أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 23rd February,2001 العدد:10375الطبعةالاولـي الجمعة 29 ,ذو القعدة 1421

شرفات

قلب فيلمه «نساء ونساء» كل حسابات السينما المغربية..
المخرج المغربي «سعد شرايبي» دعي إلى «42» مهرجاناً دولياً وحصد «10» جوائز
لم يقدم سوى ثلاثة أفلام روائية طويلة، لكنه منذ فيلمه الثاني «نساء ونساء» اصبح صفحة بارزة في تاريخ السينما المغربية ومع فيلمه الثالث «عطش» الذي نافس على جوائز مهرجان القاهرة السينمائي الدولي الأخير، أثار المخرج المغربي «سعد شرايبي» الكثير من الجدل .. وربما الاتهام بالتعاطف مع المحتل الفرنسي.ولشرايبي عدة أفلام قصيرة ونشاط ثقافي وفني بارز ضمن الجمعية الوطنية للأندية الثقافية بالمغرب والتي لعبت منذ السبعينات دوراً بارزاً في بلورة وتثقيف وتدريب الكوادر الفنية المختلفة في عموم دول المغرب العربي الثلاث في ظل غياب المعاهد الفنية المتخصصة.
وطوال ست سنوات اقتصر نشاط «شرايبي» السينمائي على المناقشات والقراءات التحليلية بنادي السينما في الدار البيضاء.. وغيرها من الأنشطة الثقافية، وفي عام 1976 وعلى حد تعبيره لم يعد يطيق الاستمرار بعيداً عن الكاميرا فشارك ثلاثة من زملائه في الفيلم الروائي الطويل «رماد الذريبة» في تجربة اخراج جماعي ضمت بالاضافة اليه المخرجين المعروفين جيداً وقتها محمد الركاب وعبد القادر لقطع ومصطفى الدرقاوي، وفي عام 1978 أخرج التسجيل القصير «بوعادل» عن إحدى القرى النائية بالريف المغربي وثق فيه معاناة سكانها الذين يوفرون احتياجاتهم الحياتية واليومية من «لا شيء» تقريباً، كما وثق تقاليدهم وعاداتهم وأزياءهم وطقوس معيشتهم. وفي «كلمات وتعابير» الروائي القصير عام 1980 خاض تجربة «إعادة تصوير ما مر به نادي الدار البيضاء الثقافي، ولعب أعضاء النادي نفس أدوارهم الحقيقية.. بنفس تفاصيلها ومع «غياب» روائي 45 دقيقة عاد «شرايبي» الى القرية.. لكنه اختار هذه المرة قرية شبه حضرية ليرصد تداعيات غياب الأب عن عائلته المكونة من ثلاث نساء ورجل واحد، وفي «غياب» 1982 بدأت تتصح كما قال للجزيرة اهتماماته الخاصة بقضية المرأة.
ويأتي «أيام من حياة عادية» 1990 كأول فيلم روائي طويل له وهو لا يتوقف طويلاً عنده، إذ خاص مع زملائه منذ 1990 وحتى 1995 معركة دفع الدولة لدعم الانتاج السينمائي التي آتت أُكلها في النهاية، ويعود عام 1997 ليصور «نساء ونساء» الذي يمثل بصمة خاصة في مسيرة الأفلام المغربية، إذ «ضرب» كل الأرقام القياسية السابقة عليه سواء من عدد المشاهدين.. وعلاقة الفيلم المغربي بسوقه المحلي، أو من حيث التقدير الخارجي إذ شارك في «42» مهرجاناً وحصد عشر جوائز وهو ما لم يحققه فيلم مغربي آخر، والى القاهرة أتى ب «عطش» الذي عاد فيه الى قرية بدوية في منتصف الخمسينات ليقدم رؤيته الخاصة للنضال ضد المستعمر.. وأيضا لإشكالية وضع المرأة المغربية.. غير أننا عدنا معه الى البداية.
لم أدرس السينما نظرياً، عشت العديد من تجارب الأصدقاء واعتمدت على التثقيف الذاتي، كنت أدرس الطب.. لكنني لم أستطع اكمال دراستي فيه، وغرقت تماماً في أنشطة الأندية الثقافية والاخوة العرب يعرفون الأهمية الكبيرة لهذه الأندية في الحياة الثقافية والفنية بدول المغرب العربي.. خاصة تونس والمغرب. وبعد عشر سنوات من الاقتصار على المناقشات والمشاركات في الندوات والقراءات قررت أن الوقت قد حان للوقوف خلف الكاميرا.
* صحيح ان معظم المخرجين المغاربة يفضلون كتابة أفلامهم بأنفسهم.. لكنك أضفت أيضاً الإنتاج .. لماذا؟.
ليست عملية تفضيل.. بل بسبب الندرة الشديدة في عدد السيناريست المحترفين، لذا تجدني في معظم تجاربي اعتمد على نفسي تماماً، وان كانت الكتابة السينمائية عندنا عرفت بعض التقدم في السنوات الخمس الماضية، إذ دخلها عدد وان ظل قليلاً من السيناريست الذين لهم احتكاك حقيقي بصناعة الافلام، وقد استعنت ببعضهم في فيلميّ الأخيرين.. شارك معي في «نساء ونساء» جمال بن مجدو، وفي «عطش» فاطمة الوكيلي والفرنسي «آلان دوازاد».
* والإنتاج؟
هذا عبء ضخم.، ولأن طبيعة الهواة كانت مسيطرة على مجمل الإنتاح المغربي حتى سنوات ستجدنا نتعاون كأصدقاء في أفلامنا.. مثل أدرت إنتاج «100 يوم في المامونية» الذي أخرجه زميلي مصطفى الدرقاوي عام 1977، ونسقت إنتاج خمسة أفلام لزملائي احتفالاً بمئوية السينما عام 1995، هم.. حكيم نوري وحسن بن جلون وعمر شرايبي وجيلالي فرحاتي وفريدة بليزيت، قدم كل منهم رؤيته الخاصة عبر أفلام روائية قصيرة للسينما المغربية وعلاقة المواطنين بها، المشكلة أن غياب آليات واضحة وهياكل صناعة السينما عن المغرب حرمتنا من قيام شركات الإنتاج المحترفة، ولم يكن أمامي سوى أن أتحمل عبء الإنتاج.. وهو ما يمثل تناقضاً مع شروطي كمخرج، وأعتقد أنه بعد قيام صندوق وطني لدعم السينما منذ عام 1995 ان الحال في طريقه نحو التغير.
* المشاهد لأفلامك يتوقف مباشرة عند انغماسها في هموم المواطنين قبل أن تتركز على قضية المرأة خاصة في «نساء ونساء» هل لنا أن نقترب أكثر من هذا الفيلم؟
قضية المرأة ليست بعيدة عن مجمل هموم المواطنين، فمنذ السبعينات والمناقشات لم تتوقف حول الشعار الضخم «تحرر المرأة» والتمرد على التقاليد والموجة النسائية، الخ بالنسبة لي رأيت كل هذا مجرد نظريات، ولاحظت أنها ليست متطابقة..وقد تتناقض مع بعضها، وأنها لم تقرأ الواقع المعاشي وبالتالي غير منسجمة معه، وان الواقع أكثر تمرداً من هذه الشعارات وفي المقابل أكثر حدة في التعامل مع المرأة، ورأيت أن عليّ أن أعطي وجهة نظري في هذه الإشكالية المتجددة.
* لكنك قدمت تجربة فريدة قبل كتابة السيناريو؟.
نعم .. ففي محاولة مني لتقديم فيلم به أكبر مساحة صدق أجريت استبيان رأي لخمسين سيدة وجهت لهن «56» سؤالاً شارك في وضعها عالم اجتماع متخصص، اخترت نماذج نسائية من بيئات ومستويات مختلفة، وعبرهن عرفت القضايا الحقيقية التي تشغلهن، ووظفتها كمشاغل رئيسية للسيناريو، وتمثلت أولاً وأساساً في العنف الجسدي والفكري الممارس ضد المرأة، ثم المضايقات التي تتعرض لها في حياتها العملية والمهنية.. وحتى أثناء سيرها في الشارع.
*هل العودة الى الواقع الفعلي واستبيانه وراء النجاح غير المسبوق للفيلم.. ألم تكن المشكلة معروفة عربياً.. وعالمياً الى حد ما؟.
النجاح الجماهيري للفيلم الذي ضرب كل الأرقام السابقة عليه بدرجة كبيرة سواء من حيث الايرادات او من حيث المشاهدين.. والقبول الدولي المتمثل في دعوته ل «42» مهرجاناً وحصده لعشر جوائز من مهرجانات أوروبية وافريقية وعربية.. آخرها أفضل تمثيل جماعي من البحرين، أكد أن السيناريو كتب فعلاً في الشارع الحقيقي. وما أحصيته من مقالات وبرامج ناقشت الفيلم تعدى ال «250» مقالاً وبرنامجاً ، وبدا الفيلم وكأنه مفجر لنقاش حول قضية نعرفها جميعاً لكن لا أحد يتحدث عنها .. كنا نشاهد العنف بأنواعه المختلفة ضد المرأة.. ولا يتحدث أحد، كأن الأمر بمثابة «تابو» مغربي، واختراق فيلمي لهذا «التابو» وتفجيره علناً اعتبره النجاح الأكبر للفيلم.
*مع ذلك .. ألا تتفق معي أن البعض رأي « عطش » متعاطفا مع الاحتلال ، وعلي الآقل ينتقد بعض فئات أو شرائح المقاومة الوطنية؟.
«عطش» بمثابة نقلة نوعية لي، فهو عودة الى التاريخ، ودفعني لذلك أن الأجيال الجديدة لا تعرف من تاريخها سوى ما تعلمته في المدارس وهو ما يعرف بالتاريخ الرسمي، وهذا التاريخ أغفل فئات عديدة رغم أن دورها كان فعالاً ومؤثراً في تحقيق الاستقلال وعندما قرأت كتاب «أضحية البقرة السوداء» ل «موحه العيّد» رأيته يقترب من هذه المساحة ، كما يتعرض لتمرد فتاة أحبت وأجبرت أسرتها على الزواج من حبيبها، وأيضا الصداقة الفريدة بين الرجل العجوز «الشيخ زايد» والشاب «موح» واللذين اجتمعا على قضية وطنية، فقررت الاعتماد عليه.. ومؤلفه يؤكد أنها قصة حقيقية.
* ألم تستعن بتمويل أجنبي لإنتاج «نساء ونساء».؟.
لا أنكر أن قضية المرأة العربية ووظيفتها تجذب التمويل الغربي.. بحسن أو بسوء نية.، لكني رفضت تماماً أية مشاركة أجنبية في إنتاجه، واعتمد على الدعم الذي يقدمه صندوق دعم الإنتاج الوطني الذي بدأ عمله عام 1995 ويصل الى 40% من التكلفة المتوقعة لانتاج الفيلم، وحتى «عطش» بتكلفته العالية «600 الف دولار» وافقت على طلب مساعدة تقنية لا تتعدى 5% من تكلفته الفعلية ورفضت تماماً أية مشاركة أكبر في انتاجه.

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved