أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 16th March,2001 العدد:10396الطبعةالاولـي الجمعة 21 ,ذو الحجة 1421

الاخيــرة

دوافع النوازع
نعيب زماننا والعيب فينا
د. محمد بن عبدالرحمن البشر
الشافعي رضي الله عنه عالم فقيه يغني ذكره عن اطرائه، وهو شاعر حكمة تناقل الناس شعره عبر القرون. وفي إحدى قصائده المشهورة يصف حال زمانه، وسلوك مَنْ هم بين ظهرانيه فيقول:


نعيب زماننا والعيب فينا
وما لزماننا عيب سوانا
ونهجو ذا الزمان بغير ذنب
ولو نطق الزمان لنا هجانا
فدنيانا التصنُّع والترائي
ونحن به نخادع من يرانا
وليس الذئب يأكل لحم ذئب
ويأكل بعضنا بعضاً عيانا
لبسنا للخداع مسوك ضأن
فويل للمغير إذا أتانا

وما أشبه اليوم بالبارحة فكأنه لم يمر على زمان الشافعي أكثر من ألف ومائتي سنة، وكأن إنسان اليوم يأبى سوى مجاراة من وصفهم الشافعي في قصيدته، وقد يكونون قلة في ذلك الزمان، غير أننا قد نرى الكثير منهم في هذا العصر.
والظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية في العصر الحديث لا تسمح بالمزيد من التصنع والترائي والخداع ولبوس مسوك الضأن. فالعالم أصبح قرية واحدة تتمازج فيه المفاهيم والمعارف ولن يبقى على هرمه سوى القادرين على العمل والانتاج والابداع، ويحتاج المجتمع الى تغيير المعايير التي يقيس بها الناس، ولا بد له من أدوات للتمييز بين الغث والسمين حتى يمكنه كشف غطاء ذلك المتصنِّع. ولن يكون في وسع مجتمع ما أن يغير ذاته إلا بعد أن تتغير قناعاته بأن أقصر السبل وأيسرها وأقلها تكلفة، في اللحاق بركب التقدم هو الانتاج الحقيقي المبني على الاخلاص وتحري الصواب في القرار. ولا شك ان هذا الأمر يتطلب جهداً وعناء وعملاً دؤوباً. وحتى يكون المجتمع كذلك لابد له من ترويض نفسه، والترويض ذاته معضلة إلا إذا رافقه قناعة وايمان بأن لا مناص عن هذا السبيل. ولا بديل سواه سوى التراجع إلى الوراء أو الوقوف عند حد معين قد لا يكون مقبولاً للمجتمع العالمي بعد فترة وجيزة من الزمن.إن بعضاً من الناس يعتقد أن العمل عناء، وأن العناء يجلب الشقاء، وهذا أمر فيه نظر، فالعناء قد يجلب السعادة والاشباع والطمأنينة.
قال الشافعي:


ذو العلم يشقى في النعيم بعقله
وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم

فالعامل في مصنعه، والموظف المخلص في مكتبه، والتاجر في متجره لابد وأن يشعر بالسعادة خلال الساعات التي يمارس فيها نشاطه اليومي، أما إذا ذهب الى مكان عمله وهو يدفع إليه دفعاً، يُجَر إليه بالسلاسل، فسيكون مقلاً في انتاجه، مقصراً في اتقانه، وسيكون عامل احباط لمن سواه من أقرانه.

أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved