أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 20th February,2001 العدد:10372الطبعةالاولـي الثلاثاء 26 ,ذو القعدة 1421

مقـالات

نوافذ
ميلان كونديرا
أميمة الخميس
إلى الآن لم أقرأ فناً حقيقياً وجذاباً ومتمردا لأدب ما خلف الستار الحديدي «إن صحت التسمية» كالروايات التي يكتبها الكاتب «التشيكي» ميلان كونديرا، والذي كتب من خلف الستار الحديدي بتلك العين الحيادية المتحررة من الشعار ووصايا الواقعية الاشتراكية الصارمة المدججة بتعاليم الحزب ورقابته، بل كان يقدم أدبا يعبر عن الانسان كقضية الانسان المقموع والمقهور والمطارد بأنظمة شيوعية «ديكتاتورية» قاهرة استلبت منه إنسانيته وأبقته خاضعا الى زعيق الشعار وضوضائه فأصبح النظام ضد الذي صنع من أجله، يسحق زهوها وفرديتها وقدراتها على مغامرات الإبداع والمروق ، وروايات «كونديرا» كانت ممنوعة في تشكوسلوفاكيا ابان الحكم الشيوعي، بل ان الكاتب نفسه تعرض للمضايقة والملاحقة، غير ان مخطوطات رواياته كانت تهرب الى فرنسا وتترجم وتنشر هناك.
ولم يتهيأ الاطلاع إلا على ثلاث روايات للكاتب المذكور، وهي تلك الروايات التي ترجمت الى العربية كانت لاتحتمل خفته غراميات مرحة «قصص قصيرة» و«المزحة».
والرواية الأخيرة المزحة هي اولى رواياته كتبها عام «1966م» وباستطاعتي ان أسميها الرواية الرمادية، فهي تنقلك الى تلك الأجواء الكئيبة المنقبضة «لتشيكوسلوفاكيا» إبان الحكم الشيوعي هناك. ومن ثم يصور لنا من خلال عين حيادية شديدة الدقة والحساسية الضغوط التي تتعرض لها الشعوب والتي يحاول الحزب الحاكم ان يخضعها «لتوتالريه» حزبية تهلك تاريخها وتراثها وفلكلورها، بل معتقدها الديني.
وكونديرا من أحذق وأبرع الروائيين اللذين يهتمون برسم ونحت شخصياتهم على المستوى النفسي والاجتماعي وسوى ذلك حتى أنك تكاد تسمع ترداد أنفاسها في أذنيك وأنت تقرأ الرواية التي كثيرا ما تنتهي منها وقد تملكتك حالة رمادية من الألم والحسرة، يقول كونديرا «كنت في فترة ما أسمى فيها مشطوبا من الآداب التشيكية، ولم أكن أرى أي ضياء لدائرة العنف هذه ويضيف ايضا أن ما يؤلمه في روايته تلك أو معظم رواياته أنها تفسر وفق منظور سياسي يخدم طبيعة الصراع أيام الحرب الباردة.
وقد كانت الشرارة الاولى التي أوقدت شعلة كونديرا اتجاه كتابة روايته «المزحة» كما جاء في مقدمة تلك الرواية هي قصة حقيقية رواها له بعض أصدقائه من عمال المناجم، عن عاملة شابة اعتقلت وسجنت لأنها كانت تسرق الزهور من المقابر من أجل عشيقها.
وعلى حد علمي يظل «كونديرا» على أول قائمة المرشحين لنيل جائزة نوبل كل عام، وأعتقد انه كاتب كبير ومتميز، ومن الذين لاتغادرك روايتهم بسهولة.
Email:omainamha mis@yahoo,com

أعلـىالصفحةرجوع












[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved