أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 8th February,2001 العدد:10360الطبعةالاولـي الخميس 14 ,ذو القعدة 1421

مقـالات

نقد
نظرية تفسير الحظ في المذاهب العلميَّة والأدبيّة
صالح بن سعد اللحيدان
,لعل من الصعب في التفاسير المادية البحتة تفسير الحظ إلا أنه عمل مادي صرف يكون إذ يكون في أعماق المحظوظ ولا يفسره إلا بنجاحه في الحياة حسب مراده لنفسه,, وماذا,, يريد؟
والتفاسير المادية تجنح ما في ذلك شك جنوحا مروعا الى نظرية الحياة من خلال المادة سمعا أو بصرا أو ذوقا أو شما وهي في غير ذلك من المعاني التي تُرى آثارها ولا تُرى ماهيتها تميل الى تفسير أو تفاسير ينبع أول ما ينبع من تفسير مادي بحت مهما كان تعليل القوم أو تأويلهم.
ولعل منهم جماعات لما لم يقفوا على السبب أو هم قد خلطوا ما بين السبب والعلة فيما يجري خاصة في الآيات الكونية المتطورة، قالوا:
الكون صدفة
أو أن الطبيعة هي المسيرة للحياة.
أو هي أصل الوجود باعتبار الذرة.
ومن هنا ولا جرم تشتت أفكار الذين لم يجدوا لهم مكانة في الحياة فهم ما بين: مادي الفكر، مادي الأدب والنظر والقياس.
وإذ قد حصل هذا ولا جدل فقد استغل الهوى أصحابه ومركزية الطرح ليقوموا بما لم يظن أن يكون من نفر يظن خيرهم ويرهم، ولعل جمعا من الناس لا تلوي على شيء قد تاهوا، بل إن كثيرا ممن تعلق ببعض هذه الأفكار بسبب الفراغ أو ابراز الذات أو حب العظمة والعملقة أو أنه مستغَل طرح نفسه طرحا عجيبا ما بين مترحم وناقل وداع الى ما اعتنقه بل كثير من القوم يحارب من أجل ذلك (ويرتب اللقاءات لنفسه) فينظر الفكر والثقافة ويُبدي ويُعيد.
ومشكلة التفسير المادي أنه نفسه قد تهرأ فهو كالمنعدم أو قد يُعلق عليه كل جنوح عن الفطرة سواء بسواء.
وإذ أذكر هذا فإن المعاناة التي يعانيها ثلة من الماديين من تمزق الحياة حياتهم والاضطراب لأدنى عارض والسهر وجلد الذات والحسد والطمع وسوء التقدير يقوم كل هذا شاهدا على سوء النفس وتردي الغاية وقبح المآل وإذ أضرب مثالا واحدا فقط أو أضرب مثالين أو ثلاثة إنما لأدلل على واقع نفسي وثقافي معرفي مريض.
فكسوف الشمس أو خسوف القمر حينما يحدث واحد منهما في الكون المنظور يطفق النظر إلى نظر مادي فقير في نفسه فهم يقولون: إن القمر حجز جزءاً من الشمس فحصل الكسوف، واذا حصل الخسوف فإن التفسير المادي الصرف جاهز لا يحتاج إلا الى نقله وتكراره كلما حدث هذا أو ذاك وإذا أنت قلت هذا صحيح لكن ما هي العلة؟,, لن تجد الجواب أبداً ذلك لأنهم يخلطون بين الأسباب والعلل أو أنهم فقراء في المعرفة الخلقية للكون وما يكون فيه ولهذا قال تعالى بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله وقيل: من جهل شيئا عاداه .
ولعل نفرا من هؤلاء عند تقدم الحياة وتراكم السنين صعدا يملون الحياة ويسخرون من آثارهم وعلومهم إذ لم يتم لهم شيء مما ظنوه وسعوا إليه ولأن الفطر السليمة تخالف غير الحق ولأن في الناس عقلاء ويدركون حقيقة الحياة فإنهم يصطدمون بهذا النوع ولو كانوا عوامَّ فهم هنا إما أن ينتحر بعضهم أو يعلل ويكذب على نفسه أنه العملاق.
ولهذا قال تعالى: قال إنما أُوتيته على علم عندي , وقال سبحانه: ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ، وقال تعالى:(ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين .
وقال العليم: ويحسبون أنهم على شيء , وقال: كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها .
وهذا مثال ثان يبين أن النظرية المادية هي كل شيء حتى في مجال الطب ولأن فاقد الشيء لا يعطيه فهم يقولون إن الطب توصل الى معرفة نوع الجنين فبطل بهذا مراد النص القرآني في قوله تعالى: ويعلم ما في الأرحام فهم يقولون ان الجنين قد عرف بل أوسع من هذا فقد عرف تشوه الجنين ومرضه وهو في الرحم، واذا سألت واحدا منهم عمن قال: إن معرفة الجنين ونوعه ومرضه أبطل النص القرآني أحالك على غير مليء، وهناك قد تضحك وترحم القائل لسقوط معادلته ومكانته التي رآها وجعلها لنفسه فأنت اذا قلت ان هناك فرقا بين:ما ومن في الدلالة على المعاني وهذا يفسر المراد راح يسخر أو يولول على سفهه، ولأن القرآن نزل بلغة عربية فهو يبين مراد اللفظ على المعاني في سياسة الدين والدنيا وأحكام الخلق والبعث والنشور.
فالآية فيها ما في الأرحام هل هو سعيد أو شقي, هل هو ظالم أو مظلوم, هل هو طيب أو خبيث، وهذه الصفات يعبر عنها بما لأن من هي لخطاب العاقل، وهنا يرجع البصر خاسئا وهو حسير لكن للعناد دوره.
ومثال ثالث نضربه (المرض والعرض) فهناك كثير يخلطون بينهما أو يجعلون هذا مكان ذاك أو العكس فبينما مثلا يكون :السرطان مرضا يجعله آخرون عرضا والعكس لكن دون وعي تام لا لهذا ولا ذاك لكن يكون الانطلاق على أساس هين من معرفة ضعيفة بأن الواحد في عشرة (1x10=10) يساوي: عشرة، وإذا كان القصور له ورد مورود هنا فإن العجلة وزم الأنف لهما دور لا يريم ومن هنا انتشرت خلال الثلاثين سنة الماضية كتب نفسية متعددة متنوعة وهي وان كانت ذات جدوى أحيانا فإنها لا تخلو من خلل وهذا حق لا تخلو منه بسبب ضعف المؤلف أو المترجم أو الناقل.
وبين يدي كتاب من سلسلة، بعنوان: الموسوعة النفسية عددها اثنا عشر كتيبا منها:
تغلب على الخجل، سيطر على نفسك، تغلب على التشاؤم، سلطان الإرادة، سحر الشخصية، وسوف أبين النظرة المادية البحتة في سطور تالية ابين فيها القصور والتقصير وخطأ الفهم وعور الطرح وذلك من خلال ما جاء في كتاب (مفتاح الحظ) عرض وتلخيص: عبداللطيف شرارة دار بيروت للطباعة والنشر.
جاء في ص5،6،7:(الحظ كلمة شائعة يستعملها كل الناس في مواقف معينة، وظروف نفسية خاصة، يوضحون بها ما طرأ، ويبررون ما وقع، ويفسرون سير الزمن بها إن سلبا وان ايجابا وخادماً للرغبات التي تجيش في نفوسهم، والأغراض التي يحلمون بتحقيقها أو التي لا يحلمون، ولكنهم ينقسمون إلى مؤمن بالحظ وكافر، كلما دعوا إلى التفكير المباشر في الحظ من حيث هو: معنى أو واقع، أو حقيقة، ولا أدل على هذا الانقسام من تقسيم الناس الى محظوظين وتعيسين دون ايضاح لأسباب الحظ والتعاسة، ثم هو يقول: (ضع أمام من تشاء هكذا هذا السؤال: ما هو الحظ؟,, تلمس فورا غموضا لديه في الفكر والبيان؟؟ حتى إذا تسلسل الحديث، وحاولت ربط الأسباب بالواقع، وتنظيم الأفكار وفق منهج سليم منطقي أفضت بك هذه المحاولة الى خيبة مريرة,, عبثا تحاول هكذا الأمر أعسر من أن يكون واضحا واعقد من أن يتضح).
وبعد هذا القطع والجزم والالزام كذلك تراه يقول: وكان من أثر هذا الغموض الرائن نفسه وعلى الأذهان في تناوله وتفسيره ان ضرب الكثيرون صفحا عن درسه .
ويؤكد ان الحظ تجربة شخصية معنوية ليطرح هذا المعنى ليقول: ولكن التجربة الشخصية الخالصة، أعني تلك التي يعانيها الكائن الانساني امرأة كان أم رجلا في ذاته لذاته حيث تسدل عليه الحجب ويخفى على العالم الخارجي كله خفاء مطلقا هناك في هذه المنطقة المظلمة، خارجا الميزة داخلا من حياة النفس البشرية يقوم أو ينهض الدليل الغامض (هكذا) خارجا الواضح داخلا على واقعية الحظ وواقعيته .
والواقع العلمي الصرف يؤيد ما ذهب إليه كتاب (مفتاح الحظ) في الجملة لا في التفصيل يؤيده لحال وقائع كثيرة أثبتت أن الحظ ذاته معنوي لا يدركه إلا صاحبه وقد لا يدركه لكنه يدرك من خلال بروز هذا الشخص في الحياة بطريقة عجيبة لا للقوة يد فيها ولا للحيلة ولا للذكاء ولا للحذر وهذا شيء صحيح لكن صاحب هذا (الحظ) يتسم بالحدة والعفوية وبساطة العيش وحب الانطواء مما يركنه وموهبته وحظه في تنور من العذاب.
والسبب في هذا أن الحظ هنا اقترن بمادية الحياة من خلال افادة البشرية والاستفادة من الحياة نفسها ولهذا يتعذب هذا النوع وان وصل السماء سمعة وذيوعا,.
لماذا,,؟
لأنه يرى الحياة من خلالها ويرى الناس من منظور معجب به، ويرى الكون من زاوية ضيقة سماء وأرض وشمس وقمر وماء وهواء وحيوان وطير وحياة وموت إلخ، فيمل الحياة ويسأم العيش إن لم ينتحر.
ولهذا جنح جملة من أهل الأدب والرواية والشعر والنقد في: أوروبا/ والشرق الأقصى الأقصى إلى: الانزواء وبعضهم انتحر فعلا وكثير منهم شذ، وآخرون أحاط بهم الاحباط فهم في ظلمات بعضها فوق: بعض ذلك لأنهم ماديو النظرة للكون والانسان والحياة فلما لم يجدوا ما نشدوه من المعاني الصحيحة ذهبوا ضحية من ضحايا إرادة الفشل الحياتي وان بذلوا ما بذلوا وبينوا ما بينوا.
إن الحظ الذي فسره هذا الكتاب ذلك التفسير مال الميل كله الى تفسير مادي بحت فيه من الصواب الشيء وفيه من الخطأ الأشياء التي لم تتضح لأنه لم يعرفها ولو شاء لفعل لكنه عمى البال أو عور العقل.
إن الحظ مادي دون ريب.
ومعنوي دون إشكال.
فهو بينهما يسير لكنه لكي يكون حظا وافرا هنيئا سديدا يحتاج إلى معرفة أهم ضوابطه خلافا لما ذهب إليه الكتاب الآنف الذكر يحتاج الى معرفة: التوفيق:
ما هو؟
كيفيته؟
ويحتاج الى معرفة الوعي:
حقيقته وصفته, ويحتاج الى معرفة كمال الايمان ضوابطه وآثاره.
لابد من هذه الثلاثة وإلا فالحظ يكون وبالا على صاحبه مهما طرب له وفرح وانفتح، لكن ما عليك إلا بنظر الفرق بين الحظين حظ مادي/ يرى الحياة بفلسفة عوراء تقوم وتسقط ثم لعلها تخلد خلود الأبد وحظ توفيقي واع يحوطهما كمال الايمان وخالص التوحيد وصدق المتابعة في الحياة حسها ومعناها، لا سواء.
وعلى هذا الأساس فإن رؤية الماديين تتخبط وينعدم لديهم وضوح الرؤية فيفسرون الحظ تفسيرا ماديا بالاسقاط وتجهيل الآخر.
وما درى هذا أنه حظ وحظ حياة وحياة وعي ووعي فقه وفقه وعقل وعقل.
لا جرم فخالص الفكر الحر النزيه وتجرد النظر الرزين يقودان الى تفسير الحظ تفسيرا عادلا صائبا من خلال تذوق طعم الحياة تذوقا بعيدا عن الذات وبعيدا عن الطمع وسوء الظن والتقدير.

أعلـىالصفحةرجوع





















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved