أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 2nd March,2001 العدد:10382الطبعةالاولـي الجمعة 7 ,ذو الحجة 1421

أفاق اسلامية

توجيهات للمرأة في الحج
الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين
هذه توجيهات وتنبيهات للمرأة المسلمة التي تتوجه لأداء نسك الحج أو العمرة ومما يندب لها ويلزمها من أعمال مشروعة وواجبات وآداب وأخلاق وما تتجنبه من المحذورات والمخالفات، وذلك ان الله تعالى فرض الحج على المستطيع من الرجال والنساء.
واتفق العلماء على انه لا يلزم الحج المرأة إلا بشروط، ومن جملتها وجود محرمها وهو زوجها أو من تحرم عليه بنسب أو سبب مباح لكن أجاز مالك في آخر كتاب الحج من موطئه، أنها إن لم يكن لها ذو محرم أو كان لها فلم يستطع الخروج معها انها لا تترك فريضة الله عليه في الحج بل تخرج في جماعة النساء، ولعل ذلك لأن الحج ركن والمحرم واجب فالركن لا يترك مع القدرة عليه لأجل الواجب، وقد ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة مرفوعا قال: )لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر ان تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم(، وفي حديث آخر، )ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما( وروى الإمام أحمد عن أبي هريرة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما حج بنسائه قال: )إنما في هذه الحجة ثم زمن ظهور الحصر( وروى أحمد وأبو داوود نحوه عن أبي واقد الليثي رضي الله عنه، وهو دليل على ان الأفضل للمرأة الاقتصار على حجة واحدة.
لكن ثبت ان اكثر أمهات المؤمنين لم يقتصرن على تلك الحجة، وقد روى أحمد بإسناد صحيح عن عائشة أنها قالت يا رسول الله هل على النساء جهاد قال : )عليهن جهاد لا قتال فيه: الحج والعمرة( وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم )جهاد الكبير والصغير والضعيف والمرأة الحج والعمرة( رواه النسائي بإسناد صحيح.
وقد وردت أحاديث في فضل الحج وكثرة ثوابه، وهي عامة للرجال والنساء لكن مع توفر الشروط واتقاء الموانع، وحيث ان المرأة عورة وفتنة فإن عليها الحرص على الاحتشام والتستر، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم )اتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن فتنة بني إسرائيل كانت في النساء( رواه مسلم وفي الصحيحين عن أسامة بن زيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال )ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء( ومن هذه الأحاديث يجب على المرأة المسلمة الاحتشام والتستر والبعد عن أسباب الفتنة، فمتى وفقها الله وقامت بأداء هذه المناسك لزمها التقيد بالأحكام الشرعية ومنها التزام الحجاب الشرعي في تغطية الوجه أمام الرجال في حال الاحرام وقد روى أحمد وغيره عن عائشة رضي الله عنها قالت )كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرمات فإذا حاذوا بنا سدلت احدانا جلبابها من رأسها على وجهها فإذا جاوزونا كشفناه( وصححه الحاكم قال المنذري: قد احتار جماعة العلم بهذا الحديث وهو ظاهر في ان على المرأة عند مرور الرجال بها ان تستر وجهها قال الشوكاني: لأن المرأة تحتاج الى ستر وجهها فلم يحرم عليها ستره مطلقا كالعورة لكن إذا سدلت يكون الثوب متجافيا وجهها بحيث لا يصيب البشرة هكذا قال أصحاب الشافعي وغيرهم، وظاهر الحديث خلافه لأن الثوب المسدول لا يكاد يسلم من إصابة البشرة فلو كان التجافي شرطا لبين النبي صلى الله عليه وسلم وقد روى غيره عن ابن عمر ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: )لا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين( وفي رواية لأحمد: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى النساء في الإحرام عن القفازين والنقاب وفي رواية لأبي داوود )ولتلبس بعد ذلك ما أحبت من ألوان الثياب معصفرا أو خزا أو حليا أو سراويل أو قميصا(.
فالنهي في هذا الحديث عن النقاب وهو لباس يفصل بقدر الوجه وفيه ثقبان صغيران بحذاء العينين تنظر منهما، وعن لباس القفازين وهما ما تدخل فيهما الكفان، ولا يدل ذلك على المنع من تغطية الوجه بالخمار أو الجلباب أو العباة ولا يمنع من ستر الكفين بالأكمام أو الثوب ونحوه ولا شك ان المرأة تتعرض في الحج للبروز والظهور أمام الرجال كما في الطواف والسعي والرمي، وان إبداء زينتها للأجانب حرام لقول الله تعالى: )ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آباء بعولتهن( الآية حيث منعت من ابداء الزينة إلا لهؤلاء المحارم، ومعلوم ان وجهها هو مجمع الزينة فمتى برزت أمام الرجال تعين عليها ستره حتى لا تفتن من نظر اليها وهكذا عليها حال الطواف ونحوه الحرص على الابتعاد عن الرجال الأجانب ممن ليس بمحرم وذلك بطوافها بعيدا في أقصى المطاف ولو كان في ذلك مشقة.
وهكذا في السعي عليها ان تكون بجانب محرمها أو في وسط المجتمع النسائي لتتحفظ عن مماسة الرجال وقد نص الفقهاء رحمهم الله تعالى على ان المرأة لا ترمل في طواف القدوم ولا تسرع في السعي بين العلمين الأخضرين وذلك أنها عورة فربما ظهر منها في الاسراع شيئ من بدنها كالقدم أو الساق فيبدو ذلك للرجال الأجانب ولأن الرمل في الأصل شُرع لاظهار القوة والنشاط أمام المشركين وليس ذلك مطلوبا من النساء، وهكذا لا يجوز للمرأة الزحام عند الحجر الأسود لاستلامه أو تقبيله ولا عند الركن اليماني لاستلامه لما يخاف من مماسة الرجال الأجانب وذلك محرم لما فيه أو ما يسببه من الفتن وإثارة الشهوة فمتى رأت شدة الزحام اكتفت بالاشارة الى الحجر من بعيد مع التكبير، ومواصلة الطواف، وهكذا عليها بعد الطواف الصلاة في الأماكن المخصصة للنساء.
وقد ذكر الفقهاء ان المرأة لا تجهر بالتلبية حتى لا يسمعها الرجال لأن صوتها عورة لا سيما إذا نغنجت ورققت الصوت، وهكذا يقال الدعاء في الطواف والسعي عليها إخفاؤه بقدر ما تسمع نفسها أو رفيقتها وعليها التحفظ عند دخول المسجد الحرام أو المسجد النبوي فلا تدخل مع الأبواب التي تزدحم بالرجال ولا تصلي في المواضع التي يتواجد فيها الرجال وقد خصص للرجال أماكن وحجز للنساء مواضع مفصولة عن أماكن الرجال حفاظا على كرامة المرأة وصونا لها عن الفتنة وأما بقية المناسك فهي كالرجال لكن يختار لها في رمي الجمار تحين وقت الفراغ من المرمى ولو في وسط الليل من مساء يوم النحر أو اليوم الحادي عشر أو الثاني عشر لمن يتعجل حتى تباشر العمل بنفسها فهو أفضل من التوكيل، كما ان تأخير رميها للجمرات كلها أو بعضها الى اليوم الثاني عشر أو الثالث عشر إن لم تتعجل أفضل من الانابة لعدم الدليل الواضح في التوكل.
ولا يجوز النفور من مزدلفة في نصف الليل أو نحوه لأجل امرأة أو نساء ضمن الحملة بل السنة البقاء الى الصباح حتى تؤدي صلاة الصبح والذكر بعدها في المسجد الحرام وفي الإمكان تأخير الرمي للنساء إلى المساء وأما التقصير فلا يسقط عن المرأة ولا يجوز لها الحلق لقول النبي صلى الله عليه وسلم )ليس على النساء حلق وإنما على النساء التقصير( رواه أبو داوود وغيره، وذلك لأن زينة المرأة في شعر الرأس وقد كان نساء المسلمين يوفرن شعر الرأس يتجملن بإطالته وتفتله المرأة قرونا، ففي التحلل من الحج أو العمرة تقصر عن كل صغيرة قدر أنمله وهي واحدة الأنامل أي مفاصل الأصابع ولا بد من تعميم الرأس بالتقصير فإذا كان رأس المرأة مفتولا كقرون أخذت منه ما ذكر وإن كان مجموعا من خلفها أو منقوضا فعليها تتبع الشعر للتقصير، وعلى المرأة الحرص على تقوى الله وطاعته والتقيد بأوامره ونواهيه وعدم العصيان لولي أمرها فلا تخرج إلا بإذنه ولا تدخل الأسواق والمجتمعات المزدحمة إلا مع محرم وللضرورة وتحرص على إكمال مناسكها لكن يسقط عنها طواف الوداع إذا حاضت قبله ولم تطهر حتى خروج محرمها ولكن تقف بباب الحرم وتدعو بما تيسر من الدعاء والله أعلم وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved