أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 14th March,2001 العدد:10394الطبعةالاولـي الاربعاء 19 ,ذو الحجة 1421

المجتمـع

أخصائية أطفال محذرة منها :
عصبية الأطفال سلوك قهري نتيجة كبت الآباء للأبناء
الأم التسلطية والمدرّسة الثائرة تعلم الطفل أساليب جديدة للانفعالات
* حوار ظافر الدوسري:
في عصرنا الحالي اصبحت العصبية من السمات الملازمة لمعظم الانسان، بل ان الشخص الهادئ يتهم بالبرود واللامبالاة، ورغم تحذيرات الاطباء وتأكيداتهم من ان الشخص العصبي المزاج اكثر عرضة للامراض العضوية المختلفة عن غيره الا ان دوامة الحياة العصرية بكل ماتحمله من تحديات وتناقضات ومصاعب قد توجد بعض العذر للاشخاص في سلوكهم العصبي.. لكن ماذا عن اطفالنا؟ فالكثير من الآباء والامهات يشكون من العصبية الزائدة لدى ابنائهم ولايدركون لها تفسيرا واذا علمنا ان الاعصاب هي التي تهيمن على المخ وسائر الاعضاء الاخرى وان الجهاز العصبي هو المسؤول عن تنظيم حركة الجسم كما انه يؤثر في نشاط الغدد الصماء.. فما هي أسباب عصبية الاطفال؟.. وكيف يمكن التعامل مع الطفل العصبي؟ وهل العصبية وراثية ام سلوك مكتسب؟ وماهو العلاج؟
الدكتورة حنان محمود اجابت مشكورة عن الاسئلة حول هذا الموضوع فإلى هذا الحوار:
* في البداية ماهي سمات شخصيات الاطفال؟
شخصيات الاطفال متباينة، فمن الاطفال من يميل الى الهدوء والعزلة وعدم الاختلاط وتحاشي الصلات الاجتماعية، ومنهم من يتميز بالنشاط والميل الى مشاركة أقرانه في نشاطهم واعمالهم ومن الاطفال من يتميز بالانفعال المتغير والشعور الرقيق والمهارة الحركية والذكاء ومنهم من يتميز بالعصبية وسهولة الاستثارة والغضب وعدم الاستقرار.
قد يتقلب الطفل الواحد بين هذه السمات كلها.. الا ان هناك بعض الاطفال يتميزون بعدم الاستقرار بصورة بارزة وتظهر عليهم بعض الاعراض العصبية الواضحة في صورة حركة لاشعورية تلقائية غير ارادية في قرض الاظافر او رمش العين او هز الكتف من وقت لآخر او تحريك الرأس جانبا أو مص الاصابع او عض الاقلام او مداومة اللعب في شعره او حك فروة الرأس لدرجة احداث جروح بها او غير ذلك من الحركات التي لاتقرها البيئة الاجتماعية، وتنهره الام بسببها ولكن دون جدوى! هذه الحركات هي في الواقع حركات عصبية لا ارادية مرجعها التوتر النفسي الشديد الذي يعاني منه الطفل. ذلك التوتر الذي يؤدي الى توتر في الجهاز العصبي يتخلص منه الطفل بتلك الحركات بصفة متتابعة بطريقة تسلطية قهرية لا ارادية.
لماذا يعاني بعض الاطفال من العصبية؟
ان الاسرة تؤثر في شخصية الطفل تاثيرا كبيرا فنوع العلاقات السائدة في الاسرة بين الابوين وبينهما وبين الاطفال يحدد الى مدى كبير انواع شخصيات الاطفال لذا فان الطفل يتفاعل مع مجتمع الاسرة اكثر من تفاعله مع اي مجتمع اخر خصوصا في مراحل سن العمر الاولى ولا ينفصل في مشاعره عن الاسرة والطفل يكوّن فكرته عن نفسه اي عن ذاته في بادئ الامر من علاقاته بالاسرة، فقد يرى نفسه محبوبا ومرغوبا فيه، او منبوذا كفئا أو غير كفء ومن ثم ينشأ راضيا عن نفسه او نافرا منها او ساخطا عليها وغير واثق فيها فتسود حياته النفسية التوترات والصراعات التي تتميز بمشاعر الضيق والعصبية وبمشاعر الذنب والقلق والنقص والرثاء للذات.
والاكتئاب والضجر..
* لكن ماهي اهم اسباب عصبية الاطفال وأعراضها؟
يرى بعض العلماء ان اهم اسباب عصبية الاطفال وقلقهم النفسي ترجع الى الشعور بالعجز والشعور بالعزلة كنتيجة لحرمانهم من الدفء العاطفي في الاسرة وعدم اشباع الحاجة الى الشعور بالحب والقبول والى سيطرة الاباء التسلطية وعدم اشعار الطفل بالتقدير. ومن امثلة ذلك: قسوة الاباء وتفرقتهم بين الاخوة وبين الولد والبنت، كما ترجع عصبية الاطفال الى تعقيدات البيئة وتناقضاتها بما فيها من غش وخداع كعدم وفاء الاباء بوعودهم للاطفال وحرمانهم من الحاجات الضرورية.
ولعل اهم اعراض عصبية الاطفال هي انعدام الاستقرار والحركات العصبية واحلام اليقظة وسهولة الاستثارة، والبكاء، والثورة، والغضب، لاقل الاسباب، والتشنجات العصبية الهستيرية، غير الصرعية، وعض اخوته او من يتشاجر معهم او ضربهم.
* هل كل حالات عصبية الاطفال اسبابها نفسية فقط؟
ان بعض العوامل والامراض الجسمية قد تسبب عدم استقرار الطفل وعصبيته.. ومن هذه العوامل: اضطرابات الغدد كاضطرابات الغدة الدرقية وازدياد افرازها عن الحد الطبيعي وسوء الهضم والزوائد الأنفية واللوز، والاصابة بالديدان، ومرض الصرع ولذلك قبل ان نقرر ان اسباب عصبية الطفل أسباب نفسية يجب التأكد اولا من خلوه من الامراض العضوية التي قد تؤثر على تنفسه او على صحته العامة، واحياناً تكون الاسباب مزدوجة اي اسباب صحية جسمية واسباب نفسية في نفس الوقت.. جذورها في شخصية الاب والام ومن يتعامل معهم الطفل.
* ماهو دور تاثر الاطفال بمن حولهم وتقليدهم؟
تدل الدراسات العلمية لحالات عصبية الاطفال على ان الجو المحيط بالمنزل يتميز عادة بالتوتر والعصبية والقلق والتسلط على سلوك الاطفال وان احد الوالدين او كليهما يعاني لدرجة كبيرة من العصبية والتوتر، ولاغرابة في ذلك.. فالطفل يلاحظ سلوك من حوله وينقل تصرفاتهم ونتيجة لذلك فهو يتعلم اساليب جديدة للاستثارة الانفعالية وتضيف قائلة: ان كثيرا من مخاوف وعصبيات الاطفال يتعلمونها بالتقليد..
تقليد انفعالات افراد العائلة او الاصدقاء ان الآباء لهم قدرة عجيبة في تشكيل انفعالات الاطفال. فالام العصبية او المدرّسة الثائرة تعلم الطفل العصبية والتهور، بينما الشخص الهادئ يعلمه مجابهة الحياة دون انفعالية او عصبية زائدة كما ان الام التسلطية تصبح مصدرا ثابتا لمضايقة الطفل فيقاومها في كل شيء وقد تظهر سمات المقاومة على بعض الاطفال في سن الثانية.. بعكس الام المرنة المحبة التي يحبها الطفل فانه يخضع لها ولرغبتها.
* كيف يمكن التعامل مع الطفل العصبي؟
للتعامل مع الطفل العصبي هناك عدة حلول هي:
على الوالدين تكوين بيئة خالية من العصبية والتوتر والقلق الأسري، عدم تدخل الوالدين في كل صغيرة وكبيرة في شؤون الابنآء بحيث يشعر الطفل بالحرية وبذاته وينشأ استقلاليا معتمدا على نفسه، تشجيع الطفل على الاختلاط وتنمية شخصيته اجتماعيا وألا يكون قلق الوالدين النفسي )الخوف من العين والحسد( حاجزا في تربية الطفل في هذا الامر ومن ثم يصاب بالخوف من الاختلاط الاجتماعي!
الابتعاد عن اسلوب القسوة والضرب والتحقير.
الوعي بضرورة اشباع الحاجات النفسية للابناء وهذه الحاجات هي اشعار الطفل بانه محبوب واشعاره بالامن والطمأنينة واشعاره بالتقدير بشرط ألا تصل الى مرحلة التدليل )التدليل له خطره(. ادراك اهمية الهوايات والرياضة البدنية والترويح عن النفس بالتنزه للطفل واشراكه في النشاط المدرسي والتربية الفنية والرحلات المدرسية وهذه كلها تساعد على تنمية شخصية الطفل نفسيا واجتماعيا، وهي ليست مضيعة للوقت كما يظن بعض الآباء لذلك يجب توعية الآباء بأسباب عصبية الاطفال حتى لا يجنوا بتصرفاتهم وعصبيتهم على ابنائهم، ويجب على الآباء ضبط سلوكهم واشاعة جو الهدوء والسعادة في المنزل.
* هل العصبية وراثية ام سلوك مكتسب؟
ان عصبية الاطفال ليست وراثية بيولوجية عن طريق الدم من الاباء الى الاطفال إنما هي سلوك يتعلمه الابناء من الاباء، او سلوك قهري نتيجة كبت الاباء للابناء او تدليلهم تدليلاً يخلق منهم افرادا يميلون للسيطرة على البيئة وفق هواهم واختصارا فإننا نرجو ان يعدل الآباء من سلوكهم نحو ابنائهم بأن يلجأوا الى طلب المساعدة في العيادة النفسية ولا يلجأوا الى الشدة والزجر والقسوة لعلاج عصبية الاطفال.

أعلـىالصفحةرجوع















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved