أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 23rd February,2001 العدد:10375الطبعةالاولـي الجمعة 29 ,ذو القعدة 1421

مقـالات

الانتفاضة الفلسطينية )دروس تطبيقية غالية الثمن من أجل الأقصى والعزة والكرامة(
دكتور عبدالله بن سالم الزهراني
دروس شاهدناها ونشاهدها فهل يستعصي علينا تعلمها واستيعابها والاستفادة منها؟!! إن من يلقي علينا هذه الدروس هم احفاد عمر وخالد بن الوليد وسعد بن ابي وقاص وصلاح الدين.. ومن المفترض بل من الواجب ان نكون كلنا اولئك الاحفاد.. من يلقي علينا هذه الدروس لم يكونوا يوما ما في معظمهم من خريجي الجامعات العريقة في اي بقعة من بقاع العالم رغم تطلعاتهم وحلمهم بذلك.. انهم معلمون في ريعان الشباب بل ان كثيرااً منهم لم يناهز الحلم، ورغم ذلك كان شرحهم لدروسهم وقضيتهم في غاية الوضوح.. وسائل الايضاح لديهم تمثلت في طباشيرهم التي هي من صنعهم واحتراعهم، وهي الحجارة، كما ان اقلامهم تختلف عن كل الاقلام وهي سواعدهم. اما حبرهم فهو اثمن واغلى حبر على الاطلاق الا وهو دماؤهم الزكية الطاهرة.. كانت الدروس ميدانية وتطبيقا على الواقع وليس على خريطة رغم انهم يسعون الى رسم تلك الخريطة في نهاية الامر بذلك الحبر الطاهر وبأجساد شهدائهم.. لقد احسن الفلسطينيون الارسال لدروسهم وكانت وسائط ارسالهم في غاية الدقة واثمانها باهظة، فهل أحسّنا الاصغاء والاستقبال لتلك الدروس؟؟؟ لقد تمت محاولة تشويش وسائط السماع لدينا وابتلينا بمحاولة فرض عقدة الخواجة حتى فيما يتعلق بكرامتنا ومستقبلنا حتى نظل نسمع صوت احفاد ريتشارد قلب الاسد الذين يملون علينا دروسا مشوهة ومغلوطة..
يقلبون الحقائق ويفصلون لنا حللا شبيهة بحلة امرئ القيس التي كانت فيها نهايته.
ولكن تلك المحاولات باءت بالفشل.. شاهدنا أمهات ثكلى وآباء جرحى ونساء أرامل واطفال يتامى والحبل على الجرار. إن في فلسطين أسراً كثيراة تعيش في مساكن وكأنهم في زنزانات يحيط بهم اليهود احاطة السوار بالمعصم، ليس هناك مجال لأطفال كثير من الاسر الفلسطينية للعب كما يلعب اقرانهم في كثير من دول العالم، اليهود يرمون عليهم بقاذوراتهم وصرفهم الصحي الذي ليس فيه من الصحة الا اسمه.. اليهود يثيرون الرعب في نفوس الاطفال اثناء تحركهم وذهابهم للمدارس والآباء رغم خوفهم على فلذات أكبادهم إلا أنهم لا يظهرون ذلك الخوف أمام أبنائهم وبناتهم بل يربون فيهم التحدي والتصميم وعدم الخوف، هناك اسر فلسطينية لم تغادر مساكنها بجوار الاقصى لولا يتركوت بيوتهم خالية في اي لحظة من اللحظات خوفا من سطو اليهود والاستيلاء عليها رغم التهديد والوعيد اليهودي لهم كل يوم بالموت.. شعب فلسطيني يسعى الى انجاب القبلتين أكبر عدد ن الأطفلا ليقدم أكبر عدد من التضحيات في سبيل أولى القبلتين وسبيل فلسطين.
شعب حي ينشد الرفعة ويسعى للمحافظة على الكرامة رغم سعي اليهود المستمر والحثيث لتدنيسها.. شعب من المفترض ان يحيي ما مات في البعض منا.. شعب لم يتعشم صعود الجبال ولم يرض بالعيش بين الحفر. شعب تكبد المصاعب منذ قرن من الزمان حيث تعرض للتهجير وللقمع وللسجون وللموت ولم يخفه ذلك ولم ينس قضيته ولم يهيمن عليه الخنوع والاستسلام. خاض كفاحا مسلحا وخسر الآلاف من أبنائه خلال نصف قرن في الداخل وفي الخارج. شعب جر الى السلم عندما ضعف العرب وارتضى العرب السعي الى السلم سواء كان ذلك تصريحا أو تلميحا.. قبل بعض الفلسطينيين بالسلام عندما تفرق العرب بفضل نظام صدام وعندما ادرك الفلسطينيون ان معظم العرب لم يعد لهم حول ولا طول في دعم الكفاح المسلح لجأ الى السلم الذي لم يجلب السلام حتى الآن.. يسعى اليهود الى السلام بأبخس الاثمان يحرصون على الاستيلاء على افضل الأراضي وأصلحها..
يسعى اليهود الى تمزيق تمركز الفلسطينيين كما يسعون الى عزلهم بعضهم عن البعض ويسعون في نفس الوقت الى عزلهم عن الدول العربية المجاورة بحيث لا يكون لهم حدود مع اي منها.. انكشفت ألاعيب اليهود وحيلهم وبدا السلام بعيدا..
استراحة المحارب انتهت بالنسبة للفلسطينيين وعادت الانتفاضة وعادت التضحيات. ارادة الشعوب لم تقهر في اي يوم من الايام والشواهد من التاريخ كثيرة، الشعب الجزائري والافغاني وفيتنام وجنوب افريقيا وآخرها لبنان.. العرب والمسلمون بحاجة الى صحوة والى الاستفادة من تاريخنا الاسلامي ومن كفاح الشعوب.
لقد أحيت فينا هذه الانتفاضة الأمل بعد ان كاد يموت.. انه لرائع ان تنهال التبرعات وان يكون للمملكة قصب السبق في الدعم المالي السخي والدعم المعنوي ان انتفاضة الاقصى تسحق هذه التبرعات واكثر سيكون للصناديق التي اقترحها صاحب السمو الملكي الامير عبدالله اثر بارز على دعم صمود ارادة الشعب الفلسطيني واستبساله في سبيل استرجاع حقوقه.. تحرك الشارع العربي كان مهما في دعم الانتفاضة وفي اشعار الفلسطينيين بانهم ليسوا وحدهم.. الاعلام كان له دور في فحض العدو وابراز وحشيته امام الاطفال الابرياء العزل. عرف العالم الصورة البشعة لليهود في فلسطين المحتلة. ان كل ذلك جيد ومفيد ولكنه يظل ابترا مالم يفعل بشكل مقنع للفلسطينيين اولا للعالم ثانيا. لقد عقد مؤتمر القمة الطارئ في القاهرة ولكنه يحتاج الى تفعيل قراراته. يحتاج الفلسطيني،ن الى الدعم السياسي من قبل الدولة العربية والى ذهاب وفود من قبل الجامعة العربية لشرح الموقف الفلسطيني. اين وفود الدول العربية لدول العالم المختلفة التي تشرح هذا الظلم والعدوان وتناشد ضمير العالم الحي في دعم الشعب الفلسذيني ضد الظلم والجور؟ ان المحادثات التلفونية لاتكفي للتفاهم وشرح القضية. ليس من رأى كمن سمع. لن يتحرك العالم مالم يتم الضغط من خلال المحافل الدولية واللقاءات مع المسؤولين في الدول المخحتلفة. الفلسطينيون يؤدون دورهم الميداني باقتدار ولديهم الاستعداد للصمود وبذل التضحيات والاستمرار في بذل المزيد حتى يستردوا حقوقهم.. يجب ان نعلم جميعا ان التاريخ لن يرحم الجيل المعاصر لهذه الانتفاضة من قادة وشعوب الدول العربية والاسلاية مالم يكونوا على مستوى هذا الحدث،، اعتقد ان الامة العربية تحركت بشكل جيد لدعم الفلسطينيين.. لقد شعرت بالفخر والاعتزاز عندما بدأت التبرعات في المملكة العربية السعودية بدءا بقادتها الذين قدموا الدعم المالي السخي وكان الشعب سخيا الى ابعد الحدود واستشعر بالمسؤولية والواجب. ولمسنا ذلك من خلال التدافع الى مراكز التبرعات والذي كان واضحا ولا زيف فيه وهو مستمر ومركز التبرعات مقتوحة في كل مناطق المملكة كما ان هناك حساب لهذا الغرض مفتوح في جميع البنوك.. تبرع بالمال والحلى والاراضي والمساكن وعلاج المصابين دون منه يعتبر مواقف نبيلة لن ينساها التاريخ لقادة المملكة وشعبها انني اتذكر الشعار القديم الذي كان )ادفع ريالا تنقذ فلسطينيا( والذي كان واقعا ونؤثر ومنقذا للكثير ن الفلسطينيين.
يجب ان نستمر في الدعم المالي للفسطينيين كما يحنا ديننا لدعم اخواننا المسلمين الفلسطينيين والذي فعله قادة المملكة من خلال التبرعات او من خلال الصناديق التي اقترحها صاحب السمو الملكي الامير عبدالله بن عبدالعزيز في مؤتمر القمة الذي عقد في القاهرة من اجل القضية الفلسطينية. سيعلم شارون انه لن يكون اسعد حضا من سلفه باراك في منصبه. سيجد نفس الصمود ونفس التضحيات ونفس الاصرار من الفلسطينيين طالما استمر دعم العرب والمسلمين لهم.. سيسقط شارون كما سقط غيره.. الولايات المتحدة والدول الاوروبية تطلب اعطاء شارون فرصة وليكن ذلك. العرب لن يبادرو للحرب ولكن يجب اخذ الحيطة والحذر وافتراض اسوا الاحتمالات. شيء واحد لن يتوقف الا وهو الانتفاضة. الانتفاضة اصبحت وضيفة ووسيلة للتعبير عن الرفض للهمجية الصهيونية والمطالبة بالحقوق ولن يضيع حق وراءه مطالب. اليهود يحاصرون الفلسطينيين اقتصاديا في مدنهم وقراهم ويتبعون سياسة القتل والتخويف والتجويع.. يحتاج العرب ان يكونوا جاهزين في هذه المرحلة وفي حالة استمرار حصار الفلسطينيين ان يعيدوا النظر في المقاطعة الاقتصادية للصهاينة في فلسطين مع تدعيم التضامن العربي..
يسعى شارون الى تلميع صورته الهمجية والوحشية لدى العالم من خلال ارسال الوفود الى الولايات وأوروبا. يحتاج العرب في المقابل الى بعث الوفود للتأكيد على تلك الصورة واستغلال برنامجه الانتخابي في كونه كان عدوانيا بشكل سافر وانه يبيت نوايا سيئة للفلسطينيين بشكل خاص وللعرب بشكل عام. يجب ادراك ان ارادة الشعوب لم نقهر على مر التاريخ ولن تقهر مستقبلا.. يجب الا تفقد الثقة في النفس على الاطلاق كما يجب ادراك ان المرور بكبوة لايعني نهاية المطاف..
والله من وراء القصد..
*جامعة الملك سعود


أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved