أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 6th March,2001 العدد:10386الطبعةالاولـي الثلاثاء 11 ,ذو الحجة 1421

العالم اليوم

على ضوء ما أفرزته الانتخابات الأخيرة في اليمن
الخلافات الحزبية القائمة.. هل تؤثر على أداء المجالس المحلية المنتخبة؟
* صنعاء الجزيرة من عبدالمنعم الجابري:
تستعد المجالس المحلية الجديدة في اليمن لعقد أول اجتماعاتها في ال20 من الشهر الجاري لاختيار قيادات السلطة المحلية على مستوى المحافظات، وذلك بناءً على مرسوم أصدره الرئيس علي عبدالله صالح حدد التاريخ المشار إليه موعداً لانعقاد هذه الاجتماعات بعد الاعلان عن انتهاء عملية انتخابات المجالس المذكورة.
ويأتي الانعقاد الأول للمجالس المحلية والذي سيكون في عموم المحافظات اليمنية كبداية عملية لممارسة نشاط هذه المجالس في الوقت الذي لم تكن قد استكملت قوامها بشكله الكامل جراء عدم استكمال الانتخابات التي جرت مؤخراً في عدد من المناطق بسبب بعض المشاكل التي رافقت العملية الانتخابية.. سواءً أكان ذلك بالمشاكل الفنية أو حوادث العنف.. وهو ما أدى الى تأجيل الانتخابات في 21 مركزاً )منطقة( الى وقت لاحق قد يصل الى ستة أشهر حسبما ينص القانون.
هذا الى جانب أن اجتماعات ال20 من الشهر الجاري تأتي في ظل وجود الكثير من التساؤلات التي تطرح نفسها على مستوى الساحة اليمنية، وهي ترتبط بدرجة أساسية بمعطيات وحقائق مهمة أفرزتها عملية الانتخابات المحلية مما سادها من خلال المواجهات الحادة والشديدة فيما بين الأحزاب الرئيسية المتنافسة، علاوة على أعمال وحوادث العنف التي شهدتها العديد من المناطق وأسفرت عن سقوط عشرات القتلى الجرحى من المدنيين والعسكريين.
ومن خلال قراءة سريعة لحدث انتخابات المجالس المحلية في اليمن سنجد أنها قد عكست مدى الدور المؤثر الذي مازال يلعبه عامل التركيبة الاجتماعية بشقيها القبلي والمناطقي بالنسبة لمسار العملية الديمقراطية والممارسة السياسية والحزبية.
بحيث يمكن القول هنا ان دافع الانتماء القبلي كان هو الأساس أو المعيار الذي اتبع في معظم المناطق اليمنية في عمليات اختيار المرشحين لعضوية المجالس المحلية.. ولم يكن للمعيار الديمقراطي والانتماء الحزبي أثره الفعلي كأساس كان ينبغي الانطلاق منه في اختيار المرشحين من جانب الناخبين.. وذلك من باب تجسيد مبدأ الممارسة الحقيقية السليمة للديمقراطية كما يطرح المراقبون، فلم يكن ثمة التزام بهذا المبدأ بالشكل الذي يفترض من قبل الشريحة الأكبر من الناس.. بحيث نجد أن كثيراً من الفائزين بعضوية المجالس المحلية لم يحصلوا على أصوات الناخبين التي مكنتهم من الفوز بهذه العضوية على أساس التنافس الحزبي الديمقراطي وإنما كان ذلك بحكم الانتماء القبلي والمناطقي الذي كان هو المعيار الأقوى السائد في الانتخابات المحلية وعلى أساسه كانت النتائج في الكثير من المناطق.
وكذلك الحال بالنسبة للاشكالات وأعمال العنف التي رافقت انتخابات اليمن المحلية، بحيث نجد أن اشتداد الخلافات فيما بين الأحزاب التي يرى بعض المهتمين في الشأن اليمني ان بعضها يعاني من قصور في برامج عمله وتوجهاته وفي أسس واساليب العمل السياسي والممارسة الديمقراطية، تلك الخلافات بين الاحزاب انتقلت الى أوساط المواطنين من أنصارها، وبالتالي ونتيجة للتعبئة الحزبية الخاطئة وفي ظل التركيبة الاجتماعية القائمة التي مايزال العامل القبلي والمناطقي يتمتع بقدر من النفوذ فيها وكذلك وجود نوع من التخلف الثقافي بسبب الأمية التي تصل نسبتها الى اكثر من 40 بالمائة في صفوف السكان.. فقد كان لتلك الخلافات أن تطورت تحت تأثير التعصب الحزبي القبلي وتحولت الى أعمال عنف ومصادمات مسلحة.
ومن خلال الوقوف أمام نتائج الانتخابات المحلية والتي جاءت وفقاً للتوقعات التي سبقتها، بحيث تمكن المؤتمر الشعبي العام الحاكم بزعامة الرئيس علي عبدالله صالح من تحقيق فوز كاسح على بقية الأحزاب، وحصد أكثر من 65 بالمائة من مقاعد السلطة المحلية الجديدة على مستوى المديريات والمحافظات بشكل عام.. ولعل هذه النسبة من الفوز بالنسبة للمؤتمر الشعبي تعود إلى القاعدة الجماهيرية الواسعة التي يمتلكها في أوساط الشارع اليمني الذي يشعر بأن هذا الحزب أو التنظيم ينتهج سياسة وسطية معتدلة، علاوة على انجازاته الوطنية المختلفة التي حققها من خلال وجوده في السلطة سواء على الصعيد الاقتصادي والتنموي وكذلك تحقيق الوحدة اليمنية في مايو 1990م أو على صعيد الانفتاح على العالم الخارجي وتطوير علاقات اليمن مع الدول الشقيقة والصديقة، وتسوية الخلافات والمشاكل الحدودية مع دول الجوار بالطرق السلمية والودية. هذا علاوة على شعبية الرئيس اليمني والتي تعزز الى درجة كبيرة من شعبية المؤتمر الشعبي العام الذي حاز على ضوء ما أشير إليه على ثقة معظم الناخبين وفاز بأغلبية مقاعد السلطة المحلية في الانتخابات الأخيرة.
أما حزب التجمع اليمني للإصلاح )الإسلامي( المعارض الذي يتزعمه الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر فقد جاء في المرتبة الثانية بحصوله على 20% تقريباً من المقاعد.
وحيث ان هذا الحزب الذي يتشكل من جناحين رئيسيين أحدهما التيار القبلي مضاف إليه العناصر المعتدلة من مثقفين وغيرهم وهذا التيار يمثله الشيخ عبدالله الأحمر، والآخر هو التيار المتشدد ويمثله الشيخ عبدالحميد الزنداني رئيس مجلس شورى الحزب.. فإن النتيجة التي حققها بالنسبة المشار إليها في الانتخابات المحلية لم تكن لتتحقق لولا التيار الذي يمثله الشيخ عبدالله الأحمر بثقله ومكانته الاجتماعية في أوساط القبائل كما يشير المراقبون.. وهو ما يعني ان حزب )الاصلاح( بتياره المتشدد فقط ما كان قادراً على الوصول حتى الى 25% من عدد المقاعد التي حصل عليها والمقدرة ب20% من إجمالي قوام مقاعد السلطة المحلية التي تصل الى سبعة آلاف مقعد تقريباً.. فهذا التيار والذي عادة ما تتهمه بعض الآحزاب الاخرى داخل الساحة اليمنية بالتطرف كما أن مسئولين في الحكومة والحزب الحاكم صرحوا بأنه أيضاً كان وراء حوادث العنف التي رافقت الانتخابات الأخيرة، لا يحظى بقبول واسع على مستوى الشارع بغض النظر عن حقيقة نهجه وايديولوجيته، ومدى صحة ما يطلقه الآخرون عليه من تهم التطرف والارهاب وغيره.
والى جانب حزب الإصلاح هناك أيضاً الحزب الاشتراكي اليمني الذي كان قد قرر المنافسة في انتخابات المجالس المحلية لاعتبارات عديدة، لعل من أبرزها أنه أراد من خلال المشاركة في هذه الانتخابات العودة الى الأضواء وتجاوزحالة العزلة والكبوة التي يعيشها منذ انتهاء الحرب الاهلية في منتصف عام 1994م والتي أدت الى انهياره بعد فشل محاولة الانفصال وفرار عدد من قياداته الى خارج اليمن.
وبالتالي فإن نتائج الانتخابات بالنسبة للحزب الاشتراكي اليمني لم تكن بالمستوى الذي كان يطمح إليه، واظهرت انه مازال غير قادر على امتلاك المقومات والقدرات التي تمكنه من استعادة وضعه الطبيعي ودوره المؤثر على مستوى الساحة وفي آوساط الجماهير والذي افتقده منذ سبعة اعوام تقريباً.. فلم يحصل الحزب الاشتراكي سوى على مايقرب من 4% من مقاعد المجالس المحلية، وهذه النسبة المتواضعة جعلته يحل في المرتبة الرابعة بعد المستقلين الذين جاؤا في المرتبة الثالثة.
وبالعودة الى ما يتعلق بالمجالس المحلية المنتخبة والتي تستعد لممارسة انشطتها فإن من بين التساؤلات المثارة حالياً على ضوء الخلافات القائمة بين الاحزاب وهي الخلافات التي يمكن القول انها تجاوزت حدود المعقول وفقاً لما أظهرته الانتخابات.. وهو الى إي مدى يمكن أن تؤثر هذه الخلافات الحزبية على أداء مجالس السلطة المحلية في اليمن؟!.. ذلك أنه في الوقت الذي لا يستبعد المراقبون أن يكون هناك مثل هذا التأثير، في الوقت الذي يرون أن امتلاك المؤتمر الشعبي العام )الحاكم( لأغلبية المقاعد من شأنه أن يساعد المجالس المحلية على تجاوز الصعوبات التي قد تعترضها والمضي في أداء مهامها بعيداً عن أي تأثير من جانب الاحزاب الاخرى.
ذلك أن ثمة أشياء كثيرة تنتظر المجالس المحلية ومعها أجهزة السلطة التنفيذية خلال المرحلة القادمة، سواء علي الصعيد الاقتصادي والتنموي أو على الصعيد الاداري وتصحيح جوانب القصور والاختلالات في اكثر من اتجاه.. اذ تعتبر القيادة اليمنية ان وجود أجهزة السلطة المحلية سيلعب دوراً مهماً في تجاوز العديد من المشكلات والمعضلات على طريق تحقيق نوع من النهوض في المجالات الاقتصادية والتنموية وبناء الدولة اليمنية الحديثة، دولة المؤسسات والنظام والقانون.
وبالتالي فان أمام المجالس المحلية في اليمن مهام وتحديات كبيرة وصعبة.. ولذلك نجد الشارع اليمني بشكل عام يتطلع بقدر كبير من الأمل الى ما سوف تقدمة هذه المجالس على مدى العامين القادمين .

أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved