أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 16th March,2001 العدد:10396الطبعةالاولـي الجمعة 21 ,ذو الحجة 1421

أفاق اسلامية

الشباب .. وقتل الوقت
الشيخ محمد العسكري: شباب اليوم أصيب بغفلة شديدة ألهتهم عن واقعهم ومستقبلهم!!
د. عبدالله المطلق: الكسالى يجعلون الوقت عدواً.. ويفوتهم الخير!
* خاص الجزيرة:
بعض المسلمين وخاصة الشباب أصبح الوقت بالنسبة لهم مشكلة نتيجة لما يعانونه من فراغ يسبب لهم الضجر والملل، حتى ان بعضهم يدعو أقرانه لملء هذا الفراغ قائلا: هيا بنا نقتل الوقت؟
وهو لا يدري أنه يدعو لجريمة، ولا سيما إذا كان هذا القتل مصحوبا بضرر الغير كالمعاكسات الهاتفية، أو مشاهدة القنوات والأفلام الخليعة.
ماذا نقول لهؤلاء قبل فوات الأوان؟ وماذا ترون لشغل أوقات الفراغ فيما هو مفيد، وحتى لا تصبح نعمة الوقت نقمة على الفرد والمجتمع؟
وقد تحدث ل «الجزيرة» عن تلك القضية المهمة اثنان من أصحاب الفضيلة المشايخ:
مسؤولية شباب المجتمع
يقول فضيلة الشيخ محمد العسكري رئيس محاكم منطقة نجران: إن الأمم والشعوب دائماتنظر الى شبابها على أنهم أمل حياتها بعد الله وبناة مستقبلها، بسواعدهم تبنى الحضارات وبأفكارهم وابتكاراتهم تتجدد خطط المستقبل، ذلك أن سنة الله في خلقه ان الأجيال المتقدمة تشعر بأنها عملت ما في وسعها لأبناء جيلها.
وأبان فضيلته ان ما سيجد في مناحي الحياة هو مسؤولية شباب المجتمع فتجد كل جيل يستنهض شبابه ويعلق عليهم الآمال للحفاظ على ما بناه الجيل الأول في مجالي الدين والدنيا إلى جانب التطلع لمجالات المستقبل واعتبار الشباب من الجنسين هم المسؤولون عما ينبغي تحقيقه لبناء المجتمع بما يتناسب ومستجدات المستقبل ومن هذا المنطلق فإن على شباب الأمة الإسلامية مسؤولية كبرى تجاه مجتمعاتهم وفي مقدمة هذه المسؤولية الحفاظ على عقيدتهم والقيام بواجب دينهم والدعوة إليه وسواء كانت الدعوة فيما بينهم وبين مجتمعهم الإسلامي للاستقامة وأداء الواجبات الدينية، أو الدعوة خارج المجتمعات الإسلامية لنشر محاسن الإسلام والدعوة اليه فإن ذلك كله يتركز على الشباب من الجنسين، ومع وجود نماذج من الشباب الإسلامي يدركون مسؤوليتهم تجاه دينهم وعقيدتهم وأمتهم وأن الواجب يتطلب منهم تضحية شاقة، هذه التضحية تتمثل في الاقتداء بسلف الأمة الإسلامية في سلوكهم الديني والدنيوي.
وحتى يتسنى للشباب أخذ الأسوة الحسنة، أكد فضيلة الشيخ محمد العسكري انه لابد من دراسة سيرة السلف وتاريخهم، وخاصة معرفة سير الشباب الذين أكرمهم الله بصحبة رسوله صلى الله عليه وسلم ، ومن بعده، مشيرا الى ان من هذه السير يعرف شباب الإسلام كيف ان من الشباب من تصدر للفتيا قبل بلوغ العشرين، ومنهم من قاد الجيوش وهو في السادسة عشرة الى العشرين، ومعلوم ان الفتيا في ذلك الوقت لا تحصل لمن يتولاها إلا بعد حصوله على إجازات كثير من العلماء، وليست كما هو الحال اليوم مرتجلة، وكذلك قيادة الجيوش، وحضور المعارك الفاضلة لا تكون إلا بعد تجربة يظهر منها طموح وكفاءة أولئك على غيرهم.
وعبر فضيلته عن أسفه لواقع أغلب شباب الأمة الإسلامية اليوم ذكورا وإناثا على ما أصيبوا به من غفلة شديدة ألهتهم عن واقعهم ومستقبلهم وأصبح همهم إضاعة الوقت بين اللهو غير البريء والاجتماعات التي يمضونها في السهر القاتل الذي يحول بينهم وبين التحصيل العلمي، بل بينهم وبين معاشهم حتى أصبح البعض منهم عالة على ذويه ومجتمعه وتشبعت أفكارهم بالأمراض الوافدة على المجتمع الإسلامي وصرف أولئك الشباب أغلى أوقاتهم للنظر الى الصورة الفاضحة والاستماع الى الأغنية الماجنة وقراءة المجلة الساقطة، وربما أنحوا باللائمة فيما فاتهم من الوظيفة أو الدراسة أو التجارة على الجيل الذي سبقهم متذرعين بأنهم السبب في تخلف المجتمع، ومع ما يقال عن بعض الشباب من الجنسين، وهذا شيء منه فإن على الآباء والأمهات، وعلى المجتمع خاصة العلماء والمربين. وعلى ولاة الأمر قسط كل فيما يخصه، وذلك بتهيئة السبل الكفيلة بأحضان الشباب، وتوجهيههم الى واجبهم، وتيسير السبل الكفيلة بالحيلولة بينهم وبين هذه المنحدرات.
وقال فضيلة رئيس محاكم منطقة نجران في السياق نفسه : إن شبابنا بحمد الله لديهم عقيدة إسلامية ناصعة غير ان هذه الفاشية من الأمراض الاجتماعية المسلطة على أمتنا وفي مقدمتها الفضائيات والإنترنت، وما صاحب ذلك أذهلت الشباب واستغرقت أوقاتهم، وقتلت فيهم طموحات الشباب المعهودة.
وتساءل فضيلته في ختام حديثه عن حل المعضلة كبيرة التي تدور في محيط الشباب من الجنسين بين الإفراط والتفريط أين يكمن؟، وهل المسؤولية متعددة الجوانب، كما أشرنا؟ أم أن هناك جهة مسؤولة عن تدارك الشباب، والله من وراء القصد.
الوصول لمعالي الأمور

أما فضيلة الأستاذ الدكتور عبدالله بن محمد المطلق الأستاذ بقسم الفقه المقارن بالمعهد العالي للقضاء بالرياض، فقد أكد ان ا لوقت أثمن ما منحه الإنسان الجاد لأنه وسيلة الوصول الى معالي الأمور، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: ) خيركم من طال عمره وحسن عمله(،وقد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم ان نصف الأسئلة التي ترد على الإنسان يوم القيامة عن الوقت، وقال صلى الله عليه وسلم : ) لا تزول قدم عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: شبابه فيما أبلاه، وعمره فيما أفناه، وماله من أين اكتسبه، وفيم أنفقه، وعلمه ماذا عمل به(.
وقال: لهذا لابد ان يهتم المسلم بعمره، وأن يبذله فيما ينفعه، وأثمن أوقات العمر هو وقت الشباب لأنه وقت النشاط والحيوية، ووقت العلم، العلم في الصغر كالنقش في الحجر ومن عجز عن المعالي شابا فهو أعجز عنها إذا شاخ وضعف، والذين يبلغون معالي الأمور هم الذين ينتهزون الفرص )بادر الفرصة، واحذر فوتها، فبلوغ العز في نيل الفرص(، واستطرد قائلا: إذا نظرنا في سير العظماء وجدنا أنهم أحرص الناس على أوقاتهم، وأنهم إنما بلغوا الرتب العظيمة حينما استغلوا الوقت وخططوا للاستفادة منه، فأحسنوا تلك الاستفادة، مشيرا الى أنه مما يحز في النفس ان الكسالى يجعلون الوقت عدوا، فيتنادون على قتله، ويدعو بعضهم بعضا الى تضييعه تعال نضيع الوقت، وهذا لأنهم لم يعرفوا قيمته فهان عليهم ولهذا يبلغ المجدون الدرجات العليا في الدنيا والآخرة، وهؤلاء الكسالى يفوتهم الخير، كما قال الشاعر:


ومن طلب العلا من غير جد
سيدركها إذا شاب الغراب

وأضاف فضيلة الأستاذ الدكتور عبدالله بن محمد المطلق قائلا: والغراب لا يشيب ومن أسوأ ما يصاب به الإنسان في الوقت ان يبذله فيما يضره، فيعمل فيه ما يؤدي بحياته الى الجحيم في الآخرة وإلى السجن في الدنيا والشقاء، ولهذا فإن الخاسرين هم الذين تضيع عليهم أعمارهم ويتخلفون عن أصحابهم الجادين فلا يستفيدون دنيا ولا آخرة، وليت هؤلاء تذكروا في واقعهم واستفادوا من أوقاتهم وانتبهوا لقول الله تعالى الذي ساقه في القرآن وأخبرنا بأنه سيقال لكثير من الناس في الآخرة ) أو لم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير(.
ونبه فضيلته الى انه ينبغي للمسلم ان يفطن لمثل هذا الأمر، وقال: لقد كان النبي صلى الله عليه و،سلم يدعو كل يوم في الصباح الباكر اللهم إني أعوذ بك من الكسل لأن الكسل هو الذي يضيع الوقت وهو الذي يهدره، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: )نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ(، ومعنى مغبون فيهما أنه يتخلى عنهما بأقل ما يمكن ان يستفيد كان يستفيد منهما أكثر مما استفاد لكن هؤلاء الذين يقتلون الوقت لا يستفيدون شيئا، فهؤلاء يخسرون الأوقات لا يغبنون فيها، لأن هناك فرقا بين من يغبن في سيارة فيبيعها مثلا، وهي تساوي مئة ألف بثمانين ألفا هذا يقال له مغبون وبين من يخسر سيارته حيث يسرقها عدوه فالشيطان يسرق أوقات الكثيرمن الناس حتى لا يستفيدوا منها شيئا وهؤلاء لا يستحقون أيضا كلمة أنهم غبنوا، بل سرقوا، وذهب وقتهم هدرا، وربما عاد نكالا عليهم.
وأكد فضيلة الأستاذ الدكتور عبدالله بن محمد المطلق على انه ينبغي على الشاب المسلم ان يخطط لاستغلال فراغه، وقال: وفي هذا العصر وجدت ولله الحمد أشياء كثيرة تسد الفراغ أصبح الكتاب موجودا، والمجلة الهادفة موجودة، والإذاعة المفيدة موجودة، والبرامج التلفزيونية النافعة موجودة، والأصدقاء الصالحون كثير، ووسائل النقل الموصولة إليهم ميسرة، والمحاضرات الموجودة في المساجد متعددة، والدروس التي يلقيها العلماء في المساجد موجودة وجداولها معلومة، وزيارة القرابة وإعطاؤهم حقوقهم، وزيارة المرضى متيسرة، والأعمال النافعة في الدنيا، وطلب الأرزاق الآن ميسرة ومتاحة.
ودعا فضيلته في ختام حديثه المسلم الى ان يضع جدولا يتلاءم مع وضعه بحيث يستفيد في الدنيا والآخرة، وان يكون له أعمال اقتصادية يستفيد منها في دنياه، ويؤسس له مستقبلا طيبا له ولذريته من بعده ويجب عليه ألا ينسى آخرته لا ينسى قراءة القرآن، ولا تعلم العلم ولا سماع الإذاعات المفيدة ولا قراءة الكتب النافعة ولا زيارة الإخوة الصالحين الذين يذكرونه إذا نسي ويعينونه إذا كسل، ويعملونه إذا جهل بهم دينا ويحرص منهم على دنياه ويجمع الله له بهم عز الدنيا وسعادة الآخرة.

أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved