القمح والشعير والأعلاف، إذ إن منهج الاحصاءات من أقوى وسائل الاقناع، ورغبة في الوصول إلى بعض النتائج قد يكون من الملائم إيراد النقاط الآتية:
أولا: المياه
1 يبلغ مخزون المياه في المملكة 500 مليار متر مكعب حسب ما ورد في الخطتين الثالثة والرابعة, ولم يرد هذا الرقم في الخطتين الخامسة والسادسة.
2 يمثل الرقم المشار إليه بخطتي التنمية الثالثة والرابعة المخزون الذي يمكن الحصول عليه من أعماق تبدأ من سطح الأرض حتى عمق 300 متر تحت السطح فقط، وهناك كميات مياه على أعماق أكثر من 300 متر تحت سطح الارض لم تحسب ضمن المخزون المائي، ولم يتم تقديرها حتى الآن.
3 لم تدخل أيضا ضمن تقرير المخزون المشار إليه أعلاه المياه المتجددة التي تغذي طبقات الرواسب الوديانية في مناطق الدرع العربي، التي تكون ثلث مساحة المملكة, وهذه المياه تتجدد سنويا من جراء هطول الامطار، حيث توجد أودية رئيسة، مثل وادي فاطمة، وبيشة، ونجران، وجيزان، وخليص، وتربة، وغيرها.
4 تجدر الاشارة إلى أن هذا التقدير ليس هو التقدير الوحيد لكميات المياه في المملكة، فهناك تقديرات مختلفة متفاوتة، ومع أن هناك انتقادات وتحفظات من جهات علمية وبيوت خبرة مختلفة لتقديرات جامعة الملك فهد للبترول والمعادن على أنها مبالغ فيها، إذ بلغت 36,000 بليون مترمكعب، أي 36 ترليون متر مكعب، وهو ما يساوي 72 ضعفا لما ورد في الخطة الخمسية الثالثة أو الرابعة، أو ما يعادل تصريف نهر النيل لمدة 648 سنة، إلا أنه ينبغي التنويه بأن هذا التقدير يشمل كل المياه الجوفية بصرف النظر عن نوعها، وعمقها وطبقتها أو أي عامل آخر له تأثير على استعمالها, وربما تكون الأرقام المقدمة من هذه الجامعة مثيرة في هذا المجال، إلا أنها لا توضح كميات المياه التي يمكن علميا واقتصاديا استخراجها أو استعمالها للاغراض المختلفة من هذا المخزون.
ولا يمكن مقارنة الارقام الواردة في دراسة الجامعة بالاحتياطي المثبت الوارد في الخطة الوطنية للمياه، إذ إن الاحتياطي المثبت يمثل كمية المياه الممكن استخراجها من التكوينات إلى عمق يتراوح بين 200 300 (بشروط معينة) بينما رقم الجامعة إن كان دقيقاً يمثل إجمالي المخزون في جميع الطبقات، وهو مخزون كما أشرنا سلفاً لا يكشف عن كمية المياه التي يمكن استخراجها أو استعمالها للأغراض المتنوعة.
5 يلاحظ أن وزارة الزراعة والمياه قد حددت مناطق خصصتها لمياه الشرب، وحظرت فيها إقامة زراعة أو حفر آبار.
كما تم تخصيص حرم لمشروعات مياه الشرب تمنع فيه الزراعة، حماية لتلك الطبقة المخصصة للشرب من التلوث أو ارتفاع نسبة الملوحة، أو الانخفاض في مستويات المياه.
6 يلاحظ أيضاً أن التكوينات الجيولوجية الغنية بالمياه في المملكة غير مرتبطة ببعضها، ويعني ذلك أن زراعة القمح في البسيطاء في منطقة الجوف ذات الكثافة السكانية المنخفضة والمياه الغزيرة أمر يجب تشجيعه، بعكس المناطق ذات التجمعات السكانية العالية والمياه القليلة.
7 ما ورد في الخطة الخمسية الثالثة والرابعة من أن المخزون الثابت من المياه هو 500 بليون مترمكعب كان نتيجة دراسات أولية استطلاعية تم تنفيذها في الستينيات والسبعينيات الميلادية.
وقد قامت وزارة الزراعة والمياه في أوائل الثمانينيات الميلادية بدراسة تفصيلية لبعض المناطق عن طريق حفر آبار ومسوحات جيوفيزيقية للمعلومات الهيدروجيولوية كافة، وثبت من نتائجها أن كمية المحزون أعلى من الرقم المشار إليه في تلك الدراسات الاستطلاعية القديمة.
ثانياً: الأراضي الزراعية
1 ورد في أحد التقارير أن مساحة الاراضي الموزعة على المزارعين في جميع مناطق المملكة حتى عام 1412ه/ 1992م حوالي مليوني هكتار.
وتجب الاشارة هنا إلى أن توزيع مليوني هكتار لا يعني استصلاحها كلها، بل إن بعضها تم توزيعه مرة أخرى لعدم احيائه ولا تزال بدون إحياء, وقد دخلت هذه الحيازاتُ في حساب كمية المياه المستهلكة رغم أنه لم يتم إحياؤها، ولم يتم حفر آبارها، أو تم احياؤها ثم هجرها لأسباب مختلفة.
2 بما أن الهكتار 10,000 مترمربع، وبما أن الكيلومتر المربع هو مليون مترمربع، أي مائة هكتار فإنه تبسيطا لهذه الارقام يمكن التعامل معها على أساس الكيلو مترمربع، وهذا يعني أن ما تم توزيعه حسب أحد التقارير على المزارعين حتى عام 1992م هو 20,000 كيلو متر مربع, وفي دراسة لأراضي المملكة الزراعية اتضح أن حوالي 500,000 كيلو مترمربع قابلة للزراعة، أي أن ما تم توزيعه يمثل 4% من المساحة القابلة للزراعة، ويمثل أيضا 1% من مساحة المملكة، وأفادت هذه الدراسة أن ما تم توزيعه عام 1996م هو 27,000 كيلو مترمربع، لكن إجمالي المساحة الموزعة فعلا عام 95م انخفض إلى 12,000 كيلو مترمربع، فقط.
ومن المتوقع أن العوامل الآتية وهي:
إيقاف إعطاء تصاريح جديدة لمشاريع القمح والشعير والأعلاف، وخفض كمية إنتاج القمح، وتخفيض السعر بشكل جعل هامش الربح معقولاً، وكذلك رفع سعر الديزل من 8 هللات إلى 36 هللة للتر الواحد، وكذلك ارتفاع أسعار مستلزمات الانتاج كالبذور، والأسمدة الكيماوية، والمبيدات الحشرية والفطرية، إضافة إلى عدم دخول كبار المزارعين والشركات الزراعية طرفاً في إنتاج القمح لأغراض الاستهلاك الادمي ولكن فقط لخلطه مع الأعلاف، أو بيعه بذوراً، وهذه الشريحة من المنتجين كانت تسهم في 25% من إجمالي إنتاج القمح, كل هذه العوامل أسهمت في خفض كميات إنتاج القمح بشكل جوهري (حوالي الثلثين)، إذ انخفض الانتاج عما كان عليه قبل ثماني سنوات من أربعة ملايين وثمانمائة ألف طن إلى مليون وسبعمائة ألف طن في العام الماضي.
وانخفاض عدد المزارعين من 35,000 مزارع في السابق إلى 22,000 مزارع في الوقت الحاضر، موزعين على جميع مناطق المملكة، مع اختلاف الكثافة حسب كمية المياه وتوافر العناصر الأخرى المشجعة على الزراعة وقد أسهمت هذه العوامل (حسب حتمية الأمور) في خفض كميات المياه المستهلكة بشكل ملموس, على أنه تجب الاشادة في هذا الصدد بجهود الدولة، والاشارة إلى أنه لولا دعم الحكومة للزراعة من خلال الاعانات والقروض الميسرة للمزارعين لما تحقق هذا الانجاز الزراعي، وهذه التنمية الزراعية رغم الظروف المناخية القاسية.
ثالثاً: القمح والشعير والأعلاف
فيما يتعلق بالقمح فإنه يمكن وضع الحقيقة الآتية:
يبلغ جم الاستهلاك المحلي من إنتاج القمح 1,700,000 طن سنوياً، وسوف يزيد هذا الرقم الخاص باستهلاك القمح تدريجيا بشكل مستمر بنسبة 5% سنوياً، نتيجة الزيادة في عدد السكان 4% تقريباً في السنة، ونتيجة الزيادة في نمط الاستهلاك.
نلاحظ أن هناك بعض الآراء الوطنية المخلصة تطالب بالامتناع عن زراعة القمح أو تخفيض الانتاج إلى ربع الاستهلاك المحلي واستيراد القمح من الخارج، على غرار استيراد الأرز.
وقد يكون من المناسب عند مناقشة إنتاج القمح بالمملكة أن نأخذ في الحسبان العوامل الآتية:
أ توفير الأمن الغذائي.
ب وجود البنية الأساسية: مثل أجهزة الرش المحورية، والآبار، والمعدات والاستثمارات الأصولية للمحصولات الزراعية المتنوعة والتي تبلغ قيمتها أكثر من ثلاثين مليار ريال، وكثير منها تم تمويلها عن طريق القروض الميسرة التي يمكن تسديدها فقط مع استمرار زراعة القمح، ولا يمكن تسويق المعدات الزراعية بسهولة خارج المملكة.
ج يسهم العائد الاقتصادي من مخلفات القمح في إيجاد نسبة كبيرة من الاعلاف مثل التبن.
د القمح زراعته شتوية، ويعد أقل استهلاكا للماء من أي نباتات أخرى تزرع في مواسم غير الشتاء، مثل الذرة السودانية والبرسيم والرودس.
ه خفض الاستيراد من القمح بانتاجه محلياً يفيد في ميزان المدفوعات، ولاسيما أن سعر القمح مرتفع عالميا.
و في زراعة القمح مكافحة للتصحر، وفيها فائدة هيدرولوجية تساعد بمشيئة الله على تكثيف السحب في المناطق الخضراء.
ز الابعاد السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية التي تتحقق من خلال بقاء المزارعين في مناطقهم واستمرارهم بالعمل في نشاطهم الزراعي والحيواني لأن في ذلك توزيعا للسكان على مناطق المملكة، وتنمية للقرى والارياف، وحداً من الهجرة الريفية إلى المدن، وتوازنا في أبعاد التنمية الزراعية والصناعية والاقتصادية والحضرية.
ح تستورد المملكة الارز لأن زراعته تعتمدعلى الغمر وتتطلب مياها كثيرة جدا، وليس فيها أي جدوى اقتصادية للمملكة.
وفيما يتعلق بزراعة الأعلاف فإن الدولة اتخذت سياسات جديدة تتمثل بالآتي:
1 قصر إنتاج الاعلاف للاستهلاك المحلي، وللمشاريع القائمة فقط، مثل مشروعات تسمين الاغنام، ومشروعات الالبان، ولاسيما أن كثيرا من المزارعين قد أخذ قروضاً على تلك المشاريع لا يمكن تسديدها، إلا بمواصلة نشاطه الزراعي، علما بأن الانتاج المحلي للاعلاف هو ثلاثة ملايين طن، منها مليون طن للبرسيم والباقي للرودس والذرة السودانية وغيرهما من الاعلاف.
2 منع تصدير الاعلاف خشية الاستنزاف الجائر للمياه، لأن الاعلاف (ولاسيما الذرة وهي محصول صيفي) تستهلك من الماء أضعاف ما يستهلكه القمح، على أن هذا لا يعني منع زراعة الاعلاف بغرض الاستهلاك المحلي، لأن تربية الماشية تعتمد أساساً على الاعلاف والشعير وليس على المراعي كما كان الحال في الماضي القريب, ونظراً لأن صادرات المملكة من الاعلاف لم تتجاوز خمسين ألف طن، أي أقل من 2% من الانتاج المحلي، فإن القرار الصادر بمنع تصدير الاعلاف لم تترتب عليه أضرار على المزارعين نظراً لانخفاض العائد من هذه الصادرات.
وفيما يتعلق بالشعير فإن ما يوزع منه في الوقت الحاضر قليل جداً لا يتجاوز 60,000 طن في السنة، اي 1% فقط من الاستهلاك المحلي الذي يقرب من ستة ملايين طن سنويا، ذلك أن الشعير ليس سلعة استراتيجية مثل القمح، كما أنه يستهلك من الماء تقريبا ما يستهلك القمح, وتجدر الاشارة إلى انّ أمراً من المقام السامي صدر في العام الماضي يقضي بأن يتم استيراد الشعير من قبل التجار بدلا من المؤسسة العامة للصوامع، فقد كانت الاسعار العالمية حينذاك رخيصة في حدود 60 دولاراً للطن الواحد، بمعنى أن الكيس لا تتجاوز قيمته 20 ريالا، إلا أنه بعد مرور شهرين تقريبا، ومع دخول فصل الصيف وقلة الامطار وحلول الجفاف في بعض الدول المنتجة للشعير ارتفعت الأسعار العالمية للشعير بحيث تجاوزت قيمته 100 دولار للطن الواحد، وتبع ذلك ارتفاع سعر الكيس عن 30 ريالا، وهو سعر يصعب على أبناء البادية وغيرهم من مربي الماشية تحمله، وهذا ما جعل الدولة حفظها الله تُعيد النظر في مقدار إعانة الشعير، وعلى اثر ذلك صدر الأمر الكريم بتخصيص إعانة للشعير، تدفع للتاجر من قبل وزارة المالية، بحيث تم تحديد سعر بيع الكيس بثمانية عشر ريالا فقط على أن تدفع الدولة الفرق للتاجر.
هذه الاعانة ضرورية، فعندما تلغى إعانة الشعير سوف ترتفع قيمة الاعلاف، ومن ثم ترتفع قيمة المواشي واللحوم والالبان، فهل تستمر تربية الماشية، أو تتوقف هذه المهنة وتعتمد البلاد إذاً على المستورد من الماشية واللحوم والالبان؟
علماً بأن الاتجاه إلىزراعة الاعلاف بديلا للشعير المستورد سوف يضاعف من استنزاف المياه عدة مرات، فإذا كنا نتحدث عن السياسة المائية في هذا المجال، فإنه يجب أن تعطى هذه السياسة المائية الأفضلية على السياسة المالية، بمعنى أنه عند التفكير في إلغاء إعانة الشعير يجب أن لا تغيب عن الذهن نتيجة حتمية مؤداها لجوء المزارعين إلى زراعة الاعلاف بشكل كبير جداً، وفي ذلك هدر للثروة المائية, ومن هنا فقد أصبح من الحكمة منع إنتاج الشعير محليا أو الحد من إنتاجه لأنه يمكن استيراده بقيمة منخفضة.
والسؤال الذي تجب الاجابة عليه، هل من سبيل لتخفيض كمية استهلاك الشعير في المملكة، ومن ثم تقليل حجم الاستيراد وعدم الاضرار بميزان المدفوعات؟ والجواب على هذا السؤال إيجابي، وتحقيق ذلك ميسر وذلك باتباع الوسائل الآتية:
1 جرش الشعير بحيث لا تعطى الماشية الشعير حباً كاملاً.
2 أو فرد الشعير مثل ورق البرسيم وبيعه مفرودا.
3 أو طحنه، ثم خلطه مع التبن والذرة الصفراء والملّاس والصويا، وفي هذه الحالة تنتج عليقة على شكل مكعبات صغيرة بحجم التمرة يسهل على الماشية أكلها وهضمها فيتم تحسين اللحوم، وسرعة النمو المطلوب وبذلك نستطيع أن نجني منها لحماً طرياً، ولبناً سائغاً شرابه.
4 أو استيراد بدائل الشعير كالعلائق المركزة.
5 تشجيع إنتاج الاعلاف وتصنيعها، وذلك باستيراد العليقة الخام المركزة وإعادة تصنيعها بخلطها بالنخالة والشعير المطحون والتبن وتوفيرها في السوق، وهذا أرخص من الشعير الخام، وأنفع للحيوانات، علماً بأن التغذية على الشعير فقط لهامضاعفات صحية سلبية على الاغنام.
6 استيراد الشعير وبيعه على الرعاة والمزارعين مدعوما من الدولة يكلف الدولة نصف ريال فقط للكيلو جرام، بينما تشتري الدولة الشعير المنتج محليا من المزارعين بريال للكيلوجرام، وهذا يعني أن الدولة تدفع للمنتج محليا ضعف ما تدفعه للمستورد، ناهيك عما تقوم به الدولة من عملية غربلة الشعير وتصنيفه وتعبئته وتسويقه.
وموجز القول فإنه نظراً لأن الدراسات الاستطلاعية تنقصها بعض المعلومات مما يصعب معه أخذ الرقم 500 بليون مترمكعب أساسا للتخطيط المائي، ولأن الدراسات التفصيلية توضح أن المخزون أكبر، فإن هناك ضرورة ملحة لقيام الجهة المختصة بدراسة المياه دراسة شاملة متكاملة لجميع مناطق المملكة، وأن يكون التركيز في هذه الدراسة على بُعدين.
أ خطة وطنية للمياه.
ب سياسة زراعية: وتشمل فيما تشمل بصفة رئيسة محصولات القمح والشعير والاعلاف.
وحتى تظهر هذه الدراسة إلى أرض الواقع وتصبح قابلة للتطبيق فقد يكون من الملائم اتخاذ القرارات الآتية:
1 الاسراعُ في تحديث الخطة الوطنية للمياه والدراسات التفصيلية لطبقات المياه، وفي اعتماد التكاليف المالية لاعداد هذه الخطة واتخاذ الترتيبات كافة، للبدء الفوري في تنفيذ توصيات تلك الدراسات الهيدروجيولوجية.
2 الاخذ بتوجه الدولة إلى قصر كميات إنتاج القمح على مقدار الاستهلاك المحلي، أي 1,700,000 طن سنويا مع الزيادة السنوية حسب زيادة السكان ونمط الاستهلاك.
3 الاستمرار في عدم تعميد المزارعين بزارعة الشعير، وفي ذلك مايضمن وقف الانتاج بصورة تجارية، وعدم التزام الدولة بمبالغ إضافية ناتجة عن شراء الشعير من المزارعين.
4 الاستمرار في منع تصديرالاعلاف للخارج.
5 دراسة الهياكل الادارية المسؤولة عن مياه الشرب والمياه الزراعية والتحلية والصرف الصحي تنقيبا واستخراجا وإدارة وصيانة وتشغيلا، والخروج بقرارات تكفل تخفيض النفقات الادارية والمالية، وتحقق التنسيق الكامل في هذه المرافق الحيوية.
مع أهمية اعتماد المبالغ اللازمة لتوطين صناعة التحلية التي تحتكرها دول قليلة، ذلك أن نصيب المملكة من استهلاك المياه المحلاة عالميا في حدود 30%، وتأتي المملكة في المرتبة الاولى في هذا المجال، وتشكل مياه التحلية 27% تقريبا من المياه المستعملة للشرب في المملكة، علما بأنه لايمكن الاعتماد فقط على مصادر المياه المحليّة من الابار السطحية أو حتى الجوفية، خوفاً من نضوبها مع معدلات الاستهلاك الحالي أو في المستقبل, كما أن اعادة تدوير مياه الصرف الصحي بعد معالجتها ثلاثيا وتنقيتها سوف توفر يوميا ملايين الامتار المكعبة من المياه الصالحة للاستعمالات المختلفة, ولا يخفى على الجميع في هذا السياق ضرورة اعتماد المبالغ اللازمة لتحديث شبكات المياه، وصيانتها من التلف، أو التسرب الذي قد نفقد معه نسبة جوهرية من مياه الشرب قبل وصولها أو بعد دخولها للمنازل وهي اغلى سلعة يملكها الإنسان.
6 إعادة النظر في إنتاج القمح والاعلاف، وفي استيراد الشعير كل ثلاث سنوات حسب الظروف المائية والاقتصادية والزراعية العالمية والمحلية.
ولاإخال المسؤولين وعلى رأسهم ولاة الامر حفظهم الله جميعا إلا حريصين على اتخاذ قرارات حكيمة توازن بين الأمن المائي والأمن الغذائي، من خلال ترشيد استعمال المياه لجميع الأغراض، وعدم اللجوء إلى الاعتماد الكلي على ما يرد إلينا من الخارج من محصولات زراعية، كما أنني لا أشك بأن حكومتنا الرشيدة آخذة في الاعتبار أهمية المحافظة على المياه سوف تستمر بالتنمية الزراعية المتوازنة على غرار استمرارها في المواءمة بين أبعاد التنمية القطاعية والاقليمية.
* هذه المحاضرة ألقيت صباح يوم الخميس الماضي في دارة العرب بحضور عدد من المثقفين ورجال الفكر.

أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved