أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 22nd February,2001 العدد:10374الطبعةالاولـي الخميس 28 ,ذو القعدة 1421

الاخيــرة

العراق
فوزية أبو خالد
«لو لم يكن صدام حسين أو لص بغداد موجوداً لاخترعه الغرب والا كيف كان سيتسنى لقواه ان تزيل الصدأ عن اسلحتها بتمويل من ا لآخرين، كيف كان للغرب ان يجد أرضاً يجري عليها تجارب تقنيته الحربية، كيف كان لرؤسائه المنتخبين انتخابا ديموقراطيا ان يجدوا مخرجاً لكوارثهم الداخلية بما فيها قصص الغرام او التأثير او ما اليه من مغامرات رعاة البقر في تصفية الهنود الحمر؟؟».
حكمة صينية قديمة
اثارت ضربة العراق بقياة امريكا وتحالف بريطانيا يوم الجمعة الماضي ردود فعل عالمية بدءاً من الحكومة الفرنسية وانتهاء برجل الشارع في الغرب بالطبع الذي عندما قيل له في معرض تبرير الضربة ان السبب في الضربة هو ان العراق قام بضرب الطيران الامريكي والبريطاني على ارض الخليج في شهر يناير وحده بما يزيد على كل محاولاته السابقة خلال عام، اجاب ان السؤال في المقام الاول هو لماذا توجد تلك القوات على تلك الارض اصلاً.
وقد كتب الصحفي البريطاني «روبرت فيسك» في جريدة الاندبندنت الانجليزية ليوم الاحد الماضي مقالاً يقطر سخرية سوداء. وجاء المقال مشجوناً بعوادم السياسية والعوادم الكيميائية والنووية الاخرى التي اصبحت تهدد مستقبل اطفال المنطقة قبل ان يولدوا، لشدة ما تعرضت له المنطقة من اضرار بيئية فادحة جراء استخدامات الاسلحة في العشر سنوات الماضية. ونظرا لما حمله مقال السيد فيدسك من اشارات جارحة الى مرح الحروب وكوارث السلام الظالم، فلا بأس او هذا ما ارجوه من استعارة بعض مقاطع ذلك المقال لنطلع من باب العلم بالشيء ولو بعيون غير عيوننا على المشهد من مواقع اخرى غير الموقع الذي وجدنا انفسنا فيه.
ورغم إنني سأعمد إلى استعارة بعض مقاطع ذلك المقال بصياغتي الخاصة وليس بترجمة حرفية إلا أنني سأضعها بين أقواس:
«في رواية جورج اوريال 1984م تكون اوشانيا متشابكة ومتورطة في حرب دائمة مع اوستاشيا» وهذه الحرب لها صفة الديمومة والسرمدية بما هو اطول من حرب داحس والغبراء.
«وبمثل ديمومة الحرب وسرمديتها فان نصر اوشانيا على اوستانيا دائم ومؤكد.
حرب اوشانيا Oceania مع اوستاشيا Eastasia عبر السنوات تحولت الى روتين محبب كالحرب المرحة بين توم وجيري مع فارق لا يذكر انه في هذه الحرب تزهق ارواح بريئة من المدنيين اطفالاً ونساء ورجالاً ويقطع دابر الزرع والضرع وتدمر بلاد وتركع اخرى.
«وفي رواية جورج بوش الصغير Georg Bush Jr عام 2001م الغرب متورط في حرب دائمة مع العراق» وهذه الحرب تحولت الى روتين بين المتحاربين والعنيدين».
وهكذا كانت مهمة الطائرات الامريكية والبريطانية التي ضربت العراق يوم الجمعة 17/2/2001م مجرد مهمة مكملة لضرباتها الخاطفة او العميقة على العراق طوال العشر سنوات الماضية «اي ان ضربة العراق الاخيرة كانت مجرد مهمة روتينية كما اكد جورج بوش الصغير».
«وكما في رواية اوريال 1984م الشخصيات لا تتغير في عام 1991م جورج بوش، ديك تشييني، كولن باول يحثون القوات الضاربة والصواريخ الذكية بضرب قلب بغداد وما حولها دون ان يمسوا شعرة واحدة من رأس المدنيين ديك تشييني وكولن باول وجورج بوش الصغير من مواقعهم السياسية الجديدة يحثون القوات الضاربة على نفس الشيء. عام 1991م وحش بغداد صدام حسين و2001م الوحش هو نفس الوحش ولكن ازدادت وحشيته.
صدام لا يشتكي الى العالم الخارجي من موت نصف مليون طفل عراقي فلربما يستطيع ان يخفي جماجمهم الغضة الصغيرة في سلة الفواكه العامرة امامه خمسة فصول في العام.
«اما نحن في الغرب فصرنا نمنع تصوير اقلام الرصاص لاطفال المدارس في العراق، خوفا من ان يستخدم رصاصها في صناعة اسلحة الدمار».
هل تشابك خيالي مع الوقائع الواردة في مقال الاندبندنت لا ادري على وجه التحديد ولكن ربما علينا ان ندري:
ü لعشر سنوات تهل الشهور على شعب العراق دون ان يهتك التعتيم الاعلامي المضروب على كارثة العراق السياسية والانسانية معاً من قبل قوى الداخل والخارج.
وفيما اطفال العراق يعالجون سكرات الموت فيما اطفال العراق يموتون يومياً بفقر الدم وسوء التغذية.
فيما اطفال ا لعراق ينسحبون من الحياة قبل سن المدرسة.
تتحدث امريكا عن حقوق الانسان ... يتلذذ طاغية العراق بمص الدماء
بينما يشيح البعض بوجهه عن فجيعة المشهد بحياد قاتل.
فإلى متى نحتمي من الحر بالرمضاء.
هذا ولله الأمر من قبل ومن بعد.

أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved