أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 8th February,2001 العدد:10360الطبعةالاولـي الخميس 14 ,ذو القعدة 1421

الثقافية

علامة
كتابة في الضوء الخافت
نورة الغامدي
الحب الحقيقي لا شكل له وهو ذاك الذي لا يقبل الاهتمام بما ينتج عنه لأن نتائجه هي حقيقته التي لا تمت لظاهره بأدنى صلة حقيقته معول بيدك ان تضعه تحفة ثمينة في ركن هادىء قصي في منزلك وبامكانك ان تحمله على كتفك اداة قتال وظاهرة شمعة تسمع على ضوئها اغنيات الشوارع الصاخبة او موسيقى ليل سواده اجنحة تطوق بك الاجواء.
ذلك التنافر الخفي,, الذي لا تدركه الا عين لاقطة للجمال هو سر قوته وقوت جنونه وهندامه الذي يسمع ولا يرى,, فالحب في هذه الحالة لا شكل له,, يعيش في دمك ويهوى اتخاذ مقعده قرب الاذن التي تعد الحاسة الاولى لمن عرف الحب بقوتيه وظاهرة وحقيقته الحب الذي يركل المعرفة,, ويصر على ان لا دخل لها به لأن المعرفة قادرة على تحويل مساره عن كينونته.
ولعل حقيقة الحب وظاهره قد اخذت عندي شكل الشمعة وحجم المعول وكلاهما شيئان تافهان اذا ما اهملا لكن احدهما قابل للتشكيل يسر بينما الآخر قادر على كسر ذلك الشكل بسهولة ومع ذلك ليس بمقدوري ان اعطي صورة دقيقة للحب الذي لا شكل له الحب الذي يأنف ذاك الذي يرفض نتائجه لكنني قادرة على رسم شكل نسبي قد يتناسب مع مزاجي الخاص المزاج الفردي الذي يرفض مبدأ المعرفة ويكره الاشكال الهندسية ويحتقر الجدران حتى ولو كانت من طوبة واحدة.
فذلك المعول المسنود على جدار الابدية,, آلة قديمة قدم الانسان نفسه ومع ذلك لا تزال تتوالد وتخلق في الايدي التي تنحته وتسن صرفه ليجز شيئا ما ذاك المعول معجون بدم المعرفة,, العلم,, الذي يفند لك التفاصيل,, يشعل لك المصابيح ويعمل كالدليل المزعج,, فالحب في حقيقته لا شكل له,, واذا ما اصخت لصوت المعرفة رافضا نتائجه مؤمنا بظاهره فقط ساعتها بيدك انت ان تجز عنقك,, يدك,, قدمك وبالمقابل هناك فوق المناضد الموشاة بالحرير الاحمر تستقر شموع ملونة هادئة,, خافتة يميل ضوؤها مع هواء النفس الخفيف ورقة جناح الوردة فيما الروح الهائمة على ضوئها تضع الملايين من الصور,, من الاشكال,, من الحكايات السرية وكل يصنعها على طريقته وحده,, وبلغته وحده.
وهؤلاء هم الذين يحبون من اجل الحب نفسه الجوهرة الكامنة في النفس البشرية والبذرة التي تُنبت نزعة الخير في المخلوق البشري شريطة ان يؤمنوا الايمان الكامل بنتيجة الحب الذي يمثل حقيقته الخفية.
واذا ما حدث الايمان الكامل,, استطاعوا أن يحولوا الشموع إلى زهر يضيء في شوارع مدنهم والمعاول المدفونة الرؤوس في الرمل الى نوافير لرذاذ يستبرد به الجسد تخيلوا معي مدينة بيوتها من الطين الاحمر وشوارعها مرصوفة بالحجارة الصغيرة ومضاءة الجنبات بالشموع,, ماذا يمكن ان يكون سكانها,, تلك المدينة مدينة اولئك الذين يسرقهم الآخرون علنا ومن هم اولئك الذين يتعرضون للسرقة العلنية دون ان يتحركوا بفزع لاهثين لاستعادة حقهم المنهوب,, انهم اولئك الذين يؤمنون بأن الحب لا شكل له اولئك الذين يؤمنون عن قناعة مطلقة بنتائجه ولعل قائلاً قد يقول كلنا نحب وكلنا من حقه ان يسكن مدينة الشمع والرمل والحصى نعم قد يصدق هذا على كل نفس بشرية ولكن من آمن بنتائجه التي هي حقيقته هو من يستحق ان تفتح له البوابات السحرية لأن رفضها معناه ان تقطع عنقك بذاك المعول المسنود على جدار الابرباء لأن الاكثرية لا يعرفون الا ظاهر الحب وظاهره كما قلنا شمع في جردل قادر كل منا على تشكيله كيفما شاء اما حقيقته فانها المعول الذي يجز العنق الذي يرفضها لأن الحقيقة مناطها العقل والظاهر قد يتعاوره القلب والعقل معا وان كان السبق دائما لخفقة القلب لان خفقته هي لذة الظاهر بينما حقيقته هي لذة العقل فاذا ما اجتمعت القوتان لذة القلب السباقة دائما ولذة العقل التي لا يدركها معظم العشاق وغالبيتهم مهما لهثوا في طرق الحب وبكوا ترسخ ما يسمى بالحب في اسمى معانيه وصوره وعطائه التي لا يبددها طول الدهر وتباريح الزمن.
ذلك التوافق التقريبي بين روحين كان على القوتين التي هي المحصلة النهائية لتلك الاستمرارية المتعالية التي لا تصرخ هلعا من الموت قدر ما تصرخ خوفا على فقد احدى القوتين في حال اختفاء احد الطرفين لعلة من علل الدهر.
اذ قد ينام الحب في الصدر لكنه نوم المستبد وهذا ما عنيته بالتوافق التقريبي لأنه من المحال ان يتطابق كائنان حد التكامل لأن الكمال في الحب صفة قد يفوز بها احدهم في النادر بينما من المحال ان تكون سمة للآخر فالتكامل مناقض للتوحد الذي قد يوجد في حالات خاصة ومعروفة وعادة ما تكون نادرة الا اذا تدخلت طرق ووسائل لعسفها لذلك كانت استحالة التكامل فقد يجب الانسان الواقعي الوجودي آخر رومنطيقيا مغالياً في رومانسيته ومغرقاً نفسه في التفاصيل الصغيرة التي لا يدركها الواقعي ولا حتى يحس او يشعر بها لكن الرومانتيكي المؤمن بالحب لذاته والذي تولد في نفسه مع الوقت يهيئ لنفسه اجواءه التي يعشقها كما لو كانت زاد ذلك الحب العنيف وما ذاك الزاد سوى التفاصيل الصغيرة جدا جدا السهلة الى حد ان الواقعي يرى انها تفاهات بينما هي العمر المتطاولة حتى السماوات شجر الحب الذي لا يموت الحب الذي يستمد منه الآخر,, الصدق,, الجمال,, الاستقامة والسحر الخفي وهنا وجه آخر لعدم التكامل وهو ان الواقعي يأكل من ثمر ذلك الشجر براحة لا تضاهى بينما الآخر يقاسي من جراء لهاثه الفطري خلف النمنمات ووراء الفتافيت وحيدا,, عاريا,, لكنه مليء بالغبطة قادرا على التوحد والذوبان حد التلاشي.

أعلـىالصفحةرجوع





















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved