أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 23rd February,2001 العدد:10375الطبعةالاولـي الجمعة 29 ,ذو القعدة 1421

أفاق اسلامية

حديث المرأة
فقه الجماهير
د. رقية بنت محمد المحارب
تأملت في الآيات التي وردت فيها تصاريف لفظة «كثرة» في الكتاب العزيز فوجدت عجباً، وجدت كثرة الناس في القرآن في الغالب مذمومة في مثل قوله تعالى: «إن كثيراً من الناس لفاسقون» المائدة آية 49، وقوله تعالى «وإن كثيراً من الناس عن آياتنا لغافلون» يونس آية 92 وفي قوله تعالى «ولكن أكثر الناس لا يشكرون» يوسف آية 38، وقوله تعالى: «وما اكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين» يوسف آية 103، وتلقى المسلمون عتاباً من الله جل وعلا لأن كثرتهم أعجبتهم في معركة حنين وفي هذا تربية لهم ودرس ألا يتكلوا على الكثرة وانها لا تغني عن العبد شيئاً، وليست ذات قيمة عند من أنار الله بصيرته.
وهذا يقودنا الى التفكير في مسألة توجه الجماهير نحو فكرة معينة او حماسهم لقضية ما هل تدل بحد ذاتها على صحة هذه القضية او سلامة تلك الفكرة ام لا؟ وهل رفضهم لمبدأ دليل على بطلانه وقبولهم لرأي عنوان على الحق الذي لا مرية فيه أم لا؟
ان النبي يأتي يوم القيامة ومعه الرهط وآخر يأتي ومعه الواحد بل ان بعض الانبياء صلوات الله وسلامه عليهم يأتون وليس معهم احد، فهل هذا حجة على بطلان دعوتهم؟ حاشا وكلا.
ان في الكلمة الخالدة «اعرف الرجال بالحق ولا تعرف الحق بالرجال» منهجاً ينبغي على الموفقين السير عيه، فالمبادىء والاصول هي المرجع والحاكم وليس تصرفات الناس ورغباتهم واهواؤهم .. صحيح ان الامة لا تجتمع على ضلالة ولكن المقصود من هذا هو اجماع اهل الرأي وليس العامة. نحزن عندما نرى الجموع تؤيد الفكرة الباطلة، وتضيق صدورنا عندما نرى الجماهير تتدافع لنصرة الباطل والظلم، وتدافع عن الانحراف وتقف احياناً سدا امام المصلحين وتهون من شأن المنكرات، وقد يجد اليأس طريقه الى قلوب اناس ظنوا ان الكثرة معيار لحق او باطل.، ولكننا عندما نتأمل الحديث الذي رواه ابو داود وهو في صحيح الجامع عن ثوبان رضي الله عنه قال: قال الرسول صلى الله عليه وسلم : يوشك الامم ان تتداعى عليكم كما تداعى الاكلة الى قصعتها، فقال قائل: أمن قلة نحن يومئذ؟ قال: بل انتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم وليقذفن الله في قلوبكم الوهن، فقال قائل: يارسول الله وما الوهن؟ قال: «حب الدنيا وكراهية الموت» ندرك ان الكثرة لم تكن في حس الدعاة قضية بل ان الاغترار بها قد أورد المهالك في قديم الزمان وحديثه. ولذا فإن الدعاة الى الله عز وجل لا يُسألون «كم» استجاب للدعوة ومشى في ركاب الانبياء؟ ولكن يُسألون عن «هل» بذلوا الوسع في تبليغ الدعوة وهل اجتهدوا في تقديمها للناس في ابهى حلة ام لا؟ وعندما تقرأ هذه الحقيقة يصبح الداعية الى الله في قمة نشاطه في السراء والضراء، والعسر واليسر وبذا تعيش النفس في اجواء العلم النافع والعمل الصالح والسكينة مهما اشتد سواد الليل وطال زمانه.

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved