أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 15th February,2001 العدد:10367الطبعةالاولـي الخميس 21 ,ذو القعدة 1421

عزيزتـي الجزيرة

سنبقى في جهد جهيد لتعديل الأحوال
الأمس واليوم في غرفة الصف !
تبدأ الحصة المدرسية برنين الجرس ودخول المعلمة ، فيبدأ معها إثراء العقول وتبادل الآراء واختلاط السلوكيات بين اكثر من ثلاثين شخصا في مكان واحد فتتعدد هنا المواقف والاحداث في هذه الغرفة الصغيرة الحاضنة لتأثيرات عظيمة في سلوكيات من يكون فيها بل على كل فتاة «والامر يقاس على الفتيان ايضا» واترك هنا لكم تخيل عددهن نسبة لعدد الفصول والمدارس في مجتمعنا. هذا التأثر العظيم اختلف اختلافا هائلا بين الأمس واليوم فمعلمة اليوم ليست كمعلمة الأمس وطالبة اليوم ليست كطالبة الأمس.
ولنبدأ بحصر الاختلافات والتأثيرات قدر إمكانية المكان والمقام وان كان القصور في تناول ا لموضوع حاصلا ولكن كلمة تقال تذكر باخرى مكنونة والله من وراء القصد. كن معلمات الامس قلة وهنا اشددعلى القلة بمعنى الندرة ومعروف ان النادر يعتبر غاليا ويعطى له اهتمام زايد دائماً. وكان وجود معلمة في اسرة مفخرة لها، ومع انهن محدودات التعليم نسبيا قياسا بمعلمات اليوم الا انه كان يشار لهن بالبنان وكن على قدر هائل من الثقة بالنفس المتولدة من معرفتهن انهن الافضل بين بنات جنسهن. وهذه الثقة دعمها شعور الاخريات من طالبات بل وامهات الطالبات بافضلية المعلمة عليهن لانها «متعلمة» كما كن يرددن للرجل عندما يخطب للزواج فتكفيهم هذه الكلمة عن باقي المواصفات. وكان للمعلمة منزلة عالية في اعين طالباتها فهي الاقوى شخصية والاعلم وهي الاقدر على تسيير حياتها. وكانت الطالبات قديما يرهبن المعلمات ولا يتجرأن على عصيان اوامرهن بل ان الطالبة تعصي الام ولاتعصي المعلمة بل امتدت هذه الرهبة الى قلوب الامهات فكن يسعين انفسهن لارضاء المعلمات بحث الطالبات على الجد والاحترام للمعلمة النابع اصلا من احترام الام نفسها لهذه المعلمة وعدم قدرتها حتى عن الدفاع عن ابنتها في حالة ظلمها او تعرضها للضرب احيانا من قبل المعلمة ، كان هذا بسبب الشعور المتزايد بافضليتها وارتفاع درجتها عن الباقيات واللاتي كن جاهلات وذوات تجارب قليلة فهي في البيت لتخدم وتربي «ونعم الأمهات» الاولاد وكثيرا ما كنا نسمع حديث الامهات للمعلمات ومايقال «لكم اللحم ولنا العظم» أو «هذه ما هي بنتي هذه بنتكم» وما الى ذلك مما يدل على الثقة الكبيرة التي تحظى بها المعلمة حتى وان لم تكن في محلها احياناً.
من ناحية اخرى كانت الطالبة تنظر الى معلمتها بإجلال. وكانت المدرسة والذهاب اليها غاية كل فتاة لرغبتها في ان تكون متميزة كمعلمتها والتي هي قدوة لها ولا يمكن ان تتخيل لعظمة شأن المعلمة لديها ان تكون كسائر البشر وكثيرا ما كنت وغيري «من طالبات زمان ومعلمات اليوم» نتساءل هل من المعقول ان المعلمة تأكل وتشرب مثلنا؟ بل الادهى من ذلك هل تنام كما ينام البشر.
بعكس بعضكم فانني عندما اتذكر تساؤلات الصغار هذه لا اضحك بل اترحم على زمن مضى كان للمعلمة «حتى اللي ماعندها سالفة وهذا ما لم يكن احد يعلمه حينها» احترام وتقدير حتى بين البنات في الاسرة فتكون علاقتهن بالاخت او الخالة علاقة عادية «يمونون كما نقول بالعامية» حتى تصبح هذه الاخت او الخالة معلمة فينسحبن البنات الاصغر سنا الى زاوية يحددنها هن لانفسهن فيحل الاحترام والاجلال بديلا للعلاقات الاسرية التي هي نفسها لاتخلو من احترام يعظم لكون الفتاة معلمة. وربما اننا الآن نعيش بقايا لهذا الشعور في المدارس الابتدائية.
فالمعلمة هنا كما كانت قديما لا تلجأ كثيرا الى الاساليب الحديثة المضنية لكسب ثقة واحترام الطالبات بل تلجأ الى اكثرها بدائية «الشخط والنتر والصراخ والجزاءات» فتولد لدى الطالبة الصغيرة شعورا بالرهبة والذي ينقضه الاساس وهو الاحترام الذي كان قديما.
وهنا اهيب بالرئاسة العامة ان تولي اهتماما اكبر للمدارس الابتدائية لتوعية «وهن ان شاء الله قليل» معلمات المرحلة الابتدائية وهنا لا اطالب بوجوب التخصص في المواد كما طالب بها غيري بل اطالب بشيء اهم الا وهو الوعي التربوي فيجب على معلمة الطالبات الصغيرات ان تعي ما تغرسه في صغار السن منهن من مبادىء وربما نجد ذلك في تفاصيل صغيرة اغالب نفسي كي لا اذكرها جميعاً. فمن غير المعقول ان تحضر المعلمة الى المدرسة وهي تلبس قميصا مبقعاً وغير مكوي او «شبشب» او ان تظهر وشعرها منكوش بحجة انها لا تعلم من يفهمن في حسن الهندام و«تهوش» على طالبات مهملات في هندامهن.
وهذا فعلا مما رأيت وحكين لي صغار اسرتي مع عدم عموميته وقلته ولله الحمد بل يمتد ذلك ويطال الادارة المدرسية التي لا تولي اي اهتمام من قبلها لتوعية معلماتها او حتى خلق جو وبيئة مدرسية سليمة لبناتها بدلا من التمدد في كنبات الادارة والمناقشات اللامتناهية في مواضيع الطبخ واللباس وهن جالسات حول «سماط» الفطور ولن اذكر اسماء مدارس بل لنترك هذا الموضوع المغري بالنسبة لي للكتابة فيه والغني جدا لنرجع للفرق بين طالبات ومعلمات الامس واليوم.
فنقول: كثرت المعلمات ولله الحمد وزاد وعيهن وما اكتسبنه من ثقافة ودرجات علمية ولكن هذه الكثرية تسببت في مشكلة كبيرة ولنضرب هنا مثلا بالاسرة القليلة الابناء والكثيرة الابناء حتى يقرب المعنى والرئاسة هي ولي الامر هنا. وبسبب التغيرات الدخيلة وترك الوالي الام او الاب او كليهما او تقصيره في واجب ولايته على اسرته والتي اثرت على الاخلاقيات فلم يعد الابناء يحترمون اولياءهم فكيف يحترم المعلم فالطالبة اليوم مشاغل مراهقية مع تحفظي الشديد على هذه الكلمة الدخيلة علينا والتي لا اعتقد انها لو كانت من مراحل العمر التي يجب على البالغ تحملها بقرفها لما «ولله الامر والعلم من قبل ومن بعد» كلف فيها في هذا الامر بالواجبات الدينية ويحاسب على التقصير يوم لا ينفع الا العمل الصالح.
والحكاية كلها بعد وضعف الهاجس الديني يزيده بلة تقصير بعض الآباء والامهات تقصيرا مرعباً وموجعا حقيقة جعل من البديهي ان تقارن الفتاة المسلمة بالكافرة والمقارنة تستدعي المساواة وهذا اهانة و تقليل من قدرة العزة التي ارادها الله للاسلام والمسلمين.
المهم ان هذه الترهات التي صدقتها الطالبات واهلهن الهت الطالبة عن طلب العلم كما ان امها واختها وخالتها معلمات وان فقدن احترام هؤلاء فكيف بالمعلمة الغريبة وخاصة بعدما تفضلت به الرئاسة وما تبذله من جهود لاصدار قوانين وتعاميم تسهل النجاح للطالبة دراسيا «وكتبياً» لان التعليم العام حق للجميع وان كان الرسوب سلوكياً «حسن الخلق» حليفها ، فلم اسمع ابداً ان طالبة نقصت من درجات السلوك «15 درجة» بسبب «قلة الادب» بل يساوى هنا بين الطالبة الخلوقة «المتربية» وبين الاخرى الرعناء «القليلة الحياء والادب».
هذه ليست حال الجميع فهناك طالبات يستحقن ان يوضعن على عروش من ذهب لادبهن وتفوقهن واتمنى حقيقة ان اقبل جبين كل ام ساهمت في ذلك وختام الحديث «المصاب ليس بجلل ان شاء الله» والنتيجة الاعم اننا سنبقى في جهد جهيد لتعديل الاحوال والتي اذا نظرنا اليها نظرة فيزيائية لوجدنا انها كالزئبق في الترمومتر ترتفع الى احسن حالتها اذا حفزتها الحرارة وتنخفض اذا فقدت حرارة الجهود والوعي.والمعادلة اكبر من ذلك يشترك فيها الفرد والاسرة والمجتمع بل والعالم كله لتصب كلها في غرفة الفصل الصغيرة.
نورة الغامدي

أعلـىالصفحةرجوع













[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved