أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 22nd February,2001 العدد:10374الطبعةالاولـي الخميس 28 ,ذو القعدة 1421

مقـالات

بيدك لو أردت..
فهد حمد المغلوث
كل منا سيعيش في هذه الحياة بإذن الله إذا أمدّ الله في عمره، وكل منا سيعيش مهما كانت الظروف قاسية من حوله، ولكن هل كل حياة حياة؟ أقصد هل كل حياة نحياها تسمى حياة حقيقية؟
أوما أقصده تحديداً هو ما نوع الحياة التي تحياها؟ وهل أنت راضٍ عنها؟ أوهل أنت مقتنع بها فعلاً؟
إن الفكرة ليست في كوننا أحياء أبداً! ولكن في معنى الحياة وما تشكله بالنسبة لنا وما نقدمه نحن للحياة من أثر طيب وخيّر.
نعم ستعيش بإذن الله، ولكن أية حياة تلك التي تفتقد فيها كرامتك؟ أو أية حياة تلك التي تفتقد فيها قيمتك؟ وأي حياة تلك التي تفقد فيها ثقتك بنفسك، بل أية حياة تلك التي تفقد فيها احترام الآخرين لك وثقتهم بك؟! وأية حياة تلك التي تصبح فيها مثار الشفقة على نفسك قبل ان تكون مثار شفقة الآخرين؟!
نعم، ماذا يتبقى منك كإنسان حينما يهمّش دورك في الحياة أو يُفتقد ويذوب كبقية الحقوق الأخرى التي ذابت في الحياة وطارت في مهب الريح ولم يعد لها وجود؟!
يجب أن ندرك تماماً ان الانسان منا هو كرامة، عزة، أنفه، ثقة بالنفس فخر بالانتماء للدين الذي رفعنا الله به وفضلنا به على بقية الأمم، وولاء حقيقي لهذا الوطن المعطاء والأرض الطيبة.
يجب أن ندرك تماماً أن الانسان منا فوق ذلك هو ماذا قدم لنفسه ولدنياه وآخرته بل ماذا قدم لمجتمعه الذي أعطاه وأعطاه دون قيود ودون ان يبخل عليه!
أشياء كثيرة وكثيرة جداً يمكن ان تجعل لحياتنا معنى ولوجودنا قيمة ليس لأنفسنا فحسب بل وحتى في نظر غيرنا ممن مازالوا ينظرون إلينا بدونية ويتعاملون معنا على أننا جدار مائل يتجاوزوننا من خلاله للوصول إلى مآربهم وتحقيق أهدافهم دون أن يحسوا بحجم الألم الذي نشعره بسبب وطأة أقدامهم علينا أو بمقدار الذل والمهانة التي نشعر بهما من داخلنا ونحن نرى أنفسنا لاحول لنا ولا قوة بسبب الضعف الذي ما زال يعترينا وبسبب التردد الذي أصبح صفة ملازمة لنا!
كل منا ولله الحمد لديه طاقات مختزنة بداخله وكل منا يعمل بكل ما أوتي من قوة مسألة نسبية وكل منا أيضا قد يتبرم ويغضب بل ويتألم حينما يشعر ويرى بنفسه انه لم يعط حقه من التقدير الكافي أيا كان نوع هذا التقدير معنوياً أو حسياً أو على شكل ترقيات..الخ وهو بطبيعة الحال لايلام على تصرفه ومشاعره لأن هذا أمر طبيعي جداً يعكس صورة الطبيعة البشرية والمشاعر الانسانية، ولكن أين أنا؟ هل أنا فقط هو ما يريده الآخرون مني؟ هل أنا فقط هو ما يُطلب مني أو يملى عليّ؟ أين ما أريده أنا؟ أين ما أريد أن أحققه من طموحات وما أبلغه من غايات؟ هذا فعلاً ما يجب أن نسأله لأنفسنا وهذا فعلاً ما يجب ان نسعى للوصول إليه أو على الأقل جزء منه لنشعر بقيمتنا وذاتنا وبأننا لسنا أقل من غيرنا بأي حال من الأحوال.
أحياناً نحن نستهين بما لدينا من طاقات أو حتى من مجرد أفكار! نقول لأنفسنا: لا لا نحن أكبر من ذلك بكثير، يجب أن لا أفكر بهذا الموضوع أو بهذه الطريقة لأنها لا تجدي ولأنها ولأنها، علماً بأن الحياة تجارب وتستحق المحاولات الواحدة تلو الأخرى وبالذات تلك المحاولات التي ترفع من قيمتنا أمام أنفسنا وتريح ضمائرنا.
إن الخوف من المجهول لا يعني مطلقاً الركون للاستسلام وندب الحظ أبداً فنحن أقوياء بما أعطانا الله إياه من إرادة وبما أوجده فينا من أمل. صحيح أننا قد نصل أحياناً إلى مرحلة لا نستطيع فيها الصبر أكثر من ذلك أو الانتظار أكثر مما انتظرناه، ولكن هذه المرحلة ربما تعد مؤشراً إيجابياً على قوة إرادتنا وان بإمكاننا ان نكون أقوى وأقوى مما نحن عليه.
والسؤال الذي يفرض نفسه هو: هل يا ترى يكفي ان يكون لنا هدف واحد في الحياة؟ أم اننا بحاجة لأكثر من هدف؟ ان الواقع بكل استقراءاته يشير إلى ان لكل منا مجموعة من الأهداف حتي وان لم يعترف هو بذلك وأصر على ان له هدفا وحيدا لاغير.
نحن بحاجة أحياناً أن نعرف ان التنازل عن بعض مطالبنا أو غض البصر عن بعض الأمور التي تزعجنا لا يعني بأي حال من الأحوال النيل من كرامتنا خاصة حينما نعرف ان ما نتنازل عنه ليس مع أي إنسان مثلاً. فالحياة أخذ وعطاء وتضحيات. صحيح أننا نعطي أكثر مما نأخذ بكثير وبالذات في مسألة المشاعر والأحاسيس والعواطف بل حتى في مجال العمل أحياناً ولكن هذا لايعني ضعفاً منا أو قصوراً فينا أبداً.
فالحياة لكي تسير بشكل طبيعي ومرض بالنسبة لنا لابد ان نضحي ونتنازل ولكن بالطبع ليس هذا على حساب مبادئنا وقيمنا إذ يجب ان نفرق بين الأولويات وان نعي تماماً أنه لايبقى لنا إلا الشيء الذي يريحنا فيما بعد ونسعد به ومن ذلك الاثر الطيب.
ان الاثر الذي نبقيه في نفوس غيرنا من أبنائنا وأصدقائنا وكل من حولنا لايمحى بسهولة أوليس مع مرور الوقت خاصة إذا كان اثرا طيباً والانسان منا أي انسان حينما يسأل نفسه: لماذا أعمل وأتعب وأسافر وأضحي لماذا؟ هل فقط لاولادك أو أسرتك بشكل عام؟ إن كان الأمر كذلك فهو مدعو لاعادة النظر في تفكيره وحتى في أسلوب حياته.
ان الاثر الجميل الذي تتركه في حياتك وبعد مماتك هو ما يبقى لك فهل فكرنا في ذلك؟ هلا فكرنا بمن يذكرنا بالخير ونحن غائبون عنه؟ وهل فكرنا بمن يدعو لنا في ظهر الغيب ونحن بعيدون عنه وهل فكرنا بمن يفرح لفرحنا ويحزن لألمنا؟ وهل فكرنا بمن يدافع عنا حينما يحاول الآخرون النيل منا بكلمة أو بتصرف؟ وهل وهل؟ نعم تلك هي الحياة الحقيقية التي لاتجعلنا نخلط بين الأولويات أو نفرط في الهدف الذي وجدنا من اجله في هذه الحياة ألا وهو عمارة الأرض.
ان البحث عن الأشياء الجميلة الممتعة والصالحة أيضاً قد يستغرق وقتا ووقتا طويلا جداً إذا كنا نبحث عن المثالية، ولكن المطلوب منا ان نأخذ زمام المبادرة وان نحيي روح الأمل والتفاؤل في أنفسنا قبل ان نحييه في نفوس الآخرين.
المطلوب ان نبدأ ولو بالأمور البسيطة جداً طالما أنها أشياء حلوة ولا تكلفنا شيئاً وان نقتنع انه إذا كانت تلك الأمور بسيطة جداً ولا تستحق منا عناء البدء فيها فإنها في نظر البعض أشياء كبيرة وكبيرة جداً.
ينبغي ان نعي ان هناك أناسا محتاجين بكل ما تعنيه كلمة الاحتياج من معنى وينبغي ان ندرك ان هناك اناسا ظمآنين بكل ما يحمله الظمأ من معنى!
هناك الحاجة لملء الأفواه الجائعة من أولئك المعوزين ممن هم بحاجة لأن نشعر بهم ونلتفت إليهم.
وهناك الحاجة لاشباع العواطف العطشى للكلمة الحلوة والابتسامة الرقيقة والطبطبة الحانية والتوجيه الهادف لأولئك الذين ملوا الوقوف في طابور انتظار الأمل.
وهناك الحاجة للأخذ بأيدي الحيارى التائهين في دروب الحياة الغارقين في أوهام الوعود الزائفة من أولئك الذين يحملون لقب الإنسانية.
أشياء كثيرة لا حصر لها ولا نهاية ولكن يظل الهدف السامي والواضح والمحدد هو ما نبحث عنه ونتمنى الوصول إليه بغية تحقيقه ولكن قبل كل ذلك يفترض ان نسأل أنفسنا هل لدينا هدف واضح في الحياة؟ هل لدينا رسالة محددة نريد ان نوصلها؟
ان لم يكن هذا ولا ذاك، فنحن مدعوون للجلوس مع أنفسنا ومصارحتها، مدعوون للجلوس ووضع قائمة بالأهداف التي نريدها ثم اختصارها إلى أكبر قدر ممكن وتحديد الرغبات الأساسية منها القابلة للتنفيذ وبما يتناسب وقدراتنا وإمكانياتنا. ومن ثم وضع آلية طويلة المدى لتحقيقها وفق تصورنا العام ولو بشكل جزئي أو تدريجي، المهم ان نبدأ الآن دون تأجيل.
قد تبدو العملية صعبة وتحتاج لوقت ولكنك سوف تشعر بأنك على بداية الطريق الصحيح بإذن الله لأنك بدأت تعرف ماتريد وهذه أهم خطوة لتحقيق السعادة والشعور بالرضا بل والتوازن السلمي الداخلي.
أقول ذلك لأن حياة الكثير منا من دون هدف تعني ان حياتنا قائمة على «البركة» ان صح التعبير وان اردناها ان تكون كذلك، فَلِمَ التذمر والتندر حينئذ علي عدم تحقيق الرغبات والأماني؟!
وهناك نقطة مهمة أحب ان أشير إليها وهي ان أولئك الناجحين في عملهم ومع أسرهم وأولئك المشاهير لم ينجحوا أو يصلوا إلا ما وصلوا إليه بفضل ما لديهم من مادة أو بفعل الظروف أو بضربة حظ وان كان هذا وارداً مع البعض ولكنهم وصلوا إلى ماوصلوا إليه لأنهم ببساطة عرفوا ماذا يريدون من البداية فخططوا للوصول إليه وكرسوا حياتهم وجهدهم لتحقيق ذلك الهدف.
فالعملية بسيطة جداً، أعرف ماذا تريد بالتحديد، وسوف تجد نفسك تخطط وتنظم للوصول إلى أهدافك المرجوة. أما أن كنت غير ذلك، فستظل في آخر القائمة، ستظل في الهامش، ستظل تابعاً بل سوف تظل قابعاً خلف الكواليس تكتفي ربما بأدوار الكومبارس أما أدوار البطولة والتأثير فستكون من نصيب غيرك ممن عرفوا ماذا يريدون وكرسوا حياتهم لهذا الهدف.
فاختر أي الدورين تريد، وفي كلا الحالتين سوف لن يلومك أحد ومعك وقت ولكن لاتطل التفكير لأن الوقت له أهميته وقيمته في هذا الموضوع بالذات.
هاهو الطريق
مفتوح أمامك
سره إن شئت
بخطوات ثابتة
ولكن..
قبل ان تضع قدميك علي بدايته
قبل ان تبدأ أول خطواتك معه
هل تعرف وجهتك؟
كم ستستغرق رحلتك؟
مع من ستكون صحبتك؟
* * *
إن كنت كذلك
فابدأ رحلتك
مصحوباً بدعواتنا الصادقة
وكن واثقا..
ان مفترق الطرق
لم يكن مرسوما لك
بل لغيرك
ممن لم يعرفوا وجهتهم بعد!

أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved