أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 18th February,2001 العدد:10370الطبعةالاولـي الأحد 24 ,ذو القعدة 1421

محليــات

لما هو آت
القلب... وما فيه!
د. خيرية إبراهيم السقاف
من أجمل نعم الله التي وهبها الإنسانَ أن جعل لهُ "قلباً"...
والقلب في الجوف...
وهو المخبوء...، ومكمن السِّر، ومأوى الخفيِّ من الأمر...، وهو بيت القصد، ومسكن النيَّة...
وهو الجوف ذاته...، لا تصله يد ولا عين...
ولا يُدرِك ما فيه كائن من كان...
ينطوي على مافيه...، بما فيه...،
هو رمزٌ لكلِّ مسيَّجٍ...، محفوظٍ...، مكنونٍ...، مودَعٍ...، أمينٍ...
هذا القلب...
بما فيه من كلِّ هذه الصفات والمزايا... إلا أنه يتَّسم بصفة اسمه...،
والعرب قالت قديماً: )لكل امرىء من اسمه نصيب(... ولأن القلب هو جزء من المرء...، فيتسم بصفته )اَلْمَرْءَويّة(، لكنه يأخذ من هذه الصفة سمة النصيب من الاسم... فهو قلبٌ... إذن فهو قابلٌ للتقلب...، وشأنه أنه بين أصبعي خالقه، يقلِّبه كيف يشاء...،
ولأنه هناك في ذلك الموضع... وشأن الله تعالى فيه أن يقلِّبه كيف يشاء، فلقد سُمِّي ب)القلب(، لأنه قابلٌ للتقلب، من مكمن موضعه بين أصبعي الرب العظيم سبحانه وتعالى في خلقه...
وملكية القلب إذن هي لله...
والله خلق خلقه تعالى، منحهم فيهم أشياء، وترك في ملكه تعالى منهم أشياء، هو يملك القلب، أما فعل القلب فللإنسان ما سعى... و،سعيه ليس فقط بالعمل، وإنما بالنِّية والقصد، تلك التي ترسم للعمل خطته، وتوجهه إلى أدائه...
ولأن القلب مخبوءٌ...
فمقاصده مخبوءةٌ...
ولأنه ذو النِّية وبيت القصد...،
فقد رُبطت واعتُقلت النِّية بالعمل، والعملُ بالنِّية...، وغدا مناط الأداء هو نتيجة المصير...
وجعل أمر النِّية إلى الله تعالى... ذلك لأنه الوحيد الذي يملك في ملكه شأن الاطلاع على ما في باطن هذا القلب...
هو وحده تعالى الذي يعلم، ويعرف، ويدرك، ويدري كلَّ شيء في داخل هذا القلب من الهاجس، إلى المراودة، إلى النِّية، إلى العزم، إلى الرغبة، إلى... إلى... و... إلى...
لذلك يجلس المرء إلى الآخر... وهو لايدري ما في جوفه وما يُخبىِء قلبُه..
وهو يتحدث إليه ،لا يدري ما الذي في سريرة الآخر...
وهو ربما يلازمه في حركاته وسكناته، في لحظاته ليلاً ونهاراً... دون أن يطلع على ما في جوفه...
لكنه لا يملك حساباً له... لا جزاءً... ولا عقاباً...
المالك الوحيد لذلك هو الله تعالى الذي يملك هذا القلب... وإليه تؤوب نتائج ما فيه..
والإنسان له من قلبه مقاصده...، وله نتائج أفعاله وأقواله....
فالله تعالى خفف عن خلقه نتائج ما في صدورهم أي قلوبهم، فلا يعاقبهم عما لا يقولونه ولا يفعلونه من السيئات، فيما هو )يجزيهم( أي يكافئهم عما يُحاك فيها من الحسنات...
فما لهذا القلب أن يفعل به صاحبه؟!
ألا يسعى إلى مكاشفةٍ بين يدي خالقه، وهو قريب منه قرب أصبعيه تعالى حيث يستقرهناك؟...
ألا يُجلِّي عن ندمٍ لنيَّة سوءٍ عُقدت فيه؟ أو عن رضا لنيَّة خيرٍ بُذرت داخله؟
ألا يفعل الإنسان بكاء ندمٍ بين يدي خالقه لما فعل عن نيَّةٍ كانت في جوف قلبه؟ وبكاءٍ تقرُّبٍ لقبول عملٍ عن نيًّة خيرٍ كانت فيه؟...
هذا القلب...
فكيف هو المصير؟!
إن الإنسان لو تفكَّر ملياً في شأن قلبه...
لأدرك أن أعماله التي رُبطت بنيته...إنما قلبه هو بوتقةٌ يُصنع فيها مصيره؟
وتُطرَّز فيها خاتمته...، فاللهم يا مقلب القلوب... ثبت قلوبنا على الإيمان بك...
واجعل ما فيها مقاصد خيرٍ تقود أفعالَنا إلى أداء ما ترضى...

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved