أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 11th February,2001 العدد:10363الطبعةالاولـي الأحد 17 ,ذو القعدة 1421

مقـالات

تاريخ الأمم هكذا يجب أن يكتب: تعقيب
أ,د, حسين بن محمد علي العلوي
كتب الدكتور إبراهيم بن عويض العتيبي مقالا بعنوان (تاريخ الأمم هكذا يجب ان يكتب) في صحيفة (الجزيرة) العدد (10327) الصادر في 11/10/1421ه تعقيبا على سلسلة لي من خمس مقالات تفضلت (الجزيرة) بنشرها في أعدادها من 10321 الى 10325 بعنوان (قراءة إدارية في سيرة الملك المؤسس): تخليداً لذكرى الخامس من شوال من عام 1319ه، يوم استعادة الرياض من آل الرشيد في ملحمة اسطورية معروفة كانت مفصلا أساسيا في تاريخ شبه الجزيرة العربية, وسوف أقف فيما يلي عند كل نقطة من النقاط التي أثارها الكاتب حسب ورودها في مقاله مؤكداً أو موافقا أو نافيا أو موضحا لما قد يكون موضع لبس، مع شكري له على اهتمامه وحسن متابعته وتصحيحه لبعض التواريخ والوقائع الواردة في المبحث الثالث (الملك المنظم 3/5).
أقول ابتداءً ان الهدف من سلسلة المقالات تلك لم يكن تأصيلا للتاريخ أو تحقيقا أو تتبعا للوقائع وزمن حدوثها، ففن التأصيل والتحقيق التاريخي له رجاله من المتخصصين، بل إن الهدف هو إبراز خصائص أسلوب الملك المؤسس في الإدارة واستخلاص الدروس والعبر الإدارية من سيرته الثرية بالأحداث ومناهج التعامل التي تفرّد بها - رحمه الله - وإظهار جهوده في إرساء القوعد الأولى للكيان الإداري لجهاز الدولة، وقد أوضحت ذلك في المبحث الأول (الملك القائد 1/5)، ويبدو لي ان الكاتب لم تتح له فرصة قراءة المباحث الأخرى، ولذا جاء تركيزه على المبحث الثالث دون سواه، فهذه السلسلة تعتمد مباحثها بعضها على بعض على نحو تكاملي شامل لمعظم عناصر (وظائف) علم الإدارة كما نعرفه اليوم.
أولا: اتفق مع الكاتب بأن (التاريخ أي أمة يجب ان يكتب بصورة صحيحة وتحفظ شديد في نقل الوقائع منعا للأهواء والتحريف احتجاجا بما يكتب أبناء الوطن), فأنا لم أدعِ كتابة تاريخ, فتاريخ الملك عبدالعزيز - رحمه الله - تزخر به أمهات الكتب والمكتبات وتناوله المؤرخون من زوايا عدة، ولكني قصدت تعريف الجيل المعاصر من الإداريين وطلاب علم الإدارة بأن الملك المؤسس كان مدرسة إدارية متطورة بفضل ما حباه الله من ذكاء وفطنة وحكمة وتلقائية غير مسبوقة صقلتها الصحراء وربت في أحضان رعاية صالحة.
ثانيا: يذكر الكاتب في مقدمة مقاله بأن لديه تحفظاً لغوياً على كلمة (إدارية) الواردة في عنوان السلسلة، إلا انه لم يوضح طبيعة أو نوع هذا التحفظ، وما هو الخطأ لغوياً في استخدام لفظة كهذه في عنوان المقال ليستفيد منه القارئ؟, فمن المعروف منهجيا ان دراسة أي ظاهرة يمكن ان يتناولها عدد من الباحثين كل من زاوية تخصصه أو خبرته أو علمه، وهكذا جاءت المقالات الخمس بذات العنوان تعبيراً لرغبة دفينة منذ سنين تجاوزت أربعة وثلاثين عاما قضيتها في دراسة وتدريس علم الإدارة على المستوى الجامعي والدراسات العليا.
ثالثا: ذكرت في المبحث الثالث: (الملك المنظم 3/5) ان مجلس الشورى أنشئ عام 1346ه وأعيد تشكيله أربع مرات في عهد الملك عبدالعزيز كان آخرها عام 1351ه, ويتفق الكاتب معي في ذلك بدليل عرضه لنص المرسوم الملكي ذي الرقم (37) الصادر في 9/1/1346ه، ولكنه يختلف معي في عدد مرات إعادة تشكيل المجلس، ويؤكد انه أعيد تشكيله (عدة) مرات بحجة ان نص المادة الرابعة من نظام المجلس الصادر في 9/1/1346ه حددت مدة العضوية في المجلس سنتان، ولكنه لم يحدد عدد مرات اعادة التشكيل بشكل قاطع فيما عدا عرضه لنص الأمر الملكي الصادر باسم ولي العهد آنذاك الملك سعود - رحمه الله - ذي الرقم 331 الصادر في 29/2/1372ه القاضي بإعادة تشكيل مجلس الشورى واعتباره آخر تشكيل صدر في عهد الملك عبدالعزيز.
ويبدو لي ان تاريخ إنشاء المجلس مسألة محسومة بتاريخ صدور المرسوم الملكي رقم (37) في 9/1/1346ه، أما عدد مرات إعادة تشكيله فمسألة فيها نظر واختلاف اعتماداً على أي تاريخ أنشئ فيه المجلس؟ فهناك عدد من المصادر يحدد سنة إنشاء المجلس بعام 1345ه وليس عام 1346ه, فقد ورد في (مجلة المعرفة) التي تصدرها وزارة المعارف، العدد (43) شوال 1419ه (ص21 -22) ما نصه:
(تم إنشاء أول مجلس شورى في عهد الملك عبدالعزيز رحمه الله عام 1345ه واستمر 10 أشهر فقط، ثم أعيد تشكيله وتنظيمه عام 1347ه للمرة الثانية، وفي غرة ربيع الأول 1349ه أعيد تشكيله للمرة الثالثة، وفي 6 محرم 1351ه صدر تشكيله للمرة الرابعة، إلى ان أعيد تنظيمه وتشكيله كلياً بموجب المرسوم الملكي رقم أ/91 وتاريخ 27/8/1412ه في طوره الحالي في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز).
كما ورد نفس هذا النص في مجلة (المجلة) العدد (1024)، 16 - 22 جمادى الآخرة عام 1420ه، ص11, ويتضح من هذا القول بأن المجلس أعيد تشكيله أربع مرات في عهد الملك عبدالعزيز كان آخرها عام 1351ه قول صحيح (اعتماداً على هذه المصادر)، إلا ان هناك مصادر أخرى أوردت إعادة تشكيله لأكثر من أربع مرات تأكيداً لصحة ما أورده الكاتب (1) .
رابعا: انصرف الكاتب بعد ذلك الى محاولة تصحيح تواريخ صدور الأنظمة التي أوردتها في مقالي مؤكداً عند كل نقطة بأن ما أوردته من تاريخ للحدث غير صحيح، وفيما يلي مقارنة بين التواريخ التي أوردتها وما قام بتصحيحه:
يتضح مما تقدم ان بعض التواريخ التي أوردها الكاتب تتطابق مع التواريخ التي أوردتها أو تكون خطأ مطبعيا في يوم أو سنة صدور النظام، فيما عدا نظام تشكيلات القضاة ونظام المناطق، فبيانهما كما يأتي:
بالنسبة لنظام تشكيلات القضاة يرى الكاتب ان ما صدر في هذا التاريخ (18/8/1344ه) ليس تشكيلات للقضاة بل هو تنظيم المحاكم صدر باسم (مواد اصلاحية مؤقتة للمحاكم الشرعية)، وأود بهذا الصدد ان احيل الكاتب الى كتاب (تطور الإدارة العامة في المملكة العربية السعودية خلال مائة عام (1319ه - 1419ه) (2) ، الذي أصدره معهد الإدارة العامة عام 1419ه بمناسبة المئوية الأولى حيث ورد اسم النظام وتاريخ صدوره على نحو ما ذكرت، كما وردت تواريخ صدور باقي الأنظمة على ذات الصفحة من نفس المصدر, وجدير بالذكر ان هذه الأنظمة وغيرها المحفوظة لدى مركز الوثائق والمحفوظات بمعهد الإدارة العامة تغطي الفترة من 1343ه الى 1418ه ويزيد عددها على (52,500) وثيقة إدارية.
أما فيما يتعلق بنظام المناطق فيرى الكاتب انه لم يعثر على أي نظام بهذا الاسم وهنا يمكن الرجوع في ذلك الى (مجلة المعرفة)، العدد (43) شوال 1419ه ص 24، حيث ورد ما نصه انه (في هذا العام (1359ه) صدر أول نظام لتنظيم الإدارة المحلية الذي بيّن واجبات أمراء المناطق وارتباطهم من الناحية الإدارية، ونص على إنشاء مجالس إدارية في مناطق المملكة، وقد ظل هذا النظام ساري المفعول حتى صدور نظام المقاطعات عام 1383ه الذي أحدث تطورات في مجال الإدارة المحلية حتى تجاوزه بإصدار نظام المناطق في 27/8/1412ه).
أما بالنسبة لنظام تركيز مسؤوليات القضاء فمن الواضح وقوع خطأ مطبعي في طباعة سنة صدوره، فبدلا من 1357ه جاءت 1375ه اذ ليس من المعقول ان يعاد اصدار النظام في 24/1/1372ه ويكون قد صدر أصلا في 4/1/1375ه كما ورد في مقالي, وأؤيد الكاتب فميا ذهب اليه بأن نظام الأمراء صدر أول ما صدر في 13/1/1359ه باسم (نظام الأمراء والمجالس الإدارية) ثم صدر باسم (نظام الأمراء) في 29/6/1362ه ويبدو وقوع خطأ مطبعي في سنة الصدور فبدلا من 1362ه جاءت 1363ه وبالرغم من هذا فإن ذلك لا يغير من الأمر الشيء لا بالنسبة لمسمى النظام ولا تاريخ صدوره اذ المقصود هو نظام الأمراء لا (نظام الأمراء والمجالس الإدارية).
خامسا: نظام مجلس الوزراء: يرى الكاتب ان المرسوم الملكي الصادر في 1/2/1373ه هو مرسوم تأسيس مجلس الوزراء، وأن نظام مجلس الوزراء صدر في 12/7/1373ه باسم (نظام شعب مجلس الوزراء), ويبدو لي ان في ذلك خلطاً بين ما هو نظام وما هو تنظيم, فما صدر في 1/2/1373ه بين كيفية تشكيل المجلس واجتماعاته ومداولاته ومهامه واختصاصاته بالإضافة الى اختصاصات رئيس مجلس الوزراء، فإذا لم يكن هذا نظاما للمجلس فماذا يكون؟ أما (نظام شعب مجلس الوزراء) فهو نظام فرعي بني على ما اقتضت به المادة التاسعة عشرة من نظام مجلس الوزراء بأن يشكل للمجلس ديوان يتألف من أربع شعب هي الأمانة العامة، ومراقبة حسابات الدولة، والخبراء الفنيون، وديوان المظالم.
فقد حدد نظام شعب مجلس الوزراء اختصاصات الأمين العام لمجلس الوزراء والتنظيم الداخلي للأمانة العامة، كما حدد الباب الثاني منه اختصاصات ومسؤوليات وصلاحيات مراقبة حسابات الدولة، وكذلك اختصاصات ومسؤوليات وصلاحيات كل من شعبة الخبراء وديوان المظالم (3) .
سادسا: وأخيرا اتجه الكاتب الى تصحيح تواريخ انشاء بعض الوزارات في عهد الملك المؤسس - رحمه الله - حيث أورد تواريخ مختلفة لانشاء كل من وزارتي الداخلية والمواصلات, أما فيما يتعلق بتاريخ إنشاء وزارة المالية (20/4/1351ه) فقد جاء مطابقاً لم أوردته في مقالي السابق, وأود التأكيد هنا بأن الغرض من سرد هذه التواريخ هو تحديد تاريخ انشاء أوائل الوزارات الست في عهد الملك عبدالعزيز وليس التتبع التاريخي لتطور تكوين كل وزارة على نحو ما فصله الكاتب, فما أوردته من تواريخ لانشاء هذه الوزارات الثلاث وغيرها مرجعه كتاب, (تطور الإدارة العامة في المملكة العربية السعودية خلال مائة عام: 1319ه - 1419ه) وذلك على النحو الآتي: (4)
وزارة الداخلية أنشئت في شهر صفر من عام 1351ه ثم دمجت أعمالها عام 1353ه مع ديوان رئاسة مجلس الوزراء، ثم أعيد تشكيلها من جديد بموجب المرسوم الملكي رقم (5/11/4/8697) وتاريخ 26/8/1370ه, أما وزارة المالية فأنشئت بموجب المرسوم الملكي رقم (381) وصدر نظامها في 20/4/1351ه وليس 20/4/1350ه على نحو ما أورده الكاتب كأساس للتصحيح, أما وزارة المواصلات فأنشئت في 28/12/1372ه بموجب المرسوم الملكي (رقم 5/11/4100).
هذا ما أردت توضيحه، مع شكري الجم للدكتور العتيبي الذي كان تعقيبه باعثاً لمراجعة ما كتبت ودافعاً لتبيان ما جرى التعقيب عليه من قبله، وما توفيقي إلا بالله.
الهوامش:
1- عبدالرحمن بن علي الزهراني، مسيرة الشورى في المملكة العربية السعودية، (1421ه/2000) ط2، الرياض، ص ص 27 - 261.
2- تطور الإدارة العامة في المملكة العربية السعودية خلال مائة عام (1319ه - 1419ه) ودور معهد الإدارة العامة في تنميتها، الرياض، معهد الإدارة العامة (1419ه - 1999م)، ص 81.
3- المرجع السابق، ص ص 213 - 219.
4- المرجع السابق، ص 165، وص 169، وص 178 على التوالي.

أعلـىالصفحةرجوع





















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved